[SIZE=السلام عليكم و رحمه الله"5"][/SIZE]
هذه المرة أقدم لكم رواية إرادة رجل عَشِقـ وكتبتها بالعامية لأنه سيكون قريب من الواقع
فأتمنى تعجبكم و تعيشونها و تتقبلوها
ولا تنسوا أن ترسلوا النقد
____________________
_________________________________
_________________________________________
وأتمنى من أعمــاق قلبي إنها تعجبكم ..
—————————–
———————————-
إرادة رجل عــَشِقــ
الفصل الأول
كانت جالسة قدام المرايه تتأمل عينوها اللي فيها معاني لازم ما يشوفها أحد. ناظرت لصورة أختها المنعكسة على المرايه وهي منهمكة في قراءة كتاب تاريخي و حست بقلبها ينقبض يوم سمعت صوت أخوها اللي أصغر منها وهو يسأل أمه عنها .تجاهلت هذا الإحساس الغريب ورجعته لضيق اللي تحس به داخلها. دخل عليهم أخوها ناصر بابتسامته المعهودة اللي ما تفارق وجهه
" لينا الوالد يبغاك "
رفعت عبير رأسها عن الكتاب وقالت
" أخيراً يا آخي!! من ضيفكم الثقيل هذا ؟؟ "
أبتسم ناصر وقال
" علمي علمك أنا عني هاذي أول مرة أشوفه فيها "
" أجل خلني أروح أسولف مع أبوي "
" لا يا عبير أبوي يبغي لينا لحالها "
ابتسمت عبير وقالت
" أيه رجال يجي يزورنا ويروح بعدين أبوي يبغي لينا لحالها؟ بس خلاص واضحة "
ما علق ناصر مثل ما كانت عادته مع أنه كان صاحب ظل خفيف ولسان عذب لكن الحين اكتفى بالابتسامة لأخته.رمت لينا فرشاة شعرها بمزح على أختها وقالت
" بلا سخافة, بعدين لا تنسين أنك ألكبيرة يعني يمكن يقول لي أكلمك بأسلوبي الخاص بعد الخطاب اللي رفضتيهم "
تغير وجه عبير 180 درجة .خصوصا إنها بدت تقلق من هذا الموضوع من كثر اللي طلبوها. هي رسمت لنفسها رجل معين وما تبغي غيره. ما كانت تفكر في شخص مستحيل أو يكون أسطورة في صفاته لا أبدا, ما كان لها غير شرطين الدين والخلق. لكن متى يتقدم لها هذا الشخص؟! اللي تقدموا لها أغلبهم إما دين بلا خلق أو العكس .أندمت لينا على اللي قالته لأختها وطلعت مع ناصر بسرعة عشان تروح لأبوها. قامت تسأل نفسها ليش عبير تبكي في كل مرة إذا فاتحها أبوها في مثل هذا الموضوع؟! مع أنه ما كان فيه شيء رسمي إضافة إن أبوها قد قال لهن بعد وحده من نوبات البكاء لأختها عبير أنه ما راح يزوجهن من دون رضاهن. وهذا زرع الطمأنينة في قلوبهن بعد ما كانت كل واحده تتوقع أن والدهن المتمسك بالعادات والتقاليد بيرفض أنه يزوجهن من واحد ما هو من قبيلتهن فضلاً على أنه يكون ما هو ولد عمهن و بعدين قالت لنفسها
"إلا صحيح ليش لازم هو اللي يفاتحنا في الموضوع مهوب أمي؟"
ما كانت لينا تعرف هي كانت تحاول تلقى مبرر لأختها عبير؟ أو إنها تحاول تهدي قلبها وتسليه اللي للحين منقبض؟؟! طيب كيف لو كان الأمر يخصها وش بتسوي ؟ هل بتعامله بطريقتها المعروفة بلا مبالاة وتأخذ الموضوع بغير جدية وقتها أبوها بيفهم أنها يعني رافضة الموضوع. فجأة حست بخوفها يزيد وهي تفكر إنها بتقابل عيون أبوها وهو يقول لها الموضوع وبشكل مباشرة .بدت وكأن جسمها يتكهرب من الموقف كله في النهاية قررت أن كل هذا ما يهم لأن والدهم صار أكثر تفهم و ما راح يقنعها بشيء ما تبيه مثل ما سوى مع أختها الكبيرة هيفاء اللي زوجها من دون رضاها مع أن أختها الآن سعيدة مع زوجها وتحبه كثير لكن لينا ما تبغي يصير نفس الشيء معها أو حتى مع عبير. وفي محاولة أخيرة منها عشان تبعد القلق بدت تشغل ذهنها وقالت لنفسها إنه ما هو بالضرورة يكون أبوها طالبها عشان يكلمها في هذا الموضوع و ما هو بالضرورة إن زيارة رجال تعني كل هاذي الأمور. كل ما فيها إن أبوها صلى العصر في المسجد والتقى برجال يعرفه أعزمه للقهوة وانتهت السالفة. التفتت لناصر اللي يمشي بجنبها ساكت وبدأت تتكلم معه وتعلق على عبير وتضحك لكن هو ناظرها بأخوة وعلى وجهه ابتسامة مجاملة و في داخله شعور قوي أنه يأخذ لينا بعيد قبل ما تدخل وتسمع اللي بيقال لها. زاد هذا من قلقها لأن هي وأخوها مرحين بشكل غير طبيعي وكثيرين حركة وفي الأحوال العادية ما تكون هاذي ردت فعله واستنتج عقلها أن فيه شيء لكنها بتتعامل معه بالطريقة المناسبة .هي قوية شخصية وقادرة تتعامل مع مختلف الظروف والأهم إنها تقدر تقنع أبوها بالشيء اللي هي ما تبغيه يعني ما له داعي كل هذا الخوف.حاولت تظهر إنها طبيعيه وما توقفت عن الكلام مع ناصر و أول ما حطت خطوتها الأولى ومشت مثل عادتها بسرعة جهة أبوها قالت بمرح يغطي توترها أو بالأحرى عشان أبوها يلغي اللي بيقوله
" سم يا أبوي قالوا تبيني "
تغير وجه أبوها شوي أما هي بداء قلبها يدق وكأنه في سباق ما هو منتهي منه و كان فيه شيء حولها غريب. هي ما كانت مع أبوها لحالها لا فيه ناصر اللي واقف عند الباب وانتبهت من زاوية عينيها اليسرى لشماغ أحمر ما انتبهت له يوم دخلت لأنها كانت لافه وجهها لأخوها ناصر. ألتفتت لرجال الجالس وهي تحسبه أخوها الكبير الوليد لأنه في مثل ذا الأمور يكون أخوها موجود لكنها أنصدمت بوجود رجال غريب يتأمل وجهها البيضاوي من عيونها الواسعة و انفها الناعم إلى فمها الحلو وكان الأكثر أثارة بنسبة له بشرتها البرونزية المشرقة و شعرها الكستنائي اللي طوله إلى أسفل كتفها. تداركت لينا نفسها و بسرعة تركت لرجليها القرار واتجهت للباب لكن ناصر كان واقف قدامها ومسكها ومنعها من أنها تطلع . ما عادت تفهم شيء ويا كود لقت صوتها وقالت
" ناصر وخر فيه رجال أبغى اطلع! "
" أستني يا لينا بتفهمين كل شيء الحين "
قالت بخوف
" الحين؟ أقول لك رجال …."
قاطعها صوت أبوها
" بنت! "
بدأت الأسئلة تتسابق لرأسها واحد وراء الثاني وما لقت جواب لأي واحد منهم خصوصاً صوت أبوها اللي تغير واللي ما سمعته يوم يناديها بذي اللهجة. رجع لها صوت أبوها مرة ثانية
" التفتي وشوفي الرجال "
هذا كثير عليها عشان تستوعب الموضوع خصوصاً وأنهم ينتمون لقلب صحراء نجد ومن أشد الناس تمسك بعادات وتقاليد أجدادهم حتى القاسية منها و اللي نساها كثير في مثل ذا الوقت. فهمت من كلام أبوها أن هاذي هي النظرة الشرعية قبل الزواج لكن هو ما كان يؤمن بهذا أبداً بدليل أنه زوج أختها من دون نظرة شرعية طيب وش اللي تغير الحين؟؟ ثم حتى وإن كان هذا جيد من جهة إن أبوها صار يؤمن بالنظرة الشرعية لكن كان لازم يأخذ موافقتها قبل كل شيء. كان لازم إنه يسألها عن رأيها بعد ما يطرح عليها صفات الرجال اللي تقدم لها. قام أبوها من مكانه وطلع ولده ناصر وصك الباب وراه ثم مسك بذراع لينا عشان تلتفت لرجال الجالس لكنها ما طاعته وارفضت إنها تلتفت وظلت مصرة أن ظهرها يظل ناحية الرجال الغريب ثم قالت بهمس لأبوها وفي عيونها احتبست دموعها
" بس أنت ما كنت ترضى بالنظرة الشرعية وش غير رائيك الحين؟! "
كان على وجه والدها قناع جديد ما شافته قبل اليوم و قال لها بحدة
" وإلى ها الحين ما أرضى فيها "
للحين ما فهمت بما أنه ما يؤمن بالنظرة الشرعية إلى الآن كيف سمح لها تدخل على رجال أجنبي عنها؟ عقدت حواجبها و ناظرت باستفهام لأبوها اللي أنكرت وجهه وهو يقول
" هذا زوجك أمس العشاء كتبنا كتابك عليه "
كان وقع الكلام قوي عليها ولا زال صداه يتردد في رأسها وله رنين بيفجر أذنها. كذا؟! من غير مقدمات تتزوج و من دون علمها. كان صوته جاف وهو يقول لها الخبر صوت قاسٍ خال من أي عاطفة. ما فهمت أبوها ولا راح تفهمه أبد. قالت معترضة أكثر من كونه سؤال
" وش قلت؟! "
قال وهو مغتاظ من طريقتها
" اللي سمعتيه التفتي لزوجك عشان يشوفك "
ما عرفت وش صار لها صحيح إنها مرحة نشيطة كثيرة الحركة لكن عنيده و قوية وسريعة في انفعالاتها ولها إرادة حديدية . حست لينا إنها نار تحترق جفت الدموع من عينها وزادت حدت نظراتها لأبوها ما راح ترضى باللي يصير لها أبد وما راح تسكت على اللي سواه فيها حتى وإن كان أبوها, هذا ما يعطيه الحق يتصرف بحياتها المستقبلية من دون استشارتها و بمثل ذي الطريقة البدائية. نست كل شيء حولها حتى ذاك الرجال الساكت اللي ما تعرفه إلى الآن واللي يقولون أنه زوجها ونست أن اللي واقف قدامها الحين هو والدها وغاب الخوف ورهبة الموقف من نفسها حتى خجلها من الرجال الجالس تبخر كل شيء تغير لأن بركان خامد انفجر و بيصهر كل من يوقف في وجهها صاحت في وجه أبوها بصوت مرتفع تنفي كل ما قاله لها قبل شوي
" ما هو زوجي ولا أنا ما خذته واللي يصير يصير "
شدد قبضته على ذراعها يهددها
" التفت ولا تفضحيني عند الرجال "
لكن هي نفضت ذراعها من يده
" ما أنا بملتفتة والفضايح مهوب أنا اللي اخترتها وأعلى ما بخيلك أركبه"
حاول أبوها يسيطر على نفسه من تصرف بنته الغير لائق
" لا ترفعين صوتك علي أنا أعرف الرياجيل وأعرف اللي فيه مصلحتك أكثر منك "
رفعت صوتها المخنوق أكثر وكأنها تسمع العالم
" بس هذا ما يخليك تزوجني وأنا ما أدري هو أنت اللي بيتزوجه ؟ "
قطع صراخها يد أبوها اللي صفعت خدها وخلت جسمها يرجف من الغضب .الحين وبعد ما لطم وجهها رجع لها شي من عقلها و حست بحرارة تقتحمها وبمرارة ظلمها تخنقها. هي أخطأت على والدها حتى وإن كان هو أساء لها بتزويجها من دون علمها بس هذا ما يعني إنها تسيء الأدب وتتجاوز الحد وتعالج الخطاء بخطأ ثاني. قال أبوها وهو واصله معه
" و أرفعي صوتك في وجهي مرة ثانية"
كان تهديد واضح منه أما هي بدت تفتش في شخصيته الجديدة هل هو أبوها اللي دللها أكثر من أمها؟ وين نظراته الحنونة ؟ وين صوته العطوف ؟ وين ابتسامته الأبوية ؟ ما فيه شيء من هذا أبدا؟ وبقي شيء واحد تشوفه قدامها أنها فقدته بتهورها. أقل شيء ما هو قدام الغريب كان المفروض إنها تأجل الموضوع وتكلم أبوها وتستلطفه عشان يخلصها من ذا الزواج اللي ما تبيه, و لأنها تعرف مدى حبه لها أكيد بيسمعها. لكن الحين شافت الحدة والغضب على ملامح وجهه واللي كانت هي من رسمها بتصرفها. حاولت تجمع أفكارها وقوتها وتشجع نفسها اللي انهارت ما يكفيها فاجعة زواجها حتى تخسر أبوها . قال أبوها بعد ما رجعت يده لجنبه
" عرسك بعد ثلاث شهور في بداية أجازة الصيف "
قالت في نفسها بما أنها خسرت كل شيء وخربته هي بنفسها فما فيه مشكلة من المحاولة مرة ثانية وما راح توقف عن محاولاتها أبد و بتستخدم كل الطرق عشان تنتهي من ذا الكابوس. كانت بتفتح فمها إلا أن الرجال الساكت قد قام من مكانه وقرب منهم حتى وقف وراها على بعد مسافة قليلة وقال
" إن سمحت لي يا أبو الوليد لينا الحين صارت زوجتي ولا أحب أن أحد يمد يده عليها طالما أني صرت ولي أمرها والوصي عليها "
التفتت له لينا بحده هاذي هي المرة الأولى اللي أقدرت فيها تناظر له مع أنها ما بينت ملامحه بسبب دموعها اللي للحين ما نزلت من عينها لكنها أدركت إنه أطول منها ولأنها نست إنها فوق أرض نجد ناظرته بجرأة و واحد من خدودها زايد حمرة عن الثاني من الكف اللي أخذته . ثقتها اللي تزعزعت كأنه رجع شيء منها ولازم تقوم ولو بمحاوله بسيطة ترجع شيء من كرامتها المهدورة قدام هذا الشخص فصرخت في وجه هذا الثاني وقالت وهي ترفع يديها بعصبية قدام وجهها
" أسمع لا أنا زوجتك ولا أنت ولي أمري فاهم ؟ شايفني وش أقول من اليوم ما تسمع؟"
مد أبوها يده مرة ثانية من وراها لكن الرجال اللي قدامها مسكها بيدها وبعدها عنه ومرت يد أبوها في الهواء. حاول أنه يمسكها من ذراعها بيأدبها لكن الرجال حال بينه وبينها . خبت وجهها بين يدينها لأن عينها ما قدرت تحتفظ بدموعها أكثر من كذا كان هذا أسوء شيء توقعته أنها تذوق طعم الذل في حلقها وهو يحميها من أبوها اللي معصب من أسلوبها الطفولي وسمعت صوته الرجولي الهادئ وهو يحاول يهدي أبوها
" قل لا أله إلا الله يا أبو الوليد "
" لا إله إلا الله محمد رسول الله "
" ما عليه يا أبو الوليد هد أعصابك وأمسحها في وجهي ها المرة "
" ما عليك من كلامها جاهلة ما تعرف وين مصلحتها "
" إذا ما عليك أمر يا أبو الوليد أبغى أكلمها لحالها عشر دقايق "
ناظر له أبو الوليد بحده لأنه ما كان بيقتنع أنه ينفرد مع بنته حتى مع عقد الزاوج اللي يجمعهم فقال الرجال
" من بعد أذنك يا أبو الوليد كلها كلمتين وأمشي ما راح أطول "
واضح أن الرجال نجح بإقناعه بكلماته القصير لأن أبوها هز راسه وقال
"طيب"
ثم التفت لها وقال
"أسمعيني لا تقلين أدبك على الرجال لا يجيك ما جاء جدي عوض "
طلع وتركها وراه مع الغريب اللي التفت لها وحاول يأخذها من ذرعها يجلسها لكنها بعدت عنه. قاومت دموعها ومسحتها عن وجهها بسرعة ومثل عادتها أخذت نفس طويل لضبط أعصابها يمكن تقدر تفكر بوضوح لأن هذا ما هو وقت البكاء. قدامها ليل طويل على مثل ذي المهمة وما قدامها غير عشر دقائق بس عشان تقوم بتجربة ثانية تخلصها من هذا الشخص اللي فرض نفسه عليها أو بالأحرى فرضه عليها أبوها. تكلم الرجال اللي قدامها
" أجلسي يا لينا "
ناظرت له بحده وقابلها بنظره هاديه وقال وهي يأشر بيده للمجلس العربي
" استريحي وما راح يصير إلا اللي يرضيك "
بيكون هذا أفضل لها لأن الطاقة في ساقها خلصت. مشت بعيد عنه و جلست على رجليها وضمت يديها لصدرها أما هو فاختار أنه يجلس قدامها وكان جالس على رجله اليمنى وناصب ساقه اليسرى و متكئ بذراعه عليها وقال
" طيب يا لينا الواضح لي أن أبوك ما قال لك شيء عن موضوع زواجنا "
لو كانت النظرات تقتل كان قتلته نظرتها له. هو ما يشوف وش قاعده تسوي من يوم دخلت؟ كمل وهو متجاهل ردت فعلها
" و زي ما قلت لك ما راح يصير إلا اللي يرضيك فأنا أسألك الحين والأمر راجع لك أنت تبيني ولا لا؟ "
من سؤاله السخيف اللي ما لقت له وزن أو قيمه صارت تشوفه الحين بوضوح. بشرته السمراء وانفه العربي المستقيم بأرنبته الدقيقة و فكه المربع اللي طلع عليه شيء من شعره و شكل ضلال خفيفة تتصل مع شاربه الخفيف كانت ملامح وجهه مع وسامتها تدل على قسوته خصوصا عند حواجبه السوداء المعقودة فوق عيونه الحادة ومع أنها اعترفت بجماله إلا أنه ما منعها تقول له باختصار
" لا "
تجهم وجهه وتحركت عدسات عينه يمين ثم شمال وكأنها عين الكترونية في رجل آلي ثم رجعت لوجهها مرة ثانية وهو يقول
" قبل ما تقولين لا لازم تصيرين في الصورة "
قاطعته بعصبية
" أي صورة أنت الثاني هو فيه أشين من أني اعرف أني متزوجة وأنا ما أدري؟! "
مر خيال ابتسامة سريع على شفايفه قبل ما يختفي وقال
" والله هذي غلطت أبوك وبعدين لا تقاطعيني وأنا أتكلم "
" وش شايف نفسك أنت أقول لك ما أبغيك فلا تقعد تخربط علي بكلامك الفاضي"
" ماشي أبعذرك الآن لأن أعصابك مشدودة وأنتي مرتبكة وما تدرين وش تقولين لكن صدقيني فيه أشين مما تتوقعين يا لينا "
توقف شوي عشان تفهم كلامه ولاحظ أن اللي قاله خلاها تنتبه له و هي كانت تسأل هو فيه أسوأ من اللي صار لها اليوم من تزوجيها دون علمها وخسارتها لأبوها وأخرها الذل اللي ذاقته قال يقطع أفكارها
"أنتي مستعدة تسمعيني الحين والا أخليه في يوم ثاني ؟! "
"ما فيه شي أسمه يوم ثاني أخلص قل لي كل اللي عندك الحين "
" طيب أنتي عارفه طبعاً أن أبوك تزوج قبل سنة تقريباً من وحدة ثانية "
ردد عقلها كلمة لا ..لا مستحيل يتزوج أبوها بالسر من دون علمها هي وأهلها وهذا اللي قدامها يعرف و هم أهل بيته ما يعرفون شيء عن الموضوع ومن تكون اللي أخذها وحده من قريبات هذا الرجال؟ قالت في نفسها إن المهم ما تبين شيء قدام اللي ما تعرف أسمه إلى الآن وتستدرجه عشان تعرف وش عنده. قالت له بكبر كاذب:-
" وين الخطاء فيه هذا لا عيب ولا حرام و لا تصير المدام أختك بس و حنا ما ندري؟ "
ضحك شوي من سؤالها وقال
" لا لا ما هي أختي ولا وحدة من جماعتي ولا حتى من قبيلتي ارتاحي شكلك ما تدرين أنها من نفس قبيلتكم بس ساكنة في مكة "
هو وش يقصد ؟ يعني أنه من قبيلة ثانية ؟ غريب أن أبوها يتنازل عن أهم عاداتهم وتقاليدهم في الزواج بيوم واحد بس! وتعرف بعد أنه هو نفسه متزوج من دون علمهم . لكن وش تفسير كل هذا فقالت
" ممكن تختصر وتجيب من الأخر وش دخل زواج أبوي بوضعي أنا ؟ "
" أنا أقول لك أبوك الله يعطيه العافية تزوج قبل السنة الماضية وتدين من ناس كثير عشان يتمم زواجه من هذا عشر ألاف ومن ذاك عشرين المهم أنه طقطقها ألين صار عليه ميتين وخمسين ألف ريال وهذا كله عشان يوفر مصاريف الزواج والسكن من غير تغطية مسؤولياته إلى أخره……ما علينا من هذا كله المهم إن زوجته تركته بعد شهر من زوجهم وطلبت الطلاق وقعد هو فيها و الديانة بدت تطالبه بفلوسها وما كان عنده شيء وكان بعضهم ناوي يشتكيه لشرطة فا رحت لأبوك وقلت له أني بأعطية المبلغ كامل يسدد ديانته بس بشرط يبصم لي على ورق أنه يسددني بعد سنة و كان هذا يناسبه ومرت سنة وما سددني ويوم جيت أطالبه بفلوسي ما كان معه غير ثنين وخمسين ألف "
الآن صار كل شيء واضح بنسبة لها وإن صحت العبارة إن أبوها باعها, هذا أسوء من كونها مجبورة . ما كان فيه حاجة يكمل لكنها ما لقت الكلمة عشان توقفه فا كمل
" والدنيا ما هي مضمونه فقلت له أنا ما عندي استعداد أنتظر أكثر وعرفت أن عنده بنات فقلت له أنه يزوجني وحده منهم وتكون الخمسة والعشرين ألف …"
"ما له داعي تكمل "
كان صوتها مخنوق وفي عيونها العسلية اشمئزاز واضح و ملامح وجهها تقلصت دلالة على قرفها منه. ما عادت تبغى تسمع أنه عفا دين أبوها مقابل أنه يتزوجها. هي كانت عند أبوها سلعة رخيصة إلى هاذي الدرجة؟ والا صفقة مربحة وقت الأزمات. عرف هو اللي تفكر فيه لأنه كان شيء بديهي فا كمل متجاهل اعتراضها
" لا تفهمين غلط بنعتبر هذا المبلغ مهرك "
فتحت عيونها على أتساعها هو قاعد يستغفلها؟. تغيير الأسماء ما يغير من حقيقة الشيء و لو كانت في غير وضعها هذا كان قالت أن هذا غباء. هو الآن يا يمزح معها أو أنه يستخف فيها وهذا الأكيد؟. ناظر في عيونها العسليتين وتأمل أهدابها السوداء الكثيفة واللي بللتها دموعها و كمل كلامه
" هذا إذا كنت موافقة تتزوجيني ؟ "
"و إذا أنا ما أوافق عليك ؟ "
رفع حواجبه وقال
" عادي أروح للمحكمة من بكرة وأجيب لك ورقة الطلاق "
كأن ملامح وجهها بدأت تلين شوي لأنها بتخلص منه أخيراً لكن رجع و أتقلص أكثر يوم قال
" بس هاه بالمقابل بأرفع قضية على أبوك أنه ما سدد ديني "
قالت وكأنها بتصرخ
" كيف؟ "
" أجل وش توقعتي مني أكون مؤسسة خيرية أعاون الفاشلين في زواجهم و الا قالوا لك مشروع أبن باز الله يرحمه "
" لا بس عطه فرصه يجمع لك حقك …"
أشر بيده بحركة نافيه يقطع كلامها وهو يقول
" لا لا لا أنا عطيته فرصة سنة وبعدين لا تنسين أن أخوك الوليد ضابط برتبة نقيب يعني كان ممكن خلال السنة أنه يدبر المبلغ بالراحة عموماً هاذي أمور عائلية أنا مالي دخل فيها أنا ما علي إلا من اللي يخصني فا وش قلتي "
" على؟ "
"يا تتزوجيني ويصير أبوك مع أمك وإخوانك أو تقعدين بينهم ويروح هو لسجن "
ناظرت له بكره و فتحت فمها بترد لكنه سبقها وقال
" أنا ما قاعد أضغط عليك أنا بس قاعد أوضح لك الوضع عشان ما تلوميني بعدين ومثل ما قلت لك من البداية أنا بسوي أللي أنتي تبين وفي النهاية ما يصح إلا الصحيح "
قلبت الموضوع في عقلها ما راح ترمي بنفسها وتسوي وكأنها بطلة تنقذ العائلة ولا راح تمثل دور البنت اللي تضحي بحياتها مع إنسان كرهته من كل قلبها لغطرسته. ألخطاء خطاء أبوها وما راح تكون هي اللي يدفع ثمن ذي الغلطة لكن وش بيكون ردة فعل أهلها وكيف بتتحمل نظرات الاتهام في عيونهم؟ يوم تنطق أنها هي سبب أبعاد أبوهم عنهم بأنانيتها والشيء الأهم قلبها هي اللي ما راح يعرف الراحة في كل الطريقين. كل الأمرين سيئ بنسبة لها لكن ليش أختارها أبوها؟ ليش ما كانت عبير اللي تاخذه؟ هي أكبر منها ويمكن تتفهم الموضوع أكثر منها أما هي ما تقدر تتحمل ها الشيء أبد فقالت له بيأس
" عطني وقت أفكر "
"معك وقت تفكرين بس أعرفي إن أنا ما عندي وقت أنتظرك طويل "
" أخر الأسبوع أعطيك خبر "
"لا لا أخر الأسبوع طويل يا لينا "
"طيب بعد ثلاث أيام "
بتحاول فيها استعطاف أخوها الوليد اللي أنكرهم بعد ما تزوج بسبب زوجته السيئة لكن اللي قدامها قال
" أسف بس متأخر بنسبة لي "
أسألته بقرف وبدون صبر
" أجل كم تعطيني؟ "
" قبل ما أطلع من هنا "
"كيف؟! ما يمديني أفكر صح وأشوف إذا كان …."
