——————————————————————————–
وتفتحت ابواب الجنان
أحبتي إخوتي حاضرين وحاضرات …
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
حياكم الله وبياكم ..
أنا وإياكم في ضيافة الرحمن الرحيم.. فهذا بيته الذي أذن أَن يُرفَع ويُذكر فيه اسمه ..
فله الحمد كله ، وله الشكر كله ، وبيده الخير كله ، وإليه يرجع الأمر كله علانيته وسره.
عنوان ليلتنا هذه المباركة :
وتفتحت أبواب الجنان
نعم ..
إنها ليست جنة ولكنها جنان ..
فلقد جاءت أم حارثة رضي الله عنها تسأل عن حارثة رضي الله عنه بعد مقتله ، قالت : يا رسول الله أين حارثة في النار فأبكيه ، أم في الجنة فاأفرح له ؟! ، فقال الصادق المصدوق صلوات ربي وسلامه عليه : ( أهبلت يا أم حارثة !! إنها ليست جنة ..إنها ليست جنة ولكنها جنان ، وإن حارثة أصاب الفردوس الأعلى ) .
أحبتي ..
ذكر الجنة حياة للقلوب ، ونسيانها موت للقلوب ..
فأردت من موضوعي الليلة في هذه الأيام والليالي المباركة تحريك القلوب ، وتشويق النفوس ، ورفع الهمم لطلب أعلى الدرجات وعدم الرضا بالدنيات ..
فهيا ننطلق أنا وإياكم في رحاب أبواب الجنة التي تفتحت أبوابها ..
اعلموا رعاكم الله ..مهما جال في خواطركم ، أو تردد في أذهانكم فإنَّ في الجنة ما هو أعلى منه وأتم ..
صرح بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم تصريحاً فقال : ( قال الله : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) ..
مصداق ذلك في قوله تبارك تعالى في كتابه : { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } ..
فيا أيها المشتاقون ..فيا أيها المشتاقون ..
مهما كان جمال الوصف فلا يعدُّ شيئاً بجانب الحقيقة الساطعة التي طبعها الله عليها – أي طبع الجنة عليها – لأنَّ الله تعالى إنما وصفها لنا على قدر عقولنا ، وصوّرها على حسب تصورنا وفهمنا.
يقول ابن القيم رحمه الله : وكيف يقدر العقل القاصر الضعيف قدر جنةٍ غرسها الرحمن بيده ، وجعلها جزاءً لأحبابه ، وملأها برضوانه ورحمته ، وزيَّنها وأتقنها بعظيم قدرته ، ووصف نعيمها بالفوز العظيم ، ووصف مُلكها بالمُلك الكبير ..
قال الله : { وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً ، عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } ..
تأمل وتدبَّر معي من الذي سقاهم !! { وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً ، إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً }
هذه هي أيام بذل الثمن في لوصول إلى تلك الدرجات وتلك الجنان ..
والله إنه لنعيمٌ لا يستطيع الخيال له تصويرا ، ولا يستطيع اللسان عنه تعبيرا ، وليس الخبر كالمعاينة.. انتظر { َإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ } .
إنها الجنة ، ودار السلام ، ودار الخلد ، ودار المقامة ، ودار الحيوان ..
إنها جنة المأوى ، والمقام الأمين ، وجنات عدنٍ ، وجنات النعيم ..
إنها مقعد صدق عند مليك مقتدر..
إنها الفردوس .. وما أدراك ما الفردوس !!
ثبت في الصحيحن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس .. فإنه أعلى الجنة ، وأوسط الجنة ، ومنه تُفجّر أنهار الجنة ، وفوقه عرش الرحمن ) .
وإذا أردت أيها المشتاق أن تكون من أهل الفردوس فاسمع أوصافهم كما جاء في سورة المؤمنون :
بسم الله الرحمن الرحيم :{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ، فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} ، فإذا اتصفوا بتلك الصفات فماذا لهم : { أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ، الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }
اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بأسوأ ما عندنا يا أرحم الراحمين ..
