موضوع من مواضيع الأستاد عمرو خالد
مجاهدة النفس ..
في الحقيقة موضوعنا موجه للناس عامة وللشباب خاصة..
فكثير من الشباب يعاني من مشكلة أنه ضعيف أمام نفسه لا يقدر عل ىمقاومتها، فكلما تطلب شيئا ينفذه لها..
يمكن أن تطلب مخدرات أو معاصي أو ذنوبا أو أشياء كثيرة جدا ولكنه لا يعرف كيف يقاومها فليس عنده أي طريقة أو تصور للسيطرة على شهوات نفسه.
وهذه السيطرة والتحكم والتعامل لها تعريف في ديننا اسمه ( مجاهدة النفس).. ( مجاهدة).. وليس ( جهاد) لأن كلمة مجاهدة أعمق من كلمة جهاد.
ما هي مجاهدة النفس؟ وماذا تعني؟ وكيف نفعل هذا؟
فمن شدة غياب هذه المعاني عن النفس، أصبحت هذه عملية صعبة جدا.
في البداية.. لا بد أن نعرّف مجاهدة ونعرّف كلمة نفس حتى نجمعهما معا وتفهم عما نتكلم..
مجاهدة.. في أصل اللغة جاءت من كلمة جهد يعني بذل الجهد أو استفراغ الطاقة إذا مجاهدة النفس معناها بذل الطاقة واستفراغ الجهد في مقاومة شيء معين يعني أنك تفطم نفسك عن شهواتها، هل تعرف فطام الرضيع؟ أي أن يبكي لأنه يريد أن يأخذ كذا وكذا ولكن أمه لا تعطيه شيئا وهذا معناه في حياتنا المعاصرة أن تفطم نفسك وتنازعها عن شهواتها مثلا أصحابي كلهم شربوا بانجو لا سأكون متماسكا أمامهم.. تعني لا أريد هذا الذنب .. نفسي تراودني أن أذهب الى هذا المكان وأعمل هذه المعصية لا لن أذهب لن أفعل هذا سأقول لنفسي لا.
أنواع الأنفس
قد يسأل سائل ما معنى أنواع الأنفس؟ أليست نفسا واحدة؟ النفس البشرية تطرأ عليها أشياء لها أشكال مختلفة.
النوع الأول.. النفس الأمارة بالسوء: وهو نوع من أنواع الأنفس، وهذه النفس التي تدفع صاحبها الى فعل كل ما يغضب الله: يعني تسيطر على صاحبها دائما وتدفعه الى كل شيء يؤدي الى معصية الله، فهي لا تقاوم المعصية {وما أبرئ نفسي إنّ النفس لأمارة بالسوء} [ يوسف:53]. انظروا الى امرأة العزيز وصلت على درجة أنها ترغب في عبدها وتراوده عن نفسها وتغلق الأبواب كلها.. انظروا الى أي حد ضاعت هذه النفس، وبمنتهى الجرأة لا تستشعر الحياء وفقدت قيمتها كإمرأة ونزلت الى أدنى الدرجات، وفي النهاية تقول:{ وما أبرئ نفس إنّ النفس لأمارة بالسوء} فالذي جعلني أصل الى هذه الدرجة هذه النفس التي سيطرت عليّ والتي هي النفس الأمارة بالسوء.
فعلا توجد أنفس هكذا ـ نعوذ بالله ـ لكني أقول هذا الكلام وأريدك أن تقول..
هل يمكن أن أكون هذه؟ فلو كنت هذه فإنها مشكلة وكارثة.
النوع الثاني.. النفس اللوامة: فحين يرتكب الإنسان معصية تجعله يفكر كيف فعلت هذا؟ ولماذا؟.. أنا لن أكرر هذا الفعل مرة أخرى.. فهذه النفس التي كلما تقع في سيئة ـ بحكم أنها بشر ـ يحدث لها نوع من الضيق والشعور بالخطيئة، والشعور بخشية الله عز وجل، { لا أقسم بيوم القيامة * ولا أقسم بالنفس اللوامة} [ القيامة:1-2]. ولنلاحظ شيئا عجيبا جدا وهو علاقة يوم القيامة بالنفس اللوامة في القسم، وذلك لأن هذه النفس تذكر دائما بيوم القيامة، فمن علاج النفس لكي تتحول من نفس أمارة بالسوء الى نفس لوامة أنها تذكر يوم القيامة فتقول لنفسك:" أنت ستقابلين ربك، أنت ستقفين بين يدي الله عز وجل".
النوع الثالث.. النفس المطمئنة: وهي التي عندها خوف ورجاء من الله راضية مستقرة ولقد سماها الله المطمئنة لأن كل الناس حولها عندهم مشاكل وقلق ورعب ولكنها مطمئنة.. آه لو تعيش نفسك مطمئنة!!
{ يا أيتها النفس المطمئنة * ارجعي الى ربك راضية مرضية* فادخلي في عبادي* وادخلي جنتي} [ الفجر].
