(الحلقة الاولى ):تغيير النفس
كثيرا ما يحب الإنسان أن يبدأ حياته من جديد، فيقرن بدايته بصباح يتنفس بإشراقة نهار جديد، يحمل بين نسماته الهادئة الكثير من الأمل، أو يقرنها بليل يلفظ اليأس والكسل الذي فيه. يطرق التفكير طويلا، من أين يبدأ في إصلاح ذاته وتطويرها: عبادته، إيمانياته، ثقافته، عمله، دعوته، اجتماعياته.. يلملم همته وينفض عنه غبار التثاقل، يتوضأ بماء التفويض، ويعزم المضي في الميدان وسط معترك الحياة المزدحم بالعقبات.
يمضي دون تخطيط ولا برامج، دون هدف واضح ولا محاسبة، ويحسب أنه التوكل، ويحسب أنه يسير على الطريق المستقيم الذي طالما ترنم به، ويحسب أنها البدايات المحرقة التي لا بد أن تكون نهاياتها مشرقة.. يحمل الفوضى التي في نفسه وحياته ويمضي مثقلا..
وما هي إلا أيام حتى يرجع لحزنه وعثراته وتقصيره هنا وهناك،
رغم دبيب الحياة الذي تحرك فيه، ورغم همته التي اشتعلت بداخله،
فإنه انهار سريعًا بعد خطوات قليلة،
وليتها كانت على الصراط المستقيم، بل كان كمن يدور حول نفسه دون أن يتقدم خطوة واحدة للأمام، وتخيل أنه قد تحرك للأمام!!.
إن التعميم محبط وله تأثير سلبي على الإنسان حتى في الإيمانيات وعلاقته مع ربه. والقصد هنا أن الداعية في أول الطريق ينطلق متحمسًا، وقد يكون متميزًا في باب من أبواب حياته – كالعلم مثلا – ثم بعد التزامه وسيره في الدعوة تجده يُقصر في طلب العلم لا لإهمال منه بل لحماسة زائدة في الدعوة. وأما في باب الإيمانيات وعلاقته بربه فتجده يكثر الصوم، والذكر، والصدقة بعد الفرائض
حتى يكون كالمنبت الذي حدثنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: إن المنبتّ لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى (رواه البزار)، فلا نريد أن نكون كالمنبت؛ بل نريد السير بخطى ثابتة ولو كانت بطيئة، وما الشجاعة إلا صبر ساعة، فهيا نعيد ترتيب حياتنا من جديد.
من صَلُحت بدايته صَلُحت نهايته إن صحة المنطلق هي الأساس في المسار الصواب في الطريق المستقيم، وتبدو صحة المنطلق في استحضار النية وتحقيق الإخلاص والتوجه بالأعمال كلها لله وحده، وطلب الأجر منه وحده وعدم الالتفات إلى الناس.. قال الله تعالى: {ومَا أُمِرُوا إلا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ويُقِيمُوا الصَّلاةَ ويُؤْتُوا الزَّكَاةَ وذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ} (البينة: 5).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم (رواه مسلم).
"]
[/URL
والقاعدة تقول:
من صحت بدايته استقامت طريقه وصحت نهايته، ومن فسدت بدايته اعوجت طريقه وساءت نهايته.
وقال علماؤنا قديما:
الفترة بعد المجاهدة من فساد الابتداء، لكن الإيمان يزيد وينقص، وكذلك الهمم تفتر، فكيف نثبت على الطريق رغم العقبات والأزمات؟.
إن قلبك هو سر نجاحك، فرتِّبه ولا تترك الفوضى فيه تعوم،
وكما قال مصطفى صادق الرافعي: إن الخطأ الأكبر أن تنظم الحياة من حولك وتترك الفوضى في قلبك.
الهمة والإتقان وبعد النية لا يكون إلا الهمة، وبعد الهمة لا يوجد إلا الإتقان،
وإلا كنتَ أثقل ما يكون خطوا ووجدت السراب عند العطش.
ولا تترك همتك تدنو من الأرض وفتن الدنيا وشهواتها وملذاتها،
فإن نفسك تأبى إلا علوا كشعلة من النار يصوبها صاحبها وتأبى إلا ارتفاعا.
وبعد، فإن الراحة للرجال غفلة كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه. وإنه استعلاء ثمنه التعب، وبعد نور القلب لا يكون إلا الجد في الطلب.
وبعد أن وضعت وحددت المبدأ الذي تنطلق منه بقوة وعزم، عليك أن تجلس مع نفسك جلسة صدق مع الله تعالى تعيد فيها حساباتك وتقيم بها وضعك وترتب بها حياتك.