"تقدرين تلقين طريقة تسددين فيها الدين غير الزواج ؟ "
"تقريباً "
"قلت لك أني انتظرت طويل ها الدين والحين بما أني مو متزوج أبغى يا حقي يا الزواج وما عندي غير كذا "
"أنت قلت تبي حقك خلاص نبي نحاول نعطيك إياها بس عطنا وقت "
"كيف أقساط؟ والا تبين تعلقيني على ألفاضي؟ لو أدري أن فيه أحد بيسلف أبوك يمكن أقبل أوكي بس الكل عارف وضعه وإن راتبه التقاعد يا دوب يغطي على أهل بيته الشيء الثاني هو كان من المفروض أني أتزوج قبل سنه لكن في ظروف منعتني وأعطيت أبوك فلوسي وألغيت زواجي "
" و تبغى تعوض خسارتك بذا الزواج ؟ "
"أنا ما قلت كذا أنا عرفت أنه ما ألي نصيب فألغيته وبعدين أنا الحين صار عمري واحد وثلاثين و بصراحة ما راح ألقى نسيب أفضل من أبو الوليد مع أن أخوك الوليد كلام الناس عليه كثير بس ما هو مهم أبوك مشهود له بالمراجل و…..على فكرة عشان ما تظلمين أبوك اللي مدللك هو كان قال لي أخذ أختك عبير بس أنا ما بغيت إلا أنتي "
هذا شيء جديد! أبوها حاول يبعدها عن هذا الزواج؟ وليش أصر هذا على أنه يتزوجها هي؟ قالت تسأله
" ليه؟ "
قيمتها العدسات السوداء الالكترونية و شافت أعلام الكره في عيونها فقال
" ما أدري يمكن عشان فيه ناس أمدحوك لي؟! ما رديتي علي قبلت والا أمشي ترى ما عاد بقي معي وقت "
فكرت شوي بعقلها الوليد وعلى ضخامة راتبه اللي يستلمه شهرياً ما فكر حتى بتسديد الدكان اللي يطلبهم مائتين ريال بس! فكيف يكلف عمره بمبلغ مائتين وخمسين ألف؟. الشيء الأخر أن هذا أللي ما له أسم قال أن أبوها حاول يجنبها هذا الزواج وهذا ترك قلبها يلين أكثر حتى إنها ندمت على إنها رفعت صوتها عليه. والثالث والأهم أنها متعلقة بأبوها بقوة وما راح ترضى تشوفه ولو ساعة واحدة بالسجن ويمكن ما تسامح نفسها لو أنه وقف قدام القاضي عشان فلوس عجز يسددها وكان ممكن إنها تساعده. أبوها أللي له هيبته وكلمته في مجالس الرجال ياخذونه الشرطة عندهم ويعلم الله كيف بتكون حياتها بدون ما تشوفه؟. بس هذا ما يعني أنها بتوافق على الزواج من هذا الإنسان الكريه اللي وين ما اتجهت ما تلقى قدامها إلا خيارين ما لهم ثالث إما إنها تتحمل ألإهانه مع هذا الشخص ويبقى لوالدها مكانته وسمعته وهيبته عند العرب أو……. حتى ألتفكير في العواقب صعب عليها فقالت بحقد واضح
" موافقة "
" ممتاز اتفقنا أجل "
ناظر لجيبه ومد يده يطلع منه قلم و لاحظت إنه في أصبعه البنصر خاتم فضة بفص بيضاوي كبير لونه رمادي يتخلله موجات بيضاء خفيفة واللي أنسلت من بينها موجة بنية محمرة وكأنها شعلة نار يلتف حولها الدخان وأثناء ما هو مرخي عيونه انتبهت لكثافة رموشه و طولها واللي زادت من جاذبيته مع ظلال الشعر اللي على عوارضه وأثناء ما هي تتأمله مسح وجهه بيده ومررها على حواجبه ثم داعب طرف أنفه واستقرت يده عند ذقنه وكأنه يفكر في شيء يبغى يقوله ثم فجأة رفع رأسه يناظر لها ومباشرة أندفع اللون الأحمر يزحف حتى غطى وجهها. أنتبه لهذا الشيء و قدر حرجها منه فسألها وهو مبتسم
" أنا أخذت رقم جوالك من الوالد ما فيه ورقة عشان أكتب لك رقمي "
ما عاد لجلوسها الآن أي ضرورة بعد ما فهمت أن حياتها كلها انقلبت مثل ما يبغى ذا الشخص. فقالت بحده
" ما هو ضروري "
رفع حواجبه وقال
"أدري أن ما هو من عاداتكم أن اللي يكتبون عقد زواجهم يكلمون بعض بس إحنا عندنا عادي وممكن يزورها بعد في بيت أهلها يعني تعتبر فترة يكون كل واحد عرف أفكار الثاني قبل الزواج"
" وأنت بتفرق معك أصلاً؟ "
" ليه ليكون ما تبين تكلميني؟! ترى من الآن أذكرك يا لينا أنا ما أجبرك على شيء الموضوع للحين بيدك وبيكون هذا أخر نقاش فيه "
" هو أنت أساسا تركت لي خيار ؟ "
"شوفي ما أعتقد أني ضربتك على يدك عشان تقبلين فيني, المهم أنتي على الأقل عارفه أسمي والا؟"
" تستهبل معي أنت؟ من دخلت ما عرفت حتى نفسي "
أبتسم وهو يقول
ثم مد يده ومسك الجريدة اللي على الأرض وقطع منها ورقة صغيرة وكتب عليها رقم جواله وأعطاه لها وابتسامته للحين على وجهه
" سجليه في جوالك عشان تعرفين أنه أنا اللي أدق و…….شكلي طولت و أخاف الوالد الحين يزعل فا ممكن تنادينه أبغى أسلم عليه قبل أمشي "
وقفت ووقف هو بدوره وتركها تمر من قدامه وهو يتأمل قامتها ودقة خصرها .
—————————————————————-
الفصل الثاني
جلست لينا على حافة سريرها وهي معصبة من كل شيء حولها من أبوها اللي حطها في هذا الموقف و زعلانه من أخوها اللي تخلى عنهم و من نفسها لإنها قبلت بوضعها. ما كانت تتوقع إنه في يوم يصير لها مثل هذا . يمكن بسبب كلام أبوها اللي فقدت ثقتها فيه بعد اللي صار معها لو إنها أجبرت على الزواج من راكان لأن أبوها أعطى له كلمه كان أهون عندها من إنها تكون مقابل مبلغ كان دين عليه. بدت تتذكر كيف إنها كانت تدعم صديقتها نفسياً يوم زوجها والدها من دون رضاها وعرفت إن القول أسهل من التطبيق بس في كلا الأمرين فيه اختلاف لأن صديقتها ما أجبرت عشان مقابل تزوجته لأنه أبن صديق أبوها والشيء الثانية إنها ممكن تحب زوجها مستقبلاً وتتكيف معه لأنه ببساطة ما يعرف إنها مجبورة على الزواج منه وهذا بنسبة لها فرق جوهري. أما هي فعلى العكس من كل هذا أجبرت بمقابل والمصيبة إنه شاف ردت فعلها على الموضوع بكبره وحتى لو انه ما عرف بينظر لها على إنها إنسانة تافهة يوم رضت فيه وإنه أشتراها بفلوسه . فكرت أنه على الأقل هذا أمر انتهت منه الآن لأنه عارف فكرتها عن الوضع كله لكن بالمقابل هذا يعني إن حياتها بتكون جحيم معه و بيذلها بعد العز اللي هي فيه لكن كيف بتكون ردة فعل الوليد يمكن ما يكون ميئوس منه إلى ذا الدرجة هو برتبة نقيب في أمن الطرق وهذا يعني أن راتبه يتجاوز الأربع أو الخمس عشرة ألف في الشهر يعني يقدر يساعدها وأكيد أنه يدخر له شيء في البنك مع كل ذي السنين لأنه مهما يكن هم من دم واحد وعمر الظفر ما يطلع من اللحم زي ما يقولون وهي بتحاول معه. ما راح تهتم للي قاله هذا الركان وبتطلب من أخوها العون وإن شاء الله ما يخيب أملها لكن كيف لو صار العكس؟ هي ما سمعت الصراخ اللي صار بينه وبين أبوها و كان فيه الوليد عديم الذوق تماماً جارح في كلماته قاسي في نظراته ومع إن أبوها أظهر صبره لكن في الأخير طرده من البيت لأن الوليد كان يتعمد يأذي الجميع عشان يرضي زوجته و رجعت لذهنها كلمه سمعت أبوها يقولها وهو يتحسر على الوليد
"ربيته عشان يساعدني وهاذي أخرتها أللي في القلب واحد "
كان واضح أنه هذا شيء جرحه لكن هو يكابر قدامهم .قالت في نفسها أن أبوها تحمل الكثير وهذا أكبر ألم يحمله لأنه مع كل اللي صار هو للحين يذكر الوليد ويتصل به ويتودد له مع أن المفروض الوليد اللي يعتذر لكن أخوها عديم القلب في كل مرة يطلب فيها والدها منه المعونة يكرر ويردد على مسامعهم
" أنا ما لي دخل "
" والله ما أحد قال لك حط نفسك في الدين وأنت عارف أن ما معك شيء "
الآن تذكرت كل ذيك المحاولات في سداد الدين …البحث عن من يسلفه… أدوات البيت اللي يتم تسجيلها ولا تدفع إلا في أخر الشهر إن توفر المبلغ أو من مكافأة أحمد وناصر… طريقة الوليد القاسية وهو يرد في كل اتصال
" ما عندي شيء "
حتى حفظت هاذي الكلمة عن ظهر قلب وكانت تردد دايما في نفسها
" الحمد لله أننا ما نحتاجك لك "
هل كان أبوها غارقاً في الدين من ذاك الوقت؟ وهذا يتناسب مع اللي قاله راكان …عنفت نفسها بقوة عشان ما تبكي وهي تسأل ليش يتزوج طيب؟ إذا زوجته مخلصة له لطيفة ودودة ومطيعة عياله من حوله أولاد وبنات باستثناء الوليد اللي أصلاً كان يدور عذر عشان يبعد عنهم, كل شيء حوله ما نقصه شيء من دون ذكر الفلوس اللي كانوا يقتصدون في مأكلهم ومصاريفهم عشان لا يثقلوا عليه و هاذي هي أخر تضحيتهم أنه يجمع ويتدين و يفكر في الزواج ويا ليت الزواج كان ناجح تقول أنه في احد استفاد! الزواج كان فاشل والديون تراكمت إضافة لتزويجها هي ككبش فداء للعايله بسببه.والمصيبة إنها تعرف كل هذا من الرجال اللي بتتزوجه وتتصنع قدامه إنها على علم بزواج أبوها قالت بصوت خفيف مسموع
"و خزياه ".
تأملت في وضعها إن كانت هي نفسها أقسى من الوليد يوم سمحت لطبعها البركاني أنه ينفجر في وجه أبوها و فضحته قدام الرجال. أبوها اللي ما عمر أحد يشوف عينيه إلا ويرخي طرفه مهابة له تجي هي وتنظر له بتحدي وترفع صوتها اللي شوي ويفجر أذنه .هو حاول أنه يجنبها هذا الزواج ما قال راكان كذا؟ لكنه في النهاية زوجها وصدمها بالخبر هزت رأسها بيئس وهي تفكر في هذا الشيء. الوضع يختلف بينها وبين الوليد هي لو تملك مال الدنيا ما بخلت عليه به لكن حياتها صعب؟! ابتسمت بحزن لأنها كانت دايما تكرر إن أبوها هو حياتها. أخيراً وبعد التفكير الطويل قررت إنه إذا ما ساعد الوليد أبوها بتنسى أحلامها اللي بنتها مع مرور الزمن وترضى بالأمر الواقع.
انتبهت لمقبض الباب وهو يفتح وسألت في نفسها كيف نست تقفله يوم دخلت. هي فاضيه لعبير الحين ولا هذا وقت للنكت ناصر ومزحه ولو كانت أمها فهاذي مشكلة أكبر . تفاجئت إن اللي دخل أبوها ونظرته الحادة للحين في عينيه دخل للغرفة وقفل الباب. كان والدها في الخمسينات من عمره يتميز بطول واضح و شخصية مهيبة قوية ومع أن الشيب كان منتشر في شعره إلا أنه للحين يتمتع بقوة جسمه وملامح وجه حادة ما ورثها أحد منهم إلا أختها هيفا. سحب أبو الوليد كرسي الزينة و جلس قدامها أما هي فكانت تذكر نفسها أنه مهما يكون يظل هو والدها و لازم تتعامل معه بأدب وهذا تركها تحس بوخز الدموع في عينيها لكنها نهرت نفسها وبدت تكرر
" أنا قوية …أنا قوية وكبيرة وقادرة أتعامل مع الوضع"
أثناء ما هي تحاول السيطرة على أعصابها ما كانت منتبهة إن في عيونها نظرة عتاب له فقال بهمس
" لينا يا بنتي الزواج قسمة ونصيب و راكان رجال …."
قاطعته
" ليش تزوجت؟ "
ناظر لها أبوها ما هو مصدق إنها عرفت فقالت قبل ينكر أو يتهرب
" يوم انك عارف أن ميزانيتك ما تغطينا ليش تتزوج؟ وفي النهاية ما تقعد أسبوع وتهج اللي ما عرف منهي وتورطني أنا !!"
كان صوتها متحشرج مثقله الألم والهم فهز أبوها رأسه باستسلام وقال
" عاد اللي صار صار وأنا أبوك ولو أني ما سألت عن راكان وطلع رجال ما كان وافقت عليه "
" و ما لقيت غير تزوجني؟ ليه ما رحت للوليد وقلت له ما أظن أنه شين لذا الدرجة وما يفكر فينا "
"الوليد داري بكل شيء من البداية وكان رافض حتى يساعدني في زواجي حتى يوم طلقت الثانية وطلبته يساعدني يسدد الدين قام يتشمت "
"وقال لك كلامه ألمعروفه ما عندي شيء ولا يقول لك مثل العادة إنك ما تعرف تخطط "
سبقها لسانها بذي الكلمة القاسية اللي دايماً يقولها الوليد لأنها كانت في قمة انفعالها وما تقدر تسيطر على نفسها إذا عصبت. شافت وجه أبوها يتجهم ثم شوي وتلين ملامحه ورفع لها عيونه اللي احمرت .والدها اللي كان دايما من هي صغيره مثلها الأعلى كانت تشوفه صانع العجائب كان بطلها اللي يحميها ويحافظ عليها و القادر على تحقيق كل شيء تتمناه ما شافته يوم ضعيف وما شافته يوم مستسلم كانت معجبة فيه لدرجة ما تشوف أحد غيره لكن الحين تشوف لمعان دموعه بسببها. قامت وقبلت رأسه وهي مختنقة بدموعها وتقول
" السموحه يا أبوي والله ما قصدت "
مسك يديها وطلب منها ترجع لمكانها ثم قال
" إن كنتي ما تبين الزواج من راكان قولي لي وأنا أخلص كل شيء لكن الله يشهد إن راكان رجال "
هاذي هي الفرصة ترجع لها من جديد لكن النهاية أنه بيصير بعيد عنهم. ثم وين الفايده فيه؟ هي أخذت صدمه وحده وتعذبت فيها وتعبت نفسيتها وما هي مستعدة تتعرض لصدمه ثانية تعيشها بألم جديد وهم ما يوقف من غير تأنيب قلبها اللي ما راح يستريح . قررت وهي تتأمل عيون أبوها أنها تتزوج بذا الراكان لأن أملها في الوليد خاب و بتشوف كل يوم سجنها بنفسها ويبقى أبوها في بيته معزز مكرم. على الأقل ما فيه أحد يعامل أولاده مثل أبوها كانت تضحك وتنكت وأحيان تعلق على أبوها وما كان يزعل كانت تقدر تناقشه عادي وهو يتحمل انفعالاتها هي وإخوانها كان مثل الصديق لهم كلهم مع أن غير عائلته ما كانوا يقدرون يسوون الشيء نفسه معه. لدرجة صاروا زميلاتها يقولون إن هم ما يحترمون أبوهم ما كانت هي وأخوتها مثل معظم البنات اللي تنزل القهوة عند أبوها وتروح ما تجلس معه كانت تناقش وتطرح مواضيع وتحاج وترفض وتبدي رأيها عودها على الشفافية وأنه ما تكون في حواجز بينهم. قالت في نفسها وهي تشوف أبوها قدامها ينتظر ردها أن هذا ما هو حق تعبه معهم إنها في النهاية تجحد معاملته الطيبة وتعب تربيته لها بمثل ما سوى الوليد فقالت له وهي ترفع أكتافها
" اللي تشوفه يا بوي هماك تقول أنه رجال أنت أبخص "
هي كانت تثق بنظرة والدها وحكمه في الرجال مع إنها حالياً نست معنى ذي الكلمة في أي شيء يتعلق بأفعاله و زواجها يعيد وضع زواج هيفاء وبصورة أشين من قبل لكن في قرار نفسها تعرف أن أبوها ما راح يتركها وناصر وأحمد أخونها اللي يحبونها ما يتخلون عنها أقل شيء لو بمشاعرهم وهذا اللي هي متأكدة منه. قاومت نفسها لا تبكي أكثر وهي تشوف نظرته الحنونة رجعت له يكفي إنها أرجعت تنطق بعاطفته الأبوية حواجبه المرتخية سماحة وجهه و وقاره كل هذا يرمز لرحمته وحنانه هي تعرف مع كل اللي صار أن لها أب عظيم ما يملك غيرها مثله. هو أبوها وأخوها وصديقها وغلطة منه ما تنسيها خيراته. حب أبوها اللي للحين عينه حمر أنه يبدل ها الجو الكئيب فقال يمزح
" متأكدة أنك موافقة يا لينا؟ "
ولأنها تعودت على الشفافية مع أبوها قالت بصدق
" أيه متأكدة وهذا قراري أنا وما لأحد تأثير علي فيه ولا تقعد تقول إنه عشانك ولا من ها الخربيط هذا اختياري أنا يعني لا صار شيء مستقبلاً لقدر الله لا تلوم نفسك "
قال وهو مبتسم يجاملها
"الله لا يقدر لك إلا الخير. وإنك قبل شوي صجيتي العالم و أزعجتيه وبغيتي تأكليني عند الرجال "
ابتسمت من بين دموعها وهي تقول
" دلع بنات وبعدين شفته أميليح يعني حليو ما عليه كلام من الناحية الشكلية فغيرت رأيي"
كان أبوها عارف إنها تحاول تخفي حزنها بأسلوبها المرح و الأفضل أنه يتركها الحين لأنها ما عاد تقدر تمسك نفسها أكثر من كذا. قبل رأسها و هي خجلت من نفسها لأنها المرة الأولى اللي يقبل رأسها. أجتاحها شعور مؤلم في نفسها لأنه ما هو بالأمر السهل أنه يكون من هو أكبر منك سن والأولى باحترامك وتقديرك أنه يقبل رأسك و كأنها رسالة اعتذار لك عجز يعبر عنها بلسانه .قال أبوها قبل يتركها وهو حاط يده على راسها
" الله يوفقك ويسعدك ويسترك يا بنتي قولي آمين "
قالت من بين شفايفها من دون ما تصدر صوت
" آمين "
طلع وصك الباب من بعده ووقفت هي وقفلت الباب قبل ما يدخل أحد ثاني. ناظرت في غرفتها ونزلت دموعها على وجهها من غير توقف فمسحتها بيدها وقالت تروح عن نفسها
" أصحي يا لينا ولا تقعدين تسوين لنفسك فيلم هندي "
اتجهت للمراية تشوف وجهها كانت هاذي طريقتها في التخلص من الدموع في البداية تبكي شوي ثم تبدءا تتأمل عيونها وبعدها تنتقل إلى أسنانها ثم تشغل نفسها بترتب شعرها وتمسح أنفها بالمنديل وكذا شوي شوي و ما هي إلا دقايق حتى تنسى ليش كانت تبكي وهذا يرجع لطبيعة نفسها اللي تحب السعادة والأمل وتكره الحزن و الوحدة. بعد ما مسحت عيونها بمنديل و اختفى الاحمرار منها بدت تشوف وجهها و تسأل ليش أصر راكان على الزواج منها؟ هي ما لها بشرة بيضاء و شعر أسود و لا تعرف هل كانت بنسبة له جميلة هي بنسبة لها ولثقتها بنفسها كانت مقتنعة إنها جميلة وإن بشرتها البرونزية تكسبها جاذبية خاصة لكن ما تدري عن رأيه هو فيها؟ ثم ليش ما أخذ عبير؟ عبير عكسها تماما لها بشرة بيضاء وشعر أسود طويل يصل إلى أسفل خصرها وإن كانت ما تختلف عنها كثير بالملامح لكن هذا السؤال ظل عالقاً في ذهنها وكلامه أن الناس يمدحونها ما دخل مخها لأن الناس يثنون على عبير أكثر منها خصوصاً إذا رجعوا لقضية أن عبير تتحمل المسؤولية وفنانة في الطبخ وتعرف كيف تستقبل الناس وتقدر تدخل في المجتمعات بسهوله عكسها تماما. هي ما تتحمل المسؤولية و لا تعرفها وما تعرف من المطبخ إلا أسمه ولأنها دايم مع أخوانها الشباب كل سوالفها تقريباً شبابية وتهتم بالسيارات مثلهم لكنها تختلف عنهم في إنها تكره متابعة الرياضة وخصوصاً كرة القدم و إذا جاهم جيرانهم يا تكون مع أخونها أو تجلس في غرفتها أو تكون مع الحريم ساكته وما أحد ينتبه لها يعني بالعربي من اللي يعرفها وبعدين قبيلة راكان من جنوب المملكة وهي من نجد فمن وين سمع بها ؟ لا يكون من طرف جارتهم أم خالد لأنها هي الثانية من الجنوب من منطقة أبها بس فيه بعد أم سعيد وهي من الباحة. مسكت راسها لأن المشكلة أن كل الثنتين من نفس القبيلة ولا يقربون لبعض. يا ترى هي أي وحده فيهم؟ والأهم من كذا مستقبلاً كيف بتتكيف مع عائلته وعادتهم وتقاليدهم مختلفة عن عاداتها وتقاليدها اختلاف السماء عن الأرض؟ من وين بتعرف طريقتهم في حفلات الزواج أو الصباحية أو حتى وش الشيء اللي ينقدون ويعد عيب عندهم وش الشيء المستحسن؟ ما راح يجاوبها على كل أسئلتها إلا صديقتها شمس. بس وين؟ اليوم الخميس وشمس وعائلتها مع أهل أخوانها المتزوجين طالعين للاستراحات كالعادة في أي عطلة أسبوع وبكرة الجمعة و تشك أنه بيكون لها خلق تكلم أحد لأن عندها كويز في درس المسرحية اللي أخذوه يوم الاثنين. ما عندها حل إلا يوم السبت تقابل شمس في الكلية وتقول لها على إنها تزوجت. ابتسمت وهي تتخيل وجه شمس اللي ما راح تصدق و بتزعل أنه ليه ما قالت لها من البداية لكن ما تقدر تقول لها الحقيقة لأن الموضوع يخص عائلتها و راكان ما يخصها لحالها و أكيد لو فضفضت لشمس بيتضايق أبوها فما لها إلا أنها تدبر كذبة محترمة. دق باب غرفتها فما ردت عليه لينا ورجعت تجلس على سريرها وهي تسمع صوت عبير
" لينا أفتحي الباب … لينا … لينا "
لا ما راح تفتح لعبير أبداً لأنها عارفه أنها بتتفلسف وتجيب لها التاريخ العربي كله وبتزيد همها اللي تبي تنساه وترتاح منه. شوي و تسمع ضرب أقوى على الباب و صوت ناصر يستهبل
"لينا … لينا أفتحي الباب لا يكون زعلانه مني ما لك هم أدخل عندك الحين وأدغدغك لين تقولين بس يا الله أفتحي "
شوي إلا صوت أحمد
"ما فتحت لكم أفآآآآآ نونا أفتحي الباب يا بابا عيب تخلينا واقفين كذا طابور وكأننا سرا على المستوصف أنا بابا أحمد كبير العايلة في المرتبة الرابعة والضابط مستقبلا "
ناصر:-" تشرفنا معك الدكتور ناصر و ولي العهد من بعدك بس ترى على فكره الدلع اللي أنت جبته ما هو حلو"
صوت مشاعل
"خلاص يا عيال أتركوها أصلاً المفروض إن كانت بتزعل تزعل عليك أنت يا أحمد "
أحمد بنبرة تهديد:-"ليه وش سويت أنا؟ "
مشاعل :-"ترى بقول لها "
أحمد:-"عن؟ "
"عن ؟! أقول لك يا عمي يوم ملكوا تدرين وش سوى يا لينا .."
عض أحمد على شفايفه يهددها فقالت مشاعل
" لا ما فيه ما عندي أنا ما أستلم مكافأة مثلك يا حضرة الضابط مستقبلاً و توي في الثانوية وعلى المصروف فا عطني والا بقول "
ناصر متضايق منها:-"هيه هيه ابتزاز عيني عينك روحي وراك بس… لينا أختي أفتحي الباب قبل ما تجي أمي و تزفنا كلنا على غرفنا "
كانت لينا تسمعهم وهي تبتسم وتتخيل أخر يوم لها كيف تتركهم وتودع أيامها البريئة معهم بتترك الدلع والشقاوة وتبعد عنهم ويوم حست أن دموعها بترجع قامت من مكانها
عبير:-" أقول شكلنا ضايقناها؟ "
أحمد:-" محاولة أخيرة بس"
ناصر:- " أتركها علي لينا ترى معي برنجلز و….."
فتحت الباب وقابلتهم وهي ساده الطريق بجسمها كانت لابسه بلوزتها الوردية الملامسة لوسطها بنعومة فوق تنورتها الرماديه الواسعة وقالت
" خير يا أكبر مزعجين في الدنيا "
بعدها ناصر عن الباب ودخل الغرفة بسرعة و لحقه أحمد وقفز الاثنين فوق السرير وجلسوا وكل واحد يقول لثاني وخر ضايقتني أما لينا فضحكت على حركت أجسامهم الطويلة وهم مالين الغرفة
لينا :-" هيه هيه أرفقوا دمرتو الدنيا علي "
ناصر :- " لا ما عليك ترى خفيفين الأخ أحمد ذبحته تمارين الكلية شوفيه نحيف و جاي أسمراني وش حليلة "
أحمد:-" الحين أنا أسمراني يا اخي حرام عليك بشرتي حنطيه "
ناصر:-" ما فرقت الحنطي درجة من درجات السماره "
أحمد:- "لا يشيخ الحين الحنطي أسمر؟ "
قال ناصر وهو ياكل من البرنجلز
"أية نعم وأنا أشهد, ما يكفيك أني طالب في العلوم الطبية يعني أفهم في مواضيع البشرة و الشغلات هاذي "
أحمد :- " إذا أنا أسمر أنت وش؟ "
ناصر :- " شفت اللمبة عبير أنا مثلها "
أحمد :- "بسم الله على عبير منك يا ضب "
ناصر:- " أنا ضب يا الجربوع"
لينا :- " خلاص بس أزعجتونا تعالي عبير مشاعل اجلسوا بصك الباب ولو أني أشك بتلقون مكان مع ها الاثنين "
دخلت مشاعل وجلست على الكرسي حق المكتب الصغير وعبير جلست على كرسي الزينة أما لينا فوسع لها أحمد وناصر وجلست معهم على طرف السرير وهي تسأل
"أمي وينها ؟ "
مشاعل :- "جالسة مع أبوي "
أحمد:-" الحين هاذي من عازمها ما كأنها صغيرة تسمع اللي بنقوله؟ "
ناصر:- " المشكلة مو هاذي قل بتروح و تعلم أمي باللي نقوله ما على فمها سد .شوفي شعوله تسوين حركات مبزره قسم بالله أمسح بك الأرض "
عبير تجاهلتهم :-" هو وش اللي صار يا لينا؟ "
قالت لينا بيأس :- " ما صار شيء اكتشفت أن زواجي بعد ثلاث شهور يعني بداية الصيفية "
ويوم حس ناصر الحزن في صوتها مد عليها البرنجلز وهو مالي فمه منه ويقول
"عادي تصير في أحسن العائلات "
لينا:-" ما الي نفس "
ناصر:- " واحد يا بنت الحلال "
لينا :-" والله ما أشتهيه "
ناصر:-" والله لتاكلين منه يلله عاد أنا حلفت "
مدت يدها وأخذت قطعه أكلتها فقال أحمد بمرح ولا كأن الموضوع فيه مشكلة
"صحيح ذكرتيني مبروك يا عروسة "
الكل سكت يناظر له بلوم بعد ما عقدت لينا حواجبها فقال
" لا ما يصير عروسة تتقبل التبريكات بوجه معصب "
عبير:-"أحمد! "
ناصر يساند أحمد:-"هي ما هي زعلنه أن أحد يهنيها يا فالح بس أنت قلت مبروك وهذا أسم مفعول من برك والصحيح أنك تقول مبارك عليك يا لينا "
الكل التفت للينا واضح أن الضغط وصل معها فقال أحمد يغني
" يا ناس لا تزعلو لينو ترى اللي يزعله يزعلني "
وبدا ناصر يردد معه فقررت لينا أن الكآبة ما تسر أحد والموضوع انتهى خلاص فقالت لناصر
"عن الفلسفة يا سيبويه توك تقول أنك علوم طبية "
ناصر:- "أيه بس عرب "
عبير :- " وأنتي وش رايك بالموضوع؟ "
لينا باستسلام:-"حلوه وش رأيي هو بقى فيها رأي ملكوا لي وقالوا شوفيه وعرسك في الصيف و وافقت "
عبير:-" وافقتي على اللي صار وقافلة على نفسك الباب ومخوفتنا؟ "
لينا :- " وش تبيني أسوي أطمر وأرقص في البيت وأقول أعرست!…والا أقوم و أسوي مناحه وأخلي البيت كله يكره اليوم اللي جيت فيه؟ أنا زعلانه من طريقة الزواج بس. يعني لو قايلين لي من قبل كان أهون وبعدين أموت وأعرف الشيخ كيف قبل يملك لهم؟ "
مشاعل:-" أسئلي أحمد "
راح المزح عن أحمد وقال
"مشاعل قومي أطلعي برا "
مشاعل:-" ما راح أطالع غرفت لينا ما هي غرفتك "
أحمد كان على وشك يقوم وهو يقول
" والله ما أنتي طالعة لين أوريك شغلك أنا "
أمسكته لينا وهي تقول :-" أحمد أتركها ما حنا ناقصين مشاكل ونكد خلقة نفسي قافله"
بس هو ما سمع لها وصرخ على مشاعل :- " بتطلعين ولا كيف ؟ "
ناصر بتهديد :- " مشاعل وش تستنين أقوم معه يعني … أطلعي برا لخليك تتفلين العافية"
مشاعل :- " خلاص طيب بطلع "
عبير :- " صكي الباب معك "
يوم أطلعت مشاعل التفتت لينا لأحمد وقالت:-" أنت عارف شي عن الموضوع ؟ "
أحمد:-" أيه "
ناصر قاطعهم:- " أنا اللي بقول لك "
لينا :-" و ليش أنت؟ "
ناصر:-" أنا بقول لك هو وش سوى لأني بخليه يقول لك أنا وش سويت كذا أسهل لنا "
لينا :- "شباب خلصوني تراه واصله هنا "
ناصر:- " طيب هذا يا طويلة العمر والسلامة يوم وقع الأخ راكان عطوا أحمد العقد على أساس يعطيك توقعين ودخل و وقع بدالك "
التفتت لينا لأحمد اللي قال يدافع عن نفسه:-"غصب عني يا لينا أبوي هو اللي قال لي …"
لينا بعصبية:-" أبوي اللي قال لك رجال خط شاربك في وجهك وتقول أبوي اللي قال لك "
ناصر:-" لينا أهدي ترى حتى لو أحمد ما وقع كان أبوي اللي أخذ العقد وهو اللي وقع "
لينا بعصبية:-" يعني عارفين من قبل بس ما قلتو لي!"
عبير:-" أهدي يا حياتي أنت توك تقولين موافقة "
لينا بانفعال:-" كنت أتوقع انه ما أحد كان يعرف غير أبوي ما كنت أدري أن كلكم ما شاء الله عارفين إلا أنا! "
عبير:-" أنا ما دريت إلا قبل أشوي من أمي"
لينا :- " وأمي متى عرفت؟ "
عبير :- " قبل الملكة بيوم "
لينا تقول لأحمد وناصر:-" من عارف غيركم ؟"
أحمد :- " حنا الشباب بس "
هزت لينا رأسها ثم قالت:-" وأنت وش سويت يا ناصر "
أحمد :- " ناصر هو اللي تكفل بقضية الفحص الطبي لأن له علاقة بالمستشفى اللي سجلاتنا الطبية فيه وافتحوا ملفك الطبي وجهزوا أوراقك لأنك قبل أسبوع كنت رايحه تشوفين نتايج تحليلك لفقر دم "
لينا مخنوقة:- " ما هقيتها منكم "
ناصر :- " لينا صدقينا الموضوع أكبر مما تتوقعين "
لينا تستفهم :- " قد أيش عارفين عن ها الشيء؟ "
أحمد بهدوء:- "كل شيء من طق طق لسلام عليكم "
ناصر :-" عبير ممكن تروحين وتسوين لنا شاهي "
وقفت عبير وقالت مبتسمة :- " طيب ومتى تبيه في خمس دقايق والا بعد ساعة؟ "
أحمد :- " إذا خلص في العشاء بيكون أحسن "
عبير :- " ما تبين شيء لينا ؟"
لينا وهي تفكر بمشكلتها :-" لا "
طلعت عبير وصكت الباب فقال أحمد :- " لينا الموضوع أصلاً له قصة طويلة حدود السنة "
لينا :- " أدري "
ناصر مستغرب :- " وش دراك ؟ "
لينا :- " حضرة سموه هو اللي قال لي "
أحمد :- " راكان ؟ "
لينا بيأس :- " أيه …بس كان المفروض قايلين لي من قبل أصير فاهمة الوضع ولا أنكم تحطوني في الصورة و أنصدم بكل شيء فجأة "
أحمد :- " شوفي يا لينا اللي صار صار و انتهى حنا مثلك تفاجئنا يوم قال لنا أبوي وما كنا نتوقع أن الموضوع ياصل لها الدرجة و رحنا للوليد وحاولنا فيه بس أنتِ عارفه… "
لينا :-" تكفى لا عاد تجيب لي طاريه "
ناصر :-" المهم يا لينا ترى ما أحد يدري بزواج أبوي غير أنا وأحمد والوليد وأنتي بس البقية ما يدرون فلا تقولين لأحد حتى البنات و لا حتى هيفاء مفروض تدري لأن لو وصل الخبر لأمي والله ما تمرح في البيت دقيقة "
لينا :- " أنت بتقول لي! "
أحمد :- " فيه شيء تبين تسألين عنه؟ "
لينا :- " أيه متى يا طويل العمر وقعت عني؟ "
أحمد يمازحها:- " يوم الأربعاء يوم أخذت التوكيل من أبوي وقعت عنك يعني أمس "
ناصر :- " شفتي أننا حلوين ما طولنا عليك الخبر توه طازج "
أحمد :- " أسئلة ثانية يا حضرة الأستاذة ؟ "
لينا بتعب واضح:- "أنت فاضي "
ناصر :- " ما كأن عبير نست الشاهي قوم يا أحمد شكلنا ربعنا في غرفة الآنسة "
فهم أحمد قصده فقاموا يطلعون و يوم وصل ناصر نصف المسافة أنتبه أن البرنجلز بيده قال
"أوه نسيت خذي كمليه عني "
حطه بيدها وطلع بسرعة أما أحمد وقف عند الباب وقال
" ترى سألت عنه قبل ما نملك له وقلبت تاريخه كله الرجال ما عليه قصور ارتاحي "
أخيراً طلع أخر واحد بقي في الغرفة وصك الباب وتركها وهي تناظر للبرنجلز بين أيدينها أرفعت عينها و شافت الورقة الصغيرة اللي مكتوب فيها رقم راكان على مكتبها الصغير مطوية مثل ما كانت عليه يوم أخذتها …
———————————————-
يوم السبت الصباح الساعة سبعة جلس في المطبخ لينا وأمها وأبوها وعبير و ناصر.أما أحمد فا راح لكليته يوم الجمعة الساعة ثمانية ونص ولا راح يطلع إلا الأربعاء وهاذي أخر سنة له في الكلية الأمنية و بيتخرج برتبة ملازم .أما مشاعل لحقت مدرستها مع أخوها التوأم مشعل وكلهم في مرحلة ثالثة ثانوي وكان للينا أخوان صغار سامي في المتوسطة وعبد السلام في المرحلة الابتدائية و اللي وصلهم أبوهم مدارسهم ورجع للبيت . أما أختهم عبير تخرجت العام الماضي من قسم التاريخ و تفكر أنها تحضر دراسات عليا بعد ما تأخذ هاذي السنة راحة. قال ناصر وهو يشوف ساعته
"يلله يا لينا قومي البسي عباتك أوصلك كليتك قبل أتأخر على جامعتي "
لينا :- " أوكي "
قبلت رأس أبوها وأمها وطلعت
ناصر:-" توصون شيء؟ "
أبو الوليد :- " الله يسلمك أنتبه في طريقك "
ناصر :-" إن شاء الله مع السلامة "
شوارع الرياض مزدحمة في مثل هذا الوقت و كان الجو بنسبة للينا كئيب على غير العادة. وقفت السيارة عند الإشارة و قال ناصر
" لينا عندك شيء المحاضرة الأولى؟ "
"لا, لا الأولى ولا الثانية"
" أجل ليش رايحه بدري؟ "
"لو ما رحت معك كان رحت مع الباص من صباح الله "
"كان خليتي أبوي يوصلك متأخر"
" لا أخاف يفتح معي الموضوع وتنسد نفسي على الصبح. أنت عندك شيء المحاضرة الأولى ؟ "
"عندي محاضرة بس تدرين خلينا ندج اليوم "
" لا الله يعافيك أنا عندي كويز الثالثة "
" ما يهمك بنزلك في الكلية قبل الساعة تسع يعني بتلحقين على الثانية و عندك off راجعي فيه للكويز "
"طيب أنت عندك محاضرة الأولى "
"غياب ساعة ما يضر بعدين الدكتور ما هو باللي يحضر "
" لا الله يخليك أنت باقي لك سنة وتتخرج والمعدل تراكمي فا شد حيلك "
"أيه بصير دكتور وأنا للحين أسوق سيارة العايلة "
"أحمد الله جيب فكس أر ما هو جمس بيكن موديل 77 و المكيف خربان و اللي من ندخل الحارة الكل عرف أننا جينا "
ضحك ناصر وهو يتذكر الجمس القديم وقال
" ميزة ذاك الجمس أنه عند الإشارة كل السيارات تهج من صوته يخافون أدعمهم "
سكت شوي ولا حظ شرودها وعرف إنها تفكر في موضوع راكان فقال مبتسم
" تدرين في نكته على الجمس يقول لك هذا بريطاني أسمه جمس بيكن قابل واحد أسمه لينو فقال له لينو أسمك أيش؟ قال مستر جمس بيكن فقال لينو يستهزئ ما هو مصدقه طيب أنا مستر جمس لينو "
قالت لينا بملل
"هاهاها ما تضحك "
"أدري لأني محرفها إلا كم باقي لك وتتخرجين "
"سنتين بتمام والكمال "
"لينا شدي حيلك ولا تخلين فكرة الزواج تأثر فيك "
قالت تقلد طريقة عبد السلام إذا ما فهم شيء
"إن شـــــــــــاء الله… إلا حنا وين رايحين؟ "
"ليه مستعجلة على الكلية؟ والا تبين الفكه مني؟ بنروح لكوفي شوب عمرك ما تحلمين بزيه ونأخذ لنا كوبين كوفي يقعدون روسنا عشان إنمخمخ على الصبح ونعرف نداوم "
وصلوا للكوفي شوب و شاف ناصر الزحمة عند خدمة السيارات فا نزل يشتري ويرجع لها .حست لينا بجوالها اللي كانت حاطته على الهزاز و لقت رسالة واردة أفتحتها و إلا هي من راكان
"صباح الحلم صباح النور صباحك آآآه ما يمدي أنا وحدي أتمتم …نور
صباحك غير صباحك خير صباح الضحكة لا طارت! ولا صارت !
صباح البسمه لا مست نسيم الصبح واحتارت !
صباح أحلى ..خطاويها أمانيها صباحي يومي أناديها
صبحي غير… بشعورك……"
وقفت عن القراءة وهي مكشرة وضايق صدرها. لمحت شكل ناصر داخل الكوفي و قررت ما تخرب اللي قاعد يسويه ناصر عشانها من الصبح ومسكت الرسالة وسوت لها إعادة إرسال و أرسلتها له. ما تدري كم بقت تستناه لين قطع تفكيرها ناصر وهو طالع من الكوفي و شايل في كل يد كوب كوفي وهو يأشر لها براسه تفتح له باب السيارة قال وهو يجلس مكانه
" يا حبيبي على الرقة على الصباح تسلمين على الرسالة الحلوة ما خبرت إن أحد فيكم ذكرني بالرسايل اللي تفتح النفس على الصبح ما غير أنا اللي طفرتوني من كثر ما أرسل بس الحمد لله جهدي ما راح عبث طلع فيه نتايج حلوه على كذا عطيتيني حافز أوصلك كل يوم للكلية"
" شفت أني أصيلة "
" أيه أصيل وأخت ارجال بعد "
"أيه أمدح نفسك "
"يا أختي حر بمدح نفسي بلاش ما على حسابك شيء وبعدين لا تراهنين الحين أنزلك عند الكلية وتشوفين ردت فعل البنات "
" وأنت الصادق عشاني أختك "
"بس ؟ "
" ليه في سبب ثاني؟ "
"يمكن يتقربون منك عشاني "
" يمكن من عارف "
" ألا ما قلتي لي زواج شمس قبلك والا بعدك "
ارتبكت لينا لكن هي كانت مجهزة جواب من قبل لمثل ها السؤال
" للحين ما حدد زوجها بس ما أتوقع يتزوجون السنة ذي"
ما قدرت تقول له أن شمس طلبت الخلع من زوجها محمد قبل زواجها بشهرين لأن شمس وصتها ما تقول لأحد أبد قال ناصر
"الله يتمم لهم على فكرة قلتي لها إنك ملكتي؟ "
"لا اليوم بقول لها "
أضحكت بكآبة وهي تقول
"تتوقع تصدقني؟ "
" ما أدري بس انتبهي لا تقولين لها عن كل شيء . أعرف أنك أنتي وهي مثل التوأم وتعرفون بعض من زمان بس مهما يكون بعض الأحيان لازم يكون فيه خصوصية ولا تنسين اسأليها عن عاداتهم لأن راكان من نفس قبيلتهم لكن من فخذ ثاني "
بعد كذا غير ناصر الموضوع و بداء يقلب رأسها بمصطلحاته الطبية ثم طلب منها أنهم يتكلمون باللغة الإنجليزية عشان يختبرون مهارتهم فيها. وصلت لينا للكلية الساعة تسع إلا ربع وقبل تنزل من السيارة أرسلت لشمس رسالة إنه إذا كانت فاضيه تنتظرها عند قاعتها. مشت لينا متجهه لقاعتها وقامتها مشدودة بثبات واستقامة وهي تاركة الزرين العلويين للبلوزة البيضاء مفتوحة لعنقها الجميل الملتف حوله خصلات من شعرها الناعم اللي تركته مايل بفرقة على جانب من راسها ومعلقة على كتفها شنطتها السوداء كل شيء حولها يجزم أنها واثقة من نفسها وحياتها مستقرة ومرتبة و منظمة بدقة من دون تعترضها مشاكل أو فوضى واللي أساسا كانت موجودة في داخلها من غير ما أحد يعرف عنها. شافت لينا صديقتها شمس واقفة مقابل باب القاعة ومتكئة بذراعها على السياج اللي يكشف على الساحة الداخلية للكلية ولأنها كانت متلخبطه من البداية وش بتقول سلمت عليها بحرارة غير معهودة فقالت شمس
"خير كل هذا مشتاقة لي! "
"شفتي قد أيش أحبك "
" هاتي من الأخر ما هو على شمس شايفتني أخوك عبد السلام "
استندت لينا على السياج بظهرها وقالت
" لا أبداً. توقعي اليوم في السيارة سألني ناصر متى زواجك و قمت أخبط وقلت للحين ما حددوا "
تدرج اللون الأحمر لخدود شمس وهي تقول
"يا فشيلتي كان قلتي له تراه بطي "
"على طاري الزواج بقول لك خبر خمني؟ "
"عبير خطبها واحد؟ "
"لا "
"غريب! هو فيه يعني سالفة زواج؟ "
"أيه "
التفتت لها شمس واللي كانت صاحبة بشرة بيضاء نقية أبرزها لون بلوزتها الأسود ولها طول معتدل لكن أقصر من لينا شوي.رجعت شعرها اللي صابغته أشقر عن وجهها ورفعت راسها وقالت
"و الله ما عاد بقي غير مشاعل لأن أنتي يئست منك"
"ليه وش قالوا لك؟ "
"أنا أدري عنك كل يوم تقولين ما جاء مجهول الهوية "
" طيب ترى الموضع يتعلق فيني "
شمس تناظرها بمكر
" صادقة؟ لا تخليني أفرح على الفاضي, أعرفك تعجبك ذي الحركات"
" لا ذي المرة جد "
شمس بحماس
"أحلفي؟ "
"والله "
شمس طارت من الفرح وقبلتها وهي ما هي مصدقة
"مبروك ألف ألف مبروك ومن هو عدنان زمانك ومتى تقدم لك؟ "
" هو ترى الموضوع خلصناه لأن الملكه كانت يوم الأربعاء "
" يا خاينه ألحين أنا كنت أعلمك بكل شيء أول بأول حتى لو بس أهلي لمحو لي أقول لك وأنتي تقولين لي بعد الملكه "
" هو كل شيء جاء بسرعة وبعدين أنا ما كنت حاسة أنه بيكون فيه شيء أكيد "
"حتى ولو؟ "
" هيه شمس ما هي حلوة أقول انخطبت وبعدين أقول خلاص هونت "
"وش معنى أنا اللي أقول لك كل صغير وكبير وأنتي …."
قاطعتها لينا
" لا فيه فرق أنتي لو أخذت الخبر كان علمتي أهل بيتك كلهم أما أنا ما قلت لأهلي إلا يوم ملكتي وأخرتها يوم أنك تراجعتي و فركشتي الموضوع تركتي مهمة التغطية علي "
" أممم معك حق"
" أسألك شيء وتصدقيني ؟ "
"تفضلي "
" أنتي للحين متعلقة في محمد؟ "
" لا "
"أكيد؟ "
ناظرتها شمس وقالت
"أيه ليه ؟ "
مدت لينا رقبتها وهي على وضعها تشوف البنات اللي يمشون تحت عشان تهرب من عين شمس وقالت
"مدري عنك هذا رابع واحد يتقدم لك بعد محمد وترفضينه من دون سبب!"
" لا ارتاحي بس ما جاء مجهول الهوية على قولتك …إلا على طاري مجهول الهوية حقك أخبر إن شرطك الوحيد فيه أنه يكون حنون هو حنون والا لاء؟ "
دارت لينا حول نفسها و سندت يدها اليمنى على السياج و ريحت راسها عليها و جت تفتح فمها بتتكلم أنه هي وش يعرفها؟ لكن شمس انتبهت للوقت من ساعة لينا و استأذنت بسرعة
"يهـوهـو دايم إذا وصلنا للمواضيع الساخنة تنقطع السالفة مع السلامة لينا عندي محاضرة الحين أقدر أشوفك اليوم؟ "
" ما أتوقع ما عندي off إلا المحاضرتين الأولى "
"خلاص أجل أشوفك بعدين وبيكون بينا اتصال سلمي على الأهل "
" الله يسلمك "
راقبتها لينا ألين اختفت عن نظرها ثم ابتسمت من فكرة إن راكان يكون حنون هذا من سابع المستحيلات. استرخت وهي تتأمل اللي يمشون في الساحة الداخلية هل فعلاً شمس صادقة يوم قالت لها إنها نست محمد ؟ كانت لينا دايما تتفق مع شمس في أمور كثيرة إلا في تخصصاتهم وقت التسجيل للكلية لينا اختارت اللغة الإنجليزية وشمس اللغة العربية. كان هذا هو الفرق الوحيد في اهتماماتهم وإضافه على الخمس سنوات صداقة بينهم هذا كله خلاها تفهم شمس وتعرف وش ممكن تفكر فيه. رجعت بها ذاكرتها لمنتصف السنة الأولى لهم في الكلية. وقتها شافت لينا إن شمس كثيرة سرحان وأفكارها توديها يمين وشمال فقالت وقتها
" أيه اللي ما خذ قلبك يتهنا به "
ابتسمت لها شمس وما ردت قالت لينا
" أقول شكل السالفة جد من سعيد الحظ هذا اللي أمه داعية له بأخر الليل؟ "
" واحد ما يقرب لي "
" أنا كنت أمزح والبنت عطتنياها على وجهي كاش. أوكي يا شمس أزين و ازينين بعد أنه ما يقرب لك وش المشكلة؟ "
" ما فهمتي "
" فهميني شكل أستاذة الفقه كملت معكم درس الخطبة اليوم "
"وهذا اللي ذكرني في الموضوع "
" والله شكل القصة على أخر طراز حمستيني تكلمي "
" هدي لا تحمسين والا شيء لأنه ما فيه كثير ينقال فيه واحد يقرب لزوج أختي الأول ومن كثر ما تمدح فيه عجبتني شخصيته يعني فعلاً تحسين أنه مختلف "
" يا حبيبي على الأفكار بالله سلمي لي على أخوك عبد الله وقولي له يعطيك على دماغك هذا ضربة تعدل وضعه "
"لينا أنا ما أمزح "
"أوكي وأنا بعد ما أمزح أنا ما أقول أنه فيها شيء الوحدة تعجب بشخصية إنسان محترم خصوصاً أنك تقولين عنه مميز بس أني أشغل تفكيري فيه هنا الغلط لأن أولاً أنتي تقولين ما هو قريب لك وكأنك تقصدين أنه ما يدري عنك أو يمكن تقصدين أنه ما فيه أي أمل أنك ترتبطين فيه خلاص أجل يا أختي أنسيه "
" يا حياتي الموضوع ما هو كذا بس "
"أجل؟ "
" قبل فتره كان عندهم عشاء وعزمونا و شفته قدام باب بيتهم يرحب بضيوفه ومن ذاك اليوم عجزت أنساه "
" لا يا قلبي تقدرين و تو الموضوع في بدايته و نصيحة من أخت لا تربطين نفسك بأوهام وإذا تقدم لك في ذيك الساعة عاد أحلمي زي ما تبين وأنا بساعدك "
ابتسمت شمس بحزن وقالت
"المشكلة الشيبان موزعين الزوجات على كيفهم. من يوم الناس أطفال وهم مسوين إعلانات إن فلان لفلانة وفلانة لفلان وقليل من الشباب اللي خالفهم وأولهم ولد أختي فهمهم أنه لا أحد يدخل في حياته بس عندوا فأخذ شهادته ودخل أرامكوا يقول أحسن له يبعد عنهم لين يفهمون أنه رجال وإذا تخرج بيأخذ البنت اللي يبي"
" رهيب يعجبني هذا عرف يتعامل معهم "
"أيه بس شوفيه هبل فيهم تخرج الآن له ثمان سنين وكل ما خطبوا له وحده وشافها قال ما تناسبني "
"يوه شكله مرة شايف نفسه "
" والله ما تصدقين أمه وأبوه يوم اسمعوا شروطه التعجيزيه أحلفوا ما يتدخلون عقب ما فشلهم عند الناس"
ضحكت لينا وقالت تمزح
"هذا علاجه أنكم تزوجونه من غير ما يشوف البنت وتحطونه في الأمر الواقع "
" لا هو مصر إن الشوفه من حقه والله ليعجّز ما أحد أخذه أمه تقوله إن البنت اللي وصفها بيلقاها في الجنة "
"ما عليك منه العيال يعرفون يدبرون أمورهم ومصيره يقتنع, أنتي أهم شيء لا تضيقين خلقك وترى حتى الشيبان عندنا زيكم بس ما يقولون فلان لفلانة لا يقولون فلانة مسماة لفلان وهذا أكثر ارتباط وأخرتها يوم كبروا الشباب كل واحد أخذ وحده غير اللي قالوها له ولا حسبوا لأحد "
" عاد هو بلهجتكم مسمى لبنت عمه "
ضحكت لينا غصب عنها وقالت
" معليش أسفه شمس ما قصدت بس لا يسمعونك ولا ذبحوك إحنا الرجال عندنا ما عمري سمعتهم يقولن أنه واحد مسمى لوحدة لأن كذا عندهم أنك تنقصين من هيبة الرجال يعني هم يقصدون أنه ما هو حكر على وحده "
"يوه على ذي العقليات المتخلفة بتجنني "
"طيب أنتي شفتي البنت اللي بياخذها… إلا على فكرة ما قلتي لي أسمه؟ "
" محمد "
"طيب أللي بياخذها محمد عاجبها الوضع؟ "
ما قدرت شمس تتكلم فا هزت راسها قالت لينا
" أها كذا الوضع أكتمل وهو أيش رأيه ؟ "
" ما أدري هم ما يقربون لنا عشان كذا ما ادري بس حسب ما سمعت من أختي أنه بيخطب الشهر الجاي وما أحد عارف من هي بس أنا ما أتوقع أنه يخالف أبوه و عمه "
"وكليها على ربك ولا تشغلين ذهنك والزواج قسمة ونصيب وما تدرين يمكن خيره أنك ما تأخذينه "
ابتسمت لينا لا شعوريا وهي تتذكر أنه بعد الشهر من جلستهم هاذي شافت السعادة بعيون شمس وهي تقول
"صباح الخير "
"صباح الورد الأخت متشققة من الفرحة فرحينا من دخلنا الكلية ما عاد نسمع أخبار حلوة "
"وش دراك أني فرحانة ؟ "
"وش دراني ؟ يا أختي بسم الله عليك إذا صرتي مبسوطة والنفسية تمام تصير بشرتك ثـلج و شفايفك تحمر أكثر من قبل بس إن كنت محزنه والهموم على راسك تصير بشرتك محمره وعاقده حواجبك و شفايفك الحلوه هاذي لونها شاحب وتقل عاصرين ليمون عليها ما قلتي لي وش مفرحك؟ "
" أنتي قولي "
" البنت تسحي لا تقول خطبك محمد "
قالتها لينا بمزح لأنها تعرف إن شمس ما عاد تتبع أخباره لكنها تفاجئت بشمس تعقد حواجبها
"أسفه شمس ما كنت أتوقع أنك للحين تفكرين فيه "
ضحكت شمس العالية لفتت الانتباه لهم وقالت
" اللي قلتيه صح "
"أشوى خوفتيني الله يرج بليسك ظنيتك زعلتي مني "
" هيه بنت أفهمي زين كلمتك الأولى صح"
" محمد خطبك؟ "
ابتسمت شمس لها وهزت راسها فضمتها لينا وباركت لها من كل قلبها وقالت
"من كان يتوقع والله حركاآآآآآآآآآت وكيف عرفك؟ "
" أم زوج أختي تصير خالته وكانت تذكرني وكذا اتصلوا فينا أمس يخطبون مبدأي يعني بيعرفون رأيي أول بعدين يجون يخطبون رسمي "
"لحظة لحظة زوج أختك لطيفة ما غيره "
" أيه الأول مو الثاني "
"ممكن تعطيني بالأسماء عشان أستوعب "
" ما هو المشكلة أن زوج لطيفة الأول أسمه محمد بعد "
"هاذي والله اللخبطه "
"شوفي هذا محمد وخلينا نقول طليق أختي أمه تصير خالة محمد اللي بيخطبني "
"أيه كذا فهمت طيب وش قالت لهم أمك "
" قالت عطوا البنت مهلة تفكر"
شهقت لينا بمزح
" يا مفتريه مزعجتني ذاك الأسبوع و مسوية مناحة وخفت تذبحين البنت اللي مسمينها له وأخرتها قال بتفكر! عطيني عطيني رقم أمك والا أقول أم محمد بالمرة أقول البنت موافقة من قبل ما تدقون "
ضحكت كل وحده بسعادة غامرة و بعد هذا بشهر خطب محمد شمس رسمي وكتب عقد زواجهم وحدد الزواج وكانت لينا تضحك أحيانا وهي طفشانه من كثر ما أزعجتها شمس بمحمد وصار كل كلامها عنه خصوصا وإن عادتهم تسمح له أنه يزورها ويجلس معها وهذا اللي ترك الاثنين يتعلقون في بعض لكن الغريب أنه قبل الزواج بشهور تغيرت شمس وصارت دايم متضايقة و متكدرة وكان السبب الرئيسي راجع لردة فعل قريبات محمد واللي ضايقوها بكلامهم و أفعالهم لأنهم ما يرحبون أبدا بزواج ولدهم من بنت غير بنت عمه فتعبت نفسية شمس ومع إنها تجاهلتهم إلا أن ألاكتئاب صار يسيطر عليها ويخنقها وهي تحاول تضغط على نفسها لأنها تحب محمد لكن في النهاية ما قدرت تتحمل و طلبت من أخوانها واللي أكبرهم أسمه عبد الرحمن إنها ما تبي تتزوج. عصب عليها كل أهلها وهاوشها وقالوا لها إن الزواج ما هو لعب توافق في يوم وتغير رأيها في اليوم الثاني لكنها أصرت على موقفها وبكت عند أخوها عبد الرحمن واللي تعاطف معها ورحمها واتصل بمحمد وقال له الخبر. وأكثر ما أعجب لينا في محمد صدقة و إخلاصه لأنه رفض لدرجة اضطروا يكلمون أعمامه واللي حاولوا يقنعونه لكن هو رفض بطريقة أقوى من قبل وتركهم في المجلس وراه وطلع. وظلوا شهرين على ذا الوضع وفي النهاية جابوا شيخ قبيلتهم وأعمام محمد وأخوله وأبوه وأخوان شمس واستحى محمد أنه يردهم بعد ما يأس من شمس اللي ما تركتها لينا يوم من غير ما تحاول معها وهي تسأل عن السبب لكن شمس ظلت على موقفها وبعد ما صدر الخلع من المحكمة ترجت شمس لينا إنها تقفل هذا الموضوع للأبد .
ضاق صدر لينا لأنها تذكرت كل هذا وفكرت في محمد اللي للحين ما تزوج وحالته صارت غير عن قبل وسألت الله أنه يجمعهم مرة ثانية .رفعت لينا ذرعها اللي أوجعتها من كثر ما سندت نفسها عليها وأنكمش وجهها للغبار اللي أثر في بلوزتها البيضاء. أنفضته عنها بضيق وهي تشوف بنات قاعتها جالسين على شكل مجموعات صغيرة متفرقة ويراجعون للكويز اللي بقى عليه ثلث ساعة .طلعت لها ربطة من شنطتها و أرفعت شعرها اللي كان منسدل على كتفها بحرية على شكل ذيل حصان و فضلت أنها تنظم للبنات وتدرس بدل الهواجس أللي ضيقت صدرها وما فارقت تفكيرها وهي تسأل عن الشيء اللي ينتظرها في مستقبلها القريب مع راكان…
لينا متمددة على سريرها نايمه والتعب واضح عليها من دوام اليوم
"لينــــــــــــــا قومي الله يهديك "
سحبت لينا لحافها وغطت وجهها وهي تململ وأمها وقفه على راسها تصحيها وهي رايحة في سابع نومه ولا تسمع كلمة من اللي تقوله أمها
"بس أشوي الله يخليك خمس دقايق وأقوم "
"خمس دقايق ما هي مشبعتك نوم بسرعة قومي "
أخيراً فتحت لينا عيونها وتمددت بأقصى حد قدرته وهي تحاول تستوعب أمها وش كانت تقول
"طيب بقوم الحين "
" إذا صليتي و خلصتي تعالي أبغى أكلمك في الصالة "
"ليه خير فيه شيء؟ "
"إذا قمتي أقول لك يلله لا تأخرين "
"أوكي "
قالتها لينا وهي تتثاءب حاطه يدها على فمها وقبل ما تطلع أمها قالت
"لا ترجعين تنامين "
هزت لينا راسها أنها ما راح تنام لكنها حست بثقل في جسمها وأجفانها بدت ترتخي تدريجيا. بعدت ذراعها عن جبهتها وبتمهل أجلست عشان يطير النوم. ألتفت لساعة وكأنها ما تشوفها ثم قامت تستعد للصلاة . بعد ما انتهت لينا وغيرت ملابسها نزلت لأمها و لقتها جالسة لحلها تشرب شاهي. جلست لينا قريب منها وصبت لنفسها كاسه ومخيلتها تسترجع موقف أمها لما جت تواسيها وتسندها بعد ما أنصدمت بزواجها المفاجئ كانت ساعات ما حبت لينا تتذكرها فقالت لأمها
" وش فيه يمه؟ "
"أنتي الحين ما أنتي بصغيره وعارفه إن قدامك بكرة بيت ومسؤوليات …."
