تخطى إلى المحتوى

الكابوس قصة حقيقية 2024.

  • بواسطة
الكابوس

خليجية

——————————————————————————–

الكابوس

في صحوي ومنامي يطاردني.. في غدوي ورواحي.. في غفوتي ويقظتي
.. وحتى في أحلامي يطاردني ذلك الكابوس البغيض.. الذي لا يفتأ أن
ينغص علي حياتي ويملأ أيامي بقسوة الترقب وعذاب الإنتظار..
وهل ذلك سيحدث؟.. سؤال يفزعني ويهزني حتى النخاع.. خوف مبهم
يجتاحني، ويحيل حياتي إلى لعبة في كف الأقدار..
صرخت جزعة ذات ليلة.. هرعت أمي إلى فراشي مرتاعة.. دموع كثيرة
كست وجهي ولكنني لم أفه بحرف.. ولم أخبرأمي بالكابوس الذي يسكنني..! 0
تكرر الكابوس.. وتكرر الصراخ.. وتعبت أمي منى وتعبت منها
سألتني
-: ذات يوم وحنان الأمومة يرتج في صدرها
أمل.. مابك؟ –
لأهرب من الإجابة.. رددت على السؤال بسؤال آخر
لماذا؟ –
: إخترقتني عيناها الخبيرتان لتكشف أعماقي و هى تقول بقلق
إن ما يحدث لك عجيب.. صراخ معظم الليالي.. هل أنت مريضة؟ –
هززت برأسي علامة النفى، ونهضت هاربة من المواجهة.. والصوت
يدوي في رأسي.. والعذاب يلهث في صدري من جديد.. وماذا أقول لأمي
:.. بل ماذا أقول لنفسي؟
إختارتني المعلمة في الفصل لأقوم بحل السؤال على السبورة لم أستطع
الجواب.. ولم أستطع حتى أن أحرك يدي.. إنهالت على باللوم والتقريع
: وقالت لي ضمن ماقالته
أما أن تكوني مريضة أو غبية..؟! 0-
صدمتني الكلمات رغم الضحك المتواصل من زميلاتى.. فهل أنا مريضة
فعلاً كما تقول امي والمعلمة.. ولكنني لا أعرف سبباً واحداً لمرضي ولاحتى
.. عرضاً له.. كل ما أعرفة هو هذا الكابوس الذي يأبى أن يفارقني
قررت أن أحكي لصديقتي (سارة) فهي الوحيدة القادرة على فهمي..
إجتذبتها من يدها إلى حجرتى.. أغلقت الأبواب والنوافذ بإحكام.. قالت لي
وسط ذهولها
ماذا تفعلين؟! 0 –
أجبتها بأنني سأحكي لها عن حلم
: ضحكت بشدة وهى تقول
أنت يا أمل إما مجنونة أو مريضة..؟!0-
كانت تهزل بلا شك.. ولكن كلمتها الأخيرة إخترقتني كسهحم قاتل،
وأضاعت بهجتي فى الإعتراف.. إلتمعت الدموع فى عيني والعالم يزداد
ظلاماً ووحشة.. وذلك الكابوس الرهيب يجتاحني بقوة لم أستطيع لها دفعاً..
: حتى صرخت بها
سارة.. أرجوك أخرجى..0 –
: بهتت.. سألتني
.. أمل.. مابك.. لقد كنت أهزل معك –
: همست ودموعي تهطل بغزارة
أرجوك أخرجي بسرعة.. 0-
نظرت إلى بفزع.. ثم مضت مترددة نحو الباب.. دفعتها بعنف وأغلقت
الباب.. ألقيت بنفسى فوق السرير واستسلمت تماماً للكابوس الذي حطمني..0
حلم غريب أو كابوس مريع فيه أرى أختي الصغيرة تقتلني.. تقترب مني
بخطى حثيثه وفي يدها خنجريلتمع نصله الحاد في ظلام الحجرة ثم تهوي
به على جسدي في طعنات سريعة متوالية.. وأصرخ.. وأصرخ..
