قرحة عنق الرحم
كثر الحديث عن مرض قرحة عنق الرحم لدى النساء، حيث كثيراً ما تردد النساء كلمة: ذهبت للدكتور أو الدكتورة وتم تشخيص قرحة عنق الرحم وأجري لي كي أو غيره من العلاجات التي قد تكون ضرورية أحياناً ولكن في كثير من الأحيان نجد أن هذا ما هو إلا مبالغة في تشخيص وعلاج هذه الظاهرة التي غالباً ما تكون عبارة عن مجرد (ectropion) أو الذي هو تبدل طبيعي وليس قرحة بالمعنى الذي نفهمه.
إذاً هنا تأتي أهمية معرفة ما هي قرحة عنق الرحم، أسبابها ومتى تكون بحاجة لعلاج، وما هي سبل الوقاية منها
القسم المهبلي من عنق الرحم مغطى بطبقة ملساء بيضاء اللون، يقال لها البشرة الرصفية المطبقة، بينما قناة عنق الرحم مغطاة ببشرة غدية أسطوانية حمراء مفرزة للمخاط يقال لها (البشرة الأسطوانية).
مكان التقاء البشرتين مع بعضهما يقال له الوصل الرصفي الأسطواني، حيث تطرأ عليه معظم التبدلات.
إذاً قرحة عنق الرحم: هي عبارة عن غياب جزئي أو كامل للبشرة الرصفية المطبقة البيضاء ليحل محلها بشرة التهابية من باطن عنق الرحم حمراء تعطي عنق الرحم منظراً أحمر قرحياً. هنا لا بد من التمييز بين قرحة عنق الرحم (Cervical erosion) وال (Ectropion) الذي هو تبارز البشرة الغدية للخارج يكون سببه سليماً طبيعياً كما يحدث خلال البلوغ أو الحمل أو تناول حبوب منع الحمل، حيث يحدث بسبب تأثير هرمونات الأستروجين والبروجسترون أن تتبارز البشرة الإسطوانية الحمراء خارجاً مثل (الزهرة عندما تتفتح) وهذه هي أكثر الحالات شيوعاً عند النساء وسليمة ولا تحتاج لعلاج وكثيراً ما تشخص خطأ على أنها قرحة وما هي بذلك.
أما أسباب قرحة عنق الرحم فقد تحدث لعدة أسباب منها: التهابي وتكون فيروسي مثل فيروس (HPV) أو(HSV) أو بكتيري، وسبب كيميائي وذلك بسبب استعمال دوشات مهبلية مخرشة، وسبب رضي هو رض على عنق الرحم أثناء الولادة أو الإسقاط المتكرر يؤدي إلى القرحة وتعدد الشركاء الجنسيين مما يؤدي إلى التهابات متكررة تؤدي إلى قرحة وبسبب الالتهابات التناسلية المعدية عند الزوج.
أما أعراض قرحة عنق الرحم فتكون بنزف مهبلي غير طبيعي (غير متوافق مع الدورة الشهرية)، يحدث بعد الجماع (Postcoital)، أو بين الدورات الشهرية.
ومن أعراضها أيضاً إفرازات مهبلية غير طبيعية (صفراء) ذات رائحة كريهة متدافعة مع التهابات مهبلية.
ويتم تشخيص قرحة عنق الرحم بالفحص المباشر بالعين المجردة: يمكن رؤية منطقة حمراء ملتهبة غير طبيعية مغطية لجزء أو كامل عنق الرحم، مسحة عنق الرحم: ممكن أن تكتشف من خلال المسحة ووجود خلايا غير طبيعية، زراعة مفرزات عنق الرحم: (HVS) ممكن مشاهدة بعض الكائنات المجهرية الالتهابية مثل (Ecoli)، منظارعنق الرحم المبكر: Colposcopy ، حيث يشاهد من خلاله بشرة متقرحة منفصلة عما حولها (مناطق وعائية – منقطة) بإضافة حمض الخل تصبح بيضاء، خزعة عنق الرحم قد تكون ضرورية لتأكيد التشخيص ونفي وجود أي حالة قبل سرطانية (CIN) أو سرطانية. وهناك أمر مهم وهو أن هناك مبالغة في تشخيص وعلاج القرحة وللأسف. حيث إن قرحة عنق الرحم قد تكون في معظم الأوقات ما هي إلا تبدل طبيعي كما تكلمنا سابقاً وطبيعية وفي هذه الحالة لا تحتاج لعلاج ولا تؤدي إلى عقم على الإطلاق.
وبفترة الحمل قد تبقى القرحة غير عرضية أو قد يحدث نزف خفيف وهنا يؤجل العلاج لما بعد الولادة بسبب احتقان عنق الرحم خلال الحمل وصعوبة المعالجة وحتى التشخيص أما بالنسبة للجنين فإنه لا يتأثر مطلقاً بهذه الحالة.
و ترجع العلاقة بين قرحة عنق الرحم والسرطان إلى الفحص الخلوي المجرى باللطاخة أو تحت المنظار المكبر مع الخزعة فلو كان هناك تبدلات خلوية من نوع CIN أي عسر تصنع داخل البشرة.
في هذه الحالة يمكن أن تكون حالة قبل سرطانية وتتطلب المعالجة المبكرة بالكي أو غيره مثل (خزعة كون) على حسب الحالة أما إذا كانت قرحة بسيطة دون تبدلات خلوية هنا يمكن أن تتراجع تلقائياً أو بالعلاج ولا تعتبر حالة سرطانية أو قبل سرطانية.
وتبرز هنا أهمية المسح المبكر لكل سيدة متزوجة بواسطة لطاخة عنق الرحم، إذ لا يكفي رؤية القرحة وتركها أو علاجها وإنما لا بد من تشخيص وجود أي تبدلات خلوية وراءها سواء باللطاخة أو بواسطة منظار عنق الرحم المكبر.
وغالباً ما تتراجع القرحة تلقائياً، فالعلاج إذا كان ضرورياً فإنه غالباً يحمل نسبة نجاح عالية ويعتمد على التوجه إلى السبب الذي أدى إلى حدوث قرحة.
* وكيف يتم علاج القرحة، ومتى؟
– إذا كان السبب التهابياً: يكون العلاج دوائياً بواسطة مضادات الالتهاب أما القرحة المسببة بالدوشات المهبلية فعلاجها بتجنب مثل هذه الدوشات المخدشة والقرحة المسببة بالرض: تكون بتجنب الرضوض مستقبلاً مع إعطاء الوقت الكافي للبشرة كي تشفى تلقائياً وقد يستعمل الكي وهو عدة أنواع: الكي بالتبريد – الكي الحراري – الكي بالليزر، إذاً لا بد من التأكيد أن العلاج يكون فقط بحالة وجود قرحة مترافقة مع: التهابات متكررة لا تستجيب للعلاج، نزف بعد الجماع أو بين الطمث، عقم بعد نفي جميع الأسباب الأخرى، تبدلات خلوية بواسطة منظار عنق الرحم المكبر أو اللطاخة أو الخزعة.
أما إذا كانت الحالة عبارة عن (Ectropion) في هذه الحالة لا تجب المعالجة إطلاقاً وتترك لتتراجع مع المتابعة بالمسحة فقط.
ويمكن الوقاية من قرحة عنق الرحم من خلال: تجنب الالتهابات المهبلية المتكررة بالكشف والعلاج المبكرين واتباع سبل النظافة الشخصية، عدم المبالغة والإفراط في استعمال الدوشات المهبلية الكيميائية ما لم تنصح به الطبيبة لكونها مخدشة وراضة لعنق الرحم، الكشف الدوري لدى الطبيبة النسائية من أجل الكشف المبكر وإعطاء النصائح في وقتها.
في انتظار جديدك لكني مني أحلى تحية.