ماذا يدور في مجالس الصحابة
إن الله -سبحانه وتعالى- قد اختار لنبيه -صلى الله عليه وسلم- أفضل الأصحاب، ونظر إلى أهل الأرض عربهم وعجمهم، فاختار لنبيه -صلى الله عليه وسلم- هؤلاء الذين كانوا معه، فهم أفضل الأمة، وأبرها قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه، والجهاد في سبيله؛ لنشر الإسلام، ظهرت منهم علامات الخير في السمت، والهدي والصدق، ممشاهم بالتواضع، ومنطقهم بالعمل، ومطعمهم بالحلال، وخضوعهم بالطاعة لله –تعالى-، فيما أحبوا وكرهوا، ظمئت هواجرهم بالصيام، ونحلت أجسامهم بالقيام، شغلوا الألسن بالذكر، وبذلوا دمائهم حين استنصرهم ربهم، وبذلوا أموالهم حين استقرضهم.
هم فوقنا في كل علم وفقه ودين وهدى، ورأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا، وإذا كان أحدهم يرى الرأي فينزل القرآن بموافقة رأيه، فإن رأيه صادر من قلب ممتلئ نوراً وإيماناً وحكمة وعلماً ومعرفة وفهماً..
وكان الواحد منهم يقول للآخر ولمن معه: اجلسوا بنا نؤمن ساعة، وصلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بأصحابه التطوع في جماعة مرات، وخرج على الصحابة من أهل الصفة وفيهم قارئ يقرأ، فجلس معهم يستمع.
فعن جابر -رضي الله عنه- قال: خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن نقرأ القرآن، وفينا العربي والأعجمي، فقال: ((اقرءوا فكل حسن، وسيجيء أقوام يقيمونه كما يقام القدح يتعجلونه ولا يتأجلون))
وكان أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا جلسوا يتذاكرون، فإنهم يذكرون ما بعد الموت، والآخرة، فعن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: اطلع النبي -صلى الله عليه وسلم- علينا ونحن نتذاكر، فقال: ((ما تذاكرون؟ قالوا: نذكر الساعة، ثم ذكر لهم علاماتها))
فإذاً: كانوا يتذاكرون الخير وأحكام الآخرة، وأمور الدين والإيمان، وكانوا يستعدون بما يتذاكرون للفتن، فعن أبي سعيد قال: ((خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن نتذاكر المسيح الدجال، فقال: ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قلنا: بلى، فقال: الشرك الخفي: أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل)) ..
كان جلوسهم للفقه في الأعمال، ومعرفة ما هو الأقرب إلى الله، فعن عبد الله بن سلام قال: قعدنا نفر من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتذاكرنا فقلنا: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله لعملناه" ..
وهكذا كانوا يجلسون فيتذاكرون: من هؤلاء أهل الجنة؟ ما هي صفاتهم؟ كانت أحاديثهم أحاديث أصحاب الهمم العالية، والعزائم الصادقة.
"عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال لأصحابه يوماً: تمنوا؟ فقال أحدهم: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت دراهم فأنفقه في سبيل الله -عز وجل-، وقال آخر: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت ذهباً فأنفقه في سبيل الله، وقال آخر: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت جواهر ونحوه فأنفقه في سبيل الله، فقال عمر: لكني أتمنى أن يكون ملء هذا البيت رجالاً مثل أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وحذيفة بن اليمان، فأستعملهم في طاعة الله تعالى".
يعني أؤمرهم على الأمصار؛ كي يهدوا الناس، ويفقهوهم، ويأموا بهم، ويحكموا بينهم، ويقضوا بالعدل، ويكونوا أمراء بالحق.
كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا تمنوا في مجالسهم لله وفي الله، ولا يمنع أن يكون في بعض مجالسهم شيء من الشعر، وأيام العرب، وأمور الجاهلية، والذكريات القديمة، لكنه ليس حديثاً محرماً ولا مسفّاً، فروى البخاري في الأدب المفرد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: لم يكن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متحزقين (أي: متقبضين) ولا متماوتين، وكانوا يتناشدون الشعر في مجالسهم، (فليسوا أصحاب كآبة، وإنما كانت فيهم حيوية، وكان فيهم نشاط)، قال: وكانوا يتناشدون الشعر في مجالسهم، ويذكرون أمر جاهليتهم، فإذا أريد أحد منهم على شيء من أمر الله (أي معصية) دارت حماليق عينيه كأنه مجنون" الأدب
فلا يرضى الواحد منهم بالمنكر، ولا يمكن أن يشترك فيه، وإذا رأى أمامه منكرا، أو دُعي إلى منكر فهكذا يكون حاله، ما كانت لهم داخل بيوتهم أماكن للجلوس، فكانوا يجلسون في أفنيتها وعلى حافة الطريق.
قال أبو طلحة: كنا قعوداً بالأفنية نتحدث، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقام علينا، فقال: ((ما لكم ولمجالس الصعدات؟ (أي: الطرقات)، اجتنبوا مجالس الصعدات (وذلك لأن الجلوس فيها قد يضيق الطريق، ويكون فيه من إطلاق البصر ما فيه، إلى غير ذلك من الآفات)، فقلنا: إنما قعدنا لغير ما بأس، قعدنا نتذاكر ونتحدث، (أي: في أمر القرآن والوحي، وأمر الفقه والأحكام، وأمر الآخرة وتذكر ما فيها)، ((قال: إما لا، فأدوا حقها، (أما إذا أبيتم إلا هذا ولم يكن عندكم غيره فأدوا حق الطريق)، قال: غض البصر ورد السلام وحسن الكلام)). .
فكانوا يضطرون للجلوس فيها، لكن لأي شيء؟ لأجل أن يتذاكروا؛ ولأجل أن يتفقهوا ويتدارسوا، وهكذا كانوا.
وإذا حصل منهم في مجلس شيء من الخوض في قضية لا يصلح الخوض فيها، أو لا بد لها من ضوابط، كان التذكير النبوي يأتي.
فعن أبي هريرة قال: ((خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن نتنازع في القدر، (أي: نتباحث في شأنه)، فغضب حتى احمر وجهه حتى كأنما فقئ في وجهه الرمان، (من شدة الغضب)، فقال: أبهذا أمرتم، أم بهذا أرسلت إليكم؟ إنما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر، عزمت عليكم ألا تتنازعوا فيه)). .
فالدخول في القدر إذا كان بعلم وفقه فلا بأس به، وإذا كان جدالاً ونقاشاً بلا حجة، ولا بيان، فيُنهى الإنسان عنه؛ لأنه مزلة مُضلة، وكذلك فإن بعض مجالس أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كان فيها شيء من شكوى الحال بين بعضهم البعض، قال أبو الدرداء : خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن نذكر الفقر ونتخوفه، وفي رواية كنا نتذاكر الدنيا وهمومها ونخشى الفقر، فقال -صلى الله عليه وسلم- لهم: ((ألفقر تخافون؟ والذي نفسي بيده لتُصَبن عليكم الدنيا صباً حتى لا يزيغ قلب أحدكم إزاغةً إلا هي وأيم الله لقد تركتم على مثل البيضاء ليلة ونهارها سواء)). . وفي هذا بشارة من النبي -صلى الله عليه وسلم- للأمة بأن الله سيغنيها من فقرها، ولكنه حذرهم من فتنة الغنى؛ لأن حب الدنيا يزيغ القلوب بعد استقامتها، ويضلها بعد هداها، وتكون الفتنة، ولذلك لم يكن يخشى عليهم الفقر وإنما كان يخشى عليهم فتنة الغنى، هذا بعض ما كان في مجالس أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم
((كثيرا جدا ما فى منتدى البيت الاسلامى اصله من هذه المجالس))
نسأل الله أن يرضى عنهم، وأن يرزقنا اتباع هديهم، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته،
غاليتى موضوعك رائع وقييم وانا ابحث بين المواضيع لاننى انتظر مشاركتك الجميلة دوما
موفقة يامى
تسلمى
اختيار موفق لطرح الموضوع اتمنى لك ان شاء الله التميز
لك اجمل المنى بالنجاح دوما
اختك بيان
اخيتي
اتمنا لك الفوز
اختك ام محمد
بيااان
ام محمد الجهنى
مروركن العطر
اسعدنى
شكرا للتواصل
وبارك الله فيك واثابك وانار قلبك بنور الايمان