عادة شد أو نتف الشعر بصورة مرضية، بمعنى أن هناك بعض الأشخاص الذين ينتفون أماكن مُعينة في الجسد التي ينبت فيها الشعر ؛ مثل شعر الرأس، شعر الشارب، شعر اللحية، أو أي مكان ينبُت فيه الشعر.
هذا السلوك الذي يُزعج أحياناً الشخص سواءً كان رجلاً أو إمرأة.
هذا السلوك القهري ينتشر بين كثير من الأشخاص بسبب أسباب مُتعددة ربما يكون أهمها الأسباب الوراثية، وغالباً ما يكون هذا السلوك مُرتبطا بإضطراب الوسواس القهري، وربما يكون عدد من أفراد العائلة يُعانون من هذا السلوك أو يُعانون من إضطرابات قهرية أو وسواسية أخرى. حيث يدخل نتف الشعر القهري ضمن ما يُعرف بطيف الوسواس القهري (Obsessive Compulsive Spectrum disorders) .
ويُعرف هذا السلوك طبياً باسم (Trichotillomania). هذا السلوك الذي يُسبب الشخص في نتف الشعر من الرأس، الحواجب والرموش، الشارب، اللحية أو أي جزء من الجسد ينبت فيه الشعر
هذا النتف يُسبب في إزالة الشعر من المنطقة وربما بشكلٍ مُزعج، فقد تكون فتاة تنتف الشعر من رأسها ويُسبب هذا صلع في المنطقة التي يتم النتف منها. وقد شاهدت خلال عملي عدة فتيات وسيدات يقمن بنتف شعر جزء مُعين من منطقة الرأس، وأصبحت هذه المنطقة خالية من الشعر (صلعة)، وهذا منظر مزُعج جداً لفتاة مثلاً في الثامنة عشرة أو في الثانية والعشرين.. فعندما يكون الشعر موجودا في معظم أنحاء الرأس ولكن تبقى منطقة فارغة من الشعر (صلعة)، فيُصبح منظر الرأس مشوها، ويُصيب مثل هذه الفتاة أو السيدة بالكآبة، وبعض الفتيات لا يكشفن عن شعورهن حتى أمام النساء وحتى أقاربهن، ويمتنعن عن مقابلة الناس أو القيام بزيارات إجتماعية، بل إن بعض الطالبات اللاتي يُعانين من هذه المشكلة يمتنعن عن الذهاب للمدرسة والجامعة..!! نعم إن هذه مشكلة ليست بالسهولة التي يتصورها الشخص الذي لم يمر بمثل هذه التجربة.
المشكلة تأخذ أبعاد أكبر وأكثر كلما كان الشخص الذي يُعاني من هذه المشكلة أصغر سناً، وخاصة إذا كانت فتاة وتدرس في مدرسة ثانوية أو جامعة. أو كانت الفتاة تعمل في مكان عمل عام يفرض عليها أن تظهر بمظهر أنيق، مما يضطر الفتاة أو المرأة إلى إستخدام الشعر المستعار (الباروكة)، حتى تُغطي الفراغ الذي يتركه نتفها لهذه المنطقة في الرأس . كما أشرت في بداية المقال بأن هذا السلوك القهري له تأثير نفسي سلبي على الفتاة أو السيدة التي لا تستطيع إيقاف نتف شعر الرأس، ويبدو واضحاً للعيان مهما حاولت الفتاة العمل لإخفاء هذا الصلع، خاصةً إذا كانت المنطقة التي نُتف منها الشعر كبيرة، وفي منطقة يصعُب تغطيتها بأي تسريحةٍ كانت. إن هذا السلوك القهري يُسبب مشاكل نفسية للشخص، والذي يعرف أنه لا يستطيع السيطرة عليه.
كيف يظهر شكل الشخص الذي يُعاني من هذا الإضطراب؟
– أكثر الأشخاص الذين يُعانون من هذا السلوك القهري، ويقتلعون (ينتفون) شعر رؤوسهم بشكل واضح يبدون بشكلٍ مُزر في كثير من الأحيان، حيث يصعُب عليهم تغطية الأماكن الخالية من الشعر (الصلعة) حتى لو يُطيلون شعورهم أو يُحاولون تجربة تسريحات لمحاولة تغطية المكان الخالي. بعض النساء وكذلك الرجال يستخدمون الشعور المُستعارة (الباروكة) لتغطية هذه الأماكن الخالية من الشعر.
كثير يتساءلون : هل نتف الشعر دلالة على التعرّض للإيذاء عند الأطفال مثلاً أو بأن الشخص يُعاني مشاكل عاطفية؟
على العكس من ذلك فإن الأشخاص الذين يقومون بهذا السلوك يكونون أشخاصا أسوياء، سُعداء، ولكن قد يحدث ذلك أثناء نوبات القلق التي يمرون بها.
العلاج:-
لا يوجد علاج واحد لهذا الإضطراب، ولكن هناك علاجات متزاوجة معاً قد تُساعد الشخص الذي يُعاني من هذا الإضطراب بتخفيف حدة المشكلة أو حتى ربما الشفاء منها.
أشهر العلاجات المُستخدمة في هذا الإضطراب هو العلاج السلوكي المعرفي، حيث يتم تعليم الشخص كيفية إيقاف عملية الشد أو النتف بتقنيات مُعينة وتحتاج هذه العمليات العلاجية إلى مساعدة من الشخص نفسه وتحمّله لتعليمات المُعالج.
بالنسبة للأدوية فإن أشهر وأكثر عقاقير تُستخدم مع هؤلاء الأشخاص هي الأدوية المضادة للإكتئاب خاصة الأدوية المعروفة بمُثبطات مادة السيروتونين مثل البروزاك والسيروكسات والفافرين والسيبراليكس وبقية الأدوية من هذه المجموعة.
مزاوجة العلاج النفسي – السلوكي المعرفي – مع الأدوية قد يؤدي إلى تحسّن حالة الشخص الذي يُعاني من هذا الإضطراب السلوكي القهري وربما إلى تحسّن مستوى علاقاته الإجتماعية والوظيفية وهذا أمرٌ في غاية الأهمية
اتمنى لكم الفائده
جزيت خيرا