المزاح وآدابه الشرعية
——————————————————————————–
لطالما أن تمازحنا ولكن..
هل عرفنا آدابه الشرعية؟؟؟
المزاح نقيض الجد،وقد يشتمل على المداعبة والمضاحكة والمفاكهة،وهو خلق سلوكي إنساني تربوي له ضوابط وحدود.ويندب المزاح بين الأخوان،والأصدقاء والخلان،لما فيه من ترويح القلوب،والإستئناس المطلوب،بشرط ألا يكون فيه قذف ولا غيبة،ولا انهماك فيه يُسقط الحشمة ويقلل الهيبة،ولا فحش يورث الضغينة،ويحرك الحقود الكمينة،وقد قيل في الحكم(المزاح يأكل الهيبة كما تأكل النار الحطب ) وقيل أيضاً (من كثر مزاحه زالت هيبته) ومن الآداب التربوية النبوية للمزاح:-
1- أن يكون هذا المزاح القولي أو الفعلي حقاً ولا كذب فيه ولا إثم،وأن يكون غير مؤذٍ أو مؤدٍ إلى قطيعة أو عقوق أو إيذاء للمازح،أو الممازح.وأن يكون بعيداً عن كل ما من شأنه الهجر والقطيعة والعداوة والبغضاء.لما رواه أبو هريرة-رضي الله عنه- قال:قالوا يا رسول الله-صلى الله عليه وسلم-،إنك لتداعبنا.قال((إني لا أقول إلا حقاً )) رواه الترمذي.
وهذا أدب نبوي يربي الفرد على تحديد الصدق وقول الحق سواء في حالة الجد أو حالات المزاح،منعاً أوعثرات اللسان بقصد أو بغير قصد وهذا الأدب منه تربية على الوقار المطلوب.
2- أن لا يكون المزاح كذباً أو اختلاقاً وافتراء على الآخرين لما ورد من قوله-صلى الله عليه وسلم-((ويلٌ لمن يحدث فيكذب ليضحك به القوم،ويلٌ له،ويلٌ له)) رواه أحمد والترمذي وغيره.
وفي ذم المزاح المفرط يقول عمر بن عبد العزيز(اتقوا المزاح فإنها حمقة تورث ضغينة).
3- أن يكون المزاح لطيفاً فلا يمس المشاعر ولا يجرح الخواطر،ولا يسئ إلى أحد من المسلمين كأن يصف أحداً من المسلمين بما يكره أن يوصف به أو يقلل من شأنه أو منزلته ومكانته،ومن ذلك ما رواه أنس بن مالك-رضي الله عنه-أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قال((ياذا الأذنين يعني يمازحه)) رواه الترمذي وأبو داود.
وما أحسن ما قال الشاعر أبو نواس:
مـت بـداء الصمـت خيـراً ………. خيـر لـك مـن داء الكـلام
إنـمـا الـسّـالم مـن الـــ ………. ــجـم فـــــــاه بـلـجــــام
والـمـنـايـــــا أكـــلابِّ ………. شــاربـــــاتِّ لــــلأنــــام
4- أن يكون المزاح في حدود معقولة فلا تستحل به المحرمات ولاتؤخذ به الحقوق بحجة المزاح والدعابة لقوله-صلى الله عليه وسلم-((لا يأخذن أحدكم عصا أخيه،لاعباً ولا جاداً،ومن أخذ عصا أخيه فليردها إليه)) رواه الترمذي.
-وهنا يمكن القول بأن ذلك يشمل الممتلكات كالساعة والخاتم والسواك والمسحه.-
5- ألا يبني على المزاح تخويف أحد من المسلمين أو ترويعه.لما في ذلك من إلحاق الضرر به،لأن حرمة المسلم مصونة من الجدل والهزل،لما رواه عبدالرحمن بن أبي ليلى قال:حدثنا أصحاب محمد-صلى الله عليه وسلم-أنهم كانوا يسيرون مع رسول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-،فقام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل معه.فخذه ففزع،فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-((لا يحل مسلم أن يروع مسلماً)) رواه أبو داود. وهذا أدب يربي المسلم على مراعاة شعور أخيه المسلم وعدم ترويعه وتخويفه.
6- أن يكون المزاح لقصد التسلية والترفيه عن النفس وإيناس المصاحبين والتودد إلى المخالطين،لحديث أنس-رضي الله عنه-:أن امرأة أتت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فقالت:احملنا على بعير فقال((أحملكم على ولد الناقة)) قالت:وما نصنع بولد الناقة؟!،فقال-صلى الله عليه وسلم-((هل تلد الأبل إلا النوق؟)) رواه الترمذي وأبو داود. وقوله-صلى الله عليه وسلم- لأمرأة عجوز((إنه لا يدخل الجنة عجوز)) فقالت:ومالهن؟وكانت تقرأ القران.فقال لها((أما تقرئين إنا أنشأناهن إنشاء @ فجعلناهن أبكاراً عرباً أتراباً لأصحاب اليمين)) وقال علي بن أبي طالب-كرم الله وجه(روحوا القلوب واطلبوا لها طرق الحكمة،فإنها تمل كما تمل الأبدان).وعن أسامة بن زيد قال(روحوا القلوب تعي الذكر)
ويقول أبو نواس:
أروح القلـب ببعض الهـزلِ ……….. تجـاهلاً منـي بغيـر جهل
امزح فيه،مـزح أهل الفضل……….والمزح،أحياناً جِلاء العقل
7- أن يكون المزاح لغرض طرد السأم والملل،وإذهاب الهموم عن النفس،يقول أبو الفتح البشتي:
أفـد طبعك المكدود بالجـد رأحة …….. يجـم وعلله بشـيء من المزح
ولكن إذا أعطيته المـزح فليكـن ………. بمــقدار ما تعطي الطعام من الملح
ويقول سعيد بن العاص لأبنه(أقصد في مزاحك،فإن الإفراط فيه يبغض عنك الموانسين،ويوحش منك المصاحبين).وأما إذا كان المزاح لغير ذلك من الأغراض والمقاضد فقد قيل فيه على لسان الشاعر النيسابوري:
قـد يقـال كثـرة المـزاح ………. من الفتى تدعو إلى التلاحي
إن المـزاح بـدؤه حـلاوة ………. لــكــن آخـــــره عـــــــداوة
يحتد منه الرجـل الشريـف ………. ويجتــــري بسخفه السّخيـف
وبذلك نرى أن التربية الإسلامية لا ترفض المزاح والدعابة والفكاهة ولكنها تضبط ذلك بضوابط،وتحدده بحدود،ليكون خلقاً مهدياً،وسلوكاً مقبولاً،موفقاً لما كان عليه مزاح الرسول-صلى الله عليه وسلم-وأصحابه وتابعيه والسلف الصالح من العلماء والأئمة،الذين سُئل عنهم النخعي وهل كانوا- أي أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم- يضحكون؟فقال(نعم والإيمان في قلوبهم مثل الجبال الرواسي)،فرسول الله وأصحابه خير أناس نحذو بحذوهم وخير من نسلك نهجهم في هذا السلوك؛فلذا كان أفضل خُلُق وسلوك على وجه الكون هو خُلقُه وسلوكه-عليه الصلاة والسلام-ثم خلق وسلوك الصحابة المهدين من بعده-رضي الله عنهم أجمعين-،فهل نترك أمثال هؤلاء وننظر لغيرهم؟!.
منقووووووووووووووول
بارك الله فيك
و جعله في ميزان حسناتك
مشكورة على الموضوع
و جعاه الله في ميزان حسناتك