ليلة العمر !!
في يوم الخميس وعند الساعة العاشرة مساء ذهبنا إلى صالة الأفراح ومعنا جموع من الناس .. ركبت سيارة فاخرة لا أعرف اسمها , كان بجانبي أبي وأخي الأحمق يقودها .. وصلنا إلى القاعة .. الأنوار تضئ المكان , دخان البخور يملأ السماء , ناس فضوليون يحتشدون أمام الصالة , أقبل رجل بدين مهرولا باتجاهنا وخلفه صبي يحمل مدخنه , فتح الباب , نزلت ,وبشكل سريع ودون أن يلاحظ أحد رفعت سروالي الذي كاد أن يسقط من شدة جوعي فأنا من يوم أمس لم أتناول شئ , تفقدت شماغي وعباءتي .. قبلات حارة وخاطفة من الجمهور الذي التم حولي .. مبروك , بالرفاء والبنين , الله يرزقك الذرية الصالحة , منك العيال ومنها البنات , ماذا ؟؟؟ ( منك العيال ومنها البنات ) نظرت إلى القائل .. إنه أخي الأحمق مرة أخرى , رمقته بنظرة حادة أبتعد بعدها عن الجموع .. أخوة العروس حاولوا تفرقة الناس وأباها أمسك يدي وبسرعة سحبني وكأنه قاطرة تسحبني .. وصلت إلى المكان المخصص للعريس .. كرسي مميز كبير على أطرافه أنواع من الزهور الجميلة , جميع من في الصالة أتوا إلي يباركون ويضحكون وكأنهم غير مصدقين أنني عريس .. الكل يبارك ويضحك الكل يقول مبروك .. هاها .. جلست , شربت كأسا من عصير الليمون الطازج وبعده كأسا من عصير البرتقال البارد واتبعته بكأسا من عصير المانجو المركز , لقد كنت بالفعل عطشان .
وبينما كنت أشرب فنجان من القهوة لم أرى إلا أخي الأحمق أمامي وبيده حذاء نظرت إليه وإلى الحذاء الذي بيده ( قلت وبصوت خافت ) ليش جبت نعال الحمام هنا يا غبي
_ هذي انعالك اللي كنت لا بسهن يوم يسحبك الدب
_ لا يكون أنا لا بسهن من يوم جيت هنا .. ؟؟
_ ايه يالقروي
_ أنا قروي يا التيس .. مشكلتي إني معطيك وجه من بد إخواني
_ ومشكلتي إني قبلت وجهك المخيس من بد إخواني
_ طيب حطها وانقلع
_ اوكيه
لبست الحذاء لم أرفع رأسي لكي لا يرى الناس احمرار وجهي ..
بعد فترة نادى منادي في الحضور ( اقلطوا يالربع .. حياكم الله .. أبشركم فيه سمبوسة مع العشاء ) سمبوسة سمعتها ولم استطع إمساك نفسي , نهضت بسرعة , أبي يمسك بعباءتي (التفت إليه وقلت ) يبه شف حاطين سمبوسة .. شف العرس وإلا بلاش
_ كل تبن وانثبر .
ذهبنا إلى صالة الطعام , وقبل أن أبدأ بالأكل وكزني أبي وقال : ياله نبي نروح
_ إلى وين
_ نبي ندخلك على زوجتك
_ ليش
_ بعدين أعلمك
_ طيب ..
ذهبت أنا ووالدي وأب العروس مع باب يوصلنا إلى قسم النساء , مشينا بين ممرات مظلمة طويلة حتى شككت إنهم سوف يختطفونني , لماذا ولأي سبب لا أعلم ؟؟ وصلنا , دخلنا الغرفة كانت في غاية الجمال والروعة , مزينة بالورود ورائحة البخور والعطور تفوح في أرجائها , اتجهت إلى أحد الكراسي المخصصة للعروسين إحداهما لونه أبيض والثاني أحمر اللون , اتجهت نحوهما وجلست , سمعت صرخة مخنوقة تصدر من الكرسي .. أي أي ..
أبي وعمي صرخا هم الآخران بي : قم اجلس على الكرسي الآخر
_ ليش
قالا وهم يحاولا رفعي من على الكرسي : إنك تجلس على زوجتك يا غبي
قلت : إيه يعني هي بكره تبي تجلس على قلبي ..
قال أبي وهو عاقد حاجبيه ورافع يده وكأنه يريد أن يلطمني : قم أيها الأحمق , أصبح لون وجهي كلون الكرسي الأبيض عندما تنهض منه زوجتي فيصبح أحمر
نهضت من على الكرسي وجلست على الكرسي الآخر عندها قال أب العروس قفا كي نبارك لكما .. وقفت أنا والبقشة التي بجانبي , أبي يشير برأسه ويغمز بعينه _ وبحكم إني لبيب _ أسرعت ورفعت القماش عن وجه المرأة , قلت لأبي وأباها : هيا قبلاها بسرعة قبل أن يراكم أحد , أب العروس ينظر إلى أبي _حزنت عندما قرأت الكلام الذي في عينه _ أبي أصبح يرتعش ويلتفت يمنة ويسرة وكأنه يبحث عن شئ ليقذفني به , وضعت يداي على وجهي , وسرعان ما هدت ثورته ولله الحمد , وبعدها خرجا بعد أن باركا لنا .
وبمجرد خروجهما فتح الباب الثاني الذي يطل على صالة النساء .. يا إلهي .. عشرات الرؤوس والأعين تنظر إلينا .. صراخ .. زحام .. وخلال ثواني امتلأت الغرفة من النساء لم أعرف منهم سوى أمي التي ترتدي قطعة حمراء ذات بقع برتقالية .. مبروك , الله يوفقكم , الله يسعدكم , وأنا أقول شكرا , عز الله مقامكم .. قبلت جميع من في الغرفة تقريبا حتى صرخت بي إحداهن : أنا لا أقرب لك ..
قلت لماذا إذن أتيت إلى هنا ..
قالت أنا عمة زوجتك ..
صرخت في النساء قائلا : محارمي يقفن بهذا الاتجاه كي لا ارتكب خطأ آخر .. نصف ساعة كانت كفيلة بأن تجهدني وتشتت ذهني .. خرج جميع النساء ما عدا أمي وأمها وبعض أخواتها وأطفالهن .. أوه لقد تذكرت ذلك الطفل اللعين .. عندما صرخ ضاحكا يشير إلي ويقول .. ماما .. ماما .. شوفي .. يهز ارجوله مثل البزران .. تمنيت لو اقتلعت لسانه , يضحك بصوت عالي وأمه تحاول إسكاته ولكنها لم تفلح مما دعاها لأن تضحك مع ابنها , وأنا أحمد الله أنه لم يرى حذائي الأخضر , وفي هذه الأثناء قالت أم زوجتي : هيا يا أبنائي سوف نزفكم
_ ايش .. تزفينا .. ليش حنا جالسين على روسكم أنا اللي أبزفكم
_ أنا ما أقصد إني أطردكم أنا أقصد إنكم تمشون بين النساء وعلى صوت الموسيقى ..
خرجت أنا وزوجتي متماسكي الأيدي .. القاعة ظلما , أصوات طبول , أصوات صراخ أطفال ونساء , أصوات رعود , دخان يملأ سماء القاعة , أنوار تضئ وتطفي وكأنها على وشك أن تتلف .. مشينا على خطى عسكرية بين حشود النساء .. فجأة .. رأيت مشهدا مخيفا , اختبأت خلف زوجتي وأنا أصرخ ..جني .. جني ..
أمي : اهدأ , هذي ما هي جني
_ ما هي جني .. أجل وشي هذي يمه .. اوه لقد عرفت إنها خلاط مولينكس حجم عائلي متعدد السرعات شوفي شلون تدور
_ هذي عمتك ترقص فرحانة بزواجك ..
رقصت عمتي وبعض أقارب زوجتي أمامنا لبعض الوقت ونحن نمشي على أنغام الموسيقى حتى وصلنا قاعة أخرى , دخلناها جلسنا, شربنا عصير شمام بالحليب ( أتمنى أن ترجع الأيام من أجل هذا العصير الطازج ) لبست زوجتي عباءتها وأنا حملت حقائبها , ركبنا السيارة واتجهنا نحو المنزل .
كنت أفكر كيف لي أن أبادرها في الكلام , ماذا أقول لها ؟؟ وبعد محاولات عدة لعصر بنات أفكاري وجدت الموضوع المناسب للحديث .. نظرت نحوها وقلت : تعشيتي ؟ هزت رأسها بالموافقة ..
_ ما فيه مانع نتعشى ثانية وعلى حسابي بعد وش رايك أوقف عند هالمطعم وأشتري عشاء لنا .. ها .. هزت رأسها بالموافقة أيضا . دخلت المطعم ( وقلت للمحاسب ) من فضلك أبغى وجبة عرسان
_ وجبة عرسان ؟؟
_ نعم وجبة عرسان
_ للأسف ما عنا وجبة عرسان بس عنا هي المأكولات وإنشاالله تعجبكن وإبقى اوول لزوجتك هيدي هي وجبة العرسان شو بيعرفها
_ طبعا قال بعض الكلام المعسول الذي أحرجني به ودفعني للموافقة على عرضه
_ أنا موافق خلاص جهز لنا اثنين سندوتش بيض بالشطة واثنين بيبسي
_ سندوتش بيض وبالشطة .. ما عنا
_ طيب بلاش من البيض عطنا سندوتش جبن مع مربى جح
_ يا معلم ما عنا سندوتشات بالمرة إنت ما بتفهم
قلت بعد أن فقدت صوابي : أنا ما بفهم .. أنا صحيح ما بفهم الدلوخه اللي زيك _ طبعا أنا قلت الدلوخه علشان ما يفهمها ولا تزيد حدة الخلاف _ سياسي محنك _
_ ادلوخه كمان ما عنا .. عنا بس برجر بدك بدك ما بدك الله معك
_ اوكيه عطنا همبرجر بيض بالشطة
_ ماشي ( وبصوت خافت قال ) ازا بيوم عرسك بدك تتعشى بيض لكان بعد كم شهر شو رايح تتعشى .. عجه !!!
_ وش تقول
_ باوول حسابك 12 ريال
_ وآخر كلام , راعينا إنت تدري إني عريس جديد وش رايك تشيل هالريالين وتخلي الحساب 10 ريال
_ ولو تكرم على حسابك أنا ما راح آخد منك شي .. بس توعدني إنك ما بتدخل هون مرة تانية
_ موافق .. ابشر غالي والطلب رخيص .
حملت العشاء المجاني وركبت السيارة وناولت البيبسي لزوجتي قائلا : هيه خوذي امسكيهم زين لا ينكبون
_ حاضر ..
مشينا بعدها وأنا ما زلت ابحث عن موضوع يكون سببا لكسر حاجز الصمت بيننا
_ إلا على فكرة وش اسم أخوك خالد .. نظرت إلي بعين تقدح شرارا , تود لو قفزت لتخنقني .. حاولت امتصاص غضبها فقلت : أنا ما أحب إني أتلقف وأدخل خشمي في شي ما يخصني , أنا حبيت بس إني أتعرف وعلى العموم إنت حرة لا تقولين شي , بس راح أعرف ألحين وإلا بعدين .. وقبل أن أنهي كلامي وصلنا البيت , نزلت من السيارة فتحت الصندوق الخلفي , حملت الحقائب , فتحت باب المنزل , نظرت إلى الخلف , مازالت في السيارة .. أشرت بيدي لها لتنزل .. أشرت هي إلى قفل الباب .. وضعت الحقائب فتحت السيارة بالمفتاح
_ أنا مدري وش اللي طيحني فيكم يا عيال الفقر , ما تعرفون تفتحون الباب العادي , أجل لو كان تماتيك ايش رايح تسوين , في المرة الجاية كل اللي تسوينه هو رفع هذي فوق _ وأشرت بإصبعي إلى القفل _ ثم سحب يد الباب .. مفهوم .. يله جربي .. أغلقت الباب واتجهت نحو البيت .. فتحت هي باب السيارة وقالت : أنا أعرف كيف أفتحه ولكن المفروض إنك إنت اللي تفتح الباب خصوصا اليوم
_ وأنا شغال عند أبوك , أنا إلي دافع الفلوس والا أنت ، المفروض بعد أنك أنت إلي تفتحين لي الباب … عضت على شفتها بقوه
قلت لها : لاتقطعين براطمك إذا مو عاجبك بالطقاق ، وعقاباً لك وردعاً لأمثالك شيلي شناطك بنفسك ، وافلت الحقائب من يدي ووقعت على الأرض ، دخلت داخل المنزل ، تذكرت العشاء ، رجعت وحملت العشاء ، وكانت هي قد دخلت بحقائبها ووضعتها في غرفة النوم وبدلت ملابسها ، جلسنا على المائدة
– ليش البيبسى حقي ناقص ها .. انت شاربه منه ؟
– والله ما شربت منه بس انكب شوي منه في الطريق .. استغليت هذه الفرصة لأتغزل بها
– يا أحلى من رغوة الكبتشينو كان كان ودي انك انت إلي شاربته علشان أقول لك هني وعافيه وعلشان اخذ ألي معك هاها .. تناولت الهمبرجر ، أكلته .. ياله من طعم لذيذ
– ولماذا لا تأكلين يا أختاه أقصد يا زوجتاه .. ما تبغينه .. طيب .. التهمت نصيبها من العشاء وقمت بسرعة وقلت: آخر واحد يغسل الصحون ( هذا عرف عند العزوبية )
قامت بتنظف الطاولة جلست أنا على الأريكة ، جلست هي على كرسي بعيد عني ، قلت : ليش ما تجلسين بجنبي .. وإلا صح اتارينا ( كمبيوترنا ) متزاعلين .. طيب وش رأيك نتابع أقوال الصحف حقت بكره .. كالعاده لم يعجبها كلامي عقدت حاجبيها ونظرات إلى الأسفل مع بعض من التذمر…ولكي أزيل الانطباع السيئ عني والذي تكون لديها خلال السويعات الماضية قررت أن أراضيها وأصالحها فقلت : يا زوجتي العزيزة يأم عيالي المستقبلية – صوت ناي حزين – تكفين لا تزعلين مني تراني ما كنت أقصد ، أنا مسكين .. ضعيف الحيلة ممكن تسلفيني 15 ريال .. أقصد ممكن تسامحيني وتخليننا نفتح صفحة بيضاء في دفترنا إلي لسى ما شتريناه
– خلاص لا تصيح لا تصيح أنا مسامحتك .
عندما نادى المنادي لصلاة الفجر سمعت صوت يوقظني من غفوتي .. محمد .. حبيبي ..محمد حبيبي قم صل .. أذن الفجر قم صل .. يله حبيبي محمد لا تصير كذا – لقد كنت يقظاً من اول كلمة ولكنني تظاهرت بالنوم من أجل أن أسمع المزيد والمزيد – استيقظت ، جلست ، نظرت إليها وش تقولين يا حرمه
– أقولك قم صل أذن الفجر
– لالا مو هذي إلي أسألك عنها فيه كلمة ثانية كنتي تقولينها ..
ابتسامة ارتسمت على شفتيها ، ابتسامة خجل أنثوي ( قالت بصوت خافت ومتوتر لا يكاد يسمع ) كنت أقول يا حبيبي
صرخت وقلت : أيش تقولين يا حبيبي .. حبيبي مره وحده .. حبك برص إنشاء الله .. أنا ما عرفتك إلا قبل كم ساعة وبالسرعة هذي بديتي تمونين الحين تقولين يا حبيبي أجل بعد شوي وش بتقولين عطني خمسة حق الدخان وإلا عشرة ابعبي بنزين إي والله عالم ماتستحي .. غطت وجهها بيديها وأجهشت بالبكاء ، بكاءً مريراً لا أعرف ما سببه .. توضأت ولبست ملابسي وهممت بالخروج ، وقبل أن أصل لباب الغرفة التفت إليها وقلت : ارجع من الصلاة واحصل القهوة والقدوع جاهزين سمعتي .. عدت من المسجد ، وجدتها قد جهزت القهوة ووضعتها على الطاولة وجلست بجانبها تنتظرني ، ألقيت عليها التحية ، نظرت إلى القهوة وإلى التمر (وقلت) ايش هذا ، قهوة وتمر عقب الفجر ، شايفتنا شيبان والا فلاليح ؟؟؟ ثارت ، انفجرت ، صرخت كلبوة فقدت أحد أشبالها ، قلبت الطاولة رأساً على عقب
قالت بصوت قوي : شايفني مسخرة عندك ، شايفني لعبة بيدك ، شايفني ضحكة في حلقك ، أنت إلي طلبت القهوة ، فيه أحد دازك لمي ، أنت ناوي تجنني
– خلاص يا بنت الحلال أهدي ، صحيح أنا إلي قايل لك وأنا آسف
– إذا ما تبي قهوة ليش تطلبها مني قولي ليش
– نذالة ، أول مرة ألقى واحد يطيع أوامري .. هاها .. وش رأيك ننسى الموضوع ونروح نفطر في أحد المطاعم العائلية ، والله يا أنا أعرف فوال عنده قسم عوايل يجنن يحبه قلبك
– اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه
هههههههههههههههههههه
والله غبيه