الانتحار اللاإرادي
الليل قيثارة أحزاني..بل صدى أنيني وتعمق ألامي..في أعماقي..في جوارحي..
أنا أبن الرابعة عشر..تتملكني الأحزان ..وأنا أنظر إلى أخوتي وأبناء عمومتي
يلعبون..ويلهون .
أحاول كسر حاجز الخوف في نفسي واقترب منهم رويدا ..رويدا.
ينظر إلى أخي…يقترب مني …يكلمني بغضب ماذا تريد؟
أريد أن العب معكم قليلا…
أبتعد عنا نحن لا نرغب في العب معك…
لماذا أنا أخوكم ؟
أمي ستغضب منا إذا لعبنا معك… تقول لنا إنك مجنون ..وعنيف سوف تؤذينا .
ليس حقيقيا هذا الكلام…أنا فقط أريد أن العب معكم ليس إلا ولن أؤذيكم,
أردت أن أكمل كلامي معهم ..
ولكن زوجت أبي أخذت تصرخ أيها ألولد الفاشل ..
تعال هنا :لماذا أنت هناك …تعال بسرعة … وذهبت إليها مسرعا…
أمسكتني من أذني قائلتا :
أيها العنيد ألم أطلب منك أتبقى هنا؟..
أردت أن العب قليلا؟
لن تلعب مع أحد , أنت هنا فقط تسمع كلامي ..وتنفذ أوامري أيها البليد,
خذ هذه القمامة وألقي بها خارجا في المكان المخصص لها …
ركضت خارجا تنفيذا لأمرها والخوف يعصف بي ,..
رجعت ألي المنزل …وجلست وحيدا في المكان الذي اختارته لي …وأنا أنتظر متى تطلبني مرة أخرى.
أخذت تدور في رأسي أسئلة …عن ماهية الطفولة …وهل الطفولة تفرق عن طفولة وطفولة؟
..وهل أخوتي وأبناء عمومتي يحق لهم أن يكونون أطفال؟
وأنالا أستحق هذه الطفولة؟
لماذا هذه المر أه تسرق طفولتي ..وتذلني ؟
لماذا لا أحس بكياني وإلى متى أعيش هكذا؟
..وأستسلم للموقف القاص والتعب يحاصرني,وأخذت في البكاء إلى أن تملكني ألوهن
وفجأة أفقت على صوت والدي وأنا أرى أخوتي وأبناء عمومتي يلتفون حوله ويأخذون ما جلبه لهم من حلوى…أتمنى أن يحتفظوا بقطعة حلوى ..فانا أحبها ,
نعم ها هو قادم نحوي …باه ولكنه تعداني ,صرخت بأعلى صوتي ..أبي :ولما ألتفت
ألي قال :أنت هنا ؟..ماذا تريد ؟ أحسست بغصة في حلقي وأنا أتلعثم: ألم ..ألم تجلب لي حلوى …مثل أخوتي ؟ فقال: آه لقد نسيتك ,ثم غادر كأنني لست موجود.
حتى نظراته إلي كانت فارغة من العاطفة ,أحسست بغصة في حلقي وبرغبة في البكاء . ولذت بالصمت المؤلم ..وذهبت إلى ملجئ الذي جعلوه لي مسكنا ,
وتكورت على نفسي …وغفوت لا أعلم كم من الوقت نمت ,ولكني أستيقضت على
ارتفاع صوتها :
قم أيها البليد لماذا ابتليت بك ؟
أغرب عن وجهي …وتغادر…
أخذت افرك عيني ,وأبحث عن لبس لأرتديه مسرعا ,
فتمسك بي خادم عجوز ..وتأخذني على جنب لتعطيني ما أسد به رمقي ,
وخرجت راكضا خوفا من غضب والدي الذي أخذا ينهرني كالعادة على تأخري…هيا يا بليد الإحساس إلى متى تضل مع هؤلاء الأطفال؟
هكذا يبدأ يومي ..بشجار…وصياح…وصراخ.فألوذ بالصمت فقط
كان الصمت ملاذي الوحيد مع دموع متحجرة …وغصة تخنق حلقي,
دخلت إلى المدرسة ناظرا إلى التلاميذ كنت الكبير بينهم ومازلت في السادسة الابتدائي ,
ولكن ليس ذنبي إنه ذنبهم هم جعلوني هكذا …هم جعلوني بليد الإحساس
هم…وهم …وهم ,أخذت أفكر وبصوت مسموع وبتمرد غير اعتيادي:
سأهرب,نظر ألي المدرس وهو متفاجئ ؛
ماذا قلت ؟ نظرت إلية مندهشا من سؤاله يا ترى عن ماذا يسأل ؟..
دعاني المرشد الطلابي ,وذهبت أليه, قال لي:لماذا ستهرب؟
نظرت متفاجئ ومن قال إني سأهرب؟
قال سمعك مدرسك تذكر ذلك,
قلت: آه ولكني لم اعني الهروب من المدرسة, بل الهروب من المنزل ..
قال أتهرب من أسرتك؟
قلت: نعم سأهرب من أسرتي..ومن زوجت أبي بالذات؟
هل تقسوا عليك زوجة أبيك؟
قلت: نعم لهذا أريد أن أهرب,
قال لي:ولكن الهروب ضعف وأنت شاب قوي كافح وأجتهد وبالجد تنجح,
ولكن لا تيأس وقاوم وأكمل دراستك..بهذا تنتصر عليها وتنتصر على ضعفك إن شاء الله,..
أذهب الآن الله يساعدك,ابتسمت بألم.ما أسهل الكلام…
ولكني سأحاول أن أنجح قلت ذالك في نفسي وأنا خارج من غر فتة .
تمر الأيام قاسية علي..ويتغلغل في أعماقي فراغ رهيب حتى الآلام لم أعد أحس بها
بل أتلذذه وأستسيغه ..حتى صار الألم مني فهو يجعلني أقوى,
سأنجح لأنني أصبحت أقوي ,حتى على الألم والعذاب.
لقد نجحت هذه السنة…أردت إخبار والدي بذالك,
..وفجأة سمعته يصرخ على شخص ما , تجمدت مكاني أخذت أنصت وكان والدي يقول: لا لن أسمح لك برؤية عابد ,
ويجيبه الصوت الآخر:
ولكني خاله ومن حقي أن أسأل عنه وأسلم عليه ,
صرخ والدي قائلا: كفى لن تراه ولن أسمح له أن يراكم …
ولن يرى أمه ……لقد استطعت كل هذه ألمدة أن أجعله ينساكم بصعوبة…
وسأجعله ينساكم طول العمر,
رد عليه قائلا:
حرام عليك تحرمه من أمه خاف ألله يا أخي,
أخذا أبي يصرخ به:
أخرج من داري..أخرج ,
فتسللت إلى الخارج وانتظرت الرجل أللذي فهمت من الحوار أنه خالي,
وإذا به يخرج وهو غاضب فقلت له: من هنا يا خالي …من هنا ,
دهش مني خالي ولكنه عرفني فأخذني بأحضانه يضمني ويقبلني ..
ودفعته بعيدا عن المنزل ..وتكلمنا معا في أمور عدة ..وسألته عن والدتي هل حقا تخلت عني ؟
سكت خالي لحظات وقال : أنالا أعلم ماذا أخبرك والدك ,
كانت المشاكل بين أمك وأبيك بسبب عدم اقتناعهما ببعض…
فقد تزوجا لإرضاء والديهما …لم يعيشا يوما واحدا بدون مشاكل ,
وكانت فرصة أبوك عندما توفي والده فتزوج بالمرأة أللتي يرغب بها .
وأرسل أختي لنا بورقة طلاقها ,وتمسك بك ..حاولنا إقناعه بأن تبقى معنا
لأكنه رفض ..
وأنت كنت شديد ألتعلق به فلم نستطع أن نأخذك منه
أما أمك يا أبني لم تفقد يوما الأمل ..فقد ضلت تأتي عدة سنين لزيارتك
ولاكن والدك لم يسمح لها برؤيتك ,
وهذه ألسنه ترجتني أمك أن أسأل عنك ..وها أنا أتيت لرؤيتك ولأسأل عنك .
وكما سمعت لم يوافق والدك حتى أن أراك,
ولكن قدرة الله فوق الجميع فلولا الله ثم سماعك لحوارنا لما كنت رأيتك قط ,
فقلت: آه يا لقسوة والدي لقد حرمني أمي وحرم أمي مني .
ماذا أفعل الآن؟
أعطاني خالي رقم هاتف وقال لي :جد طريقة للاتصال بنا ,ثم ضمني إليه وذهب رجعت إلى المنزل وكلي خوف وفرح…… حتى أنني أخذت أصرخ على غير عادتي لقد نجحت …لقد نجحت.نظر إلي والدي وقال :
أتعلم كم عمرك ؟
قلت :نعم في الثامنة عشر ,
قال : يعني أنه من المفروض أنك ناجح من ألثانوية وليس من الكفاءة أغرب عن وجهي,
أحسست بالإحباط والإهانة بالذل…والغضب ,أخذت أصرخ في غرفتي إلى متى هذه العيشة…إلى متى هذا ألإذلال …,
رأيت عمي من نافذة غرفتي فرحت به وخرجت إليه لأخبره بنجاحي
و أطلبه مساعدتي في أمر ماء …فرح عمي بي وقال:
الحمد لله أخيرا تخطئة الكفاءة ..
فقلت: أرأيت يا عمي أنت قلتها …أخيرا تخطئتها يعني أنا لا أنفع في الدراسة ..ساعدني أرجوك لكي أدخل التجنيد ..ساعدني على أقناع والدي أرجوك يا عم , قال: حسنا يا أبني سأقنع والدك..سأقنعه بأذن الله ,
فرحت بذالك عندها أحسست أن الفرج آت ,
وبعد أيام جاءني عمي وهو يقول:
يا عابد أبشر لقد أعطاني والدك توكيل لأقطع لك بطاقة أحوال ووافق بأن أساعدك
في ألتسجيل في إحدى المدارس العسكرية ,
وقفت جامدا لا أتحرك شعرت بأن كل فترات الفشل التي عشتها تتهاوى ..شعرت في هذه اللحظة بانتصاري الأول , انتابني فرح مزدوج ضممت عمي ألي وأنا أشكره
من أعماقي لأنه كان المفتاح الأول لخروجي من هذا السجن.
ها أنا أنطلق …بطاقتي بيد وحريتي باليد الأخرى ..سأذهب إلى معسكري الرائع لأجسد أحلامي وأمنياتي ..وأن أقف على ألأرض قادر على العطاء
ومرت مدة التجنيد ..وتم تعيني في إحدى المدن العسكرية. وصممت على الكفاح
لأصل إلى أملي الرائع؛
وبعد مدة استحققت إجازة فذهبت إلى رئيسي وطلبت منه أذن بالإجازة لرؤية أهلي فلم يمانع وأعطاني الموافقة,
خرجت لا ألوي على شيء …أركض …أطير إلى لحظة الخلود …إلى لحظة الارتماء في أحظانها ,
أنا آتي أليك يا أمي …أنا آت إليك أخيرا…
اتصلت على خالي طلبت العنوان بالضبط فأخذ خالي يشرح لي الطريق ..
أخيرا تم مرادي ..وها أنا على وشك الوصول أليها ..إلى من حرمت منها عشرون عاما..نعم عشرون عاما حرمت من اغلي من سكن قلبي,
الآن سأكون في أحضانك يا أروع من في الأرض وأجمل ما في الكون ,
أتمنى سيارتي أن تطير..أن تحلق فوق الجبال ..وتدخل بين الغيوم ..يا إلهي أأنا مجنون..أو نشوة الشوق هي الجنون؟
أخيرا وصلت ها هو المنزل أمامي…أرى الناس كثر حول المنزل..هل كل هؤلاء جائوا ليرحبوا بي,
آه لا أريد أن يكونون حاجزا بيني وبين أمي, ها أنا أقف أدفع ألناس من أمامي, أريد الوصول بسرعة إلى أمي, وجدت خالي أمامي يمسكني..
ويضمني …دموعه تملأ عينيه ..أخذني بعيدا,
أبعدته عني وقلت له: لا أحتاج إلى حنانك الآن ..أحتاج إلى حنانها…أنا ضامئ إليك يا أمي ..دعني أذهب إليها ,
يجذبني نحوه ..يحضنني من جديد ..صرخت به قائلا: يا خالي أشعر بداخلي شيئ
مؤلم ..ولكن أرغب في حضن أمي ..
أرجوك دعني أدخل أليها ..فحررت نفسي منه وركضت داخل المنزل لاكن وجدته أسود ومحترق …أرضيته غارقة بالماء …
شعرت بقلبي يقفز من بين ضلوعي, دخل خالي مسرعا خلفي ..وقال: كفى يا أبني
أنت تعذبني ..ألا ترى كيف المنزل محترق…كاحتراق قلبي على أختي وعليك…
كفى يا أبني لقد احترقت مع هذا المنزل …حاولنا إسعافها.. ولكنها ماتت قبل وصولها
المستشفى ..
.قلت لا أريد أن أسمعك ..أريد أمي دعني أراها .
قال : كفى لا تستطيع حتى أن تراها,قلت: أمي لم تحترق …ألذي يحترق قلبي..جوفي
إنني أحترق من داخلي, قال: أهدأ يا أبني..وأخذني خارجا ..وأنا مازلت أصرخ…
أنا ألذي أحترق
…فأخذ يصرخ على ألناس ساعدوني علي حمله .ا.وأنا مازلت أقول:
أنا الذي أشتعل..هي لم تمت..حملوني إلى المستشفى وأنا أشعر بأنني أشتعل ..ولم أعد بعدها أشعر بشيء
صحوت : وإذا بخالي قربي…أخذا يقول:الحمد لله على السلامة يا أبني.. لقد توقعت أنك جننت,
نظرت أليه باستغراب وقلت: لماذا؟
قال:ماذا تعني…هل نسيت ألذي حدث؟
..صرخت: كفى…كفى . أغمضت عيني وأكملت: أريد أن أخرج من هنا وبسرعة
,قال: حسنا لا تغضب كلنا سنخرج …ذهب إلى الطبيب وقال له:
ابن أختي بخير ..يريد الخروج…أتي إلي الطبيب وعاينني وعندما رأى هدوئي وافق على خروجي.
.وهكذا خرجت من المستشفى….فقط أريد أن أغادر..ذهبت إلى سيارتي..ولحق بي خالي يسألني: إلى أين يا ولدي؟
قلت: سأخرج من هذه ألمدينه..
لا أستطيع ألبقاء هنا ولا للحظة واحده . فقال :لا ألومك بني…ولكن لا تقاطعني فأنت من ريح ألغالية ..
.قلت: لن أقاطعك ..فقط أريد أن أرحل ألآن ,
قال لا بأس…أنتبه لنفسك.
ها أنا أنطلق إلى المجهول ..وأحس بأن التعب يحاصرني..أتطلع..وأحدق في الفراغ…فراغ نفسي ..يمر أمامي شريط طفولتي المحاصرة بالكبر,
الطفولة التي لم أحس بها…التي حرمت منها . بعد انتشالي من حضن أمي.
أحسست بوحشة باردة تتملكني..وأنا أنطلق إلى أعلى المطل.
الصور تمر أمام عيني ..في ذاكرتي..يختفي..أبي …زوجته ..إخوتي كل هذه الصور
تتلاشى,
أحس بلحظة جنون..لأهوى إلى القاع…لأرتطم بالأرض من هذا المطل,
إلى الضباب…إلى الهاوية .
.أبسط كفي للهواء..وأنا أسقط سعيدا..في السراب..ف الحلم…وأحسست بالأشياء تصطحبني إلى منفاي ,أضغط على بنزين سيارتي لتسقط
أسفل المطل بين الضباب…أحاول أن امسك الضباب دون دهشة أو خوف..
أسقط وأرى أمي تشتعل…وأنا أسقط..
.وسيارتي تهوى بي إلى المنحدر…تسقط بي أسفل المطل .
تمت
لا الهـ الا اللهـ
والله قصه غريبهـ
لكي مني ارق تحيه
تستحقين التقييم وزياده النقاط
اشكرك حبيبتي ويشرفني تواجدك بالقسم
انتظر جديدك القادم
لكم مني ارق تحيه
حزنت مره
مشكوره يا قمر