لم أكن أتخيل فى يوم أنى أصل إلى حالة تكاد تقترب من حالة البحر عند غضبه
وهو يعلن عن هياج أمواجه كى يبتلع كل من يقف فى طريقه
بل أشد من ذلك
كنت أشعر أنى كالبركان الذى يغلى بداخله وينتظر لحظة اندفاعه للخارج
ليصب نيرانه ليصهر كل من يعترضه أو يحاول إيقافه أو أطفائه
لم أكن أعرف سببا لما أنا فيه وكل هذا الغضب
سوى أنى خرجت من عالم الحياة إلى عالم اللاشعور
فلم أرى أمامى إلا يوما يسير فى اتجاه معاكس لما أريد
فلم أعترض لأنى أعلم أن هذا هو القدر
كنت اتمنى مرور هذا اليوم سريعا وبأى الطرق
وكان الوقت يمضى بملل شديد كاد يقتلنى
وضغوط نفسى تزيد لحظة بلحظة
فلم أعد أحتمل كثرة التفكير
فكنت أتمنى موتا سريعا يهون عليا ضعفى
مضت ساعات كالسنين ، إلى أن جاء الليل
ومرت ساعات من الليل كالشهور ، إلى أن جاء منتصف الليل
فوجدت نفسى بمفردى ، والجميع حولى فى سبات عميق
وفجأة وبدون مقدمات
انهالت دموعا بريئة كى تحكى ما أحمله من ضيق
وتشتكى بصوت يملأ الجفون والعيون
فكانت تحكى عن أطفال يعيشون بلا مأوى
وتحكى عن شباب تائهون بلا متوى
وتحكى عن فقراء ينامون على أرض بلا سكنى
وتحكى عن ابتسامة على وجه صغير قد فارقته
وتحكى عن ظلم قد ساد بلا نهاية
وتحكى عن ضمير قد مات بلا بداية
وكانت تحكى عن نفسى التى لا تقوى على مساعدة كل هؤلاء
وفى هذه اللحظة
عندما علمت ما هو سبب غضبى وانفعالى
بدأت أنصت إلى هدوء الليل الذى سيطر على مشاعرى حتى نمت مع النائمين