قــــربص
تقع قربص في ولاية نابل او شبه جزيرة الراس الطيب و تبعد عن العاصمة 70 كم من جهة الشرق
ليست "قربص" التونسية جزيرة تطفو على مياه البحر المتوسط وانما هي مدينة ناصعة البياض معلقة على سفح جبل اخضر، تتدفق من ينابيعها مياه سخنة مليئة بأملاح معدنية ينصح بها الاطباء لمعالجة أمراض كثيرة. ويعود اكتشاف ميزات المدينة الى العهد الفينيقي حينما اشتهرت منذ ذلك الحين بحماماتها وينابيعها الطبيعية وموقعها الفريد المطل على خليج تونس.
تعد "قربص" من أقدم المدن السياحية في تونس على رغم صغر حجمها ولا يستبعد مؤرخون ان يكون اسمها تحريفاً لجزيرة قبرص، أو لعل الرحالة اطلقوا عليها هذا الاسم لتشابه المشاهد الطبيعية بين المنطقتين، فيما عزاها مؤرخون آخرون الى الاسم الذي اطلقه الرومان على أعمدتها التاريخية وهو "كاربيس" (Carpis)، الا ان شيئاً منها لم يتبق اليوم، إذ نهبت على أيام الانتداب الفرنسي للبلد.
لكن ميزة المدينة التونسية التي يصل اليها الزوار عبر طريق جبلية محاذية للساحل المتوسطي، هو انها تضم عدداً كبيراً من الينابيع التي تتدفق منها مياه حارة متجهة من الجبل الى البحر ويعرفها اهل البلد بأسمائها، فهناك "عين الصبية" و"عين الشفاء" و"عين العتروس" و"عين اقطر" و"عيون كثيرة اخرى بعضها يعبأ ماؤه في قوارير ويباع في المحلات التجارية لانه من اجود المياه المعدنية في البلد. وكانت هذه الينابيع معروفة في الفترتين الفينيقية والرومانية.
وقبل ان تنتشر السياحة في تونس كانت قربص تستقبل السياح الذين يأتون اليها بتوصية من الأطباء لقضاء فترة نقاهة او للتداوي بمياهها الغنية بالكبريت والمعادن.
فنادق وحمامات معدنية
لكن غالبية زوار "قربص" وحتى اليوم من اهل البلد وليسوا من السياح الاجانب، وليس في المدينة فنادق مخصصة لهم فالفنادق هنا مرتبطة بالحمامات المعدنية وحصص التدليك والتداوي بالمياه التي يشرف عليها أطباء متخصصون. مع ذلك يقبل التونسيون بأعداد كبيرة على زيارتها لا سيما في الاجازات، ويستمتعون بتسلق جبالها الخضراء حيث تفسح المواقع المرتفعة المجال لمنظر منقطع النظير لمدينة تونس وخليجها المرصع بالمدن الصغيرة. ومن شوارعها يستطيع الزائر أن يلقي نظرة على قرطاج الواقعة على الضفة المقابلة من الخليج.
وبسبب ارتفاع المدينة عن سطح البحر لا يستطيع زوارها السباحة في ساحلها الا اذا ما نزلوا الى بلدة سيدي ريس القريبة منها، وبوشر اخيرا بتنفيذ خطة لتهيئة منطقة سياحية متكاملة تشمل البلدتين.
توسعة وتحديث
إلا أن شعبية "قربص" ومشاريع التحديث لا تزال غير كافية، ويعتبر طبيب المحطة الاستشفائية الدكتور شكري همامي ان البنية الاساسية في "قربص" تقادمت وأنها تحتاج الى تجديد وتحديث لتغدو من المحطات المعروفة في منطقة البحر المتوسط، بعد استكمال التوسعة الجارية واقتناء معدات جديدة ستوضع في قاعات الساونا والجاكوزي.
وبعدما كان اغلب زوار المحطة من أبناء البلد طوال أربعة عقود بدأ السياح غير التونسيين يتوافدون إليها وان بأعداد محدودة اعتباراً من العام الماضي، خصوصاً الايطاليين والجزائريين. ويؤمل ان يرتفع العدد بعد استكمال شق طريق جديدة والتخلي عن الطريق الحالية التي تعتبر خطرة.
وتمنح محطة "قربص" خيارات مختلفة لمن يرغبون بالتخلص من التعب والضغط بواسطة الحمامات المعدنية لكن بأسعار بعيدة عن تلك المعتمدة في مراكز العلاج بمياه البحر في المدن السياحية المشهورة، اذ لا يتجاوز سعر الحصة هنا خمسة عشر دولاراً.
وتفضل الأسر التي يزور افرادها "قربص" الانطلاق في جولات في الجبال مع الاطفـــال للاستفادة من نقاء المناخ لتعمد بعد ذلك الى اخذ حمام معدني بعد العصر، قبل الـــعودة الى مـــناطقهم. لكن بعضهم الآخر ينزل هناك أياماً متواصلة مستمتعاً باقــامتة وبتوافر الفنادق والمحلات التجارية والخدمات الاخرى التي يحتاجها المقيم.
بعض الصور من قربص