عاشوراء وتكفير السيئات..
عاشوراء وتكفير السيئـــــات
ليس منا من لا يقع في الذنوب بين الفينة والأخرى، مما يُكدِر عليه صفو حياته بسبب إنقطاع الصلة بينه وبين ربِّه .. ولن يشعر بالراحة والسعادة الحقيقية، إلا بعد أن تُكفَر عنه تلك السيئات ويتواصل مع ربه من جديد ..
والله سبحانه وتعالى غفور رحيم، يحب أن يغفر لعباده .. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم"[رواه مسلم]
وها قد مَنَّ الله سبحانه وتعالى علينا بفرصة عظيمة لتكفير ما مضى من سيئات، ألا وهي يوم عــــــــــاشوراء ..
عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "..وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله"[رواه مسلم]
ولكي نفوز بتلك الجائزة العظيمة علينا أن نصوم يوم عاشوراء بطريقة صحيحة، وأن نحرص على القيام بأكبر عدد من الأعمال التي تُكفِر السيئات في ذلك اليوم ونستمر عليها سائر العـــام ..
* وقد ذهب بعض الأئمة إلى إستحباب صيام التاسع والعاشر، لا سيما وأن النبي صلى الله عليه وسلم صام العاشر ونوى صيام التاسع.
قال في "المغني" (4/441) : "إذا ثبت هذا فإنه يستحب صوم التاسع والعاشر لذلك – يعني عدم التشبه باليهود – نص عليه أحمد، وهو قول إسحاق"اهـ.
وقال أحمد في رواية الأثرم: " أنا أذهب في عاشوراء : أن يصام يوم التاسع والعاشر، لحديث ابن عباس" .
وبناء عليه فقد ذكر ابن القيم في "الزاد " (2/76) ، وابن حجر في "الفتح" (4/246) أن صيام عاشوراء على ثلاث مراتب:
أكملها: أن يصام قبله يومٌ وبعده يوم.
ويليها: أن يصام التاسع والعاشر.
ويليها: إفراد العاشر وحده بالصوم.
ويوم عاشوراء يوافق يوم الخميس والذي يريد أكمل المراتب يصوم
يوم الأربعاء والخميس والجمعة ويحتسب الأجر…
ومن أهم الأعمال المُكفِرات للسيئــــات ..
أولاً: تحقيـــق الإيمان والعمل الصالح ..
يقول الله جلَّ وعلا{..وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[التغابن: 9]
عليك أن تُبرهِن على إيمانك بــــــ ..
1) الصدقة ..تصدَّق وأنت موقن أن الله عزَّ وجلَّ سيُخلِف عليك خيرًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "..والصدقة برهان .."[رواه مسلم] .. وقال تعالى{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[البقرة: 271]..
2) سجدة في جوف الليل المظلم ..تتواصل بها مع ربِّك وتسأله المغفرة ..{..وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ..}[آل عمران: 135]
3) توكَّل على الله وحده ..ولا يكن إتكالك على الناس أو قانون الأسباب، فالله عزَّ وجلَّ هو مُسبب الأسبـــاب .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "..إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف"[رواه الترمذي وصححه الألباني]
4) تخلَّص من محبة غيره في قلبك .. واجعل قلبك مُتعلقًا بالله وحده.
ثــانيًا: الصيــــــام ..
عن ابن عباس قال:ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان.[متفق عليه]
واحتسب تلك النوايا في صيامك ..
1) الصيــام لا مثل له .. عن أبي أمامة قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت: مرني بأمر آخذه عنك، قال"عليك بالصوم فإنه لا مثل له"[رواه النسائي وصححه الألباني]
2) أن يحفظك الله من الشبهات .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر يذهبن وحر الصدر"[رواه البزار وصححه الألباني] ..وحر الصدر:أي الوساوس والشُبهات التي يُلقيها إبليس في صدرك.
3) الحفظ من الفتن .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره، يكفرها الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"[متفق عليه]
4) شكرًا لله عزَّ وجلَّ .. عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صيامًا يوم عاشوراء، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما هذا اليوم الذي تصومونه ؟"، فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرا فنحن نصومه .. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فنحن أحق وأولى بموسى منكم"، فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه.[متفق عليه]
ثالثًا: مخالفة المشركين (الولاء والبراء) ..
فتتعبد الله عزَّ وجلَّ بموالاة من يواليه ومعاداة من يعاديه، وذلك بمخالفة المشركين ظاهرًا والتميز عليهم في سائر المجالات ..
