إن نعم الله عز وجل علينا، لا تعد ولا تحصى .. وها قد مَنَّ عليكِ بمواسم الطاعات والفرصة لبلوغ أعلى الدرجـــــات .. وإذا رأيتِ نعم الله عليكِ سابغة، فبادريها بالشكر قبل أن تزول وتندمين على ضياعها منكِ أشد الندم ..
يقول تعالى {وَسَارِعوا إِلَى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكم وَجَنَّةٍ عَرضهَا السَّمَوَات وَالأَرض أعِدَّت لِلمتَّقِينَ} [آل عمران: 133].. فإن كنتِ تريدين نيل مغفرة الله عز وجل وتطمعين في أن تكفَّر عنك سيئاتك، فلابد أن تســــارعي في الخيرات .. ولا تنظري إلى من هم حولِك، بل عليكِ أن ترتقي بطموحك إلى مرافقة النبي في الفردوس الأعلى .. فتخططين لرمضان بروح التحدي والتنافس ..
وقد ألهَّب النبي الحماس في القلوب، قائلاً "لا تنافس بينكم إلا في اثنتين رجل أعطاه الله قرآنا فهو يقوم به آناء الليل والنهار ويتبع ما فيه فيقول رجل لو أن الله أعطاني ما أعطى فلانا فأقوم به كما يقوم ورجل أعطاه الله مالا فهو ينفق منه ويتصدق فيقول رجل مثل ذلك" [رواه الطبراني وحسنه الألباني]
من صفات الأخت المسارعة للخيـــرات، التي يجب عليكِ أن تتنافسي معها فيها ..
1) همها الآخرة ولا مجال عندها للكسل والدِعة .. لا تستسلم أبدًا لدنو الهمة أو الفتور، وقد نفضت عن نفسها كل رغبة في الراحة أو الإستمتاع بالدنيــــا .. قال القرطبيّ في قول الله تعالى "{.. وَيسَارِعونَ فِي الخَيرَاتِ ..} [آل عمران: 114]، الّتي يعملونها مبادرين غير متثاقلين لمعرفتهم بقدر ثوابهم. وقيل: يبادرون بالعمل قبل الفوت"
فاستنفري همتكِ يا أختاه، وابذلي قصارى جهدِك في طاعة الله .. بادري وسارعي إلى مغفرةٍ من ربك، يقول تعالى {إِنَّ الأَبرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الأَرَائِكِ يَنظرونَ (23) تَعرِف فِي وجوهِهِم نَضرَةَ النَّعِيمِ (24) يسقَونَ مِن رَحِيقٍ مَختومٍ (25) خِتَامه مِسكٌ وَفِي ذَلِكَ فَليَتَنَافَسِ المتَنَافِسونَ (26)} [المطففين]
2) إقـــامة الفرائض .. يقول علي بن أبي طالب في قوله تعالى{وَسَارِعوا إِلَى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكم..}.."أي إلى أداء الفرائض" .. فعليكِ بالمحافظة على الصلاة على وقتها، وإصلاح الصيـــام وإلتزام الحجاب الشرعي .. وعن أنس بن مالك في الآية قال "هي التّكبيرة الأولى" ..
فعليكِ بالمحافظة على تكبيرة الإحرام .. كي تنالي براءتان من النار والنفاق، كما قال رسول الله "من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق"[رواه الترمذي وحسنه الألباني] .. فإن احتسبتِ هذا الأجر بصلاتك في بيتك في أول الوقت، تنالين البراءتان إن شاء الله تعالى.
3) الإخلاص .. وقال عثمان بن عفّان عن قوله تعالى{وَسَارِعوا إِلَى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكم..} "إلى الإخلاص" .. كفانا تلوّن في المعاملة مع الله سبحانه وتعالى، وبادري بالإخلاص واجعلي كل عملك خالصًا لوجه الله الكريم حتى تصفو لكِ حياتك وتتخلصين من التذبذب وعدم الإستقرار على الطاعة الذي تعانين منه.
4) الإكثار من النوافل .. وبكثرة السجود ترتقين في الدرجات، قال رسول الله "ما من عبد يسجد لله سجدة إلا كتب الله له بها حسنة وحط عنه بها سيئة ورفع له بها درجة فاستكثروا من السجود" [صحيح الجامع (5742)]
5) قيـــــام الليـــــل .. نافسي المتهجدات المجاهدات لشهوات النوم والراحة، وقد قال "من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين" [رواه أبو داوود وصححه الألباني]
لِما لا تنافسين العابدات كي تُبلغي الدرجات؟ .. كانت حبيبة العدوية إذا صلت العتمة قامت على سطح فشدت عليها درعها وخماراها فقالت "إلهي غارت النجوم، ونامت العيون، وغلَّقت
الملوك أبوابها وبابك مفتوح وخلا كل حