استخدامات الليزر في شتى مجالات الحياة في الأعوام
القليلة الماضية، وتمثل الاستخدامات الطبية لليزر الأكثر تطوراً وفائدة للإنسان. فلقد استخدمت أشعة الليزر بمختلف أنواعها في علاج الكثير من الأمراض بل وحتى الوقاية من حدوث هذه الأمراض في أحايين أخرى. وتعد استخدامات الليزر في مجال الجراحة وأمراض النساء وطب العيون والأسنان والأمراض الجلدية مثالاً مشرفاً لما شهده هذا النوع من العلاج من تطور وتنوّع.
الليزر عبارة عن حزمة ضوئية مكثفة نقية جداً. ومثل الضوء
الذي يحمل الطاقة
التي نشعر بها بشكل حرارة، فإن شعاع الليزر يحمل
أيضاً طاقة حرارية. وبفضل توافقه وكثافته يمتاز شعاع
الليزر بأن طاقته تفوق الطاقة الضوئية المعتادة بأكثر من مليون
ضعف، وفي حين تنتشر الطاقة الضوئية بجميع الاتجاهات، فإن طاقة شعاع
الليزر تتركز كلها في بؤرة صغيرة، فإذا اصطدم هذا الشعاع مع جسم قادر على امتصاصه، ولّد مقداراً هائلاً من الحرارة، وإن حصل الاصطدام مع سطح عاكس، يتغير اتجاهه، تماماً كما تنعكس الحزمة الضوئية على سطح عاكس.
خصائص فريدة
العلاج بالليزر له خصائص منها:
– قلة الفقد في الدم نتيجة للقطع.
– نبضات الليزر تكون قصيرة زمنياً مما يجعل المريض لا
يشعر بألم.
– استخدام الليزر يعطي للطبيب رؤية واضحة للمنطقة التي
يعالجها لقلة الأدوات الطبية التي يستخدمها الطبيب.
– العلاج لا يحتاج إلى إحداث جرح يذكر في جسم المريض
وبالتالي يمكن للمريض مغادرة المستشفى فور زوال تأثير التخدير.
– الليزر يمكن أن يتم التحكم به بواسطة الحاسوب مما يعني
دقة فائقة في العملية.
مجالات طبية متنوعة
النجاح الذي حققه الليزر في الطب لم يقتصر فقط على تحسين
الطرق العلاجية
فقط، بل أمكن بواسطته علاج الآفات التي لا يمكن
الوصول إليها بالطرق
العلاجية المعروفة ومن أهم إنجازاته في المجال
الطبي:
* الجراحة الآمنة: عمل الليزر
جراحياً يتميز بالعمل المزدوج حيث يكون للشعاع عملان في آن واحد هما
عملية القطع وتخثير الدم، فيسهل على الجراح الاهتمام بعمله دون إضاعة الوقت
في إيقاف نزيف الدم، فضلاً عن أن مدة العملية تستغرق فترة قصيرة يغادر
المريض بعدها المستشفى. ومما تتميز به أشعة الليزر أيضاً إمكانية استخدامها
بواسطة الألياف البصرية لذلك نجح الأطباء في نقل الأشعة إلى المواقع
المصابة داخل جسم المريض لإزالة أورام المثانة والرئة والكلية دون فقدان
كميات كبيرة من
الدم، بل يمكن إجراء العمليات الجراحية لمرضى –
النزيف الوراثي- دون خوف، أو يمكن استخدامه في جراحات
الأمراض الخبيثة مثل السرطان والقروح وجراحات الأوعية
الدموية، ويستعمل أيضاً في توسيع الشرايين وعلاج قصور الدورة الدموية في
الأطراف وفي علاجات الحبل الشوكي وجراحات أخرى كالمعدة والكبد.
* طب العيون: عين الإنسان ملائمة جداً لاستخدامات الأشعة السحرية في العلاج، إذ إن الأجزاء الخارجية للعين شفافة مما يسمح للأشعة بالنفاذ خلالها بطول موجي مناسب للوصول إلى الأنسجة الخلفية، وعند سقوط الليزر على الأجزاء الخلفية للعين فإنها تمتصها بشراهة، لذلك نجح الليزر في إزالة الأنسجة الزائدة وغير المطلوبة أو لحامها تبعاً للغرض العلاجي المطلوب. فمثلاً نحح الأطباء بواسطة هذه التقنية في إزالة نوعيات من الزوائد الجلدية من جفن العين، وإجراء بعض العمليات التجميلية لشد جلد الجفن، وعلاج العتمات السطحية للقرنية، كما يستخدم الليزر في علاج العيوب الانكسارية (قصر النظر، طول النظر، الاستجماتيزم)، ويستخدم أيضاً في إزالة المياه البيضاء، وتجرى العملية الجراحية من خلال جرح لا يتعدى طوله 2.1ملم، مما يمكن المريض من استعادة قدرته على العمل في اليوم نفسه مع وضوح الرؤية، وعدم الشعور بالألم بعد العملية. كما تستخدم أشعة الليزر في إزالة العتمات التي قد تتكون على المحفظة الخلفية للعدسة بعد إزالة المياه البيضاء وتركيب عدسة صناعية داخل العين، حيث تؤدي هذه العتامات غالباً إلى نقص في حدة الإبصار بعد إجراء جراحات المياه البيضاء.