النوع الرابع.. وهو النفس الغافلة: وهي من أخطر الأنواع فهي غير جادة فصاحبها ليس من الضائعين العصاة الفجرة أصحاب النفس الأمارة بالسوء، وليس من الطائعين الحريصين على طاعة الله، وليس من أصحاب النفس اللوامة التي تلومه عندما يعصي فهو سارح في الدنيا يفعل ما يشاء، مثلا: هي بنت طيبة وأخلاقها جيدة وتربت تربية جيدة جدا جدا لكن إذا نظرت إليها من الداخل أين هي من الله ليست عاصية وليست طائعة فهي تائهة.
سأقول لكم شيئا عجيبا.. هل تصدقون أن توبة هذه النفس الغافلة، أصعب من توبة النفس الأمارة فالعاصي بعد قليل يريد أن يتوب فهو طوال النهار يفعل كذا وكذا، فلقد تعب من هذه المعاصي، فالمعاصي لها ذل وأرق ونكد، أما الغافل لا يتوب وذلك لأن الشيطان يضحك عليه دائما….
والنفس الغافلة هذه من أصعب أنواع النفس وللأسف هي السواد الأعظم من الناس، فأناس كثيرون ليسوا فجرة عصاة وليسوا عبادا طائعين، فأغلب الناس تائهين.
يا ترى .. من أي نوع أنت؟ هل من النفس التي تغلبها معصيتها فلا يعرف أن يقاوم شهوته كأنه أسير لها فهي تمسكه من رقبته وتذهب به أينما تريده وهو ليس له شخصية وليس حرا فهو عبد لهواه وعبد لشهوته. قال تعالى:{ أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا} [ الفرقان: 42].
ونتساءل : هل النفس تثبت على حالة واحدة ولا تتغير؟ ام أنه من الممكن أن تكون الأربعة أنواع في يوم واحد؟
هذا ممكن.. فمثلا * سحرة فرعون ذهبوا لفرعون وقالوا:{ فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين* قال نعم إنكم إذا لمن المقرّبين} [ الشعراء: 41]. يعني أنا لن أعطيكم نقودا فقط، بل ستكونون من حاشيتي، { فألقوا حبالهم وعصيّهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون} أنظر فأنت تقول بسم الله وهو يقول بعزة فرعون وألقى موسى عصاه وبعد دقيقة { فألقي السحرة ساجدين}.
هكذا النفس يمكن أن تنقلب
يوجد أناس كثيرون يقولون لا يمكن أن نكون متدينين فهذا يحتاج الى سنوات طويلة، وإذا بسحرة فرعون ينقلبون ويقولون:{ قالوا آمنا برب العالمين} فقال لهم فرعون { لأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنّكم أجمعين} فردوا عليه قائلين:{ قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض} [طه] هل يمكن أن نجد شخصا كان يريد قرشين وبعدها بدقيقتين يقال له: "سنقطعك" فيقول: أقض ما أنت قاض؟ ما هذا؟ ماذا حدث من الداخل؟ من المؤكد أنه حدث شيء غير عادي.. لماذا لا يحدث لنا مثل هذا؟
أخشى أن نكون النفس الرابعة: الغافلة، فالسحرة قالوا ما أحقر هذه الدنيا!! { إنّا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى} [ طه: 73].
وفي حياتنا توجد أيضا معجزات، فهناك أناس كان عندهم مشاكل ضخمة والله نجاهم منها، وفتح لهم لكننا لا نقرأ ولا نعي معجزات الله.
· سيدنا عمر بن الخطاب.. اخذ سيفه ليقتل النبي صلى الله عليه وسلم فقابله شخص وقال له: بل اقتل اختك فقد أسلمت، فذهب لأخته ولطمها لطمة أسقطت القرط من أذنها وشقت شفتها، ما هذه النفس الصعبة؟!! وما إن سمع هذه الآيات:{ طه* ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى* إلا تذكرة لمن يخشى* تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى} بكى فورا وقال: ماذا أفعل لأدخل في هذا الدين.. فقالوا له: اذهب الى النبي صلى الله عليه وسلم فكان الفاروق عمر بن الخطاب.. ما هذا في ( أربع وعشرين ساعة) ينقلب من قاتل النبي الى الفاروق!!.
النفس قابلة للتغير ولكن الأمر يحتاج الى مجاهدة وصدق وإصرار يحتاج الى مجرد لحظة صدق ينوي معها أن يكمل حياته كلها لله عز وجل.
منقوووووول
مشكورة على الموضوع و على الطرح الجيد
نفس الانسان تتقلب دائما بين طاعة و معصية
اللهم ارزقنا طاعتك في السر و الاعلان
اللهم ارزقنا مجاهدة انفسنا و الاكثار من فعل الخيرات
شكرا لك اختي على هذا الموضوع وجزاك الله خيرا
يسلموووووووووووووووووووووو
موضوع رآئع جداً
من يستحضر مقام ربه تعالى ويخافه .. سينهى نفسه عن اتباع الهوى
جزاكِ الله خير عزيزتي ع الاختيـار القيم
وبــارك الله تعالى في استاذنا الفاضل "عمرو خالد "
أسأل الله تعالى أن لا يحرمكما الأجر إن شاء الله
كل الشكر والتقدير لكِ
. . يُقيـــم . .
سُبحانَ الله وبحمدِهـ .. سُبحَان الله العَظيم