ما الجديد الذي ستُدخله عليها؟
وما التجديد الذي ستقوم به على ما تملك؟
أي شيء فيك ستبقي؟
وأيها أنت في غير حاجة له؟
["][/URL
وهذه بعض النقاط المهمة في كل جانب:
1- علاقتك بالله سبحانه وتعالى:
– حافظ على الفروض في وقتها .
– حافظي على السنن الرواتب وهي 12 ركعة في اليوم، مع صلاة الضحى.
– احرصي ألا يقل ورد القرآن اليومي عن جزء.
– اجعلي لك ربع ساعة يوميا للتفكر، وأفضل الأوقات التي يصفو بها الذهن قبل النوم أو بعد الفجر.
– حافظي على أذكار الصباح والمساء وأدعية الأحوال المختلفة، واجعلي لك وردا يوميا من التسبيح والتهليل والاستغفار والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، مستثمرا الأوقات البينية.
– لا تنمي بعد الفجر، وخصصي هذا الوقت لتلاوة القرآن والأذكار.
– قومي الليل ولو بركعتين بعد العشاء، والأفضل أن تعتاد تدريجيا أن تصحو ساعة قبل الفجر للقيام والدعاء والاستغفار لبركة هذا الوقت.
"][/URL
2- علاقتك مع ذاتك:
– حددي هدفك ورسالتك في الحياة، واكتبي ذلك على ورقة، وعلقيها أمامك لتقرأيها يوميا مرتين على الأقل.
– خططي لحياتك المستقبلية وفق هدفك ورسالتك، وضع الخطوات التي ستقومين بها هذه السنة والسنوات القادمة، وتذكري أنك كلما خططت بعمق ودقة وفهم واع لمدة أطول كلما اتضحت لك الرؤية.
– سجلي في مفكرةٍ الأعمالَ والواجبات التي ستقوم بها يوميا بعد الفجر.
– حافظي على ترتيب الأولويات في أعمالك، الأهم فالمهم.
– تفرسي في ذاتك واعرفي مهاراتك المميزة وحاول تطويرها.
– دوِّني في مذكرة خاصة، سميها قصة نجاحي، مذكراتك اليومية، واكتب إنجازاتك على الجهة اليمنى، وأخطاءك التي قمت بها على الجهة اليسرى، وراجع هذه المذكرة أسبوعيا. وكافئ نفسك على الإنجاز والنجاح وعاقب نفسك ولُمْها على الأخطاء.
– سجلي في مذكراتك – قصة نجاحي – نقاط القوة فيك ونقاط الضعف، وضع الخطط لتطوير نقاط القوة فيك والتغلب على نقاط الضعف فيك.
– إن كنت طالبه فاجتهدي في تحصيل نتائج رائعة في دراستك التي تحبها، وإن كنت عامله فاجتهدي أن تتقني عملك وتبدعي فيه.
– حافظي على المشي بشكل يومي، ويُفضل أن يكون صباحا بوقت مبكر أو مساءً قبيل المغرب.
/"][/URL
– خاطب نفسك بإيجابية دائما:
روِّح عن نفسك بين وقت وآخر بنزهة أسبوعية مثلا؛ لتخفف عن نفسك ضغوطات الحياة.
قمومي بإعداد خطة للقراءة والمطالعة اليومية، واحرصي على أن تنهي كتابا كل أسبوعين مثلا، وحتى تستفيدي من قراءتك دوِّن ملاحظاتك على ما تقرؤه، واقتبس منه بعض الجمل أو الدروس التي تعلمتها واكتبها في قصة نجاحك. ونوِّع في قراءتك لتزيد من معرفتك وثقافتك في كافة المجالات الحياتية.
استمع للأخبار يوميا وتابع بعض الصحف حتى تكون على معرفة بما يحدث من حولك من مستجدات محليا وعالميا.
"][/URL
3- علاقاتك الاجتماعية:
– ارضِ والديك وبرهما قدر استطاعتك.
– تقربي إلى أسرتك واجلس معهم يوميا، واستمع إلى أخبارهم وشاركهم أحوالك.
– صِلي رحمك، ولو لم يتيسر لك زيارتهم اتصل بهم أو راسلهم.
– طوري علاقتك بأصدقائك، وخصي منهم من ترتاحِ لها وتسعدِ بقضاء الوقت معها باهتمام أكثر، ليكون أقرب الناس إليكِ وأكثرهم تفهما لكِ، يعينكِ على دينكِ ودنياكِ وتكون مرآتك أينما توجهتِ.
– توددي إلى من تلاقي من الناس بالكلمة الطيبة، واعلم أن أنجح العلاقات تلك التي لا إفراط فيها ولا تفريط، أي التي لا تحتاج فيها أن تتلون وتتكلفِ في الحديث بل تكون عفويه بسيطه.
– لاقِ الناس جميعًا بابتسامتكِ.
– تقبلي أخطاء غيرك، وغضي الطرف عنها من باب الصفح والإحسان لا من باب الرصد والعد عليهم.
– استمعي إلى من يحدثك ولا تتكلمي إلا حين تنتهي؛ فإن ذلك من حسن الحوار وآدابه.
– أخبري من تحبين أنك تحبه، وانصحي من ترين فيها سلبية معينة سرًّا ولا تفضحيها علنًا.
– اهدِ من تحبين ومن تعرفين بهدية تحبها من وقت لآخر، فإن الهدية مهما قل ثمنها ترقق القلب.
"][/URL
4. علاقتك بدعوتك:
– طالعي كتب الدعوة وسِيَر الصحابة، وارتوِ من نبع سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
– ابحثي عن شيخ ثقة تتلقى العلم عنه والتربية.
– احضري مجلس علم مرة أسبوعيا.
– عوِّدي نفسك ودربيها على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل وقت وفي كل مكان بالأسلوب الذي يناسب كل موقف.
– شاركي ببعض المنتديات الإسلامية؛ فإن ذلك سبيل للدعوة يسير، وفيه الأجر الوفير والاستفادة الكبيرة. وطالعي بعض المواقع الإسلامية الدعوية لتكن على اطلاع دائم وعلم واسع.
– شاركي في الفعاليات العامة التي تقيمها الحركة الإسلامية في بلدك.
– مارسي دعوتك في بيتك وطبقي علمك على نفسك أولا، ثم الأقرب فالأقرب.
– وِّعي في أساليب الدعوة ما بين خطب ووعظ، كلمة طيبة ونصح في السر، إهداء لشريط، مراسلة، مخاطبة بالسر.
– تطوعي في أحد المجالات التي تتميز بها، مثلا: إن كنت متميزه في البحوث العملية فيمكنك التطوع في أحد مراكز البحث العلمي، وإن كنت تتميزين في الحاسوب فعلم عددا من الطلاب كيفية استخدامه، وبهذه الطريقة -أي التطوع- تطور ذاتك في مجال تميزك، وتعطي فيه وتبدع لتصلي به إلى مرحلة التخصص.
– علمي نفسك فعل الخيرات وسابق فيها من حولك ولا تستصغر عملا، فرب عمل صغير تستحقره يدخلك الجنان، ورب عمل كبير تستعظمه يُرَد عليك.
"][/URL
– وأخيرا، احمد الله أن جعلك من أهل الصفوة على علم ووعي وبصيرة، وكن على إدراك بهذا الذي جئناك به،
فإنك من بعد الآن مسئول عنه بين يدي الله، فهذه الجادة فأين السالك؟
وها نحن نقولها لك ونعيدها عليك: عرفتِ فالزمي… عرفتِ فالزمي!!.
"][/URL
– منذ اليوم أنتِ إنسان جديده، يملأ الأمل قلبك، والفرحة وجهك، ويداك تتوق للعمل، ورجلاك للسعي والتعب والنصب. كيف لا تكون من الأخيار وأنت حبيب الله؟!
كيف لا وقدوتك نبينا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه؟!
فهلا زاحمت الصحابة لتسعدي برفقته؟!.
– انطلقي واثقه بنفسك، متوكله على ربك، وانطلقي بقوة لتخطي قصة نجاحك
][/URL
شكرآ لكٍ ع الطرح الرائع.
لاعدمنا قلمك المبدع وطررحكٍ الرائع
تحيه لكٍ من لقلب معطره.
ولكٍ جزيل الشكر..
دمتي بخير..
بَارَـكـ الله فيَكَـ وَنفـ ـع ـبَك
وَجعَلهَا فـيـ ميَزاَن حَسَناَتكـ
فــ انَتظاَر جدَيَدكَـ القَـاَدم.
يُسع ـدني أإلـرٍد على مـوٍأإضيعكًـم
وٍأإألتلـذذ بِمـآ قرٍأإتْ وٍشآهـدتْ
تـقبلـوٍ خ ـآلص احترامي
لآرٍوٍآح ـكُم أإلجمـيله