بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الحدِيثُ يُسَمَّى حَدِيثًا حَسَنًا لِغَيْرِهِ وَمُرَادُهُ صلَّى اللهُ عليه وسلم بِهذا العِلْمِ الذي هو فَرْضٌ على كُلِّ بَالِغٍ عَاقِلٍ وذلك أَنَّ البَالِغَ العَاقِلَ هو المكَلَّفُ فَإِنَّ مَنْ فَقَدَ أَحَدَ الوَصْفَينِ فَلَيْسَ مُكَلَّفًا، فَمَنْ فَقَدَ البُلُوغَ فَلَيْسَ مُكَلَّفًا إِنَّمَا أَبَوَاهُ مُكَلَّفَانَ بِتَعْلِيمِهِ، عَلَيْهِمَا قَبْلَ بُلُوغِ الوَلَدِ الذَّكَرِ وَالأُنْثَى أَنْ يُعَلِّمَاهُمَا أَشْيَاءَ ضَرُورِيَّةً كَقَوْلِ إِنَّ اللهَ تعالى غَيْرُ مُشَابِهٍ لشىءٍ أَيْ إِنَّهُ لا يُشْبِهُ شَيْئًا مِنْ هذا العَالَمِ وَإِنَّهُ تَعَالى خَالِقُ كُلِّ شىءٍ وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِكُلِّ شىءٍ وإِنَّهُ نَافِذُ الإِرَادةِ في كُلِّ شىءٍ وَإِنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَاتَمُ النَّبِيِينَ صَادِقٌ في كُلِّ ما جاء به وإِنَّه كان رَسُولا إِلى الإِنْسِ وَالجنِّ ونَحْوِ ذلك مِنَ الأَحْكَامِ الظاهِرَةِ.
فَالأَبَوَانِ عَلَيْهِمَا أَنْ يُعَلِّمَا الوَلدَ هذه الأَشْيَاءَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلا فَعَلَيْهِمَا الذَنْبُ كما لو تَرَكَاهُ لِلجُوعِ والعَطَشِ، الوَلَدُ إِذا لَمْ يُعْطِيَاهُ الثَوْبَ الذي يَدْفَعُ عنه الضَرَرَ يَأْثَمَانِ كذلك بِتَرْكِهِمَا تَعْلِيمَ هذه الأَشْيَاءِ له يَأْثَمَانِ. كذلك ليس مُكَلَّفًا مَنْ فَقَدَ العَقْلَ، مَنْ بَلَغَ وهو فَاقِدٌ العَقْلَ فهذا ليس عليه سُؤَالٌ في الآخِرَةِ أَمَّا مَنْ بَلَغَ وفيه هَاتَانِ الصِّفَتَانِ العَقْلُ مَعَ البُلُوغِ فهذا الذي يقولُ فيه الرسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "طَلَبُ العِلْمِ فَرِيضَةٌ على كُلِّ مُسْلِمٍ". ولا يَعْنِي بِقَوْلِهِ "مُسْلِمٍ" الرَّجُلَ الذَّكَرَ فَقَطْ بَلْ أَرَادَ ما يَشْمَلُ الذَّكَرَ والأُنْثَى.
تَعَلُّمُ عِلْمِ الدِّينِ الضرُورِي فَرْضٌ مُؤَكَّدٌ وَأَمْرُ الإِسلامِ يَتِمُّ بِأَمْرَيْنِ التَعَلُّمِ أَيْ تَعَلُّمِ ما فَرَضَ اللهُ مِنْ عِلْمِ الدِّينِ الذي لا يَسْتَغْنِي عنه كُلُّ بَالِغٍ عَاقِلٍ وَأَدَاءِ الوَاجِبَاتِ وَاجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ، فَلا يَكُونُ مُسْلِمًا مُسْتَحِقًا لِلنَّجَاةِ مِنْ عَذَابِ اللهِ في القَبْرِ وفي الآخِرَةِ مَعَ إِهْمَالِ ذلك.
جزاك الله خيرا اختي المشتاقة
اللهم أحسن ختامنا وارزقنا الجنة