قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي
كلما طفق قلمى يكتب حرفاً..وجدته يجنح للكتابة عن المرأة
فأقوّمه حينا ..وأطاوعه أحياناً
ربما لإيماني الشديد بأن المجتمع لم ينصفها كما نصفها الإسلام
ربما لاقتناعى الأشد أن المرأة تملك من المقومات والملكات ما لا يملكه الرجل
فقد استسلمت المرأة لكل ما يقال عن كونها الأضعف ..الأكثر استكانة… والأقل ذكاءً
وما أكاد أُجزم عليه أن من الملكات التى تملكها المرأة، ولا يملكها كثير من الرجال هى البصيرة..وإن جمعت بعض النساء بين البصر والبصيرة
وهنا نأتى لمفهوم البصر ..والبصيرة
يطلق البصر على رؤية العين، وتطلق البصيرة على رؤية القلب
فقوة إدارك القلب تطلق علي البصيرة….وقوة النظر وسداده تطلق على البصر
قد يجمع الإنسان على اختلاف جنسه بين البصر والبصيرة، وقد يفتقد أحدهما أو كليهما ..بشكل غير مادى
وكثيرا ما تأملت حكمة الله سبحانه وتعالى أن الله جمع بين البصر والبصيرة فى بيت يجمع الرجل والمرأة.. ويحتاج فى إدارته إلى الاثنين معا.. وحينما يتغيب الرجل نجد أن المرأة تجمع بين الاثنين وتتفوق فى إدارته ..
فى حين أن فى غياب المرأة يعجز الرجل عن إدراة البيت ..ويحتاج لمن تدير،وتنظم،و..و..
فالمرأة خلقها الله –عز وجل- وأنعم عليها بحاسة تمكنها من التبصر في نتائج الأمور وعواقبها.
ويزخر التاريخ بمواقف تدعم نظريتى وتؤيدها..
وأكثر من تسترعى إعجابى بحكمتها وبصيرتها المتمثلة فى بعد نظرها هى السيدة خديجة رضى الله عنها
حين حضر إليها الرسول عليه الصلاة والسلام يرتجف بعد نزول الوحى عليه فى تلك القصة التى نعلمها جميعا
فتظهر حكمة السيدة خديجة بنت خويلد ورجاحة عقلها، وسرعة بديتها فلم تندهش كثيرا وتتوقف، أو يلجمها الحدث وعظمته
بل سارعت بالرد وهنا كان البصر والبصيرة قد اتحدا.. ونتج عنهما ردها البليغ..
ومن المواقف التى تستوقفنى، وتثير تأملاتى حيث إن الموقف تغلب عليه الرهبة، وتحكمه المسؤولية البحتة والتعقل التام…بعيدا عن هوى أو انفعال
هو موقف بلقيس الملكة الرزينة حين خالفت وزراءها عندما أشاروا عليها باللجوء إلى القوة
فلم تغتر بقوة جيشها ، أو تخضع لرأى العقل وحده … بل كانت فطنتها النابعة من كونها أنثى، وبُعد نظرها وبصيرتها..
ومن إمارات فطنتها أنه لما ألقي عليها كتاب سليمان علمت من مفرداته أنه ليس ملكاً كسائر الملوك، وأنه لا بد وأن يكون رسول كريم وله شأنٌ عظيم
ورأت أن ترسل إلى سليمان بهدية، و كان المراد من وراء هذه الهدية ليس فقط لتغري وتلهي سليمان بها، وإنما لتعرف أتغير الهدية رأيه و تخدعه؟ و لتتفقد أحواله، و تعرف عن سلطانه و ملكه و جنوده.
ومن علامة ذكائها أيضا أن سليمان – عليه السلام – عندما قال لها متسائلا؟
أهكذا عرشك؟ قالت: كأنه هو.. ولم تؤكد أنه هو..حتى لا تضع نفسها فى موقف محرج إن اتضح العكس..فمن الحكمة أن لا يرى الإنسان فى حديثه أنه صحيح مؤكد على إطلاقه
كان البصر والبصيرة يتمثلا فى هذه المرأة التى خالفت رجالا مسؤولين فسروا المشهد بشكل نمطى تقليدى..أما هى فكانت تملك مالايملكه الرجال
وتنجلى حادثة أم سلمة عن حكمة وبعد نظر وبصيرة حين أشارت على زوجها النبي شورى أنقذت الموقف كله
. فقد غضب معظم المسلمين من ظاهر الاتفاق الذي أبرم بين النبي وقريش.. وحين طلب منهم النبي: أن ينحروا ويحلقوا: امتنعوا عن ذلك على الرغم من أن النبي كرر الطلب ثلاثا
عندئذ دخل النبي على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس. فقالت: يا نبي الله. أتحب ذلك؟
اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك ؛ فيحلقك
فخرج ولم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك فلما رأوا ذلك، قاموا ونحروا ،وجعل بعضهم يحلق بعضا
وهذه شورى بالغة الذكاء والفطنة والسداد.. نابعة من حدس قلبى أن الفعل قد يكون أبلغ وأشد تأثيرا من الكلام خاصة حين يصدر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أخذ النبي بهذه الشورى.. فانفرج الموقف، وانقشعت الأزمة ..بناء على شورى امرأة تميزت برؤية قلبية.. وفطنة
وهكذا …فقليل من كثير فى تاريخنا الإسلامى والعربى يثبت أن المرأة تملك حدسا قلبيا وبصيرة لا يتمتع بهما الرجل..وقد أشرت إلى التاريخ الإسلامى والعربى حتى لا يتهم الإسلام بتهميش دور المرأة ، أو بالتقليل من قدرها
تستطيع المرأة أن تكون ما أرادت .. إن عزمت
وأن تنجز ما يعجز عنه الرجال.. إن همت
وأن تدبر …وتقرر ..وتفعل…إن وعدت