للنبي محمد – صلى الله عليه وسلم- الفضل الأعظم في الارتقاء ـ حضارياً ـ بمستوى العرب، بعد عصور الظلام في أوربا، وعهود الجهل في الجزيرة العربية، وفي هذه المقالة نحاول أن نثبت هذه الحقيقة، ليس فقط من أفواه العلماء المسلمين، بل من أفواه المفكرين والباحثين من غير المسلمين.
النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – يصنع من قبائل العرب أُمة:
تقول إيڤلين كوبلد: "كان العرب قبل محمد – صلى الله عليه وسلم – أمة لا شأن لها، ولا أهمية لقبائلها، ولا لجماعتها، فلما جاء محمد – صلى الله عليه وسلم – بعث هذه الأمة بعثاً جديداً يصح أن يكون أقرب إلى المعجزات فغلبت العالم، وحكمت فيه آجالاً وآجالاً، لقد استطاع النبي – صلى الله عليه وسلم – القيام بالمعجزات والعجائب، لَمّا تمكن من حمل هذه الأمة العربية الشديدة العنيدة على نبذ الأصنام، وقبول الوحدانية الإلهية، لقد وُفّق إلى خلق العرب خلقاً جديداً، ونقلهم من الظلمات إلى النور" [1].
فلقد كانت الحياة العربية قبل الإسلام تقوم أساساً على نمطية خاصة؛ فالقبيلة هي التنظيم الاجتماعي والسياسي الذي يضم حياة الفرد في القبيلة، فكان انتماء العربي الجاهلي انتماءً قبلياً، وليس هناك أية رابطة عملية توحد القبائل وتجمعها، بل على النقيض؛ كانت القبائل متناحرة متحاربة، وإذا ما قامت أحلاف قبلية، فلِمُنَاصرة قبيلة على أخرى، وبالتحديد كانت القبيلة العربية تصنع وحدة سياسية مستقلة.
ومن هنا كان الانقلاب الذي أحدثه الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم – عميقاً في حياة الجزيرة العربية؛ إذ استطاع بسياسته الكفاحية التي تُمليها روح الإسلام أن يحول هذه الوحدات القبلية المستقلة ويرتقي بها لتظهر في إطار الأمة الإسلامية [2].
إن الأمة الإسلامية ـ القائمة على الإيمان ـ التي أسسها النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – كانت ولا زالت أقوى رباطاً، وأوثق عرى من فكرة القبلية التي سادت في القرون الغابرة.
يتبع…
*.
.*
طرح قيم . .
اللهم صل وسلم على سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد
جـــزاكـ، الله خير عزيزتي
باركـ الله تعالى فيكـ . . وكتب لكـ الاجر
متابعينك باذن الله
نور الإيمـــآان
*.
.*
باركـ الله تعالى فيكـ . . وكتب لكـ الاجر
نور الإيمان
سمانور
شرفني مروركن و تسرني متابعتكن
جزاكم الله خيرا
"كان العرب يعيشون منذ قرون طويلة في بوادي وواحات شبه الجزيرة، يعيثون فيها فساداً، حتى أتى محمد – صلى الله عليه وسلم – ودعاهم إلى الإيمان بإله واحد، خالق بارئ، وجمعهم في كيان واحد متجانس" [4].
ويقول رودي بارت، في موضع آخر:
"جاء محمد بن عبد الله – صلى الله عليه وسلم – النبي العربي وخاتمة النبيين، يبشر العرب والناس أجمعين، بدين جديد، ويدعو إلى القول بالله الواحد الأحد، كانت الشريعة [في دعوته] لا تختلف عن العقيدة أو الإيمان، وتتمتع مثلها بسلطة إلهية ملزمة، لا تضبط الأمور الدينية فحسب، بل أيضاً الأمور الدنيوية؛ فتفرض على المسلم الزكاة، والجهاد ضد المشركين، ونشر الدين الحنيف، وعندما قُبض النبي العربي – صلى الله عليه وسلم – عام 632م، كان قد انتهى من دعوته، وانتهى من وضع نظام اجتماعي يسمو كثيراً فوق النظام القبلي الذي كان عليه العرب قبل الإسلام، وصهرهم في وحدة قوية، وتمت للجزيرة العربية وحدة دينية متماسكة، لم تعرف مثلها من قبل.." [5].
فضل النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – على العرب لا حد له:
هذا، ولقد أثار موضوع فضل الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم – على العرب اهتمام المنصفين؛ فهو الذي وحد الجزيرة العربية أول مرة في التاريخ في ظل حكم إسلامي، متنور نقل العرب من الجاهلية إلى الحضارة والمدنية.
يتبع…
"في شبه جزيرة العرب المجاورة لفلسطين ظهرت ديانة، أساسها الاعتراف بوحدانية الله، وهذه الديانة تعرف بالمحمدية، أو كما يسميها أتباعها الإسلام، وقد انتشرت هذه الديانة انتشاراً سريعاً، ومؤسس هذه الديانة هو العربي محمد – صلى الله عليه وسلم – وقد قضى على عادات قومه الوثنية، ووحد قبائل العرب، وأثار أفكارهم وأبصارهم بمعرفة الإله الواحد، وهذب أخلاقهم ، ولين طباعهم وقلوبهم ، وجعلها مستعدة للرقي والتقدم، ومنعهم سفك الدماء ووأد البنات..
وهذه الأعمال العظيمة التي قام بها محمد– صلى الله عليه وسلم – تدل على أنه من المصلحين العظام ، وعلى أن في نفسه قوة فوق قوة البشر، فكان ذا فكر نير، وبصيرة وقيادة، واشتهر بدماثة الأخلاق، ولين العريكة، والتواضع وحسن المعاملة مع الناس، قضى محمد – صلى الله عليه وسلم – أربعين سنة مع الناس بسلام وطمأنينة، وكان جميع أقاربه يحبونه حباً جماً، وأهل مدينته يحترمونه احتراماً عظيماً، لما عليه من المبادئ القويمة، والأخلاق الكريمة، وشرف النفس، والنزاهة" [6].
إن فضل الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم – على العرب لا حد له؛ إذ أخرجهم من الجاهلية إلى نور الإسلام؛ يقول المستشرق الأيرلندي المستر هربرت وايل في كتابه (المعلم الكبير): "بعد ستمائة سنة من ظهور المسيح ظهر محمد – صلى الله عليه وسلم – فأزال كل الأوهام، وحرم عبادة الأصنام، وكان يلقبه الناس بالأمين، لما كان عليه من الصدق والأمانة، وهو الذي أرشد أهل الضلال إلى الصراط المستقيم" [7].
ويضيف هنري سيروي أن محمداً – صلى الله عليه وسلم – لم يغرس في نفوس الأعراب مبدأ التوحيد فقط، بل غرس فيها أيضاً المدنية والأدب [8].
يتبع…