تخطى إلى المحتوى

قصه مؤثره حقيقيه ليست من الخيال قصص 2024.

قصه مؤثره حقيقيه ليست من الخيال

خليجية

أمام النافذة ..!!
ليلة أخرى تمضي عليّ وها أنا أمام النافذة المفتوحة أستنشق من نسيم الليل العليل بما يحمله من عطرِ رملٍ فريد و أسمع هدير البحر بما فيه من سرٍ عجيب .
يا لها من صورة فنية رائعة !!
مهلا … وكأنه ينقصها شيء ما !
أين السماء منها , تراها ماذا تكون ؟ ما لونها الآن , هل بها من قمر ونجوم ؟
سمعت يوما طفلاً يجلس بجانبي يقول : " ما أجمل زرقة السماء ! " , علمت حينها أن السماء زرقاء وحدثت نفسي في صمت :
– أزرق يعني سماء وأزرق يعني جمال ! .
أذكر وقتها أني بدأت أربط كلمات أسمعها بأحاسيس داخلي لا ألمسها , لم أجد حلاً سوى ذلك فأنا في نظر الجميع " معاق فاقد البصر .." وتلك هي الحقيقة التي لا يستطيع أحد إنكارها حتى أنا ..!
نعم ,, واجهت صعوبة في التَّكيُّف معها وعشت في صراعٍ ما بين نظرة المجتمع القاسية وبين شيء في داخلي يحفزني للصمود .
لأني عاجز بنظرهم وقادر بنظري , أيهما يا ترى سينتصر ليشكل شخصيتي ؟؟
إنه السؤال الذي بات يجول ليل نهار في عقلي , إلى أن أوقفتني عبارة أوردها أستاذي في حصة حقوق الإنسان عندما كنت طالباً في المرحلة الإعدادية , ففي حديثه عن حقوق المعاقين ,قال :
" جميعنا معاقون مع وقف التنفيذ !! " ..
صدمنا للوهلة الأولى من سماعها فأدركنا بأنها من الممكن أن تكون إهانة في حقنا ولكن بصورة غير مباشرة ؛ بالنسبة لي تمنيت أنه لو أنني " لا أسمع أيضا .."
تسرعت كما تسرع جميع زملائي في فهم العبارة بشكل سلبي , وبمجرد أن بدأ يوضح لنا بأنه لم تكن الإعاقة يوما تقف حائلا أمام المرء في حياته , فكم من أناسٍ عاشوا مرارة التأقلم معها ولكنهم اعتزموا التحدي وانجاز ما لم ينجزه إنسان صحيح البدن ! … وكم من أناس سخروا من معاقين يقابلونهم في حياتهم وتوالت الأيام ليصبحوا هم المعاقين ..
فليس بالضرورة أن تكون الإعاقة جسدية ؛ بل مفهوما أوسع من ذلك .
وأتبع كلامه مبتسما ابتسامة موجهة لي بداية باحساسها – لازالت مرسومة داخلي – انظروا "ماجد" قد حقق في نتائجه الفصلية أعلى معدل على مستوى المدارس .
ووجه حديثه إلى باقي زملائي قائلا : وأنت يا "فراس" نسيت بأنك فزت بالمركز الثاني في مسابقة أفضل بحث علمي , وأنت يا "حامد" قد حصلت العام الماضي على جائزة أفضل عمل أدبي ..وبدأ يذكر لكل واحد منا ما أنجزه بالرغم من أنه لا يملك حاسة البصر ..!!
وكان ذلك تحفيزا لنا جميعا , جعل السعادة تمتلكني وحملني إلى أن أعيد تصور حياتي وأنتبه إلى أمور كنت في غفلةٍ عنها , رسمت خريطة جديدة لحياتي مشرقة بشمس الأمل المستمدة من ثقتي بالله جلَّ جلاله الذي وهبني أعظم النعم في الوجود
"عقل وإسلام " أستطيع بهما فعل الكثير ..
حملت شعار " أنا قادر.." الذي شكل بصيرتي في قلبي , ومرت بي السنون , أقابل الصعاب أذللها بعزيمة قوية , وقد كنت حينما أنزل الشارع تقذفني همسات السخرية من جهة وهمسات الشفقة من جهة أخرى , أثرت بي لكنه تأثير لا يتعدى لحظتها , لماذا ؟؟
لأني لست فاقدا للبصر !! فلم تكن تلك النعمة مجرد عينان تجولان في فسحة الحياة دون إمعان وإنما هي قلب وعقل معا وكلاهما والحمد لله موجودان لديّ أكمل بهما لوحتي الفنية الجميلة فهي الآن لديّ لا ينقصها شيء , لأني أرى السماء وأرى النجوم حول القمر وسأرى نهار الغد عبر نافذتي , من خلل مرآة داخلي ..!!
***

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.