السلام عليكن ورحمة الله وبركاته
أخواتى الغاليات
كم افتقدتكن وافتقدت وجودى فى فيض القلم
لا أدرى إن كنتن ستذكروننى
لكنى قررت العودة لبيتى الغالى
لأنشر به روايتى الرابعة بعدما نشرت رواياتى الثلاث السابقة هنا
روايتى باسم (الوشم)
أحداث الرواية تتأرجح بين الحاضر والماضى
لذا سأكتب أجزاء الماضى باللون الموف حتى لا تتداخل الأحداث
فمن سيسعدنى بالمتابعة؟
أهلاً بكن
رشا محمود
********
مطبوعة أنا
فوق قلبك
بين ثنايا عقلك
على صفحة عينيك
يتلون جلدك
فيصطبغ بى
شئت أم أبيت
أنا وشمك الأبدى
***
صباح آخر!
قمت من فراشى بتثاقل وعقدت حاجبىّ فى وجه أشعة الشمس التى تسللت من النافذة وأجبرتنى على الاستيقاظ .. توجهت نحو المرآة أرمق ذلك الوجه الذى لا أعرفه .. تلك الملامح المجهدة والشعر الطويل الأسود الذى فقدت الرغبة فى الاهتمام به .. عينان بلون السماء الرمادية حزينتان لمعتهما تنبىء عن استعدادهما لانهمار الدموع منهما كالأمطار فى أى لحظة .. بقايا جمال يصر على الظهور رغم كل تجاهلى له وانصرافى عن العناية به
كيف استطعت الحياة ليوم جديد !
هذا هو ما تهمس به نفسى كل صباح
استعددت للخروج للعمل دون إفطار كالعادة .. لا شهية أبدا .. فقدت الكثير من وزنى .. من يهتم
مررت فى طريقى بتلك الحديقة التى تعيد لى ذكريات تأبى أن يطويها النسيان .. تظل تخمش عقلى وقلبى دون رحمة .. تعيدنى تلك الطفلة التى تعدو كل إشراقة شمس فى تلك الحديقة الواسعة وضحكتها تملأ المكان فيزداد إشراقا .. كانت لديها حياة .. والآن لا أعرف كيف تسربت من بين يديها لتحيلها جثة تتنفس على قيد الوجع
وصلت للمطعم .. وبخنى مديرى لتأخرى عدة دقائق .. ابتلعت توبيخه اليومى كوجبة إفطار جبرية وبدأت العمل .. تلك الذكريات تستهلك وقتى وتستنزفنى بالكامل
ليت ذاك الألم ينتهى
****
– تعال هنا يا شقية
صوت ضحكات يعلو ثم تظهر تلك الطفلة الجميلة ذات الثوب الأبيض والشرائط الملونة وهى تجرى بخفة نحو رجل فى منتصف العمر ذو هيبة واضحة وحنان طاغى مزيج عجيب يستحق الاعجاب
– نعم يا عمى
– ألن تكفى عن تلك المقالب؟
ضحكة صافية ثم قالت
– عادل يضحكنى كثيرا حين يقع بها
– لكنه قد يتأذى فى احدى المرات من تلك المقالب
– أليس رجلا صغيرا هو .. فكيف يتأذى من شىء؟
– نعم يا حبيبتى لكنه ما زال صغيرا كذلك
– حاضر يا عمى .. كما تريد
– هل ستتوقفين عن المقالب إذن؟
صمتت قليلا ثم قالت
– بل سأعد له مقالب أخف أثراً بعد ذلك
ثم بادرت بالهرب فوراً وتركت الرجل يبتسم بسعادة وحب لتلك الصغيرة الحلوة التى ملأت حياته بالحيوية ورسمت الابتسامة على وجهه وقلبه معاً
***
انزلق أحد الأطباق من يدى إلى الأرض وتناثر إلى قطع .. ظللت أحملق فيه ببلاهة وأنا أتخيل وجه المدير العابس فوق كل قطعة .. تلك النوبات التى تجتاح ذاكرتى كالطوفان ستتسبب فى طردى من العمل يوما ما .. لملمت آثار جريمتى وسارعت بإخفاء معالمها .. من يصدق أننى أعمل فى مطبخ أحد المطاعم المتوسطة .. أغسل أطباق الزبائن بعدما كنت فيما مضى لا أرتاد إلا المطاعم الفاخرة ولا يعدو هذا المدير فى نظرى أكبر مكانة ممن أترك له البقشيش على الطاولة .. ياللحياة الغادرة
انتهى يوم العمل الشاق .. خرجت من المطعم .. وتوجهت للحديقة .. عمداً أفتح بابا للنيران لتصب فى أعصابى لتصهرنى مع كل لحظة تجترها ذاكرتى الجائعة لتلك الأيام
#يُتبع
إن شاء الله