وأصرخ.. 0
: فتحت عيناي بيأس وأنا أتساءل بمرارة
.. لم يتكرر هذا الكابوس المفزع كل ليلة؟.. بل كل يوم
أنظر إلى أختي الصغرى ذات الأثنى عشر ربيعاً.. إنها هادئة وجميلة وبراءة
.. الأطفال تسكن عينيها
.. إذن هل هي أضغاث أحلام؟.. أم ماذا؟
قررت أن أصارح أمى بالحقيقة لتحمل عني ولو جزءاً من تبعات هذا الحلم
.. العجيب
: قلت لها بصوت متهدج
أماه.. إني أرى حلماً غريباً يتكرر دائمأ في صحوي ومنامي.. نطرت –
: إلي في دهشة وهي تسأل
كنت أشعربذلك.. خيراً إن شاء الله ماهو لأفسره لك؟..0 –
: أجبتها بإضطراب فشلت في إخفاءه
لا أدري.. كل ما أراه هو أن شقيقتي الصغرى خلود تقتلني في الحلم.. 0-
تطعنني بخنجر دون هوادة أو رحمة..0
إنني إتعذب يا أماه ولا أدري ماذا أفعل؟
رفعت رأسي لأفاجأ بوجه أمي الممتقع وبعينيها الغارقتين بالدموع.. سألتها
: بوجل
أمى مابك؟.. ماذا حدث؟ –
: جففت دموعها بسرعة وهي تنهض قائلة
.. لا شئ.. أبداً لا شئ –
: أسرعت خلفها أعدو وأنا أقول
والحلم يا أمي.. ماذا بشأنه..؟! 0 –
لكن كانت قد أغقلت باب حجرتها بإحكام.. 0
ذلك الحوار مع أمى كان البذرة الأولى للعذاب الذي نمى داخلي وترعرع في
صدري وضربت جذوره أعماقي.. ما السر الذي تحاول أمي أن
تخفيه عني؟..0
.. لم تغيروجهها وبكت حين أخبرتها بأمرحلمي؟
.. ما العلاقة بين حلمى وبكاء أمي؟
أسئلة كثيرة تطرق رأسي بدون جواب.. وتمر الأيام وأنا ممزقة حائرة
تغتالني أحلامي وتعذبني براءة شقيقتي وطفولتها العذبة.. 0
وقررت فجأة أن أتجه إلى أحد العرافات أبثها شكواي وأتلقي النصيحة منها0
حصلت من إحدى صديقاتي على عنوان إحداهن ورقم هاتفها.. ذهبت إليها
.. مترددة يسبقنى خوفى.. إستقبلتني بفتور أذاب كل حيائى
: رمشت عيناها فجأة وهي نقول
أنت مريضة.. أليس كذلك؟ –
حدقتما فيها بذهول.. مريضة!!.. ما معنى كلمة مريضة؟.. ولماذ يصر
الكل على أننى مريضة؟.. هل أنا مريضة فعلاً..؟ وهل يبدو على ذلك
: بوضوح؟.. تابعت كلامها وقد أسعدها صمتي المطبق
.. مم تشتكين؟.. أستطع أن أخمن هذا الأمر –
لذت بالصمت لتشجيعها على الكلام.. إستطردت بصوت واثق
: أنت طالبة.. وتعانين من الأرق والصداع و.. قاطعتها قائلة –
بالضبط،. ولكن الأمر أخطر من ذلك بكثير.. 0 –
منذ أشهرخلت يطاردنى حلم مفزع أرى فيه شقيقتي الصغرى تقتلني فى
الحلم.. ثم أفيق وأنا أصرخ فى رعب مميت..
أطرقت برأسها صامته وجهها الملئ بالتجاعيد يتلون بصورة أفزعتني.. ثم
: صرخت فجأة وهى تقول
– أخرجي.. هيا أخرجي..
: وقفت الملم أشلائي بإرتباك وأنا أسأل
لماذا.. والحلم؟ –
: إخترقتني صرختها الآمرة
أخرجي بسرعة. ولن يعود إليك الحلم مرة أخرى.. –
: قبل أن يبتلعني الباب الخارجى.. قلت لها بتساؤل
– وأختي؟
: أشاحت بوجهها قائلة
-: الحلم سيعاودك عندما تكبر شقيقتك هذه.. سألتها
– مامعنى هذا؟
: نهضت لتختفي بالداخل وصرختها لاتزال ترن في أذنى
أرحبوك أخرجى بسرعة..! 0
خرجت وأنا أشد شحوباً وألما.. لم تزدني كلماتها إلا تخبطا وضياعا.. إلى
من ألجأ ولمن أحكي وقد ضاقت بى الدنيا على رحبها وأوصدت الأبواب كلها
في وجهي.. ولدهشتي الشديدة إختفى الحلم.. ذاب الكابوس من حياتي..