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، ثم الذين يلونهم على أشدّ كوكب دريّ في السماء إضاءة ، لا يبولون ، ولا يتغوطون ، ولا يتفلون ، ولا يتمخطون ، أمشاطهم الذهب ، ورشحهم المسك ، ومجامرهم الأُلُوَّة ، أزواجهم الحور العين ، على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم عليه السلام ) متفق عليه .
وعن كعب رضي الله عنه قال : ما نظر الله إلى الجنة إلا قال : طيبي لأهلك…فتزداد ضعفاً حتى يدخلها أهلها ..
اسمع إيها المشتاق .. اسمع ايها المشتاق وزد شوقاً واستبشاراً..
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إن أبواب الجنة هكذا بعضها فوق بعض ، ثم قرأ قوله تعالى { حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} فإذا هم عندها بشجرة في أصلها عينان تجريان ، فيشربون من أحداهما فلا يترك في بطونهم قذىً ولا أذىً إلا رمته ، ويغتسلون من الأخرى فتجري عليهم نضرة النعيم فلا تشعث رؤوسهم ولا تخضل أبشارهم بعد هذا أبداً، ثم قرأ قوله تعالى { طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} ..فيدخل الرجل وهو يعرف منزله ويتلقاهم الولدان ، فيستبشرون برؤيتهم كما يستبشر الأهل بالحميم يقدم من بعد غياب ، فينطلقونإلى أزواجهم فيخبرونهم – يخبرون الأزواج بقدوم الأحباب – فتقول : أنت رأيته ؟! فيقوم إلى الباب فيدخل إلى بيته فيتكأ على سريره فينظر إلى أساس بيته فإذا هو قد أُسس على اللؤلؤ ، ثم ينظر في أخضر وأحمر وأصفر ، ثم يرفع رأسه إلى سماء بيته فلولا أنه خلق له لاكتمع بصره – أي ذهب بصره من ذلك الجمال – فيقول: { الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}..
فيا حبذا الجنة واقترابها .. طيبةٌ وبارد شرابها …
اسمع أيها المستبشر.. واسمع أيها المشتاق ..
إن الله جلت قدرته أعد في الجنة غرفاً شفافة يُرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، متألقة كأنها النجوم بلغت حدَّ الكمال في السعة والتمكين ..
قصورها من ذهب لا يشاكله ذهب الدنيا ولا يماثله لأنه جوهر شفاف في غاية الصفاء..
وحصباء أرضها الياقوت والجوهر..
وترابها المسك والزعفران ..
مفروشة بالفُرش الناعمة من السندس والأطاليس والاستبرق في غاية الرقة والنعومة ..
تتشقق في أرجائها الأنهار ، وتجري في وسطها الغدران ..
قال تعالى : { لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ }
وروى الترمذي في جامعه عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنَّ في الجنة لغرفاً يُرى ظاهرها من بطونها ، وبطونها من ظهورها ) ، فقام إعرابي فقال : يا رسول الله لمن هذه الغرف ؟!، فقال صلى الله عليه وسلم : ( لمن طيّب الكلام ، وأطعم الطعام ، وأدام الصيام ، وصلى بالليل والناس نيام )..
فهذا هو الثمن فادفعوه ما دمنا في زمن الإمكان ..
أما أعظم نعيم في الجنان فهو ..
التمتع بالنظرإلى وجه الرحمن ..
وهذا مؤكد في السنة و آيات القرآن ..
قال تعالى : { وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ،لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }
{ فالحسنى } : هي الجنة ..
و{ الزيادة } : هي النظر إلى وجهه الكريم .. بذلك أخبر الذي أُنزل عليه القرآن صلوات ربي وسلامه عليه ..
فعند مسلم في صحيحه من حديث صهيب رضي الله عنه قال : قرأ رسول صلى الله عليه وسلم ( { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } ، قال : ( إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى منادٍ : يا أهل الجنة إنَّ لكم عند الله موعداً ويريد أن ينجزكموه ، فيقولون ما هو ؟! ألم يثقل موازيننا ، ويبيض وجوهنا ، ويدخلنا الجنة ، ويزحزحنا عن النار !! فيكشف الحجب فينظرون إلى الله فما أعطاهم شيئاً أحب إليهم من النظر إليه وهي { الزيادة } في قوله تبارك وتعالى )
نعم .. سيرون ربهم.. وسيغمر وجوههم نضارة وإشراقاً ..
