أنهى دراسته الثانوية وحزم أمتعته وولى وجهه شطر مدينة الضباب لاستكمال الدراسة هناك …سينزل ضيفا على ابن عم له قضى بها سنتين ،لاه،متحلل من كل خلق شرقي،عابث، متعثر في الدراسة..باختصار شديد مختف في هذه البلاد البعيدة عن أنظار ملاحقة الأسرة ومراقبة المجتمع الذي ينتمي إليه فقط ..أما الدراسة والتحصيل فهي بالتأكيد آخر ما يفكر فيه صاحبنا…
نزل عليه خبر وفود ابن عمه من طرف العائلة كالصاعقة ..فهو يعرفه جيدا ويعرف أخلاقه والتزامه بدينه وتقاليده،ما العمل؟كيف يمكن أن يداري كل موبقاته عن أعين هذا الرقيب المتحصن ؟!!
شرع لتوه في تنقية المكان من الصور الماجنة وثلاجته من علب الجعة ، وإخفاء اسطوانات الغناء الفاحش والأفلام الخليعة ..وظل يخفي ويخفي ويخفي ويتذكر هذه وتلك ليضعها في الصورة حتى لاتفاجئه بسقطة وابن عمه موجود… هذا الشرطي الذي سيتخذ من مسكنه مخفرا له إلى حين…
عاد به من المطار مرحبا ترحيبا غير معهود ومحاولا ألا يثير الريبة والشك في نفسه ويخبر الأسرة فتمنع عنه معين المال الذي تصرفه عليه من أجل التحصيل .
بعد أن استراح ابن عمه طلب منه أن أن يدله على القبلة من أجل الصلاة لأن مدينة الضباب دائمة الغيوم فلم تسطع بها أشعة الشمس لتدله عليها وليس معه بوصلة تهديه ..ففوجئ الفاشل وقال في نفسه:هذا ما لم يكن في الحسبان ،وكيف لم أنتبه لهذا ..ما أغباني!!!
وبما أنه لم يصل ركعة قط بديار الغربة فإنه لم يهتد إلى إرشاد ابن عمه وتوهم مكانا وقال له :هنا..إلى ..إلى هذا الاتجاه!!
وظل ابن عمه على هدي هذه القبلة التي دله عليها أياما…
وأشرقت الشمس في لندن بعد أسبوع ذات صباح وأرسلت أشعتها لتهدي الحيارى وتدفئ قلوبا تعرف ربها …فانفجر ابن العم ضاحكا وقال : نعم ..صحيح أن الرجل على دين من يخالل…
لقد وجد نفسه طيلة الأسبوع وهو يصلي إلى البيت الأبيض!!!