قاطعتها لينا
"أدري والله أني عارفه بس وش تبيني أسوي؟ "
"أنتي ما تعرفين تطبخين ومن يوم ورايح أنتي اللي بتسوين العشاء كل ليلة "
فتحت لينا عيونها ومن غير ما تدري قالت بربكة
"هاه!"
" من قال هاه سمع واليوم أنتي اللي بتسوين عشانا "
" ما قلنا شيء أتعلم أطبخ بس ما هو كل ليلية أنا عندي دراسة "
" أبد المطبخ ما هو معطلك وبعدين هذا أهم من الدراسة "
كان هذا اللي خايفه منه لينا ومزعجها و أول شيء بدا يقلقها كيف بتتعامل مع الزيت الحامي قالت لينا لأمها
" خلاص أجل بس أول مرة لازم تصيرين معي "
" يوم بصير معك ويوم بتكون عبير "
"أها طيب اليوم وش أطبخ "
" الحين روحي للمطبخ وسوي قهوة وشاهي لأبوك "
ابتسمت لينا لها وقربت منها بدلال
"طيب وش مقدار السكر و ورق الشاهي وكيف أسوي القهوة ؟"
ناظرتها أمها بعصبية
" أمشي معي للمطبخ أنتي ما تنفعين في شيء غير الدراسة "
طاعتها لينا وهي ساكته شكل كل يوم بتاخذ لها علقه من أحد. هي تعرف أنها ما تقدر تدبر شيء وخصوصا في المطبخ. كانت أمها جالسة وهي ترشدها وتقول لها حطي وسوي وأحيان تعصب وتوبخ لينا أما لينا فما صدقت خبر إنها خلصت عشان تروح لغرفتها. دخلت عليها عبير وهي تضحك
"هاه كيف أول درس لك في المطبخ؟ "
" الله يرحم والديك بغت أمي تشوتني ببريق المويه بس الحمد لله النتيجة النهائية مرضية "
" وش بتسوين في العشاء؟ "
" والله شوفي أنا كذا كذا أكلتها فخليني أتعلم الحين وأخذها منكم بدل ما أخذها مستقبلاً "
"هذا الكلام السليم وأنا أنصحك أبدي في الأساسيات وبعدين الباقي بيصير سهل "
" أيه هي فيها أساسيات بعد؟ الله يخليك شوفي طبق لوجبة وحده في اليوم يكفي, عندي ثلاث شهور يعني اضربيها في ثلاثين يوم يصير تعلمت تسعين طبخة "
ضحكت عبير وهي تقول
" لا يا أمي شهرين بس لأنك عارفه ما أحد يخلي عروس تشتغل في الشهر اللي قبل زواجها "
"أوهو علينا، شوفي عبير من جد لا تقولين كلمة عروس هاذي تراها رافعة ضغطي "
" من عيوني بس ما قلتي لي متى تبدين تجهزين لنفسك ترى ما عندك وقت؟ "
لينا ما كنت مركزة معها فقالت
" أجهز لأيش؟! "
"يوه لينا أنتي علامك تخبصين باقي بتروحين لسوق تقضين من غير ما أذكرك أنك تفصلين فساتن الزواج من غير طبعاً ذكر الذهب اللي أنتي عارفه أنه أهم شيء عند الناس بنسبة لأي عروس ولا تنسين العطورات و الماكياج و حجز المشغل و أيش بعد يا ربي أنا نسيت شيء؟ "
قالتها عبير وهي تفكر أما لينا فكانت تسمعها بملل ولا هي متحمسة وقالت
" خلصت محاضرتك أستاذة عبير؟ "
" لينا أنا أتكلم جد ما عندك وقت خلصي كل يوم شيء عشان ما تنضغطين في دراستك "
"يا أختي أنا عجزت أستوعب أنا أدرس ولا أطبخ ولا أروح لسوق اللي يسرق الوقت سرق "
"هذاك قلتيها وبعدين لا زم تفكرين بموديل حلو يناسبك أيه صح تذكرت! فستان الصباحية أيش لونه وكيف بيكون تصميمه "
" يا راسي؟ "
" أنتي ما أنتي متحمسة؟ "
" متضايقة "
"شوفي في حل سهل و بيوفر عليك كل شيء خذي المهر وقسميه "
جمدت لينا مكانها تفكر في المصيبة الجديدة المهر؟ وعبير كانت تتابع كلامها وما هي منتبهة
" يعني مثلا هاتي كذا ضرف واكتبي على هذا للملابس والثاني للعطور والثالث الذهب وزي كذا وبعدين حطي في كل ضرف القيمة اللي تناسبه وفي كل أسبوع تأخذين ظرف و تطلعين لسوق عشان غرض محدد يعني قولي مثلاً يوم الخميس بتكونين مرتاحة ولا عندك دراسة و الشباب فاضين لك وعندهم وقت. أنا أشوف إن هذا حل منطقي لأنك بتصيرين منظمة وما تداخل أمورك "
قالت لينا تسايرها مع أن مشكلة المهر للحين شاغلتها
" طيب السوق والتجهيز حلينها المطبخ والدراسة! "
"حبيبتي أنتي مصعبة على عمرك المطبخ ما ياخذ وقت وغسل المواعين وتنظيف البيت عفيناك منه خليه علي أنا ومشاعل يعني ما عندك في اليوم غير ساعتين في المطبخ والباقي أدرسي فيه على كيفك "
" والله ما أدري وش أقول أنتي تسهلين الأمور بشكل ما هو طبيعي بس كل ما تذكرت إنها ثلاث أشهور قلبي ينط من مكان "
قالت عبير مبتسمة
"عادي كل بنت في وضعك تحس كذا "
" الله يسهل "
" طيب وش رايك أبداء معك اليوم في المطبخ لأنه واضح أن أمي متنرفزه منك وضغطها مرتفع "
" تسوين معروف و أبغى أطلب طلب سوي خير وعلمي مشاعل عشان ما يصير لها اللي صار لي "
" حبيبتي مشاعل ما شاء الله عليها تعرف الأشياء البسيطة اللي ما تعرفينها أنتي شاهي قهوة وأحسن شيء متفننة فيه الحلى "
" يا شيخه الحلى أكثر ما كثر الله منها في الكتب "
"على طاري الكتب روحي مكتبة جرير وأشتري لك كتب توعيك لأنه أنتي عارفه أمي ما تحب تتكلم مع أحد في ذي الأمور وتفهمه وبيني وبينك الكتب أحسن لك بعيد عن الإحراج "
" لحظة تبيني أروح مع مين يا حلوة إن شاء الله مع ناصر؟ "
" والله صدق مشكلة …ما تقدرين تفرين منه كذا ولا كذا في المكتبة وتأخذينها "
" ما تعرفين أخوك أنتي رجله على رجلك وحتى لو قدرت أفر منه عند المحاسب بيمسكني "
"طيب يا حبيبتي هم يفهمون أنه هاذي أمور ضرورية يعني ما أتوقع يتضايقون أو يسوون شيء "
" لا يا أختي هم ما يقولون شيء بس أنا أستحي منهم "
" خلاص أجل لا تشيلين هم أنا بشوف لك حل المهم أنتي خلصي شيء من دروسك عشان تلحقيني في المطبخ بدري لأني أتوقع إذا ما لقطتك أمي هناك ما راح تعدي الليلة على خير "
"لحظة عبير بقول لك شيء إذا اتصلت شمس و سولفت معك عن موضوعي لا تقولين لها الصدق ترى قلت لها إن أنا أصلا كنت عارفه بس ما حبيت أقول لها إلا إذا ملكت "
رجعت عبير لمكانها وقالت
" إلا صدق لينا هو أبوي ليش سوى كذا حتى إن الرجال من قبيلة ثانية يعني حاجة ما تدخل المخ بصراحة؟ "
تذكرت لينا زميلتها اللي زوجها أبوها من أبن صديقه بس عشان أبوه فأخذت هذا عذر
" هذا عشان أبوه صديق عزيز على أبوي أعطى لهم كلمه وتعرفين عاد لا قالوا كلمة الشيوخ ما تنعاد "
" أقول لا تفكرين في الموضوع أهتمي بللي أنتي فيه الحين وركزي على الدراسة ترى الأدب الإنجليزي ما هو سهل "
وقبل تطلع قالت مبتسمة
" see you in the kitchen darling"
وصكت الباب ردت لينا عليها الابتسامة ثم جفلت من مكانها على صوت الجوال ومجرد شافت أن المتصل راكان قطعت الاتصال لكن رجع صوت الجوال يدق مرة ثانية فحطته في الدرج وسكرت عليه وبما أنه غير مزاجها عرفت إنه ما فيه أمل تدرس و لحقت عبير اللي تنتظرها في المطبخ …
——————————————————————————
اليوم التالي بعد صلاة المغرب
ناصر:-" لينا ترى راكان دق علي وقال بيجي "
"لا يسمعك أبوي "
"أدري هو ما هو فيه لكن أمي موجودة و بتذبحني لو درت أني بس أفكر أخليه يشوفك "
"ومن قال لك أني أبغى أشوفه؟ "
" عارف وهو بعد أصلاً عارف رأي أبوي لأنه كلمه! بس غريبة ليش بيجي هو ما قال لك؟ "
" أحد قال إني أكلمه ؟ "
" ليه هو ما يتصل عليك؟ "
"يدق بس ما أرد عليه "
"لا يا لينا كبري عقلك الرجال صار زوجك واللي تسوينه ما يسهل عليك حياتك معه "
" أفكر"
" أنتي لو تتركين عنك العناد و ألأفكار الغريبة ذي"
"أيه بس أنت ما فكرت ليه ما شفنا أحد من أهله أمه أو خواته عشان تنسق مع أمي وقت الزواج الواضح أن ما أحد منهم راضي "
دق جرس البيت فقال ناصر
" هذا راكان وسعي بالك أظن إن أهله في الجنوب عشان كذا ما حضروا "
"في شي أسمه تليفون "
" أنتي يبيلك قعده و الرجال واقف عند الباب خليني أروح له يمكن يشكي لي منك الحين وتصير وظيفتي الجديدة إصلاح ذات البين "
ومع إن مالها خلق إلا إنها ضحكت من ناصر وهي تتخيله فعلاً مصلح .جلس ناصر مع راكان اللي ما طول و رفض القهوة بحجة أنه مستعجل وكلها ربع ساعة ومشى. رجع ناصر لأخته لينا اللي ما غيرت مكانها وقالت وهي تشوف ابتسامة ناصر
"خير؟ "
" تعالي بكلمك في غرفتك "
" ليه "
" لينا وش فيك من يوم ملكتي صايره مملة .أكيد عشان ما أبغى أحد يسمعنا "
"طيب "
دخل ناصر وصكت لينا الباب من بعده و انتظرته يتكلم وهو جالس قدامها فوق المكتب وقال
" متى تبين أوديك السوق؟ "
"مدري! وأنت عارف انه ما عندي شيء أجهز فيه "
" لا على هاذي راكان جاي عشانها اليوم "
وطلع من جيب ثوبه ظرف مغلف لينا باستغراب
" وش هذا؟ "
"هذا من راكان لك قال لي أعطيك إياه "
مع إنها خمنت اللي فيه قالت
" طيب وش داخله؟ "
" هو قال لي ما أقول لك افتحيه أنتي وشوفيه "
مدت لينا يدها بتاخذ الظرف لكن ناصر حطه على المكتب وراه وقال
"خلينا من هذا الحين في موضوع أهم أنتي لازم تردين على اتصالات راكان "
" ليه كلمك هو؟ "
" لا ما كلمني بس كان واضح عليه إنه متضايق "
" أحسن هو متضايق من شيء تافه زي كذا أجل أنا وش أقول؟ "
" لينا أخاف بعدين…يعني أنتي عارفه …أخاف يدخل قلبك ثم تندمين إنك ضيعتي ذي الأيام "
" ناصر ممكن تقفل على الموضوع ؟ "
" بكيفك بس راكان …."
ودق جوال لينا يقطع كلامه فأخذه ناصر وشاف اللي مكتوب على شاشته <راكان يتصل بك > مد عليها الجوال وقال
" ردي "
" ناصر ما لك دخل "
فتح ناصر الجوال وحطه على السبيكر وتركه فوق المكتب وطلع من الغرفة هو يبتسم لها وصك الباب بهدوء لأن الصوت الوحيد بالغرفة كان لراكان
" آلو ….آلو …"
لينا بدون أي تردد أخذت الجوال
"آلو نعم "
" أهلاااااًً لينا لي فترة أدق ما تردين على جوالك عسى المانع خير؟ "
"مشغولة بالدراسة "
" إيه الدراسة! الله يوفقك فيها وكيفها معك؟ "
" تمام "
" زين شفتي الظرف؟ "
لينا ببرود
" هذا هو قدامي بس لسى ما فتحته "
راكان بعتاب ناعم في صوته
" أفااااا "
ارتبكت لينا وحست بخوف يسيطر على قلبها بسبب صوته وقالت
" ما أمداني …يعني …ما كان عندي وقت "
لاحظ هو أن نغمة صوتها تغيرت وأن البرود اختفى وجاء مكانه التردد فغير موضوع الظرف وبدا يتكلم في أمور ثانية معها.ومع أنها ما كانت تشجعه أبدا بسبب تعمدها في انتقاء كلماته وأختصارها إلا أنه بداء بدراستها وبعدين تكلم عن نفسه تدريجا حكى لها شوي عن طفولته و الديره اللي هو عايش فيها وعن عاداتهم وتقاليدهم وأتاح لها المجال تسأله عن أي شيء تبغى تعرفه عنه وسألها هو بالمثل عن نفسها وعن اهتماماتها وتكلم معها في الروايات اللي درستها في الأدب الإنجليزي وأهم الكتاب اللي قرأت لهم و البرامج اللي تشوفها وبدأ يطرح عليها مواضيع ويتناقش معها في رأيها وفي النهاية ختم مكالمته بذكر وقت لمكالمته الثانية و ودعها…ما صدقت لينا خبر أنها انتهت من المكالمة على خير و كأنها منتهية من جلسة تحقيق هي المتهم فيها. رمت الجوال على السرير وناظرت في الفراغ اللي قدامها ثم مدت يدها وأخذت الظرف وفتحته و تفاجئت إنها لقت مبلغ خمسة وستين ألف لأنها كانت تتوقع مبلغ أقل من هذا. ضحكت بقهر من غبائها أجل هي كانت تتوقع من إنسان متكبر مثله أنه يرضى بجاهز عادي بسيط ولما طلعت المبلغ من الظرف طاح منه كرت صغير على المكتب قدامها أفتحته ولقت مكتوب بخط يدل على ثقة صاحبه
"إلى الملتقى ليلة زواجنا
مع حبي
راكان "
فكرت لينا هل هو فعلاً إنسان رومانسي؟ لكنها مباشرة استبعدت هذا الاحتمال بمجرد ذكرها لصورة وجهه المطبوعة في دماغها وكان الواضح لها إنه قاعد يتلاعب بأعصابها و ينرفزها لأنه يعرف موقفها اتجاهه وإن كان يتوقع أنها بتلين له بمثل ذي البطاقة فهو غلطان وبتثبت له ها الشيء ليلة زواجهم .رجعت كل محتويات الظرف ودخلته في درج مكتبها وقفلت عليه. الآن وبما أن الفلوس توفرت لها لا زم تبدأ ترتب أفكارها وتنظم وقتها حتى ما تتضرر دراستها. فتحت جهازها الكمبيوتر وبدت تبحث في الانترنت عن تصاميم فستان الزواج وإزياء الملابس و تسريحات الشعر وهي تحاول ترسم لنفسها موديل مبتكر يناسبها و يلاءم ذوقها وهذا ما هو لأنها فرحانة بزواجها أو حتى عشان تكسب رضاه وتنال إعجابه لا أبداً .كان هذا أبعد شيء عن ذهناها وإن كانت تتمنى أنها تقوم بالعكس علشان يذوق طعم خيبة الأمل والتعاسة مثل ما ذاقتها لكن هي تبي تكون في جمالها الكامل قدام اللي يرفضون قدومها من أهله اللي من بداية مكالمته كان يتهرب من أي سؤال تسأله عنهم وخصوصا عن أمه. جمعت كذا صورة أعجبتها عشان تستوحي الشكل اللي هي تتخيله لفستان الزفاف ولما انتهت من جمع الصور احتارت كيف ممكن تقسم المبلغ وما طاوعت نفسها إنها تفكر كثير لأنها بتروح بعيد بأفكارها وتنسى وش الشيء المهم اللي المفروض يشغلها. أخذت جوالها ودقت على جوال عبير
" عبير عندك شيء؟ "
" لا أبداً "
"تقدرين تجين غرفتي؟ "
" يا كسولة و داقه علي! كان جيتي أنتي لغرفتي "
" أنتي ما عندك كمبيوتر يا شاطره "
" تعرفين أني أكرهه "
" طيب تعالي بأخذ رايك فيه أشياء عندي بوريك إياه "
" ما يصلح بعدين؟ "
"لا ما يصلح وبعدين ترا صرفتي علي وأخرتها تقولين بعدين "
" طيب بجي لك الحين "
جت عبير وأطلعت على الموديلات وأعجبها موديل لينا اللي كانت راسمته قدامها على ورق A4 وهي تحاول تقرب الموديل اللي في دماغها و اللي أجرت عليه عبير بعض التعديلات المناسبة وسألتها لينا إنها ما تعرف كيف ممكن تقسم المبلغ وساعدتها عبير على كل هذا وكانت لينا ملاحظة إن عبير تتكلم وهي متحمسة و واضح إنها فرحانه من كل قلبها وهي تقوم بتجهيز أختها اللي أصغر منها لزواج. واعترفت لها عبير إنها مستمتعة بهذا أكثر منها لما كانت تساعد هيفاء . طق باب الغرفة وفتح ودخل مشعل اللي كان عكس توأمه مشاعل كان هادي زي عادته وقليل كلام
"سلام عليكم "
لينا وعبير "وعليكم السلام "
" لينا في وحده تبيك على التلفون "
لينا :- " ما قالت لك من؟ "
" ما سألتها بس من صوتها أتوقع إنها شمس "
"أوكي أنا جايه الحين "
تركها مشعل وطلع مثل ما دخل من دون أي أزعاج والتفتت لينا لعبير
"عادي أخليك تقومين بكل هذا لحالك لأني ما أفهم في مثل ها الأمور "
" أيه عادي يا عمري يوه وبعدين أنا ما عندي شيء "
"مشكورة عبير "
"هيه بنت حنا خوات ما بينا شكر أقلبي وجهك الحين وخليني أشوف شغلي "
" عادي من عيوني أقلب وجهي تامرين أمر أنتي "
وطلعت وهي مبسوطة إنها تخلصت من ضيقتها بمجرد ذكروا لها أسم شمس. مسكت السماعة وهي تقلد اليابانيين
"مش مشي "
شمس مباشرة بلخبطه ولهجة سريعة
"good morning…….yeas…..hello… fine thank you"
شمس ما تعرف إنجليزي ولما سمعت ضحك لينا على كلماتها صرخت فيها
" والله إن تكلمتي إنجليزي مرة ثانية لأطبق السماعة "
" أدري تسوينها بس اللي قلتها كلمة يابانيه ما عرفتها إلا أمس "
شمس تتكلم فصيح بطريقة مبالغ فيها ومضحكة
"دعينا من هذا الآن يا أخت العرب"
" أيواه أبدعي الحين "
" لا خلاص إلا وش أخبارك و اعلومك؟ "
"تمام باقي ساعتين وتزفني أمي للمطبخ "
" أيه صح أنتي ما تعرفين تطبخين "
" هاهاها جبتي شيء جديد عن شماتة "
" ما علينا وكيف وضعك رتبتيه "
" الله يعطي عبير العافية شايله عني هم كل شيء كله عشان دراستي"
" والله بيني وبينك شدي حيلك ما هي حلوة يسألك بكرة زوجك نجحتي و يسألك عن التقدير فا تبلمين "
" ليه هو بيتزوج شهادتي؟ "
" إلا تعالي من هو؟ ولد عمك "
" لا, واحد حتى ما هو من قبيلتي من قبيلتكم "
"ما شاء الله وأنتي اللي تقولين أبوي ما يقبل "
"أبوي هو اللي وافق يقول رجال ما في مثله "
"يا بخته ها الولد على فكرة أنا قلت لعبد الله إنك ملكتي ومن يومها مسوي إضراب عن الطعام "
" يا شيخه طيري بس عبد الله متقلب وبعدين توه صغير "
" تراه أكبر منك بسنة وبيني وبينك أشك أحيان أنه غبي لأني ما تعودت أشوفه رومانسي والحين كله عند الثمامة يطعس يقول ما اللي خلق اجلس في البيت "
"حبيبتي أنتي يتهيأ لك أنه مهتم فيني "
" أنا مستعدة أحلف "
"شمس ممكن تتركينا منه لأني بسالك عن أشياء كثير الحين مثل طريقتكم في الزواج و إذا فيه صباحية عندكم و أشياء مثل كذا "
" ما تفرق كثير عنكم انتم مثلاً العروس بكيفها إذا تبي زفة أو لا أحنا عندنا لازم زفة "
" لازم لازم "
"أيه "
" هلا هلا"
" أجل وش ظنيتي .أقول لينا هذا ولد أختي جاء يتعشاء عندنا بكلمك بعد ساعتين "
"أوووووف "
"معلش أنا قايله لك من قبل وقت الموضع يسخن تجيه عوارض "
"أوكي بس خليها ثلاث ساعات مع السلامة "
"مع السلامة "
حطت شمس السماعة وهي تسمع
" حيا الله خالتي "
" آهلين راكان جديدة خالتي علي "
أبتسم لها وقال
"كيفك وش أخبارك؟ "
" الحمد لله بخير"
"طيبون؟ "
"طيبات. وش أخبار أخوانك "
" ينعمون بخير الله فضله إلا كأني سمعتك في التلفون تقولين أن خالي أبو عابد رومانسي ليه ما هو عاجبك ها الشيء؟ "
"ليتك تكلمه الغبي "
" ليه عسى خير؟ "
