إذا حرمك الله المال فلا تبتئس ، فما هي إلا فرصة لمضاعفة أجرك وسرعة شفائك ، وإذا كنت غارقا في أعباء عملك الدنيوي ولو لم يكن عندك وقت لطول القيام ؛ فجاهدتَ نفسك في قيام ركعتين قبل الفجر انتزعتهما من وقت نومك الذي تحتاجه بشدة فما ذلك إلا علامة البطولة ، واسمع بشارة ابن القيِّم لك :
" ليس العجب من صحيح فارغ واقف مع الخدمة ، إنما العجب من ضعيف سقيم تعتوره الأشغال وتختلف عليه الأحوال ؛ وقلبه واقف في الخدمة غير متخلِّف بما يقدر عليه " .
لا أريدك بعد اليوم أن تشكو قلة مال أو ضيق وقت أو وطأة حرمان أو شدة فقر ، فإنك إن علمت قيمة هذا الكنز الذي بين يديك لشكرت الله على عطائه لك وإن كان في صورة منع ، ولَحَرصت على إخفائه بعيدا عن أعين الناس خوفا من أن يحسدوك ، وعرفت أن الله لم يحرمك بل أغناك ، وما منعك بل واساك ، فإن أجود الجود أن تبذل الموجود ، وأعظم الطاعات ما كان رغم ضيق ذات اليد