لم أعد أرى شيئا في أحلامي..
إنتهى الكابوس والى الأبد..
: سألتني أمي بقلق
حبيبتي ماذا حدث؟.. لم تعودى تصرخين كل ليلة..؟ –
: قلت لها بمرح
نعم لقد إنتهى ذلك الكابوس يا أمى.. إنتهى إلى غير رجعة –
: هتفت وعلى وجهها سيماء تفكيرعميق
حمداً لله.. حمداً لله.. 0 –
ومع مرور الشهور والسنوات نسيت أمر ذلك الحلم العجيب، إستغرقتني دوامة
الحياة ومشاكلها.. فلم أعد أذكره ثانية خصوصا مع إقتراب موعد زواجي
من الشاب الذي أحببته من كل قلبي وروحي وعقلي..0
كان موعد الزواج يواكب يوم تخرجي من الكلية.. فمضيت بكل جهد
واجتهاد أعكف على كتبي ومذكراتى ألتهمها إلتهاما.. تظهر لي بين كل
صفحة وأخري صورة حبيبي وزوجي القادم وهو يبتسم لي بحب وتشجيع.
حتى كان يوم.. عدت فيه من كليتي متعبة.. ألقيت بنفسي على السرير
لأنهض بعد دقيقتين وأنا ألهث والعرق الغزيريتصبب من جسدي..
رباه.. إنه الكابوس مرة أخرى.. الحلم المريع الذي مزقني منذ ستة سنوات
مضت.. إنه نفس الحلم.. بنفس التفاصيل.. إ!.. بنفس الشخوص إ!..
مامعني هذا؟.. والى أين يأخذنى؟..
سكن الخوف قلبي.. وشلت الحيرة حركاتى.. فالأمرلم يعد مجرد حلم
بسيط.. أو أضغاث أحلام. إن السنوات التي مرت بى ونضجي النفسي
والمعنوي يقولان لي هذا.. فالحلم الطبيعي لا يكون بهذا الشكل المفزع
المرعب ولا بهذا التكرار العجيب..
لابد أن الأمر كبير وخطير؟.. 0
أسرعت إلى أقرب مكتبة.. إشتريت جميع ما وجدته من كتب تفسير
الأحلام عكفت عليها لمدة ساعتين..0
خرجت بعدها شاحبة الوجة.. ممزقة الفؤاد.. منهكة القوى.، لم أجد في هذه
الكتب مايروي غليلي أو يفسر ولو جزءا بسيطاً من الأسئلة التي تفتت عقلي..0
أسرعت إلى الهاتف ومعي قائمة بأسماء وأرقام الشيوخ ومفسرى الأحلام.. 0
وبدأت في الإتصالات الواحد تلو الآخر.. ولا شئ.. أحدهم فقط قال لي
: بتردد
ربما هو ظلم يقع عليك والله أعلم.. ! 0 –
: إنقبض قلبي بشدة وأنا أرد عليه
ولكنها شقيقتي الوحيدة بين خمسة أولأد.. وأنا أحبها بشدة.. رد الشيخ -بفتور
الله أعلم..! 0-
هطلت دموعى بغزارة وأنا أشعر باليأس.. اليأس يحوطني من كل جهة..
هل ألجأ إلى أمي.. إنها لاتملك شيئاً تفعله لي سوى الدموع.. أحكي الحلم
لأختى.. إنها البطلة المتوجة لهذا الكابوس المرعب.. ولكن ماذا سيكون رد
فعلها.. أتبكى؟ أم تعجب؟.. أم تضحك بسخرية كعادتها
: وتقول لي بمرح
– لابد أنك مريضة..
مريضة.. إنها الكلمة الشبح التي أصبحت تمثل لي عدواً لابد من التصدى
له.. هل أنا مريضة فعلاً وما هو مرضي.. وما منبعه؟..
