وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ
(العنكبوت 69)
" والذين جاهدوا فينا "
يعني الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين
" لنهدينهم سبلنا"
أي لنبصرنهم سبلنا أي طرقنا في الدنيا والآخرة.
{ وإن الله لمع المحسنين }
يقول : وإن الله لمع من أحسن من خلقه ,
فجاهد فيه أهل الشرك , مصدقا رسوله فيما جاء به من عند الله بالعون له ,
والنصرة على من جاهد من أعدائه.
قال ابن عطية : فهي قبل الجهاد العرفي وإنما هو جهاد عام في دين الله
وطلب مرضاته قال الحسن بن أبي الحسن : الآية في العباد وقال ابن عباس وإبراهيم بن أدهم :
هي في الذين يعملون بما يعلمون
حدثنا أبو هشام الرفاعي محمد بن يزيد حدثنا محمدبن فضيل عن الوليد بن عبد الله بن جميع عن أبي الطفيل عن حذيفة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا
وإن ظلموا ظلمنا ولكن وطنوا أنفسكم
إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا
قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه
) سنن الترمذي)
( لا تكونوا إمعة )
بكسر الهمزة وتشديد الميم
وقال صاحب الفائق : هو الذي يتابع كل ناعق ويقول لكل أحد أنا معك لأنه لا رأي له يرجع إليه . ومعناه : المقلد الذي يجعل دينه تابعا لدين غيره بلا رؤية ولا تحصيل برهان والمراد هنا من يكون مع ما يوافق هواه ويلائم إرب نفسه وما يتمناه .
(ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا إلخ )
قال في القاموس : توطين النفس تمهيدها وتوطنها تمهدها والتقدير وطنوا أنفسكم على الإحسان إن أحسن الناس فأحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا لأن عدم الظلم إحسان .
حديث رمضان
حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعلي بن حجر جميعا عن إسمعيل قال ابن أيوب حدثنا إسمعيل بن جعفر أخبرني سعد بن سعيد بن قيس عن عمر بن ثابت بن الحارث الخزرجي عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه حدثه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر
دعاء
إذا أتيت مضجعك ، فتوضأ وضوءك للصلاة،
ثم اضطجع على شقك الأيمن ، ثم قل
اللهم أسلمت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ،
وألجأت ظهري إليك ، رغبة ورهبة إليك ،
لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك ،
اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ، وبنبيك الذي أرسلت
يَا أَيُّهَاالنَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ
حَلالا طَيِّبًا وَلاتَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ
(البقرة 168)
لما بين تعالى أنه لا إله إلا هو وأنه المستقل بالخلق شرع يبين أنه الرزاق لجميع خلقه فذكر في مقام الامتنان أنه أباح لهم أن يأكلوا مما في الأرض في حال كونه حلالا من الله طيبا أي مستطابا في نفسه غير ضار للأبدان ولا للعقول ونهاهم عن اتباع خطوات الشيطان وهي طرائقه ومسالكه فيما أضل أتباعه فيه من تحريم البحائر والسوائب والوصائل ونحوها مما كان زينة لهم في جاهليتهم
عن ابن عباس قال : تليت هذه الآية عند النبي صلى الله عليه وسلم " يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا " فقام سعد بن أبي وقاص فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة فقال " يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه أربعين يوما وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به "
أخبرنا أبو نعيم حدثنا زكريا عن الشعبي قالسمعت النعمان بن بشير يقول
سمعت رسول الله صلىالله عليه وسلم
يقول الحلال بين والحرام بين وبينهما متشابهات
لايعلمها كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لعرضه ودينه
ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى
فيوشك أن يواقعه وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه
ألا وإن في الجسد مضغة إذاصلحت صلح الجسدكله
وإذا فسدت فسدالجسد كله ألا وهي القلب
(صحيح البخاري)
بسم الله الرحمن الرحيم
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَاللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ
وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون }
(الأنفال 2)
" إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم " قال : المنافقون لا يدخل قلوبهم شيء من ذكر الله عند أداء فرائضه ولا يؤمنون بشيء من آيات الله ولا يتوكلون ولا يصلون إذا غابوا ولا يؤدون زكاة أموالهم فأخبر الله تعالى أنهم ليسوا بمؤمنين ثم وصف الله المؤمنين فقال " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم " فأدوا فرائضه " وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا " يقول زادتهم تصديقا " وعلى ربهم يتوكلون " يقول لا يرجون غيره
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليبعثن الله أقواما يوم القيامة في وجوههم النور على منابر اللؤلؤ
يغبطهم الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء
قال فجثا أعرابي على ركبتيه فقال يا رسول الله حلهم لنا نعرفهم
قال هم المتحابون في الله من قبائل شتى
وبلاد شتى يجتمعون على ذكر الله يذكرونه
رواه الطبراني بإسناد حسن
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ }
(التوبة 119)
" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " أي اصدقوا والزموا الصدق تكونوا من أهله وتنجوا من المهالك ويجعل لكم فرجا من أموركم ومخرجا وقد قال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله هو ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا " أخرجاه في الصحيحين
حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن قتادة عن صالح أبي الخليل
عن عبد الله بن الحارث رفعه إلى حكيم بن حزام رضي الله عنه قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو قال حتى يتفرقا
فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما
وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما
(صحيح البخاري(
" فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما إلخ " وقوله صدقا أي من جانب البائع في السوم ومن جانب المشتري في الوفاء , وقوله " وبينا " أي لما في الثمن والمثمن من عيب فهو من جانبيهما وكذا نقصه .وفي الحديث حصول البركة لهما إن حصل منهما الشرط وهو الصدق والتبيين , ومحقها إن وجد ضدهما وهو الكذب والكتم , وهل تحصل البركة لأحدهما إذا وجد منه المشروط دون الآخر ؟ ظاهر الحديث يقتضيه , ويحتمل أن يعود شؤم أحدهما على الآخر بأن تنزع البركة من المبيع إذا وجد الكذب أو الكتم من كل واحد منهما , وإن كان الأجر ثابتا للصادق المبين , والوزر حاصل للكاذب الكاتم . وفي الحديث أن الدنيا لا يتم حصولها إلا بالعمل الصالح , وأن شؤم المعاصي يذهب بخير الدنيا والآخرة .
{ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا
وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ }
(هود 6)
أخبر تعالى أنه متكفل بأرزاق المخلوقات من سائر دواب الأرض صغيرها وكبيرها بحريها وبريها وأنه يعلم مستقرها ومستودعها أي يعلم أين منتهى سيرها في الأرض وأين تأوي إليه من وكرها وهو مستودعها . وقال علي بن أبي طلحة وغيره عن ابن عباس " ويعلم مستقرها " أي حيث تأوي " ومستودعها" حيث تموت وعن مجاهد " مستقرها " في الرحم . " ومستودعها " في الصلب كالتي في الأنعام
حدثني عبد الله بن محمد بن أسماء بن عبيد الضبعي حدثنا جويرية
يعني ابن أسماء عن نافع عن عبد الله
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتتف دخلت فيها النار
لا هي أطعمتها وسقتها إذهي حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض
صحيح مسلم
( من خشاش الأرض )
بفتح المعجمة ويجوز ضمها وكسرها وبمعجمتين بينهما ألف الأولى خفيفة ,
والمراد هوام الأرض وحشراتها من فأرة ونحوها ,
{ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ }
(التكاثر 8)
أي ثم لتسألن يومئذ عن شكر ما أنعم به عليكم من الصحة والأمن والرزق
وغير ذلك ما إذا قابلتم به نعمه من شكر وعبادته
عن صفوان بن سليم عن محمود بن الربيع قال لما نزلت " ألهاكم التكاثر "
فقرأ حتى بلغ " لتسألن يومئذ عن النعيم " قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أي نعيم نسأل ؟