" أبد تزوجت خويتي وهو متعلق فيها "
"من؟ "
" ما غيرها لينا "
راكان مصدوم من داخله و بداء يستدرجها
" أيه لينا عرفتها …. و أنتي عاد ما شاء الله عليك خليتي كل العايلة يعرفونها ويمكن أنتي اللي علقتيه فيها؟ "
" لا أنا ما للي دخل و أصلاً هو بس يشوف رقمها في الكاشف يرد على التلفون وأضارب أنا وياه عشان السماعة كله يبي يسمع صوتها لا وأزيدك من الشعر بيت إذا شافني أكلمها دخل وسوى نفسه بريء وقام يغني وصاير يكتب على كل ورقة تطيح في يده أسير الشوق"
من دون ما تبين ردت فعله الحقيقية قال
" أيه عاد هو صوته حلو "
"أقول لك لا تقول لعبد الله أني قلت لك كل هذا "
" لا ما أنا قايل له بس لينا تدري إنه يحبها؟ "
" لينا ما تصدق أنه في أحد يحب قبل زواجه "
" يعني أنتي قلتي لها "
"أيه أنا ولينا ما بينا أسرار ولو يدري عبد الله أني قلت لها كان ذبحنبي "
فكر راكان أنه من المحتمل هو اللي يذبحها الآن ما هو عبد الله . سألها بعفوية
"وهي وش رأيها فيه ؟ "
" بصراحة ما أدري ما فكرت أسألها بشيء محرج زي كذا؟ بس ما أتوقع أنها تهتم فيه لأنها لو كانت تبيه ما تزوجت واحد ثاني خصوصا وإنها تدري عن عبد الله من زمان"
راكان بضيق و بصدق
" أجل والله مشكلتنا مشكله مع ذا العبد الله"
كان على وشك يقول لها خبر زواجه لأنه ما توقع أنه في تعقيد بالموضوع لكن دخل عبد الله ولا كأن في حياته شيء متغير ويوم شاف ولد أخته قال بترحيب شبابي
"سلآااام حيا الله الشيخ "
"الله أبقه "
"علومك؟ "
"تسرك. أخبار أبو عابد؟ "
" على حطت يدك وأنت علموك سمعت إنك خطبت عسى ما هي زي كل مرة تخطب وتبطل؟ "
"لا الحمد لله المرة ذي بتحضرون عرسي "
قالت شمس بفرحة
" وما قلت لنا ؟ "
"وش تبيني أسوي على ما أقنع أبوي و أجيبه من أبها انشغلت والحين شوفيه يدق علي كل يوم يقول رجعني لبيتي .وبعدين أنا قلت أفاجئكم "
" و أمك تدري؟ "
" أيه أنا بلغتها عشان تحضر معي الملكه بس ولدها الصغير مرض عليها واعتذرت "
" وما قالت لي "
" أنا حرصتها ما تقولكم قبلي
" ومن البنت اللي أخيرا قدرت تفر راسك؟ "
راكان يتهرب
"من أولها هجوم عليها "
" لاااااااااااا ما أصدق انك بتتزوج "
"ليه وش ناقصني أنا؟ "
" لا أسم الله عليك وأنا خالتك بس أتوقع أن كل شروطك مسحتها و ما بقى منها إلا شيء واحد إنها تكون بنت "
ما توقعت شمس وهي تشوف وجهه إنه ياخذ الأمور بعصبية فقال عبد الله
" ما كان مفروض تقولين كذا؟ "
" أقول والله أنك أنت وياه قالبين راسي ما عاد تتحملون شيء "
رد عليها راكان
" أحنا اللي نقلب راسك و إلا أنتي أللي ما ندري وش تبين بعد اللي سويتيه في ولد خالتي محمد "
تغير وجه شمس فضحك عبد الله وقال
" تستاهلين رفعتي ضغطه وحدة بوحدة. ما قلت لي يا ابو شباب متى زواجك؟ "
" في شهر ستة يعني بعد الدراسة بأسبوعين أو ثلاث "
عبد الله :- " الله يسهل لك "
شمس:- " ومن البنت نعرفها؟ "
راكان تجالها :-" جدتي وين؟ هي ما تدري أني جاي "
عبد الله :- " معزومة عند جارتنا اللي فوق "
راكان :- " ونورة و عايشه وينهم ولا ما أحد مشتاق لي؟ "
شمس :- "مع أمي يعني أنا اللي مشتاقة لك بس"
قالتها شمس مبتسمة و في خاطرها كانت متضايقة ليه أنه سفها وراحت تصلح العشاء لأن الاثنين دخلوا بسوالف شبابية تجيب لها النوم . بعد العشاء جلسوا الثلاثة يتكلمون في مواضيع مختلفة وقبل ما تستأذن شمس وتتركهم عرف راكان إنها رايحه تكلم لينا لأنه سمع مكالمتهم فا طلب منها تجلس معهم وقال
"لا يكون ما عجبنا الآنسة ؟ "
شمس :- " يا أخي مليت من سواليفكم وبعدين أنا وعدت وحده إني أكلمها "
راكان :- "وأنت يا عبد الله عندك شيء؟ "
عبد الله بعد عن المركى اللي متكي عليه يتمدد وقال انه ما عنده شيء
راكان :- " اجل وش رايك نفر بالسيارة؟ "
عبد الله بدون روح :- " أنت وجهني وأنا أمشي "
راكان:- " قمنا أجل شمس تروحين معنا؟ "
قاومت شمس أغراء الروحه معه لأنها تعرف أتمشيه مع راكان شيء مختلف وإن كانت ما تقدر تتكلم معه براحه
" لا مشكور ما هي زينة تجي أمي وتلقى البيت فاضي "
بعد ما طلعوا قال راكان
"عبد الله خذ المفتاح وركب السيارة بأرجع أقنع شمس تروح معنا "
" يا ابن الحلال أنت ليه مهتم! كذا أريح "
" يمكن في طريقنا نشتري كرت الزواج وأبغيها تساعدنا أنت تعرف ذوق شمس حلو "
رمى المفتاح في الهواء لعبد الله ورجع لشمس اللي كانت توها رافعه سماعة التلفون وبدون أي مقدمات قال لها
" شوفي شمس في شيء مهم لازم تعرفينه أنا كنت بقول لك بس عبد الله دخل وقطع علينا "
" راكان وش قاعد تقول ما فهمتك؟ "
" لا تقاطعيني وأنا أتكلم. أنا اللي تزوجت لينا "
شمس أفتحت عيونها ورفعت حواجبها و الدهشة واضحة عليها مع أن شعور بسعادة خالطها فجأة لأن اللي بيتزوجها راكان تكون أعز صديقاتها إلا أن سعادتها اختفت وقت تذكرت عبد الله. كمل راكان كلامه وبنفس نبرته الهادية
" إذا قالت لك لينا أي شيء لا تقولين إنك تعرفين "
"راكان …"
"سوي اللي قلت لك عليه وترى أنا قايل لعبد الله أني رجعت عشان أقنعك تروحين معنا تساعدينا نختار كرت الزواج فا خلي كلامنا واحد "
لف بسرعة بيلحق عبد الله فا مسكته بذراعة وقالت
" لحظة ليش ما تبي لينا تعرف؟ و كيف بتسوى مع عبد الله لو عرف "
" بعدين أقول لك كل شيء المهم أنتي ما تقولين لأحد انك تعرفين حتى جدتي و خواتك لأني أنا اللي بقولهم أما عبد الله اتركيه علي "
والمرة هاذي طلع وتركها واللي أكد لها خروجه صوت باب البيت اللي نبها إنها وقفه مكانها ولا حولها أحد.هي ما تتوقع إن لينا بتعرف أبداً إن راكان يقرب لها لأن أبو راكان نسبة ما يرتبط مع نسبهم وله من أختها لطيفة اللي أنفصل عنها ثلاث أولاد وبنت سعيد مدير مدرسة و سعد دكتور و راكان مهندس كمبيوتر وأختهم أسماء مدرسة كيمياء. وبعدين تزوجت أختها لطيفة من شخص ثاني ورزقها الله بثلاث بنات منال وتهاني وسامية و ولد صغير أسمه عبد الإله . شمس تشتت تفكيرها وتشك إنها تقدر تتخلص من ملاحظات لينا لأن لينا تعرفها و بتقدر تقنعها تتكلم .ما قدرت تتصل بلينا فأرسلت لها رسالة تعتذر فيها أنها بتكلمها في وقت ثاني. راكان في السيارة مضطرب شوي و ما يعرف من وين يبدأ مع عبد الله. هذا إن كان يقدر يعتمد على كلام شمس . قال له عبد الله
" على فكرة البنت اللي خطبتها بنت من؟ "
راكان جاوب على سؤاله بعفوية :- " بنت خالد ال(…) أظنك تعرفها هي صديقة شمس لينا بنت خالد "
عبد الله بحرج :- " والنعم فيهم والله, الله يبارك لك يا راكان "
راكان منتبه لنبرة صوت عبد الله اللي تغيرت و لارتباكه في حركاته وكان يرجع نظره له بين مرة وثاني يتفحص وجهه فقال
" ويبارك فيك وعقبال ما نسمع خبرك إذا تخرجت من الجامعة "
" وش يدريك يمكن أقعد مثلك لين يجي عمري واحد وثلاثين "
"لا يا رجال أنت غير عني أنت شخصية ولك صوت حلو و …."
عبد الله بمزح يبعد إحراجه من كلام راكان
"أقول لا يا كثر "
أبتسم راكان له فقال عبد الله
" و من اللي أختار لك البنت "
" يا حليلك يا عبد الله أنت ما انتبهت أن كل العايلة تعرفها من أخوك الكبير عبد الرحمن لأصغرهم علي "
"أيه بس هم يعرفونها بالاسم "
" هو أولاً كلام شمس اللي دخل الموضوع في رأسي وثنين قابلت الوالده أستشيرها وفرحت ومدحت البنت لي ووصفتها وتوكلت على الله وجبت أبوي و خطبناها "
" بس اللي أعرفه أن أبوها من القديمين اللي ما يقبل بواحد من غير قبيلته "
" هاه ترى ما أرضى صار عمي ها الحين "
ضحكوا كلهم مجاملة و راكان ضايق صدره وهو قاعد يناقش الموضوع مع عبد الله اللي كانت أسالته في ظاهرها طبيعية لكن في داخلها شيء غريب يحس به راكان في صدره. وبمجرد ما شافت عينه على الطريق صالة بلياردو عرف إن الجو الشبابي اللي داخل بيكون أنسب لهم كلهم عشان يتخلصون من التوتر وشد الأعصاب اللي هم فيه .
———————————————————
في صباح اليوم الجديد, لينا جالسة في أخر الباص مثل عادتها وهي تتأمل الشوارع من خلال القزاز المظلل من غير اهتمام . إلى الآن ما تدري وش اللي ممكن تسويه؟ سابقا كانت تفكر إنها لو تزوجت بتحاول قدر ما تقدر إنه يكون زواجها ناجح لكن الآن كل أفكارها سوداء تجاه مستقبلها المجهول. غيرت لينا من وضعية جلوسها وغمضت عينها يمكن يكون فيه شيء متخبي في عقلها ما طلع إلى الآن. صوت جوالها بنغمة منخفضة ينبها إنها لازم ترد مدت يدها بكسل وشافت إن المتصل راكان . في داخلها حست إنه من الغباء تهرب منه كل هذا الوقت لأنها في النهاية بتواجهه فالأفضل إنها تبين له من الآن موقفها عشان يكون مستعد ومتقبل لفكرة إنها بتسود عيشته بسبب اللي سواه معها. فتحت الخط وحطت الجوال على أذنها وبصوت عملي
" هلا "
"أهلين لينا صباح الخير "
" صباح الخير "
" كيفك إن شاء الله تمام؟ "
" تقريبا الحمد لله "
توقعت إنه بيفتح لها موضوع الظرف أو إنه بيتلاعب بكلمات عاطفية على الصبح لكنه فاجئها بصوته الرجولي الهادي
" لينا في شيء لازم تعرفينه عن أهلي "
كل ذرة من لينا تسبح في عالم ثاني لأنها ما تخيلت يكلمها عنهم أبداً. كانت مستعدة لتقبل فكرة إن أهله ما يبغونها ومع هذا حست بشعور مفاجئ في صدرها وقلبها يتسارع في ضرباته وهي تحاول ضبط تنفسها وإظهار صوتها بطبيعته
" عن اهلك؟ "
"أنتي تعرفين أهلي يا لينا على الأقل من جهة أمي هو أنا المفروض أقول لك كل هذا من قبل لكن أنتي ما كنت تردين على تلفوناتي ولا حبيت بعد أقول لك من أول مكالمة أكلمك فيها "
" أها "
ما لقت لينا شيء تقوله غير كلمتها المعتادة فكمل راكان بشكل طبيعي لكن عن طريق سؤال
" لينا أنتي تعرفين وحدة أسمها شمس …شمس ظافر؟ "
كمية كبيرة من الهواء البارد لمكيف الباص اندفعت لصدر لينا واحتبس داخله في استعداد للكلام اللي بتسمعه وهي تقول بصوت غريب
"أيوه؟ "
"شمس ظافر تصير خالتي "
لينا مصدومة
"كيف؟ "
"هذا اللي مفروض تعرفينه أنا أصير ولد لطيفة أخت شمس من زوجها الأول ويمكن ما سمعتي شمس تتكلم عني لأني عشت مع أبوي في الجنوب أما أمي وأهلها سكنوا في الرياض وما احتكيت معهم كثير إلا في السنوات الأخير بعد ما تخرجت من أرامكوا "
لينا تخدرت من الصدمة و حست إنها لحالها توقف في فراغ رمادي ما له أي أبعاد وساعتها البيولوجية داخل جسمها فقدت نظامها وكل عضو من جسمها تجمد في ثواني . هذا اللي تكلمت عنه شمس وعن شروطه التعجيزية ومزاجه الغريب وأنه من الصعب التفاهم معه بعكس عبد الله. تفاجئت والخوف يغطيها لما جاء ذكر عبد الله بشكل تلقائي لذهنها هي ما تهتم له أبداً وإن كان يحبها فما هو بضرورة إنها تبادله المثل لكن الفرق بين شخصية الاثنين فرق شاسع عبد الله صريح طيب يحن على أخواته ويحتويهم يهتم لأمه يحس بكل شخص حوله إنسان اجتماعي نشيط يحب يخدم كل من يحتاج له بعكس راكان فا من كلام شمس عنه أنه فض وجلف وجافي ما يكثر الكلام وإنه اجتماعي في المحيط الشبابي بس أما بين عائلته لا. شخص ذكي وقوي ملاحظة ومكرس معظم وقته لعمله وصداقاته يتخذ قراراته وينفذها حتى لو ضايقت من حوله و أصعب شيء تقدر تتقبله أنه كان من الممكن يمد يده على أخواته إذا طولت وحده منهم لسانها عليه. أبلعت لينا ريقها لأنها تشك في ضبط لسانها وعصبيتها. والمصيبة الجديدة الآن شمس اللي سبق وكذبت هي عليها قد أيش معرفتها بكل هاذي الأمور اللي حطها راكان فيها؟. كررت في نفسها أن في كل مشكلة راكان راكان و راكان وبطريقة ما تخيلتها لينا أنطقت أسمه ولأول مرة على مسامعه
"راكان أنا ما استوعبت شيء من اللي قلته لكن أسمح لي بسؤال واحد شمس تعرف بالقصة كلها؟ "
راكان باقتضاب
"لا "
أخيراً خرج الهواء من صدرها دفعة وحده وارتخت أكتافها وهي تسند ظهرها على الكرسي واجتاحتها برودة في جسمها و في أطرافها. أنتبه راكان لتنهيدتها فقال
" لينا ما أحد يعرف غير أني خطبت وحدة وأهلها وافقوا بس أنا بأعرف أنتي وش قلتي لشمس؟ "
لينا وهي عاقده حواجبها بعصبية
"شمس سألتني فقلت لها أنه واحد أعجب أبوي وافق عليه "
راكان سأل بيتأكد
"ما قلتي لها غير كذا؟ "
رجع طبع لينا الحاد لها واللي ينسيها مع من تتكلم. فوق إنه هو اللي ورطها وحطها في أكثر من مرة في موقف سخيف ما يصدقها
" شف عاد ما هو أنا اللي تنقل سيرة أهلها ولا أسرار بيتها على كل لسان "
راكان أدرك خطأه فقال يهديها
" يا صباح الهدوء و السلام "
ما ردت عليه لينا فقال
" شكلي خربت عليك يومك عموما أنسي كل هذا ولا كأن أي شيء صار "
لينا بانفعال
" لحظة لحظة لحظة حلوة ذي ولا كأن شيء صار أنت قلت لشمس ولا لا؟ "
"على ؟ "
" على موضوعنا "
" قلت لك لا "
لينا بحرج و ارتباك
" ما أقصد قضية الدين "
راكان يتعمد يحرجها
" أجل وش؟"
لينا توترها زاد و تضايقت في مكانها وبصوت تمنت أنه يكون طبيعي قالت
" يعني أنت قلت لها على أني خطيبتك؟ "
"أيـه تقصدين زوجتي وإننا ملكنا, أنا بس أصحح لك لأن كلمت خطيبتك خطأ يا عزيزتي"
" أللي هو قلت لها ولا لا ؟ "
" تركت هذا لك بس خلينا على هرجه وحده أنا جيت لأبوك وقبل فيني والسلام "
" أنت دايم كذا أسلوبك استفزازي و أناني "
ما تغيرت نبرة صوته عن طبيعتها وهو يقول بعتاب
" شوفي يا لينا خلينا واضحين مع بعض أنا ما أرضى أن حرمة تطول لسانها علي أو حتى تناقشني في شيء أنا أسويه أيا كانت ها الحرمة "
لينا بعصبية
" حتى لو كان اللي سويته يتعلق بحياتها ما لها دخل؟ "
" وش تقصدين؟ "
" بالعربي أنا ما أحب أحد يعطيني أوامره و يبغى مني أنفذها من دون ما يناقشني فيها من قبل "
"قصدك إنه لو عشنا مع بعض بهمش وجودك؟ "
" ما يهمني إن همشت وجودي! اللي يهمني إنه تلتفت لرأيي لصار الموضوع يتعلق فيني "
" في هاذي ما أقدر أعطيك كلمة "
" نعم ؟! "
راكان بتهديد
"ما أدري وش ممكن أسوي أنتي جربيني, وقتها نعرف "
لينا بعصبية
" خلني أقول لك شيء بما إنك صريح لذا الدرجة أنا إنسانة ما أضبط أعصابي ولا أعرف أسكت عن أي شيء ما يعجبني "
أخيرا وضح الضيق اللي مخفيه في صوته البارد
" إذا صار بنشوف وش نقدر نسوى عشانك "
"ما أحد قال لك تأخذني "
" يمكن شمس هي اللي قلبت راسي من كثر ما تكلمت عنك "
"تقدر تخلص مني لو بغيت "
"هذا الشيء أنتي اللي تبينه أما أنا عندي استعداد أشوف طبعك و أتعامل معه"
الكل منهم صار الآن ضايق وما بقي عنده شيء يقوله وخصوصا إنهم ما توقعوا أنه من ثاني مكالمة يبدون بالمجادل فقال راكان اللي ما توقع خاتمة هاذي المكالمة
"طيب أنا عندي الحين دوام تامرين شيء "
"لا "
"مع السلامة "
"مع السلامة "
كل شيء بداء يذبل قدام لينا الألوان كلها باهتة وكئيبة تصور عالمها اللي بداخلها و بشكل سريع مرت عليها ذكريات يوم الخميس يوم اكتشفت زواجها و حقيقة دين أبوها وقسوة أخوها الوليد والآن وصلت المسألة لصديقتها شمس ومع تفكيرها هذا تحسست لينا رقبتها بأصابعها الطويلة وهي تحاول تلقى الحبل اللي قاعد يخنقها وتركت لعيونها تسكب دموعها بسبب الضيقة القاتلة اللي تغلفها طالما إنه ما في أحد جالس جنبها وينتبه لها وبما أن دموعها البسيطة اللي ظهرت تركت لها مجال تتنفس وترتاح شوي سندت ظهرها على الكرسي و سحبت طرحتها فوق برقعها وغطت بها عيونها وتركت لمشاعرها مطلق الحرية ترثي حياتها اللي فقدتها قدر ما تبغى طالما باقي عشان تاصل الكلية ثلث ساعة. كان كل اللي يشغل تفكيرها شيء واحد, كيف ممكن توقف قدام تهديد رجال شرس متعجرف مثل راكان وهي ما تملك من القوة غير لسانها وشخصيتها؟. أول ما دخلت لينا الكلية راحت لقاعتها مباشرة لأن الوقت بدري وطبيعي ما راح يكون فيه كثير من البنات هناك هذا إذا ما لقت أحد أصلا . وبالفعل كانت القاعة فاضيه ومثل عادتها راحت لأخر كرسي وجلست عليه وطلعت من شنطتها مراية تأملت وجهها وما أعجبها الشحوب اللي فيه ولا أثر البكاء في عيونها وبشكل آلي أخذت البلاشر البرتقالي ومررت الفرشة بخفة عشان تكتسب خدودها لون مشرق يبعد شحوب بشرتها البرونزية وبعد كذا أخذت المسكرة وبضربات سريعة زادت كثافة رموشها, باقي شيء واحد وتنتهي من زينتها البسيطة. أخذت الروج و رسمت طبقة خفيفة منه على شفايفيها يرجع لون الحياة لها. تأملت لينا وجهها وهي راضية على زينتها الخفيفة اللي تتناسب مع جو الصباح و الدوام و شكرت الله إن محفظة ماكياجها الصغيرة ما زالت معها بعد ما كانت ناوية تتركها في البيت بدل ما تأخذها معها كل يوم لأن ما كان من عادتها تحط شيء على وجهها إلا في المناسبات .
