.
هذا الموضــوع هديـــة لأختي وحبيبتي
نجمة المغرب
ولكل أخت عزيزة تريد اللاحق بركاب لصالحين
ثبتنــا الله وإياكنّ على الطريــق الصحيح
في القرآن الكريم نقرأ في موضوع التوبة آيات عدة، من ذلك قوله تعالى:
{ إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب }
(النساء:17)
ومنها قوله سبحانه:
{ قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا }
(الزمر:53)
ومنها قوله عز من قائل:
{ وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات }
(الشورى:25)
وقوله جلَّ علاه:
{ ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده }
(التوبة:104) .
قال أهل العلم: واتفقت الأمة على أن التوبة فرض على المؤمنين، لقوله تعالى:
{ وتوبوا إلى الله جميعًا أيُّه المؤمنون لعلكم تفلحون }
(النور:31) .
وأمر التوبة في الإسلام أمر عظيم، فهي نعمة جليلة أنعم الله بها على عباده، إذ منحهم فرصة لمراجعة الحساب، وتدارك ما فات، والأوبة إلى ما فيه نجاتهم من المهلكات .
ففي قوله تعالى :
{ إنما التوبة على الله }
تأكيد ووعد من الله تعالى بقبول التوبة من عباده، الذين أسرفوا على أنفسهم بالذنوب والمعاصي، كبيرها وصغيرها، حتى جُعلت كالحق على الله سبحانه، ولا شيء عليه واجب إلا ما أوجبه جل وعلا على نفسه .
ثم إن الجهالة الواردة في الآية
{ يعملون السوء بجهالة }
تطلق على سوء المعاملة، وعلى الإقدام على العمل دون رويِّة؛ يقال: أتاه بجهالة، بمعنى أنه فَعَلَ فِعْل الجهال به، لا أنه كان جاهلاً؛ بدليل أنه لو عمل أحد معصية وهو غير عالم بأنها معصية لم يكن آثمًا، ولا يجب عليه إلا أن يتعلم ذلك ويتجنبه .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
{ إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة }
قال: من عمل السوء فهو جاهل، من جهالته عمل السوء .
ومعنى قوله تعالى:
{ من قريب }
أن يبادر المذنب والعاصي إلى التوبة بعد فعل المعصية، من غير أن يتمادى في غيه ومعصيته؛ وهو بمعنى قوله صلى الله عليه وسلم:
( وأتبع السيئة الحسنة تمحها )
رواه الترمذي .
أما قوله عز شأنه في الآية التالية:
{ وليست التوبة للذين يعملون السيئات }
(النساء:18)
فهو تنبيه منه سبحانه على نفي قبول نوع من التوبة، وهي التي تكون عند حضور الموت واليأس من الحياة
{ حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن }
(النساء:18)
إذ المطلوب من العبد حال توبته أن يقرن العمل بالقول، ولا يكفيه في ذلك أن يقول ما لا يفعل، أو يفعل ما لا يقول؛ فإعلان التوبة ليس مجرد كلمات تقال، وألفاظ تردد فحسب، بل لا بد أن يصدق ذلك عمل وفعل، وإلا لم تكن توبة نصوحًا، فإذا وقع اليأس من الحياة ذهبت فائدة التوبة، إذ لم يبق معها مجال للعمل .
وقد وردت أحاديث عدة تؤكد هذا المعنى وتوضحه، من ذلك ما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
( إن الله تبارك وتعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر )
رواه أحمد و الترمذي .
وإذا كانت التوبة في آية النساء الأولى
{ إنما التوبة على الله }
عامة لكل من عمل ذنبًا، فإن الآية الثانية
{ حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن }
قد خصصت هذا العموم حال حضور الموت وعند النزاع، إذ لا تجدي التوبة حينئذ .
على أن ما قد يشكل في هذا السياق ما جاء في سورة النساء نفسها، وهو قوله تعالى:
{ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء }
(النساء:48)
فظاهر الآية أن الله سبحانه يغفر الذنوب جميعًا إلا الشرك فإنه لا يغفره، وهذا الإطلاق في الآية مقيد في حال مات العبد وهو مشرك بالله، فإن مغفرة الله لا تناله من قريب ولا من بعيد، لكن إن تاب العبد من إشراكه قبل موته، فإن الله يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات .
قال ابن كثير رحمه الله: أخبر تعالى أنه لا يغفر أن يشرك به؛ أي لا يغفر لعبد لقيه وهو مشرك به، ويغفر ما دون ذلك، أي من الذنوب لمن يشاء، أي من عباده. وقد وردت أحاديث متعلقة بهذه الآية الكريمة، من ذلك ما رواه الإمام أحمد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
( إن الله يقول: يا عبدي ما عبدتني ورجوتني، فإني غافر لك على ما كان منك، يا عبدي إنك إن لقيتني بقُراب الأرض خطيئة ما لم تشرك بي، لقيتك بقرابها مغفرة )
ولهذا كان الإيمان أشرف أنواع التوبة .