قادنى التعب إلى سريري.. وأغمض الإنهاك عيني رغماً عني.. لتتوالى
صرخاتي بعد برهة وتشق السكون من حولي.. فتحت عيني بجهد لأسمع
: صوت أختي خلود تهتف قائلة
.. مابها؟.. لابد أنها تحلم –
أواجه نظرات أمي المتسائلة.. ألمح فيها عذاب صامت وحزن دفين..
: تكلمنا في نفس اللحظة
.. لابد من الذهاب إلى طبيب-
وقبل أن تدق الساعة الثامنة صباحا كنت وأمي فى عيادة الطبيب النفساني
الشهير د/ محمد الخالد
: حدجني الطبيب بنظرة فاحصة قبل أن يقول
إكتئاب!!؟ –
هززت رأسي بالنفى.. وصمتت أمي بوجل.. إغتصب الطبيب ضحكة
: قصيرة وهو يقول
الإكتئاب منتشر هذه الأيام بين صفوف الفتيات.. المتعلمات خصوصآ…0 –
ولكن ما شكواك؟
تخدرت دموعي وأنا أحكي له عن حلمي الغريب.. أنصت لي بهدوء ثم
: ناقشني بعض تفاصيل الحلم قبل أن يقول لأمي
هل تتذكرين سيدتي أنه قد حدث لها أثناء طفولتها مثل هذا الصراخ –
الهستيرى أثناء النوم..
: أطرقت أمي برأسها مفكرة.. ثم قالت بعد برهة
.. لا ..لا أعتقد –
نهض واقفا وهو يدعوني إلى سريرالفحص.. إستلقيت باسترخاء كما أمرنى
.. جلس خلفي وبيده قلم وورقة.. سألني أسئلة كثيره عن طفولتي ومدرستي
وعلاقاتي.. وحتى عن شقيقتي خلود وعن أشقائي وخطيبي..
: وقبل أن يودعني قال بحسم
إن الأمر حقا لغريب.. وأعتقد أن الحلم لن يعاودك إذا كان الأمر مجرد –
حالة نفسية طارئة.. 0
: قبل أن أخرج هتف بقوة
إذا عاد الحلم مجدداً فلا تأتئ إلى مرة أخرى.. فلا علاج عندي لك.. 0-
خرجت من عنده وأنا أمقت كل شئ وأرهب كل شئ..
سريري ودولابي وحجرتي.. هاتفني خطيبي يسألني عن دروسي..
: أجبته عن أسئلته ببرود.. سألني بقلق
أمل.. مابك؟-
: قلت وأنا ألوك همومي
.. أبداً.. لا شئ –
أيوجد ما يغضبك؟ –
.. كلا.. كلا.. لاشئ –
هل ضايقتك مكالمتي؟
كلا.. كلا.. دعنى الآن أرجوك.. 0
آغلقت سماعة الهاتف لتواجهني أختي بنفس الأسئلة..
نظرت إليها بتمعن.. إنها جميلة.. بل فائقة الجمال وباهرة الأنوثة.. إنها
تفوقني جمالاً بمراحل.. ورغم أنني أكبرها بخمس سنوات إلا أنها أطول
مني بكثير..0
وفجأة تذكرت.. إنه فعلاً أمر محير.. إن الحلم عندما عاود الظهور مرة
أخرى بعد خمس سنوات كان بنفس الصورة ولنفس الهيئة التي كأنت عليها
شقيقتي قبل خمس سنوات.. 0
مامعني هذا؟.. سؤال آخريصب في بحيرة الحيرة التي أتخبط فيها .. 0
رجوت شقيقتي بأن تكف عن أسئلتها.. حاولت أن أستذكر د روسي ولكن
غلبني النوم فارتفع غطيطي وسط الكتب والدفاتر والأوراق لأستيقظ صارخة
بعد لحظات وعيوني جأحظة من الرعب.. لم أفكرللعودة للطبيب مرة
: أخرى.. فكلعاته الأخيرة لاتزال ترن في أذني
إذا عادوك الحلم مرة أخرى.. فلا تعود إلى..! 0-
لن أعود إليه فلست مريضة أو مجنونة.. أنا أعرف وأفهم أكثر منه.. بل
وأكثرمن الأطباء جميعهم..0
فادني تفكيري إلى إلعرافة العجوزالتي لجأت إليها منذ خمس سنوات مضت
.. بحثت طويلاً في أوراقي حتى وجدت عنوانها ..