" صبـــــــــاح الخـيـــــــــــر "
نزلت لينا المراية من قدام عينها وهي تعرف صاحبة الصوت
" صباح الورد "
" خير يا آنسة لينا ما هي بالعادة نشوف ها الزين كله؟ "
" نوع من التجديد "
" يا حبيبي إلا قولي خلاص بتدخلين عالم السيدات "
لينا بخجل ضربت كتف شمس بخفة وقالت
" أقول لا يكثر "
شمس تحاول تعرف من لينا إذا هي عارفة إنها تصير خالة راكان
"هيه يا حلوة بطلي حركات العرابجه بكرة بتتزوجين و تطيرين الرجال من الأرض"
" خلاص خلاص خليني أخذ كورسات منك "
" والله أنا ما عندي مانع بس تعرفين الدروس في الصوت دوري أحد ثاني لأن صوتي خلقه يا صل لدور الثاني بسم الله ما شأ الله "
" أها على مشكلة الصوت أنا أتوقع أنك أعديتيني وانتهينا من زمان "
" ما قلتي وش له كل ها الزين؟ "
"لأنه …"
" أسمع أنا "
" خمني "
" مخي مقفل على الصبح "
" يسلم لي ذا المخ "
" اختصري لأنه أيش ؟ "
" الرجال اللي بيتزوجني …"
شمس بكل براءة
" أيوه "
لينا بستهبال
" باقي على زوجنا شهرين ونص "
فتحت شمس عيونها لأنها كانت تتوقع أسم راكان أما لينا فضحكت بقوة على شكل شمس اللي عقدت حواجبها وعلى وجهه ملامح خيبة أمل. لينا في قرار نفسها كانت تعرف أن ما في داعي لضحك بس هي كانت محتاجه له .قالت شمس
" لينا تستهبلين أنتي وجهك! "
" توبة خلاص لا تزعلين كنت أمزح معك وعشان ترضين عندي خبر يفرحك "
" تتهربين؟ "
" لاااااااا هذا الخبر من صلب الموضوع الرجال اللي بتزوجه أسمه راكان محمد ال(…) واللي يصير ولد أختك لطيفة "
شمس تظاهرت أنها توها تسمع الخبر و قبلت لينا وهي تقول
"ليه ما قلتي لي من قبل؟ "
" لأنه ما قال لي إلا اليوم "
" المجرم يأخذ خويتي ولا يقول لي "
" أجل هو ما قال لكم ؟"
" لا قال لنا أن زواجه قريب ويوم سألنها من من؟ قال مفاجأة "
" أجل خربتها أنا بس ليش أختك لطيفة ما جت يوم الملكه؟ "
"تعرفين إنها متزوجة واللي عرفت من راكان أنه يوم ملكته مرض واحد من عيالها وما قدرت تجي . المهم اتركينا من كل هذا أنا الفرحة ما هي واسعتني أخيراً بتشوفين ديرتنا و أوديك للمشتل اللي دايم أقول لك عليه وبطلع أنا وياك جبال أبها لحالنا ما كنت أتخيل إن كلامنا الخرطي بيصير صدق "
" أرفقي أرفقي قالوا لك بروح رحلة سياحية أنا؟ بصير مع راكان وهو اللي بياخذني وين ما يبي "
" ما عليك منه بأخطفك و أروح "
" لا يا أمي عشان أول خبر في كل الجرايد وبخط أسود عريض عروس تهرب في شهر عسلها مع خالة العريس "
ضحكت شمس وقالت
" والله الفكرة ما هي سيئة لدرجة اللي تتخيلين "
" يا ولــــــــــــــــد متى عرفت التخطيط الإجرامي ؟ "
شمس وهي فاتحة وحده من عيونها وتبتسم
" يوم عرفتك "
لينا تتصنع البراءة
" أنا علمتك الإجرام! "
"ما هي لايقه عليك البراءة . وبعدين ترى أنا بخطفك ما هو عشان سواد عيونك هذا رحمة بولد أختي ما سمعتي إن الخالة أم ؟ "
" يا سلام يعني خايفه عليه مني "
" أجل أيش؟! وحده دايم مع أخوانها الشباب لا وتتعلم الرماية معهم وش تبيني أتوقع منها "
" أنا بنت أبوي "
" أيوه اعتزت بنت خالد"
" الحين أنا اللي كلي رقة وبراءة …"
" أي رقة وأي براءة يا شيخه! أنا أشك بيطلع لك عضلات بس مدري متى؟ "
لينا تناظر لشمس بنص عيونها وهي تبالغ
" ترى هاذي هي السناعه. تدرين عاد أنا قررت إذا اشتريت الذهب أشتري خواتم ضخمة لكل أصبع تدرين ليه ؟"
" ليه؟ "
" عشان ألعب ملاكمة مع السيد و خالته لو فكروا يمسون شعرة من راسي "
" ما يحتاج أنتي روحي لأمه وبتفتك لك منه لأن المدام متعلقة فيك "
" يا حياتي أنا بعد حابتها "
" وبيني وبينك أتوقع أنك تعجبين أبوه بعد وهذا إذا بغيتي راكان يسوي شيء ما يبيه روحي له "
"حلو يعني عندي أسلحة بس إن شأ الله ما أحتاجها "
" ما قلت لك إنك مجرمة ؟ "
دخلت فاطمة للقاعة وهي متضايقة على الصباح .فاطمة زميلة لشمس ولينا لكن معرفتها فيهم سطحية لأن لينا وشمس دايما يجلسون لحالهم .رمت فاطمة شنطتها من دون نفس على الكرسي وقالت لهم
" يا الله صباح خير ترى أصواتكم مسويه إزعاج على الصبح وماليه السيب "
كانت شمس معطيه ظهرها للباب ولما سمعت كلام فاطمة قالت بصوت خفيف
"يا ويلنا ما قلت لك أصواتنا عاليه "
عضت لينا شفايفها تمنع ضحكته وهي تشوف شمس توقف وتقول لفاطمة
" ما عليش ما قصدنا يا فاطمة, صباح الخير "
" صباح النور, بس من جد يا شمس أنتي ولينا مزحكم كله هواش هزئيها وتهزئك! . يا أختي أمزحوا زي العالم والناس ولا أسكتوا "
" ما عاد يمدي تعودنا لنا على ها الحال خمس سنين بس ولا يهمك بترك لكم قاعتكم وأنزل "
شمس مراعية عصبية زميلتهم لأنه أكيد في شيء مضيق خلقها على الصبح ومكدرها فما حبت تتدخل في خصوصياتها. علقت شنطتها على كتفها وقالت لينا
" قومي قومي ننزل أزعجنا المسلمين على الصبح "
بعد ما طلعوا من القاعة قالت شمس
" وبهذه المناسبة السعيدة فطورك على حسابي. نروح الكافتيريا؟ "
" وأنا أقدر أقول لا لشمس؟! "
" إيه عشان أنا اللي بدفع "
" أنتي كريمة وأنا أستاهل "
" يا شيخه أنتي أكرم "
لينا بدلع
"بس أنا عروسة "
"يا ذا العروسة اللي ورطنا فيها. أسمعي إذا جاء دوري بخليك تفطريني على أحسابك "
" تدللي ما عندي مانع "
شمس تمزح
" مانع ولا راكان "
لينا الخجل واضح عليها وهي تناظر شمس فقالت شمس وهي تشوف السماء ومسوية إنها تضيع السالفة
" ما تشوفين النجم القطبي؟! "
" والله أنك صدق أعدمتيها "
رمتها لينا بالوسادة وهي تبتسم غصب عنها لأن عبير ماسكة بطنها ولا وقفت ضحك
"يوه يا لينا ليتك شفتي القدر, لا وما هو أي قدر اللي حرقتيه أفضل قدر عند أمي "
" أيه أنا وش عرفني كان حطيتوا لي مختبر أطبخ فيه أحسن "
قعدت عبير وهي للحين رافضة توقف ضحك
" لا يكون زعلانه منا "
" لا عادي أنا أعرف أصلا أني رفعت ضغط أمي و زين ما أسطرتني كف اليوم. بس أصلا أنا استاهل أخذت من الدلع حقي والحين أدفع ضريبته. أنا ما قاهرني غير ناصر قام يعلق وينكت لين ولعها "
" أيه ما تعرفينه أنتي؟ "
" أوريك فيه شايف نفسه حبتين لكن هين "
" أنتي عاد الله يهديك من اليوم في المطبخ ما انتبهتي؟ "
" أنا وش عرفني فكري يوديني يمين وشمال لين سمعت الطقطقة في القدر و شميت ريحة الحراق لا وليتني سويت خير و قفلت النار رحت أنادي أمي "
عبير أرجعت تضحك وهي تتذكر صوت أمها لما صاحت وقامت تهاوش وجمعت البيت كله ولينا واقفة بجنب الثلاجة مثل الطفل ما تدري وش تسوي وهي تفرك كتفها بسبب قرصة أخذتها من أمها ولما دخل ناصر عرف كيف يحرجها ويلعبها صح . فتح باب غرفة لينا أخوها مشعل وهو يبتسم ويقول
" عادي يا لينا ترى ما صار شيء أنتي طبخك كل ليلة حلو بس شكلك متضايقة اليوم "
" يا أخي يسعدني أن فيه واحد متفهم مثلك في البيت هذا "
ضحك وقال
" صحيح أن أمي معصبة بس ما عليه القدر غيره قدر "
" أمي وينها الحين ؟ "
" أظنها تحرى المشكلجي ناصر, أقول لك شيء أنا شكلي صاير سكرتير لك جيت أقول لك أن شمس على التليفون "
هنا عبير ضحكت وقالت لينا وهي تهز راسها متحسرة
" وأنا أقول جاء يواسيني "
مشعل:-" لا بسم الله عليك ما تحتاجيني بس لا تشوفك أمي ولا يمكن تصيرين أنتي وشمس في الهواء سوا "
لينا :-" عبير روحي لشمس قولي لها ما أقدر أكلمها "
عبر:- " لا يا قلبي روحي كلميها لأن شكلك مهوب عاجبني وأنا اشغل أمي عنك بس لا تطولين "
لينا :- " أنا خايفة تزفني مرة ثانية؟ لأن اليوم الكل مبسوط على حسابي "
نزلوا كلهم تحت, مشى مشعل مع عبير لأمه ودخلت لينا لصالة بسرعة وأخذت السماعة
" آلو "
" السلام عليكم "
" وعليكم السلام "
شمس كان في شيء مضايقها وما يخليها تتكلم زي عادتها لكنها لاحظت من نبرة صوت لينا إنها مثل حالتها
" خير لينا في شيء؟ "
" هاه لا ما فيه بس ….."
قبل ما تكمل لينا شمس جت في بالها فكره فا صاحت
" لينا وش فيك يا قلبي صاير لك شيء؟! "
" بسم الله الرحمن الرحيم روعتيني قلت لك ما فيه شيء "
واضح أن خطة شمس أنجحت لأن اللي مضايقها من اليوم لقط السماعة وقال
" آلو لينا فيك شيء؟ "
لينا ارتبكت و ميزة الصوت اللي ما توقعت تسمعه مرة ثانية
" لا ما فيه بس شمس ما هي طبيعية "
راكان:-" أسألك بالله صار شيء؟ "
حست لينا بالإحراج وهي تحس الاهتمام في صوته والمشكلة أنه أستحلفها فقالت
"هو ما هو شيء كبير حاجة عادية صارت وشمس كبرت الموضوع "
"أجل قولي لي وش صار؟ "
" لا ما له داعي أنا كنت متضايقة شوي وشمس حست به من صوتي وقامت تستهبل عليك "
قال راكان
" أيوه, لحظة يا لينا لحظة "
بعد السماعة عن فمه لكنها قدرت تسمع الكلام اللي بينهم وهو يقول
" ممكن تتركيني الحالي "
شمس :-" يا سلام الحين تخليني أدق بعدين تقول روحي تراها صديقتي قبل ما تعرفها أنت "
راكان :- " الله يعني على اسطوانتك ذي دوري غيرها "
شمس تتصنع البراءة:-" بشوف خويتي وش فيها "
راكان :-" أقول شمس عطيتك وجه أنا "
قالت شمس وهي تخلي له الغرفة وتضحك
" طيب طيب بروح والله شكلي ما راح أشوفها حتى بعد زواجها "
لينا مبتسمة وهي تسمع كلام شمس بس الحين بدت قلقانه يوم قال لها
" هاه يا لينا قولي لي وش اللي مضايقك؟ "
لينا صارت متضايقة أكثر وهو يكلمها بمثل ذي النبرة الحميمة خصوصا بعد اللي صار اليوم . وكانت شايله هم أمها تشوفها الحين ثم تكتمل النتيجة صح فقالت بسرعة
"لا يا ابن الحلال ما فيه شيء مضايقني "
" أجل وش اللي صار؟"
قالت تبغى تخلص منه
" حاجة صغيرة ما تستاهل بس انتم مكبرين الموضوع .أقول وين شمس ممكن أكلمها؟ "
جاها صوته بارد
" لا مو ممكن "
لينا بلعت ريقها وقالت في نفسها " هذا والله الورطة " قال راكان
" لينا لا تقعدين تتهربين ما أنا مسكر لين تقولين لي "
"أقولك ما فيه شيء "
" بدينا نغطي من الحين؟ علميني يا لينا أنا استحلفتك بالله "
لينا نست نفسها لأنها خافيه من أمها و تكلمت بطبيعتها
" أبو الإحراج يا شيخ "
ضحك راكان وقال
" معناه في شيء والظاهر انه شيء حلو "
قالت ومعاد بقى فيها صبر
" خلاص بقول لك عشان ترتاح أنا حرقت العشاء اللي سويته الليلية وأمي هزأتني ارتحت يا عمي "
سمعت صوت ضحكه عالية وما قدرت تمنع نفسها من أنها تبتسم و هي تتخيل شكله فقال
" بس وهذا اللي مضيق خلقك؟ "
" قلت لك شيء ما يستاهل "
" طيب أنا ضايق خلقي بعد "
لينا تذكر نفسها باللي بينهم لكن الحياء يخليها تتصرف بعكس ما تبي وما قدرت تقول له غير كلمة وحده وما لها أي طعم
"خير؟ "
" كان قلتي ارتحت يا حبيبي يا عمري يا قلبي ما هو يا عمي لأني زوجك ما هو عمك "
لينا حست بوجهها وكأنه صار خريطة جغرافية من كثر ما أنقلب لونها أما هو فا واضح أن الوضع أعجبه وكمل كلامه
"طيب أنا بقول لك شيء ما قدرت أقوله لك بس أنتي ذكرتيه الحين، لينا ترى ما له داعي تتعبين عمرك تتعلمين الطبخ أهم شيء عندي الحين دراستك وبعدين تتعلمين زي ما تبين "
ارتاحت لينا كونها ما سمعت كلام عاطفي وأرتخت أعصابها لكنها عصبت لأنها ما توقعت شمس تقول له فهذا ما هو طبعها
" شمس اللي قالت لك أني أتعلم الطبخ؟ "
" لا والله بس أنا كنت متوقع ها الشيء لأني أعرف أنك ما تعرفين تطبخين"
" ومن قال لك؟ "
" هو تقريبا من سنتين تعرفين أنتي شمس دايم تكلم عنك فعرفت انك ماتعرفين واللي أكد لي أنك توك ساءلتني من قال لي أنك تتعلمين الطبخ "
ما يدري راكان أنه أحرجها أكثر وفي نفس الوقت خلاها ترتاح وما تحمل هم ها المسألة مستقبلا وما لقت تقول غير
" أها "
" لينا ما كنت أتمنى يصير اللي صار اليوم إن شاء الله ما ضيقتك "
لينا إذا أحد قال لها كذا كانت تتكلم بشكل تلقائي فقالت
" لا عادي ما صار شيء"
" شمس قالت لي أنك قلتي لها عن زواجنا "
" أنت اللي قلت لي قولي لها "
" خلينا نطلع من سالفة المطبخ وشمس المهم عندي الحين أنتي يا حبيبتي كيفك؟ "
لينا ما عرفت وش تسوي فقالت بخجل واضح في صوتها
" راكان ما عليش أنا مشغولة الحين "
راكان يتعمد يزيد حرجها
" ما عليه يا حبيبتي الشغل ما هو أهم مني ولا ؟"
" توك تقول لي أهتمي بدراستك "
"وأنتي توك تبين شمس ولو جلستوا تكلمون بعض ما تخلصون إلا عقب ساعة "
لينا تحاول تلقى لها تصريفه بس حست إن راكان جريء وتخاف يقلب عليها الكلام كل ما تمادت معه, فقال راكان يصرفها لها بعد ما تأكد أنه زودها
" أيه أجل طالما أننا وصلنا هنا روحي أدرسي بس أكيد ما أنتي زعلانة من اللي صار اليوم؟ "
" أيه أكيد "
"حلو خلاص أجل يا عمري بترك الحين و أعرفي أن قلبي معك "
لينا من ارتباكها ما حست بنفسها وهي تقول كلمتها الغبية
"شكراً"
راكان أنفجر ضحك وقال
" مقبولة بس أبغى غيرها بعدين توصين شيء يا عمري "
قالت وهي ودها تموت نفسها
"لا "
"مع السلامة "
"مع السلامة "
ما تحركت من مكانها بسبب الخوف الغريب اللي يجري في عروقها. ما تعرف هل هو بسبب الفكرة اللي سبق وكونتها عن شخصية راكان ؟ أو بسبب طريقته في الكلام واللي هي متأكدة من إنها كلها نوع من الدبلوماسية بس؟ أو إنها ما عادت واثقة من طريقتها معه بعد الزواج بسبب شخصيته المهيبة؟ ما لقت غير الخوف في داخلها وقلبها يدق بشكل فضيع وهي متجمدة في مكانها من غير حركه و الستارة الحمراء ما اختفت عن وجهها البرونزي .
"بــــــــــــوووووووووووووو"
"بسم الله الرحمن الرحيم"
حطت يدها على قلبها ولتفتت لناصر وهو يضحك. كان الكل اليوم يضحك إلا هي
"سلمــــــــــــات يا المزيونه وش في وجهك أحمر وحالتك مختبصه ؟ "
" ألا يا ثقل دمك بغيت توقف قلبي "
ناصر يمازحها
" أصلا هو قلبك معك أشك أنه مع راكان "
وقفت لينا وقامت تلحقه وهو يضحك ويقول
" هذا كله حب تغارين أنطق أسمه "
" أنت سخيف "
ناصر كان يركض لأمه اللي يوم شافت لينا صرخت عليها
" خلي عنك لعب العيال و حطي العشاء لإخوانك بس شاطرة لي في الهبال والسوالف"
ناصر:-" صح صح أنتي كلها شهرين وتروحين بيت زوجك "
لينا :- "أنت ولا كلمه "
أم الوليد :-" بس يا علك اللي ماني قايله بنات الزمن هذا ما يستحن "
لينا :- " شوفي دلوعت قلبك خليه يمسك لسانه "
أم الوليد :- " والله لين لزمت لأقوم أوريك شغلك "
لينا واضح إنها متنرفزه والكل فسر وجها الأحمر على إنها معصبه فقال أبو الوليد
" كلش عاد ولا لينا وأنت يا ناصر أترك حركات البزران عنك ولا تقرب منها لشوف شغلي معك أنت وأمك "
ناصر:-" انبسطي يا حلوه معك حليف قوي "
لينا تضحك لأبوها:-" يسلم لي رأس الحليف طول العمر يا رب "
أم الوليد:-" أنتي ما خربك غير الدلع روحي للمطبخ "
لينا:-" طيب طيب عبير تعالي معي "
أم الوليد :-" أنا بنت أبوي بنته, هذا و العشاء جاهز كسلانة تحطه "
قالت لينا وهي رايحه للمطبخ :- " ما عاد ورى اليوم من الشرشحه من الصبح لليل! خلاص بروح أحطه لكم يا جعلكم ما تاكلونه إلا بالعافية "
الكل ضحك منها عدا أمها لأنها كانت تفكر في مستقبل بنتها وهموم الدنيا فوق راسها وهي تحس إنها ارتكبت أكبر غلطه يوم أهملت تعليم لينا لكل شيء يخليها تقدر تدبر أمورها بحياتها الجديدة وتعتمد على نفسها بس الواضح إن لينا للحين عايشه طفولتها . أما لينا فكانت متعودة على إن أمها تعاملها مثل الأطفال وهي عاجبها إنها تشوف اهتمام أمها فيها مع إن أمها تعامل مشاعل بطريقة وكأنها أكبر من منها. تذكرت لينا المكالمة اللي قبل دقايق فعرفت إنها كانت خايفه إنها ما تأخذ راحتها وإن ما أحد يتحملها ويصبر على دلعها وعصبيتها مثل ما يتحملونها أهلها ويتركونها على راحتها.
————————————————————-
مضى شهر على لينا من غير أي جديد يذكر إلا أنها ارتاحت من دروس الطبخ وتستعد الآن للاختبارات النهائية. خلال هذا الشهر انتهت لينا من معظم الترتيبات الكمالية لزواج واللي حضرت فيها مفاجأة لراكان وكانت واثقة إنها ما راح تعجبه وكان هذا هو المطلوب. ولأن عبير كانت المشرفة على كل هذا التعب و هي ما تعرف بالضبط السالفة عن زواج أختها عاتبتها و ما وافقتها على الشيء اللي هي تسوية و ما كانت تدري بالخطط اللي في رأس لينا .لكن لينا مثل عادتها قدرت تلف الموضوع بطريقتها وجابت عذر ما أقنع عبير اللي في النهاية استسلمت لما شافت صلابتها. أما أخوها ناصر اللي كان يويديهن السوق في كل مرة كان ناوي يتكلم مع لينا في الموضوع لكن الخجل منعه من هذا الشيء وكانت لينا في السوق تفهم تلميحاته البريئة لكنها مشت على اللي يقوله لها قلبها المشحون على راكان. خلال هذا الشهر ما كان راكان يوقف عن مكالمتها أو يرسل رسالة إذا ما ردت عليه وكان هذا أكثر شيء يصير وعلى كثر رسائله ما ذكر إنها أرسلت له رسالة وحده ولأن الآن فترة اختباراتها ما صار يرسل لها غير رسائل دعم لأنه ناوي يزعجها بعد ما ينتهي ها الأسبوعين على خير .
