قال الله سبحانه وتعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) الروم.
فقد جعل الله جل شأنه الزواج آية من آياته، وجعل بين كل زوجين مودة ورحمة وسكينة وحلالا لا حدود له، وقد أخبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن المرأة إنما تنكح لمالها وجمالها وحسبها ودينها، وبين النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أن الدين هو الأساس الذي متى توفر، توفرت معه كل أسباب السعادة، وبين أن المرأة الصالحة فاهمة واعية بصيرة بحال زوجها، متى نظر إليها سرته، ومتى أقسم عليها أبرته، ومتى غاب عنها حفظته في نفسها وماله، ومتى أمرها أطاعته.
وكذا الرجل الصالح الذي لا يُرَدّ، قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وغيرهما، وذلك لأنه متى أحبها أكرمها، ومتى كرهها لم يظلمها، يطعمها من حلال، ويغذيها من حلال، وسيكون معها عف اللسان، رقيق المشاعر، مهذب الخلق، جميل العشرة، طيب الصحبة، لينا في غير ضعف، شديدا في غير قسوة.
ولما كان الأمر كما أسلفنا، بين المرأة الصالحة والرجل الصالح، بين الزوج الحاني والزوجة الشفوق، وجدنا أن نزيل الستار عن بعض المنغصات العارضة العابرة، والتي من الممكن أن تمثل سحابة سوداء تحول بين الزوج وسعادته والزوجة وهناءتها.
العيب الإرادي:
هو التقصير أو التفريط المتعمد من أحد الطرفين – الزوج والزوجة – وفي الاستطاعة الإتيان به على أتم وجه، ونأخذ أمثلة على ذلك:
• الزوج الذي يقصر في حق مساعدة زوجته في أعمال المنزل، وهو يستطيع وعنده سعة من القوة والوقت.
• الزوجة التي تقصر في إعداد الطعام الذي يحبه الزوج ويهواه، وهو في مقدورها واستطاعتها.
• الزوج الذي يقصر في حق مجالسة الزوجة وطول الاستماع لها والحديث معها ومناقشة أمور الحياة.
• الزوجة التي تدعي المرض، وتمنع نفسها من زوجها كسلا وهي قادرة على ذلك، فهي مقصرة في حقه حتى وإن كانت غير راغبة.
• الزوج الذي يمتنع عن إعطاء زوجته حقها، ويمنعها من نفسه وهو يعلم حاجتها، بحجة أنه لا يرغب في ذلك فقد قصر في حقها.
العذر اللإرادي:
هو التقصير أو التفريط في واجب من الواجبات الزوجية سواء من الزوج أو الزوجة ، لكن لوجود عذر مقبول ومشاهد .
• الزوج الذي لا يجلس مع أولاده لظروف عمله الصعبة، على الزوجة أن تلتمس له، العذر وعليه أن يجتهد قدر استطاعته ليسدد ويقارب.
• الزوجة التي تقصر في حقوق الزوجية لمرض ألم بها، على الزوج أن يقدر حالتها وظروف مرضها ويتكيف مع الوضع ريثما تشفى وله أجر ذلك.
· الزوج الذي يقصر في حق أولاده من ناحية النفقة والتوسعة لعذر ضعف الراتب وكثرة الأبناء وديونه.
على الزوجة أن تتحمل معه، وعلى الأولاد أن يتفهموا الأمر، ولا يطالبونه بما لا يستطيع كفايته ، ويجتهد هو بدوره ألا يغرق في الكماليات ولا يقحم بيته في الديون.
• الزوجة التي تساعد زوجها المعسر بالعمل معه، وتقصر في بعض الأحيان في بيتها ومع أولادها، عليه أن يقدر ذلك ويثمنه لها، وعليها الاجتهاد في التنسيق بين الواجبات التي عليها والحقوق التي لها.
…. وغيرها وغيرها الكثير.
ومن أهم القضايا التي تفتت جدران البيت المسلم التفكير في الزواج بثانية بلا عذر مقبول ولا سبب ملموس تجاه الزوجين، وعدم فتح أبواب المصارحة والشفافية وإليكم الأمثلة:
1- الزوج الذي يريد أن يتزوج بثانية؛ لأن زوجته لا تتزين له كما يريد ويشتهي، مقصر في حقها، لو لم يصارحها ويخبرها بوضوح تام.
2- الزوجة التي تنتقم من زوجها بمجرد فتح باب حوار للزواج بأخرى بأن تمنعه من نفسها، وتصر على تقصيرها فهي مفرطة في التقصير.
3- الزوج الذي يدّعي أشياء غير موجودة في زوجته، بعذر غير إرادي فهو مفرط في التقصير بحقها، وغير وفيّ للعشرة معها.
الهدف من هذه الرسالة:
على الزوج التقيّ والزوجة الدّينة أن يتقي كل واحد منهما الله في الآخر، والحياة الزوجية كالمركب الذي يخترق عباب المحيط لكل مجداف دور يسلم ويتحرك به المركب ويقوى أمام الأمواج العاتية والعواصف العنيفة، متى توفر الحب، مع قبول العذر والتماس أسباب التقصير.
الزواج آية وعبادة فهلا عبدنا الله به، وتلونا هذه الآية ليلا ونهارا بتجويد وتفكر وتأمل.
أيها الزوجان الكريمان: لا تنسيا الفضل بينكما، أربعا على أنفسكما، يكمل بعضكم بعضا، يحنو كل منكم على الآخر، يدعو كل واحد منكما للآخر، يستر كل واحد منكما على الآخر.
كلمة ختامية: امرأة واحدة بأربع نسوة لو عقلت ونشطت ووعت وفهمت، ورجل واحد جنة الله في الأرض للمرأة لو عقل وفهم ووعى دوره وقام به على أتم ما يكون