ذهبت إليها متلهفة أكاد أقفزالطريق قفزا لأصل إليها بسرعة..( إن عدم
ثقتي بالأطباء إنعكس أيجابياً على ثقتي بها) وهي التي تنبأت بعودة الحلم
لي مرة أخرى عندما تكبرشقيقتي.. نبض قلبي بقوة حينما وجدت بيتها
يعج بالنساء.. أسدلت الغطاء على وجهي لكيلا تعرفني إحداهن فريما وصل
.. الأمر إلى الكلية إلتي أدرس فيها فتكون فضيحة
إتخذت مكاني بينهن.. لفت إنتباهي وجود طبيبة إلى جواري.. عرفت من
: كلامها مع جارتها بأنها طبيبة.. إلتفتت إلى فجأة وسألتني
هل تثقين بها؟ –
: ترددت قبل أن أقول كاذبة
كلا.. كذب المنجمون ولو صدقوا –
: قالت بإستخفاف
إذا لماذا تحضرين إلى هنا، أنا عن نفسي أثق بها فهي قد تبنأت بزواجي –
. قبل أن يحدث
سخرت منها بأعماقي.. فالزواج شئ بديهي لأية فتاة حتى ولو كانت طبيبة! 0
إنتظرت حتى وصلت لدوري، ودخلت بسرعة، وكأنني أخشى أن تهرب
: مني، بادرتها قائلة
.. أنا.. هل تذكريني؟ –
: نظرت إلي بعينين نصف مغمضتين وقالت بلا اهتمام
.. من؟ أن الزبونات كثيرات ولا أعرف واحدة بعينها –
: قلت بخيبة أمل لم أستطع إخفائها
.. أنا.. صاحبة الحلم القديم-
وانطلقت أحكي لها قصة زيارتي الأولى لها وماحدث فيها وقصتي مع الحلم
الغريب..
قفزت فجأة كالملسوعة وأختفت بالداخل.. مزت ألدقائق بطيئة مملة ولم
تظهرمره أخرى ..
وبعد نصف ساعة من الإنتظار المعذب خرجت لي خادمتها لتعلن بأن السيدة
.. تطلب منى الخروج
: سألتها برهبة
لماذا؟.. ماذا حدث؟ –
: هزت الخادمة كتفيها بلا مبالاة وهي تقول
لا أدري.. لا أعرف ولكنها تطلب منك مغادرة المكان.. 0-
: إمتلأت عيناي بالدموع وأنأ أهمس
– ألم تقل شيئاً آخر؟
: ترددت الخادمة قليلاً قبل أن تقول بخوف
بلى،.. لقد قالت إنها النهاية.. ولا أدرى نهاية ماذا؟ –
شكرتها وغادرت المكان مهزومة.. تماما كما حدث قبل سنوات خلت..
عدت إلى البيت وحزنى يفجر دموعاً تملأ أحداقى.. سمعت شقيقتي تتكلم
همسا عبر الهاتف.. لم أعرها إنتباها إلا حين ناولتني السماعة وهي تقول
: بجذل
.. خطيبك حسين –
:تناولتها منها بدهشة وأنا أسأل زوجي المقبل
– عما كنتما تتهامسان؟
: إضطرب صوته قبل أن يجيب
كنت أسألها عن صحتك..-
أنهيت المكالمة بعد لحظات، وخوف مبهم يتسلل إلى أعماقى.. وقلق
غامض يجتاح نفسي بجنون.. هل بدأ الشك يغزو عقلي المنهك؟ ربما من
تلك اللحظة.. ولكن تعبي وحيرتى وانهياري سرعان ما تلاشت حينما
أدركت العذاب الذي ينتظرني فى أحلامه..
إستمر الكابوس بذبحني كل ليلة.. واستمر الشك يطحن أيامي.. لاحظت
تغيرشقيقتي خلود.. أصبحت تتهرب مني وكأنها تخشى مواجهتي..لا
نلتقي إلا نادرا.. ولا نتحدث إلا لماما رغم أننا نسكن في بيت واحد وفي
حجرة وأاحدة..!! 0
من جهة أخرى إنقطع خطيبي عن محادثتي.. عللت ذلك بإنشغالى فى
المذاكره ولمرضي الذى إعترفت به أخيرا.. ولكن الحقيقة فرضت نفسها..
فأفقت ذات يوم على واقع بشع رفضت أن أصدقه.. خطيبى يتراجع عن
الخطبة ويقول لأمي بأن الزواج قسمة ونصيب.. قبل أن أتدارك اللطمة
الموجعة أعلنت أختي مساء اليوم نفسة بأنها ستتزوج من حسين.. خطيبي
أنا ومن كان سيصبح زوجي..
صرخت أمى وبكت.. حاول أخوتى إقناعها بفداحة خطأها بالكلام وبالعنف
: أحيانا.. ولكنها صرخت في وجوهنا جميعا بكل وقاحة قائلة
سأتزوج من حسين رغم أنفكم جميعا.. واذا حاولتم منعي سأهرب وأتزوجه..
المفاجأة أعجزتني عن الإستيعاب والنطق وكأنني أرى مشهدا غريبا لا يمت
لعالمي بصلة.. جررت قدمي جرا إلى حجرتي وسكون عجيب يتسلى إلى
.. نفسي ويخدرها
إستسلمت للنوم بهدوء.. لأول مرة منذ فترة طويلة أنام بعمق شديد لم يتوافر
.. لى طوال حياتي
أفقت مذهولة.. لقد إختفى الحلم.. وتلاشى الكابوس الرهيب الذى كان
.. يقضى مضجعي.. ولكن رباه
إذن الكابوس تحول إلى واقع بغيض منفر.. فهاهى شقيقتي الوحيدة تسلب
مني خطيبي.. أغلى إنسان لدي في الوجود.. هاهي تظلمني وتطعنني في
ظهري بمنتهي القسوة والجحود.. هرعت إلى أمي في المطبخ.. فوجئت
: بها تبكي بعنف.. إقتربت منها.. مسحت دموعها وقلت لها بهدوء
أمي.. إنني لست حزينة على فقد حسين.. فهوبالتأكيد لا يستحقي.. –
.. ولكنني حزينة من أجلها هي.. أختي
: قاطعتني أمي قائلة
إنها ليست أختك..! 0-
: إبتسمت وأنا أقول:
.. رغم جحودها لي تبقي أختي في النهاية –
: صرخت أمى بقوة
إنهأ ليست أختك.. حقا يا أمل فإن خلود ليست أختك وهذه هي الحقيقة –
التي حرصت مرارا على إخفائها عنكما..
.. رغم صدمتى الشديدة فإنني تلقيت الأمر بهدوء
فكثرة الصدمات قد شدت من أزري.. وأضافت إلى كيانى الصامد قوه
.. جديدة لم أحلم بها
عرفت من أمي أن خلود هي إبنة خالتي التي توفيت في حادث سيارة مع
زوجها.. ولعدم وجود أقارب قريبين تكفلت أمي برعاية الطفلة وتربيتها
رغم ممانعة المرحوم والدي ولكنها إعتبرتها كأبنتها ولم تفرق بيني وبينها
في أي شئ.. حتى في الثياب وإلهدايا والنقود.. ولكنه القدر الذي أبى الا
أن يكشف لي عن وجه الحياة البشع وقذاره إلنفوس المعتمة..
: سألت أمي بقلق
وهل عرفت خلود هذه الحقيقة..؟!0 –
أومأت برأسها علامة الإيجاب..
سألتها مرة أخرى..
وماذا فعلت؟ –
: إنهارت أمي في بكاء مرير.. سألتها بإلحاح
أمي.. لماذا تبكين!؟ –
: أجابت بحزن
خلود.. لقد غادرت البيت..-
إلى أين؟ وضاع صدى صوتي وسط تباشير الألم إلذى يلوح في وجه أمي
.. يتراءى لي الحلم البشع بخطوطه الموجعة.. تقترب مني خلود بخطى
حثيثة وفي يدها خنجركبير.. لطعنني بقسوة شديده في كل موضع من
جسمي.. فأصرخ وأصرخ وأصرخ.. ولازلت أصرخ.. ووسادتي مبللة
بالدموع ………………0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.