وتستخدم أشعة الليزر في الوقاية والعلاج ومتابعة عمليات
المياه الزرقاء
بفاعلية ممتازة. وعلاج الكثير من تأثيرات الأمراض
الأخرى على الشبكية مثل بعض أمراض الشبكية الوراثية،
واعتلال الشبكية للأطفال الخدج، وكعلاج وقائي لبعض حالات
ثقوب الشبكية الناتجة عن قصر النظر الشديد، أو تمزقات الشبكية الناتجة عن الإصابات المختلفة للعين، وكعلاج فعلي أو تكميلي في حالات الانفصال الشبكي.
* الليزر واستئصال الرحم: دخل الليزر ميدان استئصال الرحم بصفته بديلاً للجراحات التقليدية الحالية التي تستدعي فتح البطن ثم الرحم جراحياً ثم التعامل بالمشرط مع جدار الرحم ثم إعادة غلق الاثنين في عملية شاقة طويلة لا تخلو من مخاطر، وهذه الخطوات جاءت تطويراً لما بدأه باحثون بريطانيون عام 1989م بالكي الكهربائي في جراحات استئصال الرحم.. ثم أدخلوا الليزر عام 1990م، ويستمد هذا الأسلوب أهميته من كونه يقدم بديلاً سهلاً وأكثر أماناً وأقل تكلفة للحالات التي تكون في حاجة ماسة لاستئصال الرحم والتي تشكل 12% من مجمل أمراض النساء والولادة عموماً.
* إزالة الشعر الزائد: التخلص من الشعر الزائد بواسطة الليزر له فوائد كثيرة. فهو سهل الاستعمال، سريع وآمن وذو آثار جانبية محدودة جداً بالمقارنة مع الطرق الأخرى مثل طريقة الحل الكهربائي التي تستغرق وقتاً طويلاً، ومن الممكن أن تؤدي إلى التهابات أو ندب بالمناطق المعالجة. كما أن الحل الكهربائي مناسب فقط لمناطق محدودة في الجسم مثل الذقن أو بعض مناطق الوجه، على عكس الليزر الذي يمكن استعماله لإزالة الشعر في أي منطقة من الجسم.
* الليزر والعلاج التجميلي: أصبحت تقنية الليزر تستخدم في العلاج التجميلي في كافة البلدان بعد أن تطورت آلاتها في مجال الدقة والإتقان والنتائج المذهلة، وبعدما كانت مقصورة على العمليات الجراحية. والليزر يعيد الشباب بتجديده بنية البشرة وحثها على إنتاج جديد للكولاجين. ومن حسناته أنه لا يحدث نزفاً أو قشوراً بل نتائج واضحة وتجميلية. ويفيد الليزر في إزالة الوحمات والندبات والأورام الجلدية والوشم وتنعيم البشرة والتخلص من آثار حب الشباب أو التجاعيد.
* الليزر وطب الأسنان: الليزر يتم استخدامه حديثاً في علاج آلام والتهابات الأسنان لكونه من الوسائل الآمنة غير المسببة للسرطان، حتى مع استخدام الموجات الطويلة منه، وتشمل استخدامات الليزر: علاج التهابات وقروح الغشاء المبطن للفم واللسان، وعلاج الجروح الحادة والمزمنة، وجيوب اللثة التي تسبب تخلخل الأسنان وفقدها، وعلاج الالتهاب حول ضرس العقل وعظام الفكين بعد الخلع، كما أن التطبيقات في مجال علاج أمراض الأسنان شملت الوقاية من الالتهابات البكتيرية قبل وأثناء وبعد العلاج الإشعاعي للأورام، والعلاج المساعد لالتهابات تحت الأسنان بالتعقيم من البكتيريا في قناة العصب وتجويف الأسنان، كما أنه بديل للحفر في حالة التسوس السطحي مع استخدام مادة الفلورين للوقاية من التسوس.
وأخيراً لابد من القول إن العديد من مجالات استعمال
الليزر لم تزل قيد
التجربة، وتحتاج لسنوات عديدة قبل أن تثبت هذه
الأداة تفوقها على الأدوات الأخرى. ومازال أمام شعاع الليزر
طريق طويل قبل أن يأخذ مكانه المرموق في المجالات
الطبية كافة.