وبعد: فقد أجمع المسلمون كلهم، على أن التوبة من الكفر، والإقرار بالإيمان، تستوجب المغفرة من الله؛ وأن الموت على الكفر مطلقًا لا يُغفر بلا شك، وأجمعوا كذلك على أن المذنب إذا تاب يغفر ذنبه، إذا استجمع شروط التوبة المقبولة؛ أما إذا مات المذنب على ذنبه – غير الشرك بالله – من غير أن يتب، فآية النساء وغيرها من الأدلة، تدل على أن أمره متروك لمشيئة الله سبحانه، إن شاء عفى عنه برحمته وعفوه، وإن شاء عذبه بعدله وقسطه، والله أعلم .
وهذه آيات عظيمة فيها بشـــارة للتائب
اقرأيهــا بتمعن
(الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (٧) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٨) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩))
سورة غافر من الآية 7-9
وهذا تفسيـــر الآيات
يخبر تعالى عن كمال لطفه تعالى بعباده المؤمنين، وما قيض لأسباب سعادتهم من الأسباب الخارجة عن قدرهم، من استغفار الملائكة المقربين لهم، ودعائهم لهم بما فيه صلاح دينهم وآخرتهم، وفي ضمن ذلك الإخبار عن شرف حملة العرش ومن حوله، وقربهم من ربهم، وكثرة عبادتهم ونصحهم لعباد الله، لعلمهم أن الله يحب ذلك منهم فقال:
{ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ } أي: عرش الرحمن، الذي هو سقف المخلوقات وأعظمها وأوسعها وأحسنها، وأقربها من الله تعالى، الذي وسع الأرض والسماوات والكرسي، وهؤلاء الملائكة، قد وكلهم الله تعالى بحمل عرشه العظيم، فلا شك أنهم من أكبر الملائكة وأعظمهم وأقواهم، واختيار الله لهم لحمل عرشه، وتقديمهم في الذكر، وقربهم منه، يدل على أنهم أفضل أجناس الملائكة عليهم السلام
قال تعالى: { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ }
{ وَمَنْ حَوْلَهُ } من الملائكة المقربين في المنزلة والفضيلة
{ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } هذا مدح لهم بكثرة عبادتهم للّه تعالى، وخصوصًا التسبيح والتحميد، وسائر العبادات تدخل في تسبيح الله وتحميده، لأنها تنزيه له عن كون العبد يصرفها لغيره، وحمد له تعالى، بل الحمد هو العبادة للّه تعالى، وأما قول العبد: "سبحان الله وبحمده" فهو داخل في ذلك وهو من جملة العبادات.
{ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا } وهذا من جملة فوائد الإيمان وفضائله الكثيرة جدًا، أن الملائكة الذين لا ذنوب عليهم يستغفرون لأهل الإيمان، فالمؤمن بإيمانه تسبب لهذا الفضل العظيم.
ثم ولما كانت المغفرة لها لوازم لا تتم إلا بها -غير ما يتبادر إلى كثير من الأذهان، أن سؤالها وطلبها غايته مجرد مغفرة الذنوب- ذكر تعالى صفة دعائهم لهم بالمغفرة، بذكر ما لا تتم إلا به، فقال:
{ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا } فعلمك قد أحاط بكل شيء، لا يخفى عليك خافية، ولا يعزب عن علمك مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، ورحمتك وسعت كل شيء، فالكون علويه وسفليه قد امتلأ برحمة الله تعالى ووسعتهم، ووصل إلى ما وصل إليه خلقه.
{ فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا } من الشرك والمعاصي
{ وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ } باتباع رسلك، بتوحيدك وطاعتك.
{ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ } أي: قهم العذاب نفسه، وقهم أسباب العذاب.
{ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ } على ألسنة رسلك { وَمَنْ صَلَحَ } أي: صلح بالإيمان والعمل الصالح
{ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ } زوجاتهم وأزواجهن وأصحابهم ورفقائهم
{ وَذُرِّيَّاتِهِمْ } { إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ } القاهر لكل شيء، فبعزتك تغفر ذنوبهم، وتكشف عنهم المحذور، وتوصلهم بها إلى كل خير
{ الْحَكِيمُ } الذي يضع الأشياء مواضعها، فلا نسألك يا ربنا أمرا تقتضي حكمتك خلافه، بل من حكمتك التي أخبرت بها على ألسنة رسلك، واقتضاها فضلك، المغفرة للمؤمنين.
{ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ } أي: الأعمال السيئة وجزاءها، لأنها تسوء صاحبها. { وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ } أي: يوم القيامة
{ فَقَدْ رَحِمْتَهُ } لأن رحمتك لم تزل مستمرة على العباد، لا يمنعها إلا ذنوب العباد وسيئاتهم، فمن وقيته السيئات وفقته للحسنات وجزائها الحسن.
{ وَذَلِكَ } أي: زوال المحذور بوقاية السيئات، وحصول المحبوب بحصول الرحمة
{ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } الذي لا فوز مثله، ولا يتنافس المتنافسون بأحسن منه.
وقد تضمن هذا الدعاء من الملائكة كمال معرفتهم بربهم، والتوسل إلى الله بأسمائه الحسنى، التي يحب من عباده التوسل بها إليه، والدعاء بما يناسب ما دعوا الله فيه، فلما كان دعاؤهم بحصول الرحمة، وإزالة أثر ما اقتضته النفوس البشرية التي علم الله نقصها واقتضاءها لما اقتضته من المعاصي، ونحو ذلك من المبادئ والأسباب التي قد أحاط الله بها علمًا توسلوا بالرحيم العليم.
وتضمن كمال أدبهم مع الله تعالى بإقرارهم بربوبيته لهم الربوبية العامة والخاصة، وأنه ليس لهم من الأمر شيء وإنما دعاؤهم لربهم صدر من فقير بالذات من جميع الوجوه، لا يُدْلِي على ربه بحالة من الأحوال، إن هو إلا فضل الله وكرمه وإحسانه.
وتضمن موافقتهم لربهم تمام الموافقة، بمحبة ما يحبه من الأعمال التي هي العبادات التي قاموا بها، واجتهدوا اجتهاد المحبين، ومن العمال الذين هم المؤمنون الذين يحبهم الله تعالى من بين خلقه، فسائر الخلق المكلفين يبغضهم الله إلا المؤمنين منهم، فمن محبة الملائكة لهم دعوا الله، واجتهدوا في صلاح أحوالهم، لأن الدعاء للشخص من أدل الدلائل على محبته، لأنه لا يدعو إلا لمن يحبه.
وتضمن ما شرحه الله وفصله من دعائهم بعد قوله:
{ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا } التنبيه اللطيف على كيفية تدبر كتابه، وأن لا يكون المتدبر مقتصرًا على مجرد معنى اللفظ بمفرده، بل ينبغي له أن يتدبر معنى اللفظ، فإذا فهمه فهمًا صحيحًا على وجهه، نظر بعقله إلى ذلك الأمر والطرق الموصلة إليه وما لا يتم إلا به وما يتوقف عليه، وجزم بأن الله أراده، كما يجزم أنه أراد المعنى الخاص، الدال عليه اللفظ.
والذي يوجب له الجزم بأن الله أراده أمران:
أحدهما: معرفته وجزمه بأنه من توابع المعنى والمتوقف عليه.
والثاني: علمه بأن الله بكل شيء عليم، وأن الله أمر عباده بالتدبر والتفكر في كتابه.
وقد علم تعالى ما يلزم من تلك المعاني. وهو المخبر بأن كتابه هدى ونور وتبيان لكل شيء، وأنه أفصح الكلام وأجله إيضاحًا، فبذلك يحصل للعبد من العلم العظيم والخير الكثير، بحسب ما وفقه الله له وقد كان في تفسيرنا هذا، كثير من هذا من به الله علينا.
وقد يخفى في بعض الآيات مأخذه على غير المتأمل صحيح الفكرة، ونسأله تعالى أن يفتح علينا من خزائن رحمته ما يكون سببًا لصلاح أحوالنا وأحوال المسلمين، فليس لنا إلا التعلق بكرمه، والتوسل بإحسانه، الذي لا نزال نتقلب فيه في كل الآنات، وفي جميع اللحظات، ونسأله من فضله، أن يقينا شر أنفسنا المانع والمعوق لوصول رحمته، إنه الكريم الوهاب، الذي تفضل بالأسباب ومسبباتها.
وتضمن ذلك، أن المقارن من زوج وولد وصاحب، يسعد بقرينه، ويكون اتصاله به سببًا لخير يحصل له، خارج عن عمله وسبب عمله كما كانت الملائكة تدعو للمؤمنين ولمن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم، وقد يقال: إنه لا بد من وجود صلاحهم لقوله:
{ وَمَنْ صَلَحَ } فحينئذ يكون ذلك من نتيجة عملهم والله أعلم.
.
{وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ…(3)}
سورة هود.
تجد أن التوبة هي أمر زائد على الاستغفار؛ ولأن الأمر العظيم لابد له من شروط، فقد ذكر العلماء شروطاً للتوبة مأخوذة من الآيات والأحاديث، وهذا ذكر بعضها:
الأول: الإقلاع عن الذنب فوراً .
الثاني: الندم على ما فات .
الثالث: العزم على عدم العودة .