وإنما هما الأسودان الماء والتمر وسيوفنا على رقابنا والعدو حاضر فعن أي نعيم نسأل ؟
قال " أما إن ذلك سيكون
أخبرنا محمد بن يوسف عن سفيان عن ليث عن عدي بن عدي عن أبي عبد الله الصنابحي
عن معاذ بن جبل قال
لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع
عن عمره فيما أفناه وعن جسده فيما أبلاه
وعن ماله من أين اكتسبه وفيما وضعه
وعن علمه ماذا عمل فيه
( سنن الدارمي)
الراوي: معاذ بن جبل المحدث: المنذري –
المصدر: الترغيب والترهيب – الصفحة أو الرقم: 4/298
خلاصة الدرجة: إسناده صحيح
( فيما أفناه ) أي صرفه
( وعن شبابه ) أي قوته في وسط عمره
( فيما أبلاه ) أي ضيعه
( وعن ماله من أين اكتسبه ) أي أمن حرام أو حلال ؟
لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ
فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى
لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
(البقرة 256)
" لا إكراه في الدين " أي لا تكرهوا أحدا على الدخول في دين الإسلام فإنه بين واضح جلي دلائله
وبراهينه لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره
ونور بصيرته دخل فيه على بينة ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره
فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرها مقسورا
" فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها
والله سميع عليم " أي من خلع الأنداد والأوثان وما يدعو إليه الشيطان من عبادة
كل ما يعبد من دون الله ووحد الله فعبده وحده وشهد أن لا إله إلا هو
" فقد استمسك بالعروة الوثقى " أي فقد ثبت في أمره واستقام على الطريقة المثلى
والصراط المستقيم العروة الوثقى يعني الإيمان وقال السدي :
هو الإسلام وقال سعيد بن جبير والضحاك :
يعني لا إله إلا الله وعن أنس بن مالك العروة الوثقى القرآن
حدثنا محمد بن عمر بن علي المقدمي قال حدثنا أشعث بنعبد الله يعني السجستاني
و حدثنا ابن بشار قال حدثنا ابن أبي عدي وهذا لفظه ح و حدثنا الحسن بن علي
قال حدثنا وهب بن جرير عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير
عن ابن عباس قال
كانت المرأة تكون مقلاتا فتجعل على نفسها إن عاش لها ولدأن تهوده
فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار فقالوالا ندع أبناءنا
فأنزل الله عزوجل
{ لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي }
قال أبو داود المقلات التي لا يعيش لهاولد
( أن تهوده ) : بفتح أن مفعول تجعل , فإذا عاش الولد جعلته في اليهود ,
كذا في معالم التنزيل
( فلما أجليت ) : بصيغة المجهول جلا عن الوطن يجلو وأجلى يجلي إذا خرج مفارقا
( بنو النضير ) : قبيلة من يهود
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْـزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَابَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ
فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ
(البقرة 159)
إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا
فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
(البقرة 160)
والذي في الصحيح عن أبي هريرة أنه قال لولا آية في كتاب الله ما حدثت أحدا شيئا" إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى" الآية
ويلعنهم اللاعنون " يعني تلعنهم الملائكة والمؤمنون وقد جاء في الحديث " إن العالم يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر " وجاء في هذه الآية أن كاتم العلم يلعنه الله والملائكة والناس أجمعون
" إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا " أي رجعوا عما كانوا فيه وأصلحوا أعمالهم وبينوا للناس ما كانوا يكتمونه " فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم " وفي هذا دلالة على أن الداعية إلى كفر أو بدعة إذا تاب إلى الله تاب الله عليه وقد ورد أن الأمم السابقة لم تكن التوبة تقبل من مثل هؤلاء منهم ولكن هذا من شريعة نبي التوبة ونبي الرحمة صلوات الله وسلامه عليه
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
سنن أبي داود