سيتجلى لهم ربهم ، وسيضحك لهم وسيُحاضر كل واحد منهم محاضرة..
نعم .. سيرون ربهم.. وسيغمر وجوههم نضارة وإشراقاً ..
سيتجلى لهم ربهم ، وسيضحك لهم وسيُحاضر كل واحد منهم محاضرة..
{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ }
فيا نظرة أهدت إلى الوجوه نضرة
للهِ أفراح المحبين عندما
وللهِ أبصار ترى الله جهرة فلا
أضاء لها نورٌ من الفجر أعظم
يخاطبهم من فوقهم ويُسلِّم
الضيم يغشاها ولا هي تسأم
فوالذي لا إله إلا هو لقد أخبر الله بهذا ، وأخبر به الذي لا { يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى }
سترى ربك ..سترى ربك..
سترى الذي خلقك وصورك ..
سترى الذي كساك وسقاك وأطعمك ..
سترى الذي للإسلام والإيمان هداك ووفقك { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً } ..
في الصحيحين عن جرير بن عبد الله قال : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القمر ليلة البدر فقال : ( إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر )
فما هو الثمن ؟؟؟!!!.. فما هو الثمن ؟؟؟!!!..
اسمع رعاك الله ..
ثم قال صلى الله عليه وسلم : ( فإن استطعتم إن لا تُغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ) ..
فأبشروا يا أهل صلاة الفجر والعصر .. ويا خسارة النائمين.. ويا خسارة المتخلفين ..
فأبشروا يا أهل صلاة الفجر والعصر .. ويا خسارة النائمين.. ويا خسارة المتخلفين..
قال ابن مسعود رضي الله عنه : والله ما منكم من إنسان إلا أن ربه سيخلو به يوم القيامة كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر ..
وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : إن أدنى أهل الجنة منزلة مَن ينظر إلى ملكه ألفي عام يرى أدناه كما يرى أقصاه ، وإن أفضلهم منزلة لمن ينظر إلى وجه الله في كل يوم مرتين … وإن أفضلهم منزلة لمن ينظر إلى وجه الله في كل يوم مرتين …
وقال الحسن رحمه الله : لو علم العابدون في الدنيا أنهم لا يرون ربهم في الآخرة لذابت أنفسهم في الدنيا ولتقطعت قلوبهم كمدا..
لو علم العابدون في الدنيا أنهم لا يرون ربهم في الآخرة لذابت أنفسهم في الدنيا ولتقطعت قلوبهم كمدا..
عباد الله ..
قال الله جل في علاه : { مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }
ومن دعائه صلى الله عليه وسلم : ( اللهم إني أسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقاءك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة ) .
اللهم لا تحرمنا لقاءك ، والنظر إلى وجهك يا رب العالمين..
فيا بائعاً هذا ببخس مُعجّل
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبةٌ
كأنك لا تدري.. بلى سوف تعلم
وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
هذا هو أعظم النعيم ..
إنا لله وإنا إليه راجعون لقد توفى اخى أسامة يوم الخميس الموافق 12 رجب كان يبلغ من العمر 37 عاما وكان يعاني من مرض منذ 17 عاما وكان صابرا محتسبا عنده إبن يبلغ من العمر أربعة أشهر أرجوا من كل مسلم ومسلمة أن يدعوا الله له فهو كان إماماً ومؤذن يحفظ القرآن الكريم ذو خلق حسن الكبير والصغير يحبه لم يخطئ فى حق أحد مات بالحمى أسأل الله العظيم أن يجعل قبره روضة من رياض الجنة وأن يثبته عند السؤال وأن يؤنس وحدته وأن يجعل القرآن الكريم شفيعاً له وأن يرضى الله عنه فلقد توفى وهو يذكر الله ويوحده ويصلى على الرسول صلى الله عليه وسلم ويقرأ القرآن ويقبل يد ورجل أمه أرجو الدعاء له.