بسم الله الرحمن الرحيم
حسن الإدارة والتخطيط
بينما كنت أكتب هذه الكلمة كان أحد أيتامنا يرفع أذان العشاء في أحد مراكزنا التي زادت عن 210 مركز تؤوي حوالي 10 آلاف يتيم نأمل أن يقودوا أمتهم إلى الخير في المستقبل إن شاءالله تعالى.
إن للنجاح طريقاً ومقومات لابد من توفرها لأي إنسان ليس له هدف مكتوب في كل منحى من مناحي حياته ، وتقل فرصه في النجاح..
وهنا أذكر تجربة قام بها بعض كبار علماء الإدارة الأمريكان حينما جمعوا خريجي إدارة الأعمال في واحدة من الجامعات المرموقة فسألوهم سؤالاً عمن لديه هدف يسعى إليه ؟!
فرفع معظمهم أيديهم..ثم سألوهم سؤالاً ثانياً عمن لديه هدف مكتوب في الورق ؟!
فرفع ثلاثة طلاب فقط أيديهم..وبعد عشرين سنة تم جمع المعلومات عن الأحياء من هؤلاء فوجدوا أن 3% من الذين كانوا قد كتبوا أهدافهم حققوا نجاحاً كبيراً مقارنة بالنسبة الباقية من الذين لم يكتبوا أهدافهم.
كن مقتنعاً بأنك ستنجح إن شاءالله ، ومن دون الإحساس بهذه القناعة فمن المؤكد أنك لن تنجح النجاح المطلوب.
تذكر أنه لولا همة الصقر والنسر العالية لماتا جوعاً في عشيهما.
والسؤال المطروح هنا: ماعلاقة ماذكرناه بالعمل الخيري والإسلامي في أفريقيا؟
لو كنا قد بدأنا هذا العمل من دون أهداف مكتوبة لفشلنا ولما حققنا هذا النجاح الذي كان بفضل الله تعالى.
ولأضرب مثلاً صغيراً على اتباع المنهج الإداري العلمي في الدعوة فأقول: إننا تدارسنا منذ البداية أي شريحة من المجتمع نستهدفها في خطابنا الإعلامي ، وبالتالي نتوقع منها النصيب الأكبر من التبرعات؟ هل هم ذوو الدخل العالي؟ لا ، لأنهم قد يعطوننا كثيراً ولكنهم قد ينسوننا سنوات وهذا لايناسب طريقة التخطيط في عملنا..
هل هم ذوو الدخل المتدني؟ لا ، لأنهم لو امتلكوا المال لأنفقوه على أنفسهم..إذاً لم يبق إلا ذوو الدخل المتوسط ..ولكن أي شريحة منهم ؟
وجدنا أن النساء أكثر عطاء من الرجال وكان هدفنا هو حشد أكبر عدد من المتبرعين الذين يتبرعون بشكل شهري دائم ، فقررنا أن تكون الشريحة المستهدفة بخطابنا الإعلامي من النساء المتوسطات الدخل العاملات في وظائف واللائي تتراوح أعمارهن بين 25 و 45 سنة إذ تدفع الواحدة 100 أو 200 ريال سعودي شهرياً وبذا نستطيع أن نخطط لسنوات.
قد تقرأ لنا نشرة وتعتقد أنها مناسبة لك وأنت لست في هذه الشريحة..نعم ، ولكن هذه الشريحة هي التي نستهدفها من دون إنكار فضل الشرائح الأخرى ، ونحمد الله أن الآلاف من أخواتنا وبناتنا هن اللواتي يساندننا بتبرعاتهن الشهرية طوال ثلاثين سنة خلت.
من يظن أن الدعوة يمكن أن تستمر بالعشوائية فهو مخطيء ، ومن يظن أن الإسلام سينتشر بطريقة تخبط بعض الجمعيات الإسلامية فهو واهم.
إن العالم مليء بالمتنافسين وليس فيه مجال للمتخبطين الذين لايعرفون أولهم من آخرهم..فغيرنا يعمل بأسلوب علمي مدروس ورزين ويقيس نجاحه وفشله بشكل دوري وبطريقة علمية وليس المال هو كل شيء في النجاح بل إنني رأيت أن توفره في بعض المؤسسات الإسلامية ( بل حتى بعض المؤسسات المسيحية ) كان سبباً في فشل أهدافها.
خادم الدعوة
د. عبدالرحمن حمود السميط.
* بتصرف.
* من مجلة الكوثر.