فكن ذاك الطبيب والمهندس المسلم المتميز، الذي ينصر دينه .. أصلِح من نفسك وقُم بدعوة من حولك، ولا تخُض مع الخائضين ..
واعلم أنك لن تستقيم على الطريق إلى الله عزَّ وجلَّ، إلا إذا قُمت بخدمة دينه ولم يكن جُل همِّك هو نفسك !
رابعًا: تجديــــد التوبــــــة ..
يقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ..} [التحريم: 8]
فالمرار كله في البُعد عنه، ولا يوجد نعيم أو لذة إلا في القُرب منه سبحـــانه ..
تُب إلى ربِّك توبةً نصوحًا واجعلها صادقة من قلبك ..عسى الله أن يجعله اليوم الذي يُغير مسار حياتك، فتزداد قربًا منه وتُكفَر كل سيئاتك الماضية .. عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا أسلم العبد فحسن إسلامه، يكفر الله عنه كل سيئة كان زلفها .."[صحيح البخاري]
ولنتعاهد من اليوم على اجتنــــــــاب الكبــــــــائـــــر ..
يقول تعالى{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا}[النساء: 31]..
ومن تلك الكبائر، التي لا يُلقي أكثر الناس لها بالاً:الغيبة، النميمة، الربـــــــا، عدم تأدية الزكـــــاة أو تأخيرها، القذف، أكل أموال الناس بالباطل، الظلم، تعاطي المُسكرات ..
خــــامسًا: حفظ السمع والبصر والفؤاد بالتقوى ..
يقول تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[الأنفال: 29].. ويقول جلَّ وعلا {.. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} [الطلاق: 5].. انشغل بطاعة ربَّك في ذلك اليوم، واحرص على مراقبة ما تسمعه أذنك وما يراه بصرك وفيما يشرد قلبك.
ســادسًا: إصلاح الفرائــض والنوافـــــل ..
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر"[صحيح الجامع (3875)]
فتعوِّد نفسك على الخشوع في الصلاة .. الذي يبدأ من إسبــاغك للوضوء .. وتحري الصف الأول، وأنت مُقبِل على ربِّك الجليل.
وتقرَّب بالنوافل، لا سيما قيــــام الليـــل ..عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وهو قربة لكم إلى ربكم ومكفرة للسيئات ومنهاة عن الإثم"[رواه الترمذي وحسنه الألباني]
ســــابعًا: الذكر ..
لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، تُكفِّر الخطايا ..عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما على الأرض أحد يقول لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله إلا كفرت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر"[رواه الترمذي وحسنه الألباني]
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، تُكفِّر عشر خطيئات وترفع عشر درجــــات .. عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من صلى عليَّ صلاة واحدة، صلى الله عليه عشر صلوات وحطت عنه عشر خطيئات ورفعت له عشر درجات"[رواه النسائي وصححه الألباني]
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، غراس الجنة .. عن بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لقيت إبراهيم ليلة أسري بي، فقال: يا محمد أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم: أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر"[رواه الترمذي وحسنه الألباني]
ثـــــامنـًا: إصــلاح ذات البين ..
فإن كان بينك وبين أحد إخوانك خصومة، عليك أن تبدأ بالســـلام .. عن أبو بكر بن أبي شيبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يحل أن يصطرما (أي: يتخاصما) فوق ثلاث، فإن اصطرما فوق ثلاث لم يجتمعا في الجنة أبدًا .. وأيهما بدأ صاحبه كفرت ذنوبه، وإن هو سلم فلم يرد عليه ولم يقبل سلامه رد عليه الملك ورد على ذلك الشيطان"[صحيح الترغيب والترهيب (2759)]
وأخيرًا: كثرة الدعــــــاء .. حتى يكون عملك أرجى للقبـــول إن شاء الله تعالى.
أخوتي في الله، لا تجعلوا هذا اليوم كسائر الأيــــــام ..
إذا كان لديكم الرغبة الحقيقية والعزيمة الصادقة، ستتغيَّر حياتكم وتطهُّر قلوبكم بإذن الله ..
وأحسنوا ظنكم بربِّكم، فإن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيرًا منه،،
دعواتكم لي بالزوج الصالح الغني التقي العفيف والستر والرزق عاجلآآ غير اجل يارب والمسلمين والمسلمات اجمعين