في صباح أول يوم اختبارات ما نامت لينا إلا قبل الفجر بساعة والحين هاذي هي في المطبخ من بدري وماسكه كتابها تقرأ فيه. دخل ناصر ومعه هو الثاني كتابه وملازمه وحالته أسوأ من حالتها بس كان مهندم ولابس وكأنه بيطلع بدري فقالت لينا
" صباح الخير شكلك بتروح بدري اليوم "
"أيه بروح الحين بس عطيني كاس حليب أحس معدتي تعورني "
صبت له لينا وأعطته الكاس وهي تقول
" ما كأنه بدري أتوقع انك ما شفت الساعة زين ترى الساعة الحين ست إلا ربع "
"أدري بس أبغى الحق على الشلة أنا وعدتهم اليوم أجيهم بدري نسوي مراجعه جماعية "
شرب الكاس دفعه وحده وقام بسرعة وقال
" أح حار مع سلامة لينا و انتبهي لا يفوتك الباص ترى ما في أحد في البيت "
هزت راسها ورجعت تقرأ في كتابها لما ترك لها المكان هادي. ما كانت قلقانه من الباص لأنه ياخذها بالعادة ست ونص يعني باقي معها وقت. لينا ضابطة المنبه حق الجوال على ست وعشرين دقيقة ورجعت تدرس في كتابها ومجرد سمعت صوت المنبه قفلته ودخلت الجوال شنتطتها وأخذت عبايتها وطلعت للحوش. صكت الباب الداخلي ولبست عبايتها ولفت الطرحه على رأسها وربطت برقعها ورفعته عن وجهها ثم جلست على الدرج وهي تراجع. انتبهت لينا أن الوقت مر و الباص ما جاء ولأن الباص يمر على بيت شمس أول دقت عليها
" صباح الخير شمس "
" صباح النور هلا لينا "
" أقول شمس الباص مرك؟ "
"لا ما مر بس أتوقع بيمر لأنه وقت اختبارات ما أظنه يتغيب "
" أيه بس الحين الساعة سبع إلا ربع؟ "
"يمكن تغير نظام وصول الباصات !"
"طيب دقي عليه شوفي وينه و اسأليه, على الأقل نرتاح. حنا خلقه ننتفض عشانه أول يوم "
" خلاص أنا بدق و أرد عليك "
ما جلست لينا غير ثواني و دقت شمس
" هاه بشري؟ "
" والله ما أقول إلا هذا وهو أول يوم ومن الصبح صار فينا كذا أجل الله يستر على الاختبار "
"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن شر فالك, قولي لي وش قال؟ "
" الرجال قام الصبح و لقى نفسه في الفراش تعبان يقول ما يقدر يمر علينا "
"كيف؟! طيب ليش ما كلمنا من أول يقول لنا! يا الله وش بنسوي الحين ؟ "
" ليه و أخوانك وين ؟ "
"ناصر طالع من بدري وأبوي مسافر وما راح يجي إلا بكره وأحمد تعرفين في كليته يعني ما عندي أحد "
" طيب ما عليه أنا بشوف إذا واحد من أخواني أو واحد من عيالهم يجي ياخذني وأمر عليك "
"لا وين أنتي صاحية ما أقدر "
" أجل كيف؟ يفوتك الاختبار؟ "
"ما أدري بدق على ناصر يشوف لي حل, يا يرجع ولا يدبر لي صرفه "
" خلاص بس طمنيني إذا لقيتي ولا قولي لي أمر أخذك "
"يصير خير "
دقت لينا على ناصر وهي تحس إنها مضطربة لأنها ما تعودت تركب سيارة غير سيارتهم وتستحي كثير وما تحب تنحط في مثل ها المواقف
" آلو ناصر "
" هلا لينا "
" ناصر الباص مهوب مار اليوم علي "
" كيف؟ "
" أي و الله "
"و ليه إن شاء الله ؟ "
" تعبان السواق وما راح يمر فتعال أرجع وأخذني "
" صادقة أنتي المسافة من جامعتي للبيت نص ساعة على ما أوديك الكلية صارت ساعة وبعدين من كليتك لجامعتي ما يمديني أدخل الاختبار "
"أجل وش أسوي أقوم أمي وأخذ تاكسي؟! "
ناصر من غير شعور عصب وأرتفع صوته أشوي
" لا ما عندنا بنات يركبون تاكسي "
" أجل كيف؟ "
"شمس من بيوديها ؟ "
" ما أدري؟ "
"خلاص أجل ثواني وأدق عليك "
جلست لينا تقلب أوراق كتبها وهي ما تفهم كلمه منه حتى دق عليها ناصر
" لينا "
"هاه "
"شوفي أنا كلمت راكان وهو اللي بيودي شمس و بيمر ياخذك معه "
لينا نست شيء أسمه اختبار وقالت
" لا ماني راكبه معه "
ناصر قال وهو قافله معه بسبب الاختبار
" توك كنت بتروحين مع التكسي! وبعدين راكان ما هو غريب تراه زوجك "
"يــــوه طيب كلم أبوي قل له أروح مع راكان ولا مع التاكسي؟ "
" لينا خلي اليوم يعدي على خير "
" نصر صدقني ما أقدر أروح معه "
" يا الله اللي يشوفك يقول أنه بياكلك "
"طيب كلم أبوي؟ "
" يا أختي الله يشغلك خلاص أنا بكلمه الحين و أرد عليك "
كلم ناصر أبوه وشاف أن أبوه يوافقه وحذر من إنها تروح مع التكسي وعصب بس من مجرد طرح الفكرة عليه و رجع ناصر و دق عليها وقال
"شفتي حتى أبوي زعل يوم قلت له التكسي حقك "
" يا ربي "
"شوفي ترى راكان لو وقف عند باب البيت بيدق عليك اطلعي له خلاص "
لينا بصوت يائس
"أوكي خلاص"
" لينا لا تسوين لنا قلق على صبح الله أستهدي بالله و أذكريه و ركزي على الفاينال "
قفلت الجوال وقلبها ينتفض من فكره إن راكان بيوصلها الكلية أكثر من كونها بتدخل على امتحان نهائي. جلست على حالها ما تعرف تركز وبحكم إن المسافة بين بيتها وبيت شمس قصيرة ما طال انتظارها أكثر من خمس دقايق ولا و صوت جوالها يخلي قلبها ما يتوقف عن نبضه السريع
راكان:-"صباح الورد "
لينا:-"هلا راكان صباح الخير "
راكان:-" أنا واقف برا بالسيارة أطلعي "
نزلت لينا برقعها على وجهها وسحبت طرحتها تستر عيونها ورفعت عباتها على راسها وأخذت شنطتها بيد مرتعشة و أفتحت باب الشارع وهي تحسب لكل خطوة تخطيها علشان ما تتفشل. ومن غير ما ترفع عينها لراكان دارت حول جيب الكسز عشان تركب في المرتبة الثانية في أبعد مكان عنه ولما ما فتح الباب معها دقت بيدها على القزاز لكن راكان مال بجسمه وفتح لها باب المعاون عشان تجلس جنبه. ما قدرت لينا تتحرك من مكانها وكان ودها تقول لشمس تفتح الباب لكن هي خجلانه تقول لها قدام راكان مع إنها تعودت عليه وعلى كلامه في التليفون لكنها ما قدرت تكلمه كذا مباشرة وبمثل هذا القرب صحيح إنها أول مرة شافته فيه ناقشته بجرأه لكن كان ذاك بسبب عصبيتها اللي أعمتها. صوت راكان وهو معصب من شكلهم كذا في الشارع و شايل هم الناس خصوصاً اللي ما يعرفون أنه زوجها
" لينا أركبي "
انتفضت لينا وقالت
" ممكن تفتح الباب اللي ورا؟ "
" أقول أركبي ولا تخلين الناس تفرج علينا "
أول مرة تسمع لينا صوته بمثل ها الشراسة مع إنها كانت لما يكلمها تختلف معه في النقاش وتكون في نفسها عارفه أنها زعلته بس ما كان هو يبين زعله إلا في هدوءه بكلامه أما الحين فكان صوته خشن وعالي و لأنه كان لابس نظرات شمسية ما شافت شيء يبين عصبيته في وجهه العابس أكثر من حواجبه العريضة المعقودة وشده لشفايفه ومن خوفها أركبت السيارة على مهل وقفلت الباب. حست لينا وقت تحركت السيارة و أسندت ظهرها بقطرة عرق تنزلق على رقبتها. شمس شافت أن الجو ثقيل بينهم وما كانت أساسا تتخيل اللي بصير إلا بعد ما هددها راكان إنها لو فتحت باب المرتبة الثانية للينا ما راح يرحمها. شمس تتمنى تراجع بس ما قدرت تفتتح مذكرتها وهي تشوف كل واحد من الاثنين ساكت. راكان يسوق السيارة وهو واصله معه لأنفه ولينا في مكانها ما يتحرك منها شيء حتى راسها ولا حتى طلعت كتابها تدرس فيه, فقالت شمس تسأل راكان يمكن يتعدل الجو
"راكان تدل الكلية؟ "
كان واضح من صوته أنه ما وده يتكلم
" لا ما أدل أنا قلت أوديكم وأنتم تدلوني "
لينا اختنقت وشمس بلعت ريقها وقالت
" أيه بس أنا ما أدل "
هنا راكان حط كل حرته في شمس وصب عليها كل غضبه
" وأنتي خبله ما تدلين طريق كليتك سنتين رايحه جايه على الفاضي "
لينا كل عرق فيها يرتجف وكأنها هي المتهزئة واللي زاد من رجفتها أن صوته العالي كان قريب منها وكأن الكلام موجه لها أما شمس فكانت متعوده عليه وتعرف طبعه لكن هاذي هي أول مره تشوفه منفعل بمثل ذا الشكل. خافت شمس إن لينا تاخذ فكره غلط عن راكان و زواجهم ما عاد بقي عليه غير شهر فقالت بشكل ظريف وهي تضحك
" أعرف أني خبله وهبله ويمكن أكبر غبية على وجه الأرض وما أفهم بس عاد البركة فيك أنت أسأل ومن سأل ما ضاع "
شمس كانت تقول في نفسها " الحمد لله وشكر أضحك وكأني قايله نكتة وأنا متهزئة " . راكان كان منتبه للينا يوم ارتجفت أول ما صرخ عليهم لكن طريقة شمس الودية معه خلته يعدل في أسلوبه فقال وهو يبتسم ابتسامه بسيطة
" لا محشومه يا شمس محشومه"
شمس تلطف الجو
" أعترف يا راكان أعترف أنك متوتر عشان اختبري اليوم "
ضحك راكان وهو يحاول يصلح الوضع اللي خربه
" والله ما أتوقع أني متوتر عشانك بتدخلين الفاينال أنا متوتر عشان ناس ثانين "
شمس:-" يا سلام يعني الحين صارت المدام أغلى من الخالة؟ "
راكان:-" فكيني من كلام الحريم هذا و الكل له غلاة عندي "
شمس:-" لا يا قليل الخاتمة المهم ترى لينا تدل الطريق للكلية "
لينا بسرعة وصوتها مخنوق يرتجف:-" لا ما أدل "
راكان مشكك:-" تعرفين الطريق يا لينا ؟ "
لينا ما كانت تقدر تتكلم أكثر من كذا فعاد عليها سؤاله وهو في نفسه متأكد إنها تعرف الطريق
"لينا تدلين الطريق ؟ "
" لا "
"خلاص ما هي مشكلة بدق على واحد من العيال يوصف لي "
سكتوا شوي ثم قال راكان
" وش أخبارك يا لينا "
" الحمد لله "
" وعلومك ؟ "
"الحمد لله "
" و كيف المذاكرة؟ "
لينا حست أنها كررت أجابتها كثير ومن غير ما تركز على سؤاله قالت
" بخير"
راكان وشمس ضحكوا من غير أي تحفظ أما لينا فا وصلت معها أتش و ما انتبهت لنفسها أنها التفتت بحده لراكان ولما شافت وجهه وعليه ابتسامة عريضة وهو مشخص بشماغة ترددت و حست بقشعريرة في جسمها فا قفلت فمها ورجعت على نفس وضعها الأول . ناظرها راكان بطرف عينه فمد يده ومسك يدها اللي حاولت تسحبها لكن هو ظل ماسكها و بابتسامته ما فراقت وجهه سألها
" وش عندك اختبار اليوم ؟ "
"رواية إنجليزية للمؤلفة جين أوستن "
" وأي وحدة من مؤلفاتها؟"
" الكبر والهوى "
شمس تنحنحت وقالت
" أحم أحم أححم نحن هنا يا ناس "
راكان:-" أنا قايل لك تروحين مع أخوك بس أنتي اللي رازه عمرك معي "
شمس:-" لا خلاص ما أسمع شيء بس ترى البنت عندها اختبار فخلاها تراجع و بلا إزعاج "
حست لينا بيد راكان وهي تمسك معصمها وأصبعه تتحرك بهدوء و تحاول تلقى العرق اللي ينقل نبض قلبها له فقال
" شدي حيلك كلها أسبوعين وترتاحين "
لينا مرتبكة من كل حركه من يده لأنه قاعد يحرجها بشكل هي ما تقدر تتحمله وعشان تتخلص من يده قالت لشمس
" شمس معك منديل؟ "
شمس :- " لحظة خليني أشوف مثلك عارفه في وقت الاختبار أنسى كل شيء أنا "
ترك راكان يدها وطلع من جيبه بكت منديل صغير و أعطاه لها
راكان :- " خلاص شمس ماله داعي أنا عطيتها "
شمس مبسوطة:-" أجل الله يعافيكم لا أحد يقاطعني أبغى أراجع "
راكان يشوف انعكاس عيون شمس على المرايه لأنها رفعت طرحتها عشان تقدر تشوف مذكرتها وما هاوشها لأن السيارة مضللة وشاف لينا تتحرك هي الثانية وطلعت كتابها ولأنها جالسه قدام و القزاز ما هو مضلل اضطرت تقرا من تحت الطرحه فقال لها راكان
" لو ما كنتِ جالسه قدام كان قلت لك ترفعين الغطاء أشوف عيونك "
لينا قررت تغير الموضوع خصوصا أنه لو أستمر على مثل هذا الوضع بتدخل القاعة وهو ناسيه كل المعلومات
" باقي ربع ساعة وأنت ما تدل الكلية "
" أكيد أنك ما تعرفين الطريق؟ "
تضايقت لينا من كثر أصراها على كذبتها وهي تحسه كاشفها من أول والدليل إلحاحه عليها فقالت
" قلت لك أني ما أدل "
أخذ راكان جواله وأتصل على أخو شمس وكان حاط على الجوال على أذنه مع أن الصوت الخفيف لشخص الثاني كان مسموع للبنتين بسبب هدوء الجو
" سلام "
" هلا وعليكم السلام "
" أقول أبو عابد تدل كلية البنات؟ "
عبد الله يبي يقهره
" أنا قايل لك خلني أوديهم على طريقي بس أنت الله يعافيك عنيد "
" يا أخي كان سويت خير وأخذت أختك المزعجه معك "
ضحك عبد الله من طريقته لأنه يعرف شمس وقال
" والله ما دري عنها شفها عندك صف أحسابك معها "
" هذا شيء ما يبي له كلام "
"تبيني أساعدك؟ "
"فيك الخير و البركه ما تقصر"
كان ثنينهم يضحك وكأنهم يقولون نكته أما البنتين فا كل وحده منزله راسها على كتابها وعيونهم ما تشوف شيء . وصل راكان للكلية ووقف السيارة عند البوابة
" هذي هي الكلية ؟ "
شمس :- " أيه لينا خلينا ننزل بسرعة نشوف وين اللجان "
راكان :- " بالتوفيق "
فتحت لينا الباب لكن يد راكان رجعتها مكانها أما شمس فانتبهت لهم وطلعت بسرعة وتركتهم و هي تفكر تنتظر لينا داخل الكلية. قالت لينا لراكان
" لو سمحت راكان أنا عندي فاينال وأي شيء تبي تقوله أجله بعدين لأن هذا مهوب وقته "
" يا الله أنا ما صدقت شمس تنزل وأخرتها أسمع ها الكلام "
لينا تتكلم وهي تتجاهل الخوف اللي بداخلها
" ترى حرام اللي سويته في شمس من ركبت ألين وصلنا وأنت بس تهزئ وتنقد "
" أنتي أنسي شمس الحين وخلينا …."
" أصلا لو ما كانت شمس معك ما كان ركبت "
وبصوت واضح فيه أنزعجه قال
" عسى ما تضايقتي بس؟ "
لينا من حبها لشمس قاعدة تجمع شجاعتها ونست نفسها
" إلا متضايقة واصله معي كيف تبيني أشوف وجهها الحين بعد ما أحرجتها بكلامك قدامي "
" ما عليك شمس متعودة علي وتعرف طبعي "
" حتى ولو أنت تبي من كل واحد يتحملك ويسكت عنك "
قال وهو معصب
" اختصري يا لينا وش تبيني أسوي؟"
" أبيك تعتذر لها "
ارتعشت وهي تسمع صوته الخشن
" أنا أعتذر ولمن؟ لحرمه! أسمعي يا لينا أنا عمري ما اعتذرت حتى لرجال والحين تبيني أعتذر لشمس "
لينا عصبت من كبريائه اللي في صوته ومن غير أي تردد قالت بصوت يوازي برود صوته
" ومن أنت عشان ما تعتذر ولا حتى تفتخر بها الشيء "
" تراك زودتيها عن حدها "
" أجل شيء واحد يمكن يرضيك إذا صرت أنا بين أخواتك وأهلك أو مع شمس يا تهزئنا كلنا أو تتركنا كلانا لأني ما أبغى أخرب علاقتي معهم "
" وأنتي مسئوله عنهم ؟ "
" أنا أتوقع لو أتكلم معك إلى بكره ما راح تفهم مع السلامة "
" لحظة يا لينا لحظة إن كان يعجبك أني أعتذر, خلاص أجل روحي أنتي لها و اعتذري عني "
" وليه ما ترسل لها أنت رسالة تعتذر فيها قبل ما تدخل شمس للقاعة وهي ضايق صدرها "
قال بطريقة غير مقنعه
" يصير خير أنتي روحي الحين و ركزي على الاختبار وأنا بصلح الوضع رضيتي؟ "
" أيه "
" موفقه إن شاء الله "
ودعها راكان وهو ضايق من تصرفاتها لأنه ما عمره كلمها إلا وتتجادل معه. كان دايم قبل يخطبها يسمع من شمس إنها عصبية بس ما توقعها إلى ها الدرجة والمشكلة الأكبر أنه ما صار يفهم متى تكون خجلانه منه ومتى تكون خايفه . وقرر أنه الآن بيسمح لها تعامله زي ما تحب هي لكن بعد الزواج بيعاملها هو مثل ما يحب و بيعلمها كيف تفتح فمها و تأمر عليه وتفلسف بكلامه. بعد سيارته عن الكلية وهو يكلم نفسه
" قال أيش قال لا أخرب علاقتها معهم!! "
شمس واقفة وهي تشوف أن لينا تأخرت عليها ومجرد دخلت لينا مشت لها وقالت
" بسرعة يا دوب نشوف وين اللجان ونقرا كلمتين تنفعنا "
" أوكي دقيقة بس أرتب نفسي "
شمس ما كان موقف راكان مأثر عليها زي ما تتخيل لينا عشان كذا قالت تتعمد تحرجها
" وش قالك عدنان على الصبح؟ "
" خرابيط "
" أنا أعرفه رومانسي درجة أولى "
" أقول يا حلوة ترى تأخرنا "
————————–
——————————
* تتوقعون راكان بيسمع كلام لينا ويعتذر لشمس ؟؟؟
* تتوقعون تتقبل لينا راكان , ويمشي الزواج بهدوء ؟؟؟
——————————
———————————
مشت شمس ولينا في ساحة الكلية كانت شمس تقلب أوراقها أما لينا فرافعه صوتها تكرر بعض الكلمات . صوت نغمة الرسائل لجوال شمس ترك كل وحدة تلتفت لثانية
لينا:-" يمكن ناصر يبغى يتأكد إذا أنا وصلت لأني نسيت أرسل له "
ولما شافت جولها ناظرت لشمس
"مهوب جوالي أكيد أنه جوالك "
طلعت شمس جوالها و لقت رسالة اعتذار من راكان وما كان اعتذار صريح لكن كلمته أدت الغرض اللي لينا تبيه. التفت شمس و عطت لينا الجوال
" غريبة ما تعودت إن راكان يعتذر كنا دايم نتصالح على طول من غير أي …."
ما تدري شمس وش تقول لأنها مستغربه وقالت
" أنتي قلتي شيء له؟ "
لينا فعلاً مستغربة لأنها ما توقعت يسوي اللي قالته له وردت على شمس على طول
" أنتي تعرفين أني أستحي منه فكيف تتوقعين مني أكلمه "
" هو الولد بيني وبينك من أخذك وتصرفاته غريبة "
" أنتي ما أنتي زعلانه منه؟ "
" ومن قال بالعكس أنتي ما تعرفين هذا الإنسان وما تعرفين وش كثر أحبه "
لينا تمزح
" أفا عيني عينك ما عليها مني "
ضحكت شمس وقالت
" أقول أنسيه الحين قدامنا اختبار يبي له تركيز مو أي كلام "
انتهى الموضوع إلى هنا و دخلوا في معمعة الكلية من غير ما يكون لموقف الصباح أي تأثير على أحد إلا أنه ترك للينا شيء تفكر فيه .