الرابع: إرجاع حقوق من ظلمهم، أو طلب البراءة منهم .
وذكر بعض أهل العلم تفصيلات أخرى لشروط التوبة النصوح، نسوقها مع بعض الأمثلة:
الأول: أن يكون ترك الذنب لله لا لشيء آخر، كعدم القدرة عليه أو على معاودته، أو خوف كلام الناس مثلاً، وكذلك لا يسمى تائباً من عجز عن فعل معصية لأمر خارج عن إرادته، كالكاذب إذا أصيب بشلل أفقده النطق، أو الزاني إذا فقد القدرة على الوِقاع، أو السارق إذا أصيب بحادث أفقده أطرافه، بل لابد لمثل هذا من الندم والإقلاع عن تمني المعصية أو التأسف على فواتها ولمثل هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
[النَّدَمُ تَوْبَةٌ]
رواه أحمد وابن ماجه ، صحيح الجامع 6802 .
والله نزّل العاجز المتمني بالقول منزلة الفاعل، ألا تراه صلى الله عليه وسلم قال:
[ إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ عَبْدٌ رَزَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ حَقَّهُ قَالَ فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ قَالَ وَعَبْدٌ رَزَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا قَالَ فَهُوَ يَقُولُ لَوْ كَانَ لِي مَالٌ عَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ قَالَ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ قَالَ وَعَبْدٌ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ لَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقَّهُ فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ قَالَ وَعَبْدٌ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ لَوْ كَانَ لِي مَالٌ لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ قَالَ هِيَ نِيَّتُهُ فَوِزْرُهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ]
رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه صحيح الترغيب والترهيب 1/9 .
الثاني: أن يستشعر قبح الذنب وضرره، وهذا يعني أن التوبة الصحيحة لا يمكن معها الشعور باللذة والسرور حين يتذكر الذنوب الماضية، أو أن يتمنى العودة لذلك في المستقبل .
الثالث: أن يبادر العبد إلى التوبة، ولذلك فإن تأخير التوبة هو في حد ذاته ذنب يحتاج إلى توبة .
الرابع: أن يخشى على توبته من النقص، ولا يجزم بأنها قد قبلت، فيركن إلى نفسه، ويأمن مكر الله .
الخامس: استدراك ما فات من حق الله إن كان ممكناً، كإخراج الزكاة التي منعت في الماضي لما فيها من حق الفقير كذلك .
السادس: أن يفارق موضع المعصية إذا كان وجوده فيه قد يوقعه في المعصية مرة أخرى .
السابع: أن يفارق من أعانه على المعصية، وهذا والذي قبله من فوائد حديث قاتل المائة، وسيأتي سياقه . والله يقول
{الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ(67)}
سورة الزخرف.
وقرناء السوء سيلعن بعضهم بعضاً يوم القيامة، ولذلك: عليك أيها التائب بمفارقتهم ونبذهم ومقاطعتهم والتحذير منهم إن عجزت عن دعوتهم، ولا يستجرينك الشيطان، فيزين لك العودة إليهم من باب دعوتهم، وأنت تعلم أنك ضعيف لا تقاوم، وهناك حالات كثيرة رجع فيها أشخاص إلى المعصية بإعادة العلاقات مع قرناء الماضي .
الثامن: إتلاف المحرمات الموجودة عنده مثل: المسكرات، وآلات اللهو كالعود والمزمار، أو الصور والأفلام المحرمة، والقصص الماجنة والتماثيل، وهكذا فينبغي تكسيرها، وإتلافها، أو إحراقها . ومسألة خلع التائب على عتبة الاستقامة جميع ملابس الجاهلية لابد من حصولها، وكم من قصة كان فيها إبقاء هذه المحرمات عند التائبين سبباً في نكوصهم ورجوعهم عن التوبة وضلالهم بعد الهدى، نسأل الله الثبات .
التاسع: أن يختار من الرفقاء الصالحين من يعينه على نفسه، ويكون بديلاً عن رفقاء السوء، وأن يحرص على حلق الذكر ومجالس العلم، ويملأ وقته بما يفيد؛ حتى لا يجد الشيطان لديه فراغاً ليذكره بالماضي .
العاشر: أن يعمد إلى البدن الذي رباه بالسحت، فيصرف طاقته في طاعة الله، ويتحرى الحلال حتى ينبت له لحم طيب .
الحادي عشر: أن تكون التوبة قبل الغرغرة، وقبل طلوع الشمس من مغربها: والغرغرة الصوت الذي يخرج من الحلق عند سحب الروح، والمقصود أن تكون التوبة قبل القيامة الصغرى والكبرى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:
[ إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ ]
رواه ابن ماجه والترمذي وأحمد ، صحيح الجامع 6132 .
وقوله صلى الله عليه وسلم
كتبها الشيخ الداعية : سلطان الدغيلبي