الحمدلله الذي يقول الحق وهو يهدي السبيل ، والصلاة والسلام على نبينا
محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين ، جدد الله به رسالة السماء ، وأحيا ببعثته سنة
الأنبياء ، ونشر بدعوته آيات الهداية ، وأتم به مكارم الأخلاق وعلى آله وأصحابه ،
الذين فقههم الله في دينه ، فدعوا إلى سبيل ربهم بالحكمة والموعظة الحسنة ، فهدى
الله بهم العباد ، وفتح على أيديهم البلاد ، وجعلهم أمة يهدون بالحق إلى الحق
تحقيقاً لسابق وعده: [ وعـد الله الـذِين آمنوا وعمِلوا الصالحَاتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لهم وليُبدلنهم
مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ]
فشكروا ربهم على ما هداهم إليه من هداية خلقه والشفقة على عباده،
وجعلوا مظهرشكرهم بذل النفس والنفيس في الدعوة إلى الله تعالى
وتوشحوا تقوى الله في السر والعلن ..وبعد,,!
أتينا مرة أخرى نبحث عن مايسقي جدب أفئدتنا ويروي عطاش أوردتنا
أتينا وكلنا أمل بربي أن يكون معنا في خطى نستحثهَا لطهارة قلب وبصيرة درب ,,
فعاليتنا ياحبيبات تحتاج إلى عقول فـذة وهمم تناطح السحاب ترجو من رب الأرباب
بحثنا عن فقه يرينا دربنا ويعينناعلى طاعة ربنا افتقد هـذا الفقه في هذا الزمن حتى تلبسواعمىًمشينا في الأفعال ,,!
تقصينا عن فقه مفقود مهجور حتى بصرنا ربنا له وأخذ بأيدينا لطريقه ,, هو فقهنا المفقود :-
*تحميل كتاب (فقه القلوب) من [ هنا ]
ليس في الدنيا نَعيم ُشبه نَعيم الآخرة إلا نعيم الإيمان بالله ومعرفته بأسمائه وصفاته وأفعاله ,
وليس للقلوب سرور ولا لـذة تامة إلا في محبة الله ومعرفته , والتقرب إليه بما يحبه ويرضاه ,
ولاتمكن محبته الكاملة إلا بعد معرفته والإعراض عن كل محبوب سواه
وكل من أحب الله أنِسَ به , وَمن أحب غير الله عُـذب به
بل لانسبة بينهما.!
وكل نقص خارجي في العمل سببه نقص الإيمان داخل القلب ,
لـذلك فاللـذي لايُسلم نفسه لله داخل الصلاة لايستطيع أن يسلمها لله خارج الصلاة
وتلـذذ بعبادة الله , وظهرت شعب الإيمَان في حيَاته , وتعلقت روحه إلى الملأ الأعلَى ,
فأحبَه الله , وأحبَه من في السَمَاء, وجعل الله له القَبُول في الأرض
وإن كان كلاهمَا مهمًا , وكل واحد مكمل للآخَر فلا قبُول لأي عمل إلا باجتمَاعهمَا!
إلا أن فقه القُلوب وهو التَوحيد والإيمَان وشعبه لم يجمع في كتاب شَامل مستقل,
بينمَا فقه الجَوارح امتلأت به بطون الكتب ولله الحَمد , فتعلم أكثر النَاس الأحكام وقعدوا عن الأعمال
بسبب ضعف الإيمَان في القُلوب ! فكثر الجهل والجدل والخلاف! وقل العمل والإخلاص واليقين !
واتبَاع الشهوَات وترك أوامر الله ورسوله في الظاهر فيها الراحة ولكن هـذه الراحَة مثل القطرة, والعـذاب والمشقة المخفيَة وراءها كالبحر!
ونور الإيمان كالكشاف يميز به المسلم بين الدُنيا والآخرة.. وبين ماينفع ومايضر..وبين مايحبه الله ويبغضه..
وحسب قوة النور تكون الأعمَال.. وحسن الأخلاق.. وتنوع الأعمال.. والشوق والرغبة في كل مايحبه الله من الأقوَال والأعمَال والأخلاق.
وَمن أعرض عنه أبغضه وأعرض بقلوبهِم عنه.
وقيمَة الإنسَان بصفاته لابـذاته ففي المَخلوقَات من هو أكبر منه وأقوى منه ,
وأحسن صفاته الإيمَان والأعمَال الصَالحة , وشر صفاته الكفر والأعمَال السيئَة.
والعِلمُ بدون الجُهد يُورث الجدَل..! وَالعلم مَع الجُهد يُورث العمل والوجل في القلب..!
مَن أكمَل محبوبَات الله في الدُنيَا من الإيمَان والإحسان وَ التقوَى وَالتوبة وَالأعمَال الصَالِحَة ,
أكمل له الله محبوباته في الآخِرَة من دُخول الجَنَة, والفوز برضى الله ورؤيته,
وظفر هُناك بمالاعين رأت ولا أذن سمعَت ولا خطر على قلب بَشَر
وَأخسر الناس صفقة من اشتغل عن الله ودينه بشهوات نفسه، وأخسر منه من اشتغل عن ربه ونفسه بالناس ذماً وظلماً، وتجريحاً واحتقاراً.
كمية ونوعية.. ومكاناً وزماناً.. لا زيادة ولا نقصاً.
فنطمئ نونأخذه بالوجه الشرعي، ولا نطلبه بمعصية الله.
والدنيا دار الحاجات، والجنة دار الشهوات، فنأخذ من الدنيا بقدر الحاجة، ونقوم بأداء أوامرالله حسب الطاقة،
والله سبحانه يكمل شهواتنا يوم القيامة في الجنة دار كمال النعيم.
(11)
إذاأكرمك الله بنعمة فاستعملها في طاعة الله قبل أن تفارقها أو تفارقك،
وإذا وضع الإنسان جهده وماله تحت شجرة الطاعة كبرت وزادت،
وإذا وضع جهده وماله تحت شجرة المعصية كبرت وزادت، فهل يستويان مثلاً؟.
وإذا زاد الإيمان.. قويت الأعمال.. ثم صلحت الأحوال.. وإذا نقص الإيمان.. ضعفت الأعمال..ثم ساءت الأحوال
وإذا قامت الأعمال في المساجد اختفت الجرائم من الأسواق،وسبب كثرة الجرائم أن الناس
يقضون أكثر أوقاتهم في أبغض البقاع إلى الله وهيالأسواق التي يركز الشيطان فيها رايته.
والله عزَّ وجلَّ أعطانا الاستعداد الكامل للقيام بالدعوة والعبادة، وأكثر المسلمين اليوم ترك الدعوة إلى الله،
لأنه صار قانعاًبالعمل الصالح، فالعابد ميدانه نفسه.. والداعي ميدانه كل الناس..
وكلاهما على خير..لكن القطرة لا تقارن بالبحر، وكلاهما لازم !
فواأسفاه.. على ضياع الأوقات، وبعثرة العمر، وبعثرة الفكر،
وبعثرة الجهد في الشهوات والمخازي، والقبائح والكبائر والفواحش، واتباع الشياطين.
واحسرتاه..لقد ظلت هذه الأمة تعاني من الجروح الدامية ما تعاني، وكلما التأم جرح انفجر جرح آخر.
فهل يكفي أن تسكب العَبرات على مثل هذا الواقع الأليم؟.
فمتى تؤوب هذه الأمة المسكينة إلى ربها؟.
وماذايبقى للأمة إذا تجردت من لباس الدين والأخلاق والحياء؟.
واليوم نظرة عابرة إلى العالم الإنساني كافية لإلقاء الرعب في القلوب لو كانت هناك قلوب،
فقد أسفر الصبح عن جيل راكع لشهواته لا لربه إلا ما رحم ربك، وكسرت أوامر الدين في كثير من البلاد.
فهل يُترك الناس بلا واعظ ولا مذكر، يتردون في بحار الظلمات، ويسقطون في أودية الغي والفساد والشهوات،
وينحدرون في آبار الضلال والظلام والهلاك، ويعيشون كالحيوانات والشياطين؟.
وهل لهذا الوباء الذي عمّ وطمّ من سبب؟.
وإذاعرفنا سببه فهل من علاج لهذا الجرح الذي انفجر؟.. وهذا الوباء الذي انتشر؟.. وهذا القصر الذي انهدم؟..
وهذه القلعة التي تصدعت؟.. وهذه السفينة التي أوشكت على الغرق..؟.
أمالهذا الجرح من طبيب..؟.
أمالهذا القصر من مالك..؟.
ألايستحي البشر من كفران النعم؟.. ألا يخافون من بطش الجبار..؟.
أمالهم في سوق الدين من أرباح..؟.
أنسوا أن الله خلقهم وكرمهم، وهداهم واشتراهم..؟.
فمابالهم جفوا باب سيدهم ومالكهم، وتعلقوا بأذيال عدوهم..؟
لما عرف الأنبياء والرسل وأتباعهم قيمة الدين الحق، وأدركوا حاجتهم الماسة إليه، وحاجة البشرية إليه،
هان عليهم كل شيء من أجله، واستطابوا المرارات والمكاره من أجله، وتسابقوا في سبيل الدعوة إليه،
ونشر سننه وأحكامه،
وسيطرذلك على قلوبهم وعقولهم، واستغرق ذلك جل أوقاتهم..
واستهانوا بزخارف الدنيا وحطامها حين اشتاقت نفوسهم إلى لقاء الله، وقصور الجنة، وعلو الهمة
وجعله الله في ميزان حسناتك
بإنتظار جديدك