|| كلماتٌ جميلةٌ عن ([ الأخـوَّة في الله ]) للشيخ مُحمد حسَّان ||
الأخـوَّةُ نوعان : أخوَّةُ النَّسَب و أخوَّةُ الدِّين ( أخوَّةُ الإيمان / أخوَّةٌ في الله ) .
أخوَّةُ النَّسَب أضعفُ مِن الأخوَّةِ في الله ، لأنَّه يجبُ عليكَ أن يكونَ ولاؤكَ وبراؤكَ للهِ تبارك وتعالى . الولاءُ لله والبراءُ لله ؛ يعني تُحِبُّ لله وتُبغِضُ لله ، وتُوالي في الله وتُعادي في الله .
أخوكَ ابنُ أُمِّكَ وأبيك إنْ كان على غير دين ، فأنتَ تُحِبُّ أخاكَ في الله حُبَّاً يفوقُ حُبَّكَ لأخيكَ ابنِ أُمِّكَ وأبيك ، لدينه ولورعه ولتقواه .
فآصِرةُ الأخوَّةِ في النَّسَب قد تتمزَّقُ إنْ ضاع الدين ،، أمَّا الأخوَّةُ في الله فهى آصِرةٌ مِن أقوى الأواصِر ، لا تنفصِم عُراها أبدًا ولا تزول .
ولذلك قلتُ : إنْ وجدتُم إيمانًا بلا أخوَّة ، فاعلموا بأنَّه إيمانٌ ناقِص ، وإنْ وجدتُم أخوَّةً بلا إيمان ، فاعلموا بأنَّها ليست أخوَّةَ الدين ، وإنَّما هى التقاءُ مَصالِح وتبادلُ منافِع ، إنْ زالت المَصلحةُ وانتهت المَنفعةُ تنقطع وتنفصِم عُرَى هذه الأخوَّة ، لأنَّها ما كانت للهِ تبارك وتعالى .
والإمامُ أحمد – رحمه الله – يقول : ‹‹إنَّ لنا أخوةً يُحِبُّونا ونُحِبُّهم وإنْ لم نَرَهُم ›› .
يعني ليست القضيةُ أنَّني أُحِبُّكَ لأنَّني أراكَ ، وأنتَ تُحِبُّني لأنَّكَ تراني ، بل قد يُحِبُّ أحدُ إخواننا أخًا له لم يَرَه قط ، لمُجرَّد أنْ يسمعَ ذِكرَه الطيِّب وكلامَه الطيِّب ، يُحِبُّه في الله تبارك وتعالى .
فالحُبُّ في الله يا إخوة أغلى حُبٍّ على ظهر الأرض .
يعني أريدكَ أنْ تتصوَّر كما في صحيح مسلم في يوم القيامة في هذا الموقف العصيب ، رَبُّ العِزَّةِ يُنادي : (( أين المُتحابُّون بجلالي ، اليومَ أُظِلُّهُم في ظِلِّي يومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلِّي )) .
أنتَ مُتصوِّر هذا الكلام ..؟!
مُتصوِّر أنَّكَ تبقى واقفًا في أرض المَحشَر والشمسُ فوق رأسِكَ بمِقدارِ مِيل ..؟!
يا تُرَى : أهو المِيل المَسافة المعروفة ..؟ أم المِيل مِكْحَل العَين ..؟ والله ما حد عارف .
بِقدار مِيل شمسٌ فوق الرأس ، و راسك عمَّالَه تغلي ، مفيش ظِلّ ، مفيش بيت ، مفيش أىّ شئ تأوي إليه .
وفي هذا الموقف المَهيب يُنادي اللهُ على هذا الصِنْف الكريم ليستظلَّ بظِلِّ عرش المَلِك .. يا الله ! (( اليومَ أُظِلُّهم في ظِلِّي _ يعني في ظِلِّ عرشه _ يومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلِّي )) بالحُبِّ في الله .
وسيدنا عبد الله بنُ عمر يقول : ‹‹ واللهِ لو صُمتُ النهار لا أُفطِر ، ولو قُمتُ الليلَ لا أرقُد ، ولو أنفقتُ مالي كُلَّه في سبيل الله ، أموتُ يومَ أموت وليس في قلبي حُبٌّ لأهل طاعةِ الله وبُغضٌ لأهل مَعصيةِ الله ، ما نفعني ذلك شيئًا ›› .
يا الله ! لا صيام بَقَى ولا قيام ولا …..
الولاءُ والبَراء يا إخواننا ، الحُبُّ في الله والبُغضُ في الله ، (( مَن أحبَّ لله ، وأبغضَ لله ، وأعطى لله ، ومنعَ لله ، فقد استكملَ الإيمان )) .
ومِن الأمور التي تُعيد أواصِرَ الأخـوَّةِ وتلغي الجفافَ الموجود في قلوب بعض الإخوة الآن : أنْ تُعلِمَ أخاكَ بأنَّكَ تُحِبُّه في الله .. هذه من الأمور التي تُعيد الأُلفةَ والمَودَّةَ إلى القلوب مرةً أخرى ، وتُقلِّلُ مِن هذا الجفاف الذي ابتُلِيَت به بعضُ القلوب .. والنبىُّ – عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ – علَّمنا ذلك ، في سُنَن أبي داود بِسَنَدٍ صحيح : حديث المِقدام بن معد يكرب أنَّ رجلاً في مجلس رسول الله – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم – رأى رجلاً يَمُرُّ فقال : يا رسولَ الله إنِّي أُحبُّ هذا ، فقال النبىُّ : (( أأعلمتَه ؟ )) أو (( أأخبرتَه ؟ )) ، قال : لا ، قال : (( فأخبِره )) ، فانطلق هذا الصحابىُّ الجليل ليقولَ له : إنِّي أُحِبُّكَ في الله ، فقال له : أَحبَّكَ الذي أحببتني له .
فمِن السُّنَّةِ ومِن الأدبِ النبوىِّ أنْ يُخبِرَ الأخُ أخاه أنَّه يُحِبُّه في الله .
من شريط ( إلى غُلاةِ التجريح )
للشيخ محمد حسَّان .
م/ن
قال عليه الصلاة و السلام : " من أحبّ أن يجد طعم الإيمان فليحبّ المرء لا يحبه إلا لله )