لو جعلنا كلّ ماء البحر مداداً لنكتب به ونسجّل مشاعرنا تجاهك يا حبيبنا وشفيعنا يا رسول الله لما كان كافياً، فحبنا لك يفوق الوصف ويفوق حدود اللغة .
أعطيتنا يا رسول الله ثلاثة أمور عظمى وأنقذتنا من ثلاثة أمور :
– أعطيتنا الإسلام وأنقذتنا من الكفر.
– أعطيتنا الأخلاق الكريمة وأنقذتنا من الأخلاق الدنيئة اللئيمة.
– أعطيتنا الأمل المؤكد في الجنة وأنقذتنا من النار .
أيُّ عطيةٍ في الدنيا أكبر من هذه العطايا أو تساويها أو تقاربها في الميزان؟
جئتنا يا رسول الله ونحن في جاهليةٍ جهلاء وأمّةٍ ضعيفةٍ يأكل قويّها ضعيفها حتى انتهكت الحرمات، وورثّت المرأة كما يورث المال وليس للإنسان ولا للحيوان أدنى حقوق، حتى قال مفتخرنا يصف الغزو وسفك الدماء :
وأحيـاناً عـلى بـكرٍ أخيـنا
إذا ما لم نجدْ إلا أخانا
ثم رحلت عنّا وقد حرّمت النفس إلا بالحق، وحرّمت العرض والمال، وجعلتنا أمة قويةً متراحمة تطأ حوافر خيلها ما تشاء من الدنيا فاتحين كرماء أشرافاً، صفتهم الأخلاق الجميلة، وشعارهم العدل، وعملهم العلم والتقدم والازدهار، في إحدى وعشرين سنة فقط غيّرتنا ورفعتنا بين الأمم فأيُّ منحةٍ وأيُّ تغيير يضاهي ما منحت وغيّرت يا حبيبي يا رسول الله فداك أبي وأمي والناس أجمعين .
عذرا يا رسول الله إن ابتعدنا عن نهجك القويم، ولم نقرأ سيرتك الشريفة، ولم نعلّمها أبناءنا، ولم نحثّ الناس على دراستها والتأسي بها، فأنت يا سيدي يا سيد الخلق الأمين الكريم ابن الأكرمين فلتعف عنا ولتصفح، ونعدك بأننا نسير على نهجك ونحفظ حديثك ونعود ندرس سيرتك فقد صرنا أضعف الأمم بسبب بعدنا عنك .
كلما سألت عنك المسلمين اليوم وعن أبنائك وبناتك وزوجاتك الأطهار أمهاتنا أمهات المؤمنين فلا أكاد أجدهم يعرفون سيرتك ولا أسماء ذريتك الشريفة، كأنهم لا يعلمون أنّ المحبّ هو من يتابع حبيبه ويسأل عنه ويعرف أخباره ولا يبعد عنه. وأنت يا أكرم الخلق رسولنا وحبيبنا فمن أحق منك بالسؤال والمتابعة والاقتداء؟ وقد قلتُ باكيا على حالنا وما وصلنا إليه من البعد عنك وعن آلك الأخيار الأطهار:
كمْ سألتُ الناس عنهم
لمْ أجدْ منهم جوابا
سادتي هم بل وجودي
فيهمُ ذا القلبُ ذابا
ما بكتْ عيني ضلالاً
إنما تبكي الغيابا
من بعادٍ وحنينٍ
عذّبا روحي عذابا
أبكي على حالي وحال المسلمين كيف كنا؟ وكيف نحن اليوم؟ من البعد عنك ومن عدم اتباعك الاتباع الصحيح والشوق إليك والتعرف عليك يا رسول الله.
أيها الأعزاء علموا أبناءكم حبّ رسول الله عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وعلموهم اتباع طريقه القويم فهو من سينقذكم من العطش عندما لا تجدون ماء إلا من حوضه ومن يده الشريفة، وهو صاحب الشفاعة الكبرى عندما يعتذر كل الأنبياء والرسل عن الشفاعة، فيأتي رسولنا الأمين ويسجد عند العرش ما شاء الله أن يسجد ثم يقول الله عز وجل لحبيبه :" ارفع رأسك يا محمد قل تسمع سل تعطه واشفع تشفع " فمن أحق من رسول الله بعد الله بالحب والصلاة والسلام والقدوة والاتباع والمدح والقراءة، اللهم زدنا حبا وشوقاً إلى حبيبك الهادي الأمين.
يا رسول الله يا أكرم الخلق قد عفوت عن كعب بن زهير لقوله:
نبّئتُ أنّ رسول الله أوعدني
والعفو عند رسولِ اللهِ مأمولُ
فنسألك أن تعفو عنا يوم يشرفنا الله بلقائك الشريف وأُشهد الله أنك أحبُّ إليّ من نفسي ومالي وولدي والناس أجمعين.