بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأسلوب القصصي يساعدك عزيزتي في تحفيظ طفلك للقرآن الكريم وتشويقه لمعرفة المزيــد
قصة أصحاب الفيل
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2)وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)
كان ملك الحبشة قد استولى على أرض اليمن, وولى عليها حاكماً من الأحباش يقال له [أبرهة الأشرم], فأقام أبرهة الأشرم يحكم اليمن ويخضعها لسلطانه بقوة جيشه.
وكان كثير من أهل اليمن إذا اقترب موسم الحج يخرجون إلى مكة ليحجوا إلى الكعبة المشرفة, ويؤدوا المناسك حسب التقاليد التي تعارف عليها الناس في الجاهلية.
ورأى أبرهة خروج قوافل الحجاج فسأل عن ذلك, فقيل له: إن للعرب بيتاً يعظمونه ويحجون إليه كل عام, وهو في مكة.
خطرت في ذهن أبرهة فكرة فعزم على تنفيذها, فقد أراد أن يبني كنيسة عظيمةً في صنعاء, ويبالغ في بنائها وزخرفتها, ليصرف الناس عن الحج إلى الكعبة.
استشار أبرهة بعض المقربين إليه فوافقوه على فكرته, وعلى الفور شرع باستقدام المهندسين والبنائين, وبدأ البناء, حتى كان بناء سامقاً قوياً مزخرفاً جميلاً, وأطلق عليه أبرهة اسم [القُليس], وقد كلفه هذا البناء مالاً كثيراً.
وكتب أبرهة إلى ملك الحبشة يخبره بما فعل.
ثم إن أبرهة أمر جنده وأعوانه أن يدعوا العرب إلى الحج إلى القليس بدلاً من عناء السفر إلى الكعبة. لكن العرب حينما سمعوا ذلك استهزءوا بأبرهة وبالقليس, فكيف يتركون بيت أبيهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام, ليحجوا إلى كنيسة أبرهة؟
وبلغ الأمر أن أحد هؤلاء العرب تسلل إلى القليس خفية فأحدث فيه, ولطخه بالنجاسة, فلما بلغ الخبر أبرهة غضب غضباً شديداً, وأقسم أن يهدم الكعبة.
أصدر أبرهة أوامره إلى الجيش ليتجهز ويستعد للمسير إلى مكة, وأمر قادته أن يجهزوا الفيلة بالإضافة إلى الخيل والجمال, فالفيل حيوان ضخم قوي, يمكن أن يركبه عدد كبير من الجند, ويقاتلوا من فوقه بكفاءة وقوة.
وحين تم الاستعداد, تقدم أبرهة وأمر الجند أن يتبعوه, وفي المسير الطويل باتجاه مكة المكرمة, كان جيش أبرهة كلما مر على قبيلة من قبائل العرب أغار عليها, فنهب أموالها وأغنامها وإبلها لتكون زاداً لهم في طريقهم. وكانت بعض القبائل قد سمعت بمسير أبرهة وجيشه فأخذت حذرها, وفرت من أماكنها, وبعض هذه القبائل عرضوا على أبرهة وجيشه المساعدة والإمداد, رغبة منهم في اتقاء شره
واصل أبرهة المسير بجيشه حتى بلغ منطقة قريبة من مكة, فأقام فيها, وأرسل فرقة من جيشه فأغارت على الإبل والأغنام التي كانت ترعى بين الشعاب والجبال, ورجعت بها غنيمة باردة إلى معسكر الجيش.
علم أهل مكة بالأمر, وتشاوروا فيما بينهم, ماذا يفعلون؟ لكنهم كانوا عاجزين عن مقاومة جيش الأحباش, فهم لا يملكون جيشاً منظماً, وليسوا مدربين التدريب الكافي, كما أن عددهم قليل بالقياس إلى جيش الأحباش, وزاد من خوفهم ما سمعوه عن الفيلة التي تحمل الجنود.
كان العرب يراهنون على شيء واحد هو أن هذه الكعبة بناء مقدس, وله حرمته العظيمة, وأن العناية الإلهية ستتدخل في الوقت المناسب.
أرسل أبرهة إلى زعيم مكة (عبد المطلب بن هاشم) يدعوه للقائه, فجاء عبد المطلب, وكان رجلاً مهيباً وقوراً, فلما رآه أبرهة أكرمه ونزل عن عرشه حتى استقبله وجلس معه, وبدأ يسأله قائلاً: ما حاجتك؟
قال عبد المطلب: إن جندك أخذوا لي مائتي بعير, وأريد أن تردوها عليّ.
قال أبرهة: قد كنت عظمتك حين دخلتَ, ولكنني الآن زهدت فيك.
قال عبد المطلب: ولمَ أيها الملك؟
قال: لقد أتيتُ لأهدم هذا البيت الذي هو دينك ودين آبائك وأجدادك, وها أنت لا تكلمني فيه, وتكلمني في مائتي بعير؟
قال عبد المطلب: أما الإبل فأنا ربُها (أي صاحبها), وللبيت ربٌّ يحميه.
أمر أبرهة برد الإبل على عبد المطلب, فلما استرد إبله رجع إلى مكة, وأمر أهلها أن يتفرقوا في الشعاب والجبال, ليأمنوا على أنفسهم مما قد يفعله جيش الأحباش, ثم وقف عبد المطلب على باب الكعبة وأمسك بحلقته وأخذ يدعو قائلاً:
لاهُمّ إن المرء يمنع رحله فامنع حلالك
لا يغلبن صليبهم ومحالُهم غدواً محالك
إن كنتَ تاركهم وقبلتنا فأمرٌ ما بدالك
وفي الصباح تهيأ أبرهة وجنده ليغيروا على مكة ويهدموا الكعبة, وبينما هم كذلك إذ برك الفيل الأكبر على الأرض, وكانت بقية الفيلة لا تمشي إلا وراءه, فحاول الجند أن ينهضوه ويوجهوه نحو مكة, لكنه أبى, فلما وجهوه نحو اليمن قام يهرول, ثم وجهوه ثانية نحو مكة فبرك على الأرض. وانشغل الجند بهذا الفيل, وفي أثناء ذلك أرسل الله سبحانه عليهم طيراً أبابيل, تأتي مسرعة فتمر من فوقهم, ومعها حجارة صغيرة تلقيها عليهم, فكلما أصابت واحداً منهم هلك وسقط على الأرض ميتاً, فلما رأى الجند ذلك ولّوا هاربين لا يلوون على شيء, وظلت الطير تلاحقهم حتى قُتل كثير منهم, وأصيب أبرهة فالتف حوله بعض الجنود, وحملوه على دابة, والألم يشتد عليه, فلما وصل إلى صنعاء مات.
وهكذا رجع جيش الأحباش خاسئاً ذليلاً مشرداً, بعد أن خسر قائده وأكثر جنده, ورجع أهل مكة إلى كعبتهم يطوفون حولها بإجلالٍ وتعظيم, مستشعرين هذه النعمة العظيمة, حيث رذ الله عنهم كيد هذا العدو الذي أراد هدم كعبتهم.
واتخذ العرب من ذلك العام تاريخاً يؤرخون به, لأن حادثة الفيل من أعظم وأعجب الحوادث التي رآها العرب في حياتهم.
وفي ذلك العظيم حدث ما هو أعظم وأعجب, لقد حدث شيء عظيم غيّر الدنيا بأسرها, ذلك الحادث العجيب هو (مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم).
السيدة خديجة رضي الله عنها
كانت خديجة بنت خويلد امرأة من أحسن نساء قريش, لبيبة عاقلة حازمة, وكان لها مال تتاجر به, فترسل الرجال بمالها إلى اليمن والشام, وتعطيهم أجرهم مقابل عملهم لها, وبهذه الطريقة كثر مالها, وعاشت عيشة كريمة, وكانت قد تزوجت من رجل يقال له: أبو هالة, فلما مات أبو هالة خطبها كثير من وجهاء مكة, ورغبوا في الزواج منها, لكنها رفضت ذلك.
وكانت خديجة تسمع أن (محمداً) شاب صادق أمين, يمتاز بين الرجال بأخلاقه الكريمة وهمته العالية, فأرادت أن تستوثق من ذلك, فاتفقت معه أن يسير بتجارتها إلى الشام, وتعطيه أكثر مما كانت تعطي الآخرين.
واستعد محمد للسفر والتجارة بمال خديجة, فلما حان موعد انطلاق القافلة سار ومعه (ميسرة) غلام خديجة, وكانت خديجة قد طلبت من (ميسرة) أن يرقب محمداً وأحواله, ليخبرها عنه بعد الرجوع من السفر.
مضت القافلة حتى وصلت الشام, وأخذ التجار يعرضون ما معهم من البضائع, ولما رجعوا إلى مكة كانت أموال خديجة قد ربحت أكثر مما كانت تربح في كل مرة, وأخذ ميسرة يحدث خديجة عما رأى من محمد.
حدثها عن صدقه وأمانته, وأنه لا يغش ولا يخادع, بينما كان التجار الآخرون يكذبون ويغشون ويخادعون ليبيعوا ويربحوا, وحدثها أن محمداً كان كلما سار أو مشى في الشمس ظللته غمامة تسير معه فلا تفارقه, وتقيه حر الشمس. وكان مثالاً في العفة والشهامة والخلق الكريم.
سُرَّت خديجة بما بلغها عن محمد, ورغبت أن تكون زوجة له, فأخبرت إحدى صديقاتها برغبتها, وقامت تلك الصديقة بعرض الزواج على محمد, لكنه اعتذر بسبب ضيق ذات اليد, فقالت له: فإذا دُعيت إلى المال والجمال والشرف؟
قال: من؟
قالت: خديجة.
قال: وكيف لي بذلك؟
قالت: أنا أكلمها لك.
ثم رجعت إلى خديجة فأخبرتها بما جرى, وبعد ذلك أخبر محمد أعمامه, وجاءوا فخطبوها له من عمها عمرو بن خويلد, وتَمَّ الزواج.
كانت خديجة أول امرأة تزوجها محمد صلى الله عليه وسلم, وكان زواجه منها قبل بعثته بخمسة عشر عاماً, وعندما أكرمه الله تعالى بالنبوة كانت خديجة أول من آمن به, وعاشت معه إلى السنة العاشرة من البعثة, فكانت تواسيه وتخفف عنه ما يلقاه من أذى المشركين واستهزائهم, وبذلت مالها في سبيل الله, وفي مرضاة رسول الله r, ولما توفيت حزن رسول الله عليها ح.ً شديداً, وكان يفضلها على سائر نسائه, ويقول:
آمنت بي إذ كفر بي الناس, وصدقتني إذ كذبني الناس, وواستني بمالها إذ حرمني الناس, ورُزقت منها الولد.
وقد ولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أبناءه وبناته كلهم إلا إبراهيمَ, ولدت له: القاسم وعبد الله (الطيب الطاهر), وفاطمة وزينب ورقية وأم كلثوم.
ومن وفائه لها صلى الله عليه وسلم:
– لم يتزوج امرأة غيرها حتى ماتت.
– كان يذكرها بخير ويثني عليها, ويترحم عليها.
– كان يصل أرحامها, ويكرم صديقاتها اللاتي كن يزرنها.
وقد نزل عليه جبريل يوماً وأمره أن يبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب (لؤلؤ مجوف) لا صخب فيه ولا نصب.
رحم الله السيدة الطاهرة المطهرة خديجة أم المؤمنين, ورضي عنها وأرضاها. آمين.
المفردات الجديدة الواردة في القصة السابقة
لبيبة: عاقلة
تستوثق: تتأكد
حان موعد: حضر وقت
غمامة: غيمة أو سحابة
الشهامة: الكرم والسخاء
ضيق ذات اليد: الفقر
يصل أرحامها: يكرم أقاربها ويعطيهم
قصب: لؤلؤ مجوّف
لا صخب فيه: لا ضجيج فيه بل هدوء وسكون
ولا نصب: لا تعب, بل راحة.
منقولـة للفـائـدة
في زمان ومكان غير معروفين لنا الآن ، ظهرت مجموعة من الشباب العقلاء. ثلة قليلة حكّمت عقلها، فتية، آمنوا بالله، الذي بيده كل شيء فثبتهم وزاد في هداهم. وألهمهم طريق الرشاد.
لم يكن هؤلاء الفتية أنبياء ولا رسلا، ولم يتوجب عليهم تحمل ما يتحمله الرسل في دعوة أقوامهم. إنما كانوا أصحاب إيمان راسخ، فأنكروا على قومهم معصيتهم لله ثم قرروا النجاة بدينهم وبأنفسهم بالهجرة من القرية لمكان آمن يعبدون الله فيه. فالقرية فاسدة، وأهلها ضالون. عزم الفتية على الخروج من القرية، والتوجه لكهف مهجور ليكون ملاذا لهم. خرجوا ومعهم كلبهم من المدينة الواسعة، للكهف الضيق. تركوا وراءهم منازلهم المريحة، ليسكنوا كهفا موحشا. زهدوا في الأسرّة الوثيرة، والحجر الفسيحة، واختاروا كهفا ضيقا مظلما. إن هذا ليس بغريب على من ملأ الإيمان قلبه. فالمؤمن يرى الصحراء روضة إن أحس أن الله معه. ويرى الكهف قصرا، إن اختار الله له الكهف.
وهؤلاء ما خرجوا من قريتهم لطلب دنيا أو مال، وإنما خرجوا طمعا في رضى الله. وأي مكان يمكنهم فيه عبادة الله ونيل رضاه سيكون خيرا من قريتهم التي خرجوا منها. استلقى الفتية في الكهف، وجلس كلبهم على باب الكهف يحرسه.
وهنا حدثت معجزة إلاهية ! لقد نام الفتية ثلاثمئة وتسع سنوات. وخلال هذه المدة، كانت الشمس تشرق عن يمين كهفهم وتغرب عن شماله، فلا تصيبهم أشعتها في أول ولا آخر النهار. وكانوا يتقلبون أثناء نومهم، حتى لا تهترئ أجسادهم. فكان الناظر إليهم يحس بالرعب. يحس بالرعب لأنهم نائمون ولكنهم كالمستيقظين من كثرة تقلّبهم. بعد هذه المئين الثلاث، بعثهم الله مرة أخرى. استيقظوا من سباتهم الطويل، لكنهم لم يدركوا كم مضى عليهم من الوقت في نومهم. وكانت آثار النوم الطويل بادية عليهم. فتساءلوا: كم لبثنا؟! فأجاب بعضهم: لبثنا يوما أو بعض يوم. لكنهم تجاوزوا بسرعة مرحلة الدهشة، فمدة النوم غير مهمة. المهم أنهم استيقظوا وعليهم أن يتدبروا أمورهم. فأخرجوا النقود التي كانت معهم، ثم طلبوا من أحدهم أن يذهب خلسة للمدينة، وأن يشتري طعاما طيبا بهذه النقود، ثم يعود إليهم برفق حتى لا يشعر به أحد. فربما يعاقبهم جنود الملك أو الظلمة من أهل القرية إن علموا بأمرهم. قد يخيرونهم بين معصية الله أو الرجم حتى الموت. خرج الرجل المؤمن متوجها للقرية، إلا أنها لم تكن كعهده بها. لقد تغيرت الأماكن والوجوه. تغيّرت البضائع والنقود. استغرب كيف يحدث كل هذا في يوم وليلة. وبالطبع، لم يكن عسيرا على أهل القرية أن يميزوا دهشة هذا الرجل. ولم يكن صعباً عليهم معرفة أنه غريب، من ثيابه التي يلبسها ونقوده التي يحملها. لقد آمن المدينة التي خرج منها الفتية، وهلك الملك الظالم، وجاء مكانه رجل صالح. لقد فرح الناس بهؤلاء الفتية المؤمنين. لقد كانوا أول من يؤمن من هذه القرية. لقد هاجروا من قريتهم كي لا يفتنوا في دينهم. وها هم قد عادوا. فمن حق أهل القرية الفرح. وذهبوا لرؤيتهم. وبعد أن ثبتت المعجزة، معجزة إحياء الأموات. وبعدما استيقنت قلوب أهل القرية قدرة الله سبحانه وتعالى على بعث من يموت، برؤية مثال واقعي ملموس أمامهم. أخذ الله أرواح الفتية. فلكل نفس أجل، ولا بد لها أن تموت. فاختلف أهل القرية. فمن من دعى لإقامة بنيان على كهفهم، ومنهم من طالب ببناء مسجد، وغلبت الفئة الثانية. لا نزال نجهل كثيرا من الأمور المتعلقة بهم. فهل كانوا قبل زمن عيسى عليه السلام، أم كانوا بعده. هل آمنوا بربهم من من تلقاء نفسهم، أم أن أحد الحواريين دعاهم للإيمان. هل كانوا في بلدة من بلاد الروم، أم في فلسطين. هل كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم، أم خمسة سادسهم كلبهم، أم سبعة وثامنهم كلبهم. كل هذه أمور مجهولة. إلا أن الله عز وجل ينهانا عن الجدال في هذه الأمور، ويأمرنا بإرجاع علمهم إلى الله. فالعبرة ليست في العدد، وإنما فيما آل إليه الأمر. فلا يهم إن كانوا أربعة أو ثمانية، إنما المهم أن الله أقامهم بعد أكثر من ثلاثمئة سنة ليرى من عاصرهم قدرة الله جل وعلا على بعث من في القبور، ولتتناقل الأجيال خبر هذه المعجزة جيلا بعد جيل
بلهفة جديدك القادم بشوق
ودمتي بود
‘‘شــــكــــولاه‘‘
وإن شاء الله كل أم تستفيد لنعلم أطفالنا
ونمهد لهم ونيسر لهم بإذن الله حفظ القرآن الكريم والسيرة النبوية بهذا الأسلوب القصصي
اللهم صلي وسلم علي سيدنا محمد وعلي آله
وصحبه وسلم
الله يعطيك العافيه
ودي ،.