تخطى إلى المحتوى

ملخص عن حياة السيدة خديجة والسيدة عائشة -اسلاميات 2024.

  • بواسطة
ملخص عن حياة السيدة خديجة والسيدة عائشة

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

اتكلم اليوم عن سيدة خديجة رضي الله عنها

أطلق كُتَّابُ السيرِ على العامِ العاشر من البعثة، عام الحزن، لوفاة عم النبي " أبو طالب" ، وزوج النبي " خديجة " في شهر واحد تقريبًا .
ماتا – وهما السندان القويان – ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – في أمس الحاجة إليهما .
أما أبو طالب فكان بمثابة "السند الخارجي " لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – يدفع عنه أذى الوثنيين، وظلم الظالمين . ولعل في وفاته حكمة عظيمها، مفادها أن الدعوة الإسلامية منصورة بالله ثم بمنهجها، ويأبى الله أن يقال :إن الدعوة انتصرت بعشيرة محمد أو بعمه . إنما هي دعوة اليتيم الذي خذله بعض أعمامه ومات عنه بعضهم، وتأخر عنه بعضهم.
خليجية

سبق وفضل:
أما خديجة فهي أول من آمنت به، وهي حصنه الداخلي، وركنه الشديد، وكانت بمثابة الوزير الصادق له، والرفيق الساعي له، تخفف عنه، وتواسيه ، وتسعى في قضاء حوائجه، وكانت – رضي الله عنها – قد أكرمت رسول الله بالعمل الكريم في تجارتها، وتزوجته – رضي الله عنه – رغم فقره، وأسكنته بيتها حيث لا بيت له يملكه ، وكانت تُنفق على رسول الله من مالها حين تفَرغ لأمر الرسالة، وآمنت به حين كفر الناس، وصدّقته حين كذبه الناس، وآوته حين طرده الناس .
فإذا دخل بيته إليها – بعد يوم شاق في الدعوة والتلبيغ – سرعان ما ينسى الألم والحزن، إذا تمسح بيدها الحانية على قلبه . وكانت – رضي الله عنها – امرأة حاذقة صَنَاعٌ في إدخال السرور على زوجها والتخفيف عنه . ولقد ضُرب بها المثل في طهارتها، وضُرب بها المثل في حكمتها وضُرب بها المثل في حصافتها.

خليجية
***
الطُهر والعفة:

أما طهارتها، فقد كان لقبها في الجاهلية " الطاهرة "
والمرأة التي تحمل هذا اللقب في مجتمع جاهلي أكلته الفواحش، وجازت فيه الدعارة، واشتهرت فيه البغايا .. لهي امرأة بلغت من العفة والنقاء مبلغًا رفيعًا؛ أهْلَهَا لهذا الاصطفاء الرباني، أن اختارها الله زوجةً لخاتم الأنبياء .
ولله در العفة، بَلَّغَت أهلها الدرجات العلى !

خليجية

الحكمة :

وأما حكمتها فهي صاحبة قولة تُعد من أبلغ ما دونه العرب في الحكمة، تلك التي قالت فيها – مخففة من خشية رسول الله على نفسه يوم نزلت " اقرأ " –
" كَلَّا أَبْشِرْ فَوَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ "[ البخاري : 4572]، ثم انطلقت تمشي به إلى ورقة بن نوفل – وكان عالمًا بالأديان – ، لتَحُلَ لزوجها اللغز الذي أُشكل عليه في أمر النبوة. ولم تكن بالمرأة السلبية التي لا تبالي بشؤون زوجها .

خليجية

***
الفطنة :
وأما حصافتها .. فهي ممن كمل من النساء.. وهي التي أثبتت لرسول الله أن ما يأتيه ليس بشيطان ولا جِن، فقد شرعت تمتحن برهان الوحي لتثّبت قلب زوجها، فقالت : "أَيْ ابْنَ عَمّ أَتَسْتَطِيعُ أَنّ تُخْبِرَنِي بِصَاحِبِك هَذَا الّذِي يَأْتِيك إذَا جَاءَك ؟
قَالَ : نَعَمْ .
قَالَتْ: فَإِذَا جَاءَك فَأَخْبِرْنِي بِهِ .
فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السّلَامُ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- لِخَدِيجَةَ يَا خَدِيجَةُ هَذَا جِبْرِيلُ قَدْ جَاءَنِي ، قَالَتْ : قُمْ يَا ابْنَ عَمّ فَاجْلِسْ عَلَى فَخِذِي الْيُسْرَى ؛ قَالَ فَقَامَ رَسُولُ اللّهِ- صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ – فَجَلَسَ عَلَيْهَا ، قَالَتْ هَلْ تَرَاهُ ؟ قَالَ: نَعَمْ . قَالَتْ : فَتُحَوّلْ فَاجْلِسْ عَلَى فَخِذِي الْيُمْنَى.
فَتَحَوّلَ رَسُولُ اللّهِ – صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- فَجَلَسَ عَلَى فَخِذِهَا الْيُمْنَى ، فَقَالَتْ هَلْ تَرَاهُ ؟ قَالَ نَعَمْ . قَالَتْ : فَتَحَوّلْ فَاجْلِسْ فِي حِجْرِي .
فَتَحَوّلَ رَسُولُ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ – فَجَلَسَ فِي حِجْرِهَا . قَالَتْ هَلْ تَرَاهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ .
فلما فَتَحَسّرَتْ وَأَلْقَتْ خِمَارَهَا وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ جَالِسٌ فِي حِجْرِهَا ، ثُمّ قَالَتْ لَهُ هَلْ تَرَاهُ ؟ قَالَ لَا ، قَالَتْ يَا ابْنَ عَمّ اُثْبُتْ وَأَبْشِرْ فَوَاَللّهِ إنّهُ لَمَلَكٌ وَمَا هَذَا بِشَيْطَانٍ " [ ابن هشام : 1/،238]
فقد علمتْ – برجاحة عقلها – أن الملائكة تستحي، وأن الشياطين لاتستحي، فتحيلت هذه الحيلة، وفثبتت وبشرت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – . وخير الناس للناس من يَفطن لحاجاتهم، ومَن فاته العقلُ والفطنة فرَأْسُ مالِه الجَهْلُ.

خليجية

***
الصبر على تطليق بناتها :

ولم يزعزع إيمانُها، ولم تتزحزح ثقتُها بزوجها يوم تسببت الدعوة الإسلامية – بزعم البعض – في تطليق بناتها .
" وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ – صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ – قَدْ زَوّجَ عُتْبَةَ بْنَ أَبِي لَهَبٍ رُقَيّةَ أَوْ أُمّ كُلْثُومٍ . فَلَمّا بَادَى قُرَيْشًا بِأَمْرِ اللّهِ تَعَالَى وَبِالْعَدَاوَةِ، قَالُوا : إنّكُمْ قَدْ قَرّغْتُمْ مُحَمّدًا مِنْ هَمّهِ فَرُدّوا عَلَيْهِ بَنَاتِهِ فَاشْغَلُوهُ بِهِنّ . فَمَشَوْا إلَى أَبِي الْعَاصِ فَقَالُوا لَهُ فَارِقْ صَاحِبَتَك وَنَحْنُ نُزَوّجُك أَيّ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ شِئْتَ قَالَ : لا وَاَللّهِ، إنّي لا أُفَارِقُ صَاحِبَتِي ، وَمَا أُحِبّ أَنّ لِي بِامْرَأَتِي امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ . وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ – صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- يُثْنِي عَلَيْهِ فِي صِهْرِهِ خَيْرًا … ثُمّ مَشَوْا دار أبي لهب، فأجابهم، وطُلقت رقية وأم كلثوم " [ ابن هشام 1/652 ( بتصرف)].

ولم يصدر منها ولا من البنات لفظة تشائم أو تبرم، أن ابتلاهم الله بفض هاتين الزيجتين، ولم تقل خديجة كما تقول نساء بعض الدعاة : لقد جلبت لنا دعوتك خراب البيوت، وطلاق البنات ! ما ذنبهن ألا يفرحن ويُحْمَلن إلا أزواجهن؟!…..
لم تقل هذا . بل صبرت، ورأت أن حكمة الله اقتضت، أن يبدلنهن بزوج أكرم وأخلق وأغنى وأجمل مما كُنَّ يطمحن إليه . فحالهن مع الله كحال الطفل الذي سلبه أبوه الطعام الخبيث ومنحه الطعام الطيب الغريض.

خليجية

الصبر على الحصار :
ولما كُتبت وثيقة الحصار الظالمة، وسيق المسلمين إلى الشِعِب، وقاطعتهم قريش وجوّعتهم، كانت خديجة مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – راضية محتسبة، ولم يصدر منها كلمة عتاب لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -، ولم تتبرم له، بل ثبتت معه في المحنة، وعزمت أن تبقى إلى جواره حتى تنقشع الظلمة، ورضيت أن تترك منزلها الفاخر وفراشها الوثير وتخرج حبيسة مع رسول الله بين جبلين، تُعاني الحَر والقَر، تفترش الحصباء وتلتحف السماء، وتكابد الجوع والفقر، وهي الغنية الحسيبة.. تكابد الظمأ والخشونة، وهي السيد الشريفة.. وطالت بها أيام الحصار وهي واثقة راسخة رسوخ الشم الروسي، سامقة سمو الجوزاء العوالي ..كل ذلك على مدار سنوات الحصار الثلاث من شهر المحرم للعام السابع للبعثة وحتى المحرم للعام العاشر للبعثة .

خليجيةخليجية

***
سلام وجَنَّة ورضوان

ولما انقشعت ظلمة الحصار، وتبدد كابوس السجن، خرجت – رضي الله عنها – وقد أعياها المرض، وبراها الجوع، وهدَّمت بنيانها سنوات الضنك، فخرجت من سجن الناس إلى رحاب الله الرحيب، بعدما بشرّها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ببيت في الجنة من لؤلؤ – وبيوت الجنة قصور -، تنعم في قصرها بغاية الهدوء والنعيم، وقد نزل الأمين جبريل – خصيصًا – ذات يوم حاملاً رسالة عاجلة وسلامًا مُخَصَصًا من الله رب العالمين إلى إلى السيد الجليلة . فما أكرمها وأكرم منزلتها

فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال :
أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ؛ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلامَ مِنْ رَبِّهَا – وَمِنِّي -، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لا صَخَبَ فِيهِ ولا نَصَبَ [ انظر : البخاري: 3536]

وهكذا أرسل الله لها التحية والبشارة، محمولتنا من أمين السماء" جبريل"، مدفوعتان إلى أمين الأرض " محمد "، ليقوم بدوره بتليغ التحية الكريمة والبشارة الكريمة، من كريم عن كريم عن كريم إلى سيدة نساء العالمين " خديجة " .

وتوفيت – رضي الله عنها- في رمضان من العام العاشر من البعثة، ودفنت بمدافن مكة عند جبل الحجون، عن خمس وستين سنة [انظر : الذهبي : سير أعلام النبلاء 2/112].

فماتت ولم تر في الدنيا لقاء ما قدمته، فلم تفرح بغنيمة، ولم تر دولة المسلمين، بيد أن الأجر العظيم الذي لا ينقطع فضله قد أخره الله لها، فليس بمقدور ملوك الأرض جميعًا أن يوفوا لها أجر صنيعها، إنما الجدير بذلك ربها الذي خلقها وهو ملك والملوك . فجزاك الله عنا يا أماه خيرًا .

خليجيةخليجية
***
وفاء بلا حدود

وكان رسول الله يحن إليها، ويذكرها دومًا، فلا يزال يذكر فضائلها حتى تغار إحدى زوجاته، وكان يكرم صويحبات خديجة، فإذا ذبح أو طبخ أهدى إليهن، إكرامًا لها. وهي في قبرها !
وإذا ذكرَها ذاكرُها في حضرة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا به – صلى الله عليه وسلم – يرق لها، ويذكرها، ويستغفر لها، ويذكر فضائلها حتى يأتيه عارضٌ يقطع عليه حديثة، وضجرة – كضجرة عائشة – تحوْلُ بغيرتها بين رسول الله وبين الحديث عن خديجة، بيد أن العكس يحصل، فإذا غارت عائشة ونالت من خديجة كما تنال المرأة من ضرتها فقالت: " عجوزٌ ! قد أبدلك الله بخير منها "، زادت الطينة بلة، فيزيد رسول الله في ذكرها ويكثر من الحديث عن فضلها أكثر وأكثر ، ويستمر الحال حتى تأتيه عادية أو صارفة تقطع الحديث عن فضل خديجة !
***
ويوم بدر [ في رمضان 2 هـ ]، جاءت كل عشيرة تفتدي أسرها من نُيوب المسلمين، وكان أبو الْعَاصِ بْنِ الرّبِيعِ – زوج زينب – بين الأسارى، وكان الإسلام قد فرق بينه وبين بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وأرادت زينب – الوفية بنت الوفية – أن تنقذ زوجها من الأسر، علها تَرد له يدًا من أياديه البيضاء، أو يشرح الله صدره للإسلام .

وبينا الناسُ يتوافدون على النبي – صلى الله عليه وسلم – كل ٌيدفع الفداء لقاء قبض أسيره؛ إذ بعثت زينب بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في فداء أبي العاص بمالٍ وبعثت فيه بقلادة لخديجة، كانت أَدخلتها بها على أبي العاص .

وجيء بالمال والقلادة إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، لإطلاق أبي العاص، فلما وقعت عينا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على قلادة خديجة، رَقّ لَهَا رِقّةً شَدِيدَةً، وَقَالَ – يستسمح أصحابه – :
" إنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا ، وَتَرُدّوا عَلَيْهَا مَالَهَا ، فَافْعَلُوا " فَقَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللّهِ . ففعلوا [ ابن هشام 1/652 ( بتصرف ) ]

لقد أثارت قلادة خديجة في نفس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذكريات، فكأنما هب إليه من إطار هذه القلادة أريجًا تنفسته خديجة، فحرك القلب الرحيم، بعدما كاد أن يقر بعد رحيل الحبيبة الكريمة، تلك المرأة التي حار رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في فضلها .
رق لها . ولما لا ؟ فهي قلادة لامست يومًا نَفسَ خديجة التي أعطته كل شيء نفسها وجهدها ومالها وبيتها، وتركت له كل شيىء، ولم تمتن عليه بشيء .

ورق لها، رقة شديدة، فأوشك أن يرسل عَبرة حارة من عينيه الكريمتين، بيد أن العَبرة لم تسيل على الخد إنما سالت إلى القلب، فأحس الناظرون بحرارتها في رقته الشديدة هذه . وأشفقوا عليه . وشرع يستنزل فيهم الكرم، ويستسمح أصحابه – وهو الكريم الأكرم – أن يطلقوا لزينب أسيرها . . ثم إنه في أدب جم وخلق سَجْح، يُخيرهم في ذلك ويكل إليهم القرار، ولو شاء أمرهم، فقال : " إنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا ، وَتَرُدّوا عَلَيْهَا مَالَهَا ، فَافْعَلُوا " .
***
وفي يوم فتح مكة[ رمضان 8هـ]، لما أراد أن يبيت، لم يذهب إلى بيت من بيوت أصحابه، وهو لو شاء لصادر أرقى بيت في مكة، ولكنه ضرب خيمته إلى جوار قبر خديجة، وكأنما لما فتح مكة؛ فتحت هي الأخرى قلبه، فنكئت فيه ذكريات خديجة الغائرةَ، وكأنما جاء رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إليها على قدم وساق، قد اختلطت في قبله عَبرة الفراق وفرحة الفتح، ولسان حال المقام يقول : صدقت يا خديجة : " لا يخزيك الله أبدً " .

خليجيةخليجية

***
توصيات:

يا أم القاسم ! رضي الله عنك !
أصبحت مَعلمةَ العفة لبنات المسلمين، ومَعلمةَ الوفاء لزوجات المسلمين، ومَعلَمة الصبر لداعيات المسلمين ، بل أنت سيدة الحكمة لحكماء المسلمين .
فعيشوا – إخواني وأخواتي – في ظلال سيرة أُمنا بين العفة والوفاء والصبر والحكمة .
***
وأما أحوج الدعوة الإسلامية إلى أمثال خديجة ! فنحن في أمس الحاجة إلى "خديجات " ينفقن على الدعوة، ويبذلن للدعوة، ويصبرن في سبيل الله، ويسكبن الإيمان والثقة والفرح في قلوب إزواجهن سكبًا. ويبَلِغْنَ دعوة الله إلى السَّانح والبَارح والنَّاطح والقعيد . فإلى هذا المعين ، معين أم المؤمنين، فارتشفن، يا فتيات المسلمين . وإياكن، و السُّفوليةَ الخارجة، والمَثالب الفاضحة، والتبرج المحرم، والعُري الـمُجرَّم، والخضوع بالقول والتغنج، والتساهل مع الرجال والتهتك .. إياكن والكَذِب المُبرِّح، والخُلْفَ المُصَرّح، والغيبة والنميمة، وإضاعة الوقت والمال، على الكماليات والتفاهات .. إياكن والانشغال بوسائل الإعلام، من مسلسلات وأفلام – تُركية وغير تُركية ! – تحض على الفُحش والرذيلة، والجَهالة المُفْرطة، والرِّكاكة المُسْتَخِفّة، والزنا والخَنا ، والسطحية والسذاجة، والميوعة والخلاعة.

ولا تتأثرن – أبدًا – بأي امرأة متبرجة، تلك التي تتعرى للعيون الجائعة، كالبقلة الحمقاء، الذاوية في أرض نشَّاشة أو النابتة في بِركةٍ من بِرك الصرف الصحي .. لا تعجبن بها، فالشيطان يجملها في عين الرجل ليُفتن، ويزينها في عين المرأة لتفسد، هي حسنة في عين الشيطان وحسنة في عين الخبلان، وحسنة عند الذئب البشري والعقربان.. والقَرَنْبَى في عين أمِّها حسنة !
بل أنتِ. أنتِ – أيتها المؤمنة – جميلة الجميلات ومليحة الحسناوات!

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

عائشة الحميراء .. قدوة النساء
للشيخ الدكتور علي بن عمر بادحدح

المحتويات :

• المقدمة
• من خصائص عائشة التي ذكرها ابن كثير .
• عائشة الفاضلة .
• عائشة الفقيهة العالمة .
• عائشة رضي الله عنها الزوجة والابنة .
• حادثة الإفك .
• من صفات عائشة .
• زواج عائشة رضي الله عنها .
• من فوائد التبكير في الزواج .
• للإستزادة من خبر عائشة رضي الله عنها .

خليجيةخليجية

عائشة الحميراء .. قدوة النساء
المقدمة

الحمد لله هو لكل خير يرتجى ، وإليه من كل شر المتلجى ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه ومن بهم اقتدى ، وإن هدى الله هو الهدى، من تمسك به اهتدى ، ومن حاد عنه ظل وغوى .
أما بعد :

قد سلف لنا أحاديث عديدة حول ما يتعلق بالمرأة المسلمة ، وبعض الموضوعات المتعلقة بها ، واليوم حديثنا عن " عائشة رضي الله عنها " يخدم هذا الجانب على وجه الخصوص، وإن كان في موضوع سيرتها ما هو نافع ومفيد للمجتمع المسلم كله رجالاً ونساءً ؛
لأن في مواقفها وتعاملها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي ما مر بها من الأحداث والوقائع مع الصحابة رضوان الله عليهم فيه كثير من الدروس والعبر

خليجيةخليجية

والحديث الذي يجري في هذا الصدد أيضاً ؛
لأن الحديث عن القدوات في صفوف الرجال يكثر،
فقدوات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن الأئمة العلماء وعن سلف هذه الأمة، ونذكر الإمام أحمد والشافعي وأبو حنيفة والإمام مالك وغيرهم من هؤلاء، ويقلّ ذكر قدوات النساء فلعل ذكر عائشة رضي الله عنها
يعتبر مثالاً يحتذى ؛ لما لها من عظيم الفضائل
وكثير الخصائص رضي الله عنها وأرضاها .

فعائشة رضي الله عنها كما قال الذهبي :

خليجيةخليجية


" بنت الإمام الصديق الأكبر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر عبد الله بن أبي قحافه عثمان بن عامر " ، القرشية التميمية المكية النبوية
أم المؤمنين رضي الله عنها، قد حازت الفضل من كل جوانبه ونالت الشرف من سائر وجهه وهي التي ولدت في ظلال الإسلام كما قالت : " لم أعقل أبوي الا وهما يدينان الدين "، فقد ولدت في الإسلام وفي بيئة إسلامية .

وحتى ندرك بايجاز أول ما يتعلق بسيرة عائشة رضي الله عنها ،
نقول : أن النبي صلى الله عليه وسلم عقد عليها وهي ابنة ست سنين ، ودخل بها وهي ابنة تسع سنوات ،
وتوفي عنها صلى الله عليه وسلم وهي ابنة ثماني عشر سنة ،
فتأمل هذه السيرة التي أهلّتها بعد ذلك الى أن تكون قدوة من القدوات ،
وعلماً من أعلام الأمة الإسلامية كلها مع هذه الفترة الوجيزة .

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

لكنها كانت فترة عظيمة ؛
لالتصاقها برسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وقال أهل السير في وصفها أموراً وأوصافاً كثيرة،
كما أفاض ذلك ابن كثير في البداية والنهاية، عندما ترجم لها في سنة وفاتها،
قال : " أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق ، وزوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأحب أزواجه إليه ،
المبرأة من فوق سبع سموات رضي الله عنها وعن أبيها،
وأمها هي أم رومان بنت عامر بن عويمر الكنانية، وكانت عائشة رضي الله عنها تكنى بأم عبد الله ، وإن لم يكن لها ولد ولم تلد مطلقاً ،
لكنها ربت ابن أختها أسماء – وهو عبد الله بن الزبير رضي الله عنه – فكانت تكنى به رضي الله عنها .

من خصائص عائشة التي ذكرها ابن كثير

وقد أوجز ابن كثير في هذه الترجمة ما سأذكره بإيجاز ثم يأتي تفصيل بعضه، ذكر جملة وافرة من خصائص عائشة رضي الله عنها :
خليجيةخليجية
1- لم يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بكر سواها .
2- لم ينزل عليه الوحي في لحاف امرأة غيرها .
3- لم يكن في أزواجه أحب إليه منها .
4- قد أتاه الملك بها في المنام في سرقة من حرير مرتين أو ثلاثاً يقول له هذه زوجتك، فتزوج منها بأمر الله ووحي الله سبحانه وتعالى .
5- أنها كان لها في القسم يومان يومها ويوم سودة حين وهبتها ذلك تقرباً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
6- أنه مات في يومها وفي بيتها ، وبين سحرها ونحرها صلى الله عليه وسلم ، وجمع إليه بين ريقه وريقها في آخر ساعة من ساعات الدنيا له عليه الصلاة والسلام وأول ساعة من ساعات الآخرة ثم دفن في بيتها .
7- أنها أعلم نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، بل هي أعلم نساء الأمة على الإطلاق بلا نزاع في ذلك بين أهل العلم ، وقد قال أهل العلم في وصف علمها شيئاً كثيراً يأتي ذكره لاحقاً.

خليجيةخليجية



عائشة الفاضلة

الميزة الأولى : في سرقة من حرير

فهذه عائشة رضي الله عنها ربما ذكر في وصفها على سبيل الإجمال و فضائلها كثيرة مشهورة في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
بل قد جاء ونزل في حقها آيات تتلى من كتاب الله عز وجل الى أن يرث الله الأرض ومن عليها،
في الحديث عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أريتكِ في المنام ثلاث ليال جاء بكِ الملك في سرقة من حرير – يعني مغطاة بقطعة من حرير – فيقول : هذه امرأتك فأكشف عن وجهك فإذا أنت فيه ، فاقول : إن يك هذا من عند الله يمضه ) وقد أمضاه الله سبحانه وتعالى .

الميزة الثانية : القرب من الوحي

وفي فضيلة قربها من رسول الله صلى الله عليه وسلم واستيلائها على عظيم محبته ،
ورد الحديث الصحيح عن عمر بن العاص
وهو ممن أسلم في السنة الثامنة للهجرة أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم وقال له : أي الناس أحب إليك يا رسول الله ؟
قال : عائشة، قال : فمن الرجال ؟ قال : أبوها .

فكانت هي حبيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©


ولذلك قال الذهبي بعد إيراده هذا الحديث تعليق عليه :

" وهذا خبر ثابت صحيح رغم أنوف الروافض ،

وما كان عليه السلام يحب الا طيباً، وقد قال : ( لو كنت متخذاً خليلاً من هذه الأمة لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن أخوة الإسلام أفضل ) فأحبَّ أفضل رجلٍ من أمته ،
وأفضل امرأة من أمته ، فمن أبغض حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو حريٌ أن يكون بغيضاً إلى الله ورسوله " .

لأن الرافضة قالت في عائشة رضي الله عنها أقوالاً مرفوضة مرذولة قبيحة ، حتى أن بعضهم قد غالى في ذلك قولاً يكفر به صاحبه إن أعتقده ؛
حيث أنهم فسروا قول الله عز وجل : { إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة } ،
قال بعض الغلاة ممن كانوا على هذه النحلة والملة : " هي عائشة " ، تعالى الله عما يقولون في كتابه علواً كبيراً .

وهذا أيضاً حديث عن هشام بن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت :
كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة – من معرفة الصحابة لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم لعائشةأنهم كانوا يهدون إليه في اليوم الذي يكون عندها ،
حتى يكون ذلك اليوم أكثر سعداً وفرحاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم -قالت : فاجتمعن صواحبي إلى أم سلمة –
وكانت من كبار أزواج النبي صلى الله عليه وسلم سناً ،
وسيأتي تفسير الحزبين الذين كانا في أزواج النبي عليه الصلاة والسلام بحكم طبيعة المرأة وغيرتها –
فقلن لها : إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة وإنا نريد الخير كما تريده عائشة، فقولي لرسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر الناس أن يهدوا له أينما كان، فذكرت أم سلمه ذلك له ، فسكت فلم يرد عليها ، فعادت الثانية فلم يرد عليها ، فلما كانت الثالثة قال : ( يا أم سلمه لا تؤذينني في عائشة ؛ فإن الوحي لم يأتيني وأنا في ثوب امرأة إلا عائشة ) .

خليجيةخليجية

وهذه فضيلة لها عن باقي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا بيان طبيعة فطرة المرأة مع العصمة بالشرع والبعد عن مخالفة أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم .

خليجيةخليجية


الميزة الثالثة : أنها ابنة أبي بكر

كان نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم حزبين :

فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة ، والحزب الآخر أم سلمة وسائر أزواجه ، وكان المسلمون قد علموا حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة ،
فإذا كانت عند أحد هم هدية يريد أن يهديها إلى رسول الله فأخرّها حتى إذا كان في بيت عائشة بعث بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتكلّم حزب أم سلمة مع أم سلمة ؛ لتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها ذلك القول ، فقالت أم سلمة في هذه الرواية:
أتوب إلى الله من أذاك يا رسول الله .

ثم إنهن دعون فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقالت : إن نساءك ينشدنك العدل في بنت أبي بكر فكلمته،
فقال : يا بنية ألا تحبين ما أحب ؟! قالت : بلى ! فرجعت إليهن فأخبرتهن ،
فقيل لها : ارجعي إليه ، فأبت أن ترجع ،
فأرسلوا بعد ذلك زينب بنت جحش رضي الله عنهن جميعاً ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فأغلظت له في القول وقالت :
إن نساءك ينشدنك الله العدل في ابنة أبي قحافة فرفعت صوتها حتى تناولت عائشة – أي ببعض القول – وعائشة قاعدة فسبتها –
أي ذكرت لها كلاماً شديداً وقاسياً – حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لينظر إلى عائشة هل تتكلم .

قال : فتكلمت عائشة ترد على زينب حتى أسكتتها – أي ذكرت لها من القول ما ألجمها وأسكتها –
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنها ابنة أبي بكر ).

فشهد لها هذا الموقف بفضلها على أزواج رسول الله صلى الله علي وسلم .

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©


الميزة الرابعة : أفضل من خديجة

وبالجملة فهناك خلاف بين أهل العلم في التفضيل بينها وبين خديجة رضي الله عنهن أجمعين،
وقد مال الذهبي إلى تفضيل عائشة رضي الله عنها .

الميزة الخامسة : الثريد على سائر الطعام

ولذلك ورد عن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :

( فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ) .
وهذا تفضيل لها على سائر نساء أمة محمد صلى الله عليه وسلم ؛ لما كان لها من علم وسبق وفضل كما سيأتي ذكره .

خليجيةخليجية


الميزة السادسة : زوجة في الجنة

وفي مستدرك الحاكم عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن عائشة قالت :

قلت يا رسول الله مَن مِن أزواجك في الجنة ؟ قال أما إنك منهن،
قالت : فخيِّل اليّ أن ذاك لأنه لم يتزوج بكراً غيري .

وهذا السؤال في حد ذاته ليس مجرد سؤال عابر ،
بل هو يدل على فطنة عائشة رضي الله عنها وحرصها على الفضل والخير ؛
فإنها كانت ترى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وشأنه معهن في هذه الحياة الدنيا وإنه كان يقسم لهن ،
فأرادت أن ترى ما يكون في الآخرة وما تستشرف لها نفسها من أن تكون في الجنة وأن تكون
رفيقة رسول الله صلى الله عليه وسلم،

خليجيةخليجية


ومن حسن أدب المصطفى عليه الصلاة والسلام وكمال هديه ولطفه وبره ؛
فإنه أخبر عائشة أنها منهن ولم يفردها بذلك ولم يعرض بغيرها من النساء بل بشرها بذلك،
وانقضى ما يدل عليه هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وصفة أزواجه أنهن معه في الجنة بإذن الله عز وجل،
ولكن في هذا الحديث بشارة واضحة لعائشة رضي الله عنها على وجه الخصوص .

الميزة السابعة : قرب حتى آخر لحظة

ومن الفضائل التي كانت لها أيضاً أنه كما ورد عنها قالت :
" توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ، وفي يومي وليلتي ،
وبين سحري ونحري، ودخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك رطب فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم،
حتى ظننت أنه يريده فأخذته – أي أخذت السواك – فمضغته ونفضته وطيبته ،
ثم دفعته إليه فاستن به كأحسن ما رأيته مستناً قط، ثم ذهب يرفعه اليّ فسقطت يده صلى الله عليه وسلم،
فأخذت أدعوا له بدعاء كان يدعوا له به جبريل صلى الله علي وسلم وكان هو يدعوا به إذا مرض يدعوا به في مرضه ذاك ،
فرفع عليه الصلاة والسلام بصره إلى السماء وقال : الرفيق الأعلى ، وفاضت نفسه ،
فالحمد لله الذي جمع بين ريقي وريقه في آخر يوم من أيام الدنيا " .

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

ومن فطنة وحكمة

وعدالة زوجات النبي صلى الله عليه وسلم،
أنهن رأين تعلق المصطفى صلى الله عليه وسلم بعائشة في وقت مرضه ،
وكان يسأل وهو يمرض عند نسائه عن يوم عائشة ، فلما رأين ذلك أجمعن
أمرهن على أن يجعلن تمريض النبي صلى الله عليه وسلم في وقت مرضه إلى عائشة
في بيتها في كل الأيام والليالي، وهذا يدل على أهمية الحكمة والعصمة بالشرع في أن
تكون أسمى وأرفع من طبيعة الغيرة الموجودة لدى النساء .

عائشة الفقيهة العالمة

هذا الجانب يكاد يكون في غاية الضعف عند نسائنا في هذه الأيام ؛
فإننا إذا تحدثنا عن طلب العلم والحرص على دروس العلم ونحو ذلك فكان الغالب في أذهاننا أن ذلك الحديث مخصوص بالشباب
ومن الشابات وبالرجال دون النساء، وكذلك نجد أنه البيئة التي نعيش فيها تظهر فيها نماذج
من طلبة العلم والحريصين عليه حفظاً لكتاب الله عز وجل ، وحفظا لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم

خليجيةخليجية

واطلاعاً على أقوال أهل العلم وكتب الفقهاء ،
وغير ذلك نجد ذلك في صفوف الرجال والشباب أكثر منه في صفوف النساء،
حتى توهم الناس أنه لا يكون للمرأة قدرة على أن يكون حظها من العلم مثل حظ غيرها من الرجال،

بل قد سرى الى بعض الرجال أن المرأة زوجة كانت لهم أو بنتاً أو أختاً أنها دون أن تكون لها صلة بالعلم والإستنباط والفهم والفقه
مع أن هذا غير صحيح ونشأ عن هذا فقر مهم وفي نفس الوقت خطير ؛
لأن النساء لهن حاجات ومسائل قد يمنعهن الحياء أن يسألن
عنها الرجال وخاصة في أمور المعاشرة مع الأزواج وفي أمور الطهارة الخاصة بالنساء .

فلما قل الفقه في النساء أصبح وقوع الخلل منهن لعدم سؤالهن للرجال حياء أو تحرجا
أو نحو ذلك أصبح هذا ظاهراً بشكل كبير،
وهذا أيضاً مدخل خطير ؛ لأن عدم تهيئ المرأة وإستعدادها وميلها وعلمها بإمكانية طلبها للعلم ونبوغها فيه
واجرها في ذلك ونفعها لبنات جنسها، جعلها أكثر مناسبة أو تهيئه لأن يصطادها أعداء الله عز وجل وأن يشغلوها
بأفكار ومطالعات وقرارات بعيدة عما ينفعها في دينها ودنياها وفي آخرتها بإذن الله عز وجل .

وكذلك في الحقيقة أرى أن جانب العلم سيما في الأمور التي تخص المرأة من المهم جداً أن تندب لها النساء الصالحات القانتات العابدات،
وأن يحث الرجل من له عليه ولاية من النساء على أن تأخذ حظها من العلم وافراً لتنفع نفسها وتنفع بنات جنسها،
وأن حديث الرجال الى النساء قاصر في تأثيره وفي لمسه لحاجتهن ومعرفته بأحوالهن،
ولذا يكون لسان المرأة الى المرأة أبلغ وتعليم المرأة للمرأة أقوى ؛ ولأن قدرتها أو لأن


الحوائل الشرعية من الحجاب وغير ذلك تمنع أن يكون التواصل العلمي والتربوي كاملا ؛
فإنه لا يغني ذلك من جانب الرجال الغناء الكامل ، بل لا بد أن يكون في صفوف النساء المسلمات عالمات ومربيات وداعيات ؛
لأن علمهن بأحوال النساء وقربهن منهن وقدرتهن على معاشرتهن ومواجهتهن ومكاشفتهن ومصارحتهن
تؤدي دوراً أكبر ولذلك أسوق هذه القدوة في العلم للنساء وللرجال كذلك،

رضي الله عنها قد كان الرجال
من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أشكل عليهم الأمر وأعجزتهم المسألة رجعوا إلى عائشة
رضي الله عنها فأخبرتهم حكم وخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، فلذلك قال الذهبي رحمة الله عليه :
" أفقه نساء الأمة على الإطلاق "

خليجيةخليجية


وذكر أن مسند عائشة من الأحاديث يبلغ ألفين ومئتين وعشرة أحاديث اتفق البخاري ومسلم منها على
مائة وأربعة وسبعين حديثاً ،
وانفرد البخاري بأربعة وخمسين ،
وانفرد مسلم بتسعة وستين حديثاً ،
ولا يوجد في النساء من هي أكثر رواية لحديث رسول الله من عائشة،
لم يكن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بالعدد الكثير من النساء عبثاً ،
وإنما كان ليطلعن على ما لا يطلع عليه المرأة من زوجها في شأن الأمور الدقيقة ،
فينقلن هذا العلم والأحكام الشرعية المتعلقة بأخص خصائص ما بين الرجل وزوجته لنساء الأمة ورجالها على حد سواء .

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

ولذلك قال الذهبي :

" لا أعلم في أمة محمد صلى الله عليه وسلم بل ولا في النساء مطلقاً إمرأة أعلم منها " .
وقال الزهري : " لو جمع علم عائشة
إلى علم جميع أزواجه وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل " .

وقال عطاء بن أبي رباح : " كانت عائشة أفقه الناس ، وأعلم الناس ، وأحسن الناس رأياً في العامة

خليجيةخليجية


وتأمل هذه الجملة الأخيرة ، بل تأمل هذا النص كله، كانت أفقه الناس وأعلم الناس
بالفقه غير العلم فالعلم حفظ والفقه استنباط فقد جمعت بين الأمرين معاً،
وأحسن الناس رأياً في العامة أي أنها تعرف أمور الناس ومجريات الحياة ما ينبغي أن يكون من التوجيه وكيف تكون هذه الأساليب ،
وقد ورد في مسند الإمام أحمد في سند صحيح : أن عائشة رضي الله عنها استدعت قاص أهل مكة الذي كان يقص لهم القصص ،
ويعظهم بالمواعظ، وقالت له : لَتعاهدنيّ أو لأقاطعنك – أو معنى كلامها –
فقال : علام يا أم المؤمنين أو يا زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! قالت :
أن لا تمل الناس وأن لا تنقطهم ، وإذا حدثهم فحدثهم يعني يوماً ويوماً .

خليجيةخليجية

أي لا تملهم بالحديث فقالت له :

لاتملهم بطول حديثك وتكراره ،
ولا تقنطهم بتأييسهم من رحمة الله عز وجل ، وإكثار الخوف عليهم دون أن تفتح لهم باب الرجاء،
وهذا يدلنا على تلك العبارة أنها كان أحسن الناس رأياً في العامة،

وقال عروة : "
ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا طب ولا شعر من عائشة رضي الله عنها " .

وهذه الرواية عن عروة تُروى بوجه آخر مفصل يبين لنا أن عائشة كانت على ذكاء وافر وفطنة عجيبة يقول عروة وهو ابن أختها :
" صحبت عائشة رضي الله عنها فما رأيت أحداً قط كان أعلم بآيه أنزلت ،
ولا بفريضة ولا بسنة ولا بشعر ولا أروى له ، ولا بيوم من أيام العرب ، ولا بنسب ولا بكذا ولا بكذا ولا بقضاء ولا بطب منها " .

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

فانظر فقد كانت تعرف الأنساب ،
ولا غرو في ذلك فهي ابنة نسابة قريش أبي بكر رضي الله عنها ،
وكونها تعلم علم القرآن والسنة والفقه لاغرو في ذلك لذلك هو يقول :
قلت لها : يا خالة الطب من أين عُلّمته ؟
– عرفنا أنك علمت الفقه والأحكام من الرسول صلى الله عليه وسلم والنسب من أبي بكر
والشعر من حفظ لكن الطب من أين لك هذا الطب ؟- فقالت : " كنت أمرض فيُنعت لي الشيء ،
ويمرض المريض فينعت له ، وأسمع الناس ينعت بعضهم لبعض فاحفظه " .

فكانت – رضي الله عنها – طبيبة قلوب ، وطبيبة أبدان ،
فهذا يدل على الفطنة، ويدل على أن عائشة لم تكن هتماماتها إهتمامات سطحية كحال نساءنا اليوم ؛
فإن بعض النساء عندها فطنة ، وعندها ذكاء ، وعندها سرعة حافظه ، لكنها موجهة توجيهاً غير سليم ؛
فان عندها فطنة بأن تمزج الموديلات في الملابس فتخلط بين هذا وهذا ، وتحفظ هذا وذاك ،
والأول والثاني ، وتعرف أن هذا طراز قديم وهذا طراز حديث ! بينما عائشة رضي الله عنها كانت لها أذن واعية ،
وقلب مستقبل لكل ما فيه منفعة في هذه الدنيا والدين على وجه الخصوص،
لذلك قال عروة : " فلقد ذهب عامة علمها لم أسأل عنه " .

عروة هو ابن أختها – والذي كان ملازماً لها – والذي روى كثيراً من علمها،
يقول : لكثرة علمها وتشعبه أنها ماتت وتوفيت وذهب عامة علمها ولم يستطع أن يسألها عنه لكثرته
ومضى الزمان وانتهى عمرها قبل أن يأخذ علمها الغزير ، وكانت تحفظ الشعر وترويه كأحسن ما يروي الناس الشعر ،
ولا تنسوا أن هذا كله والنبي صلى الله عليه وسلم توفي عنها وهي ابنة الثامنة عشر عاماً .

ضبطها هذا العمر الذي اليوم ربما ابنة الثامنة عشرة لا همّ لها إلا أن تحسن وجهها ،
وتنعّم صوتها ، وتميل وجهها ، وتتكسر في مشيتها ، لا تعرف إهتماماً عن أمور الدنيا ولا من أمور الدين ،
ولا تفكر في آخرة ، ولا تحوز علماً ، ولا تتأهل الى تربية ، ولا تتصدى لفتيا ولا شيئاً من ذلك مطلقاً .

خليجيةخليجية

وهذا يدلنا على البون الشاسع بينما كانت عليه أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين ، وبين ما آل إليه الحال – إلا من رحم الله – في عصرنا هذا، ولذلك ينبغي للمرأة أن تفطن إلى ما يتعلق بتحصيل العلم، فقد كانت عائشة رضي الله عنها على هذا النحو الواسع من العلم، ولذلك قال الشعبي : " أن عائشة رضي الله عنها قالت رويت للبيد نحواً من ألف بيت " .

وكان الشعبي يذكرها – يعني عائشة – فيتعجب من فقهها وعلمها ويقول :

" فما ظنكم بأدب النبوة إذا كان هذا العلم الذي تحفظه ! " ،
أي فما ظنكم بالتربيه العملية التي تلقتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هنا لجأ إليها الصحابة رضوان الله عليهم ونهلوا من علمها ، وأخذوا من فقهها كثيراً،
كما قال ابن سعد في الطبقات : " كانت عائشة رضي الله عنها أعلم الناس ، يسألها الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم "

وكما قال أيضاً : " ما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكون في شيء الا سألوا عنه عائشة فيجدون عندها من ذلك علماً " .

بل قد صنف الزركشي كتاباً كاملاً سماه [ الإجابة فيما استدركته عائشة على الصحابة ] أي فيما استدركت عليهم من الأخطاء التي وقعوا فيها أو الأقوال التي خالفتهم فيها بحجة ودليل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك ما ورد في الصحيح : لما قال عمر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه ) ، فقالت عائشة رضي الله عنها :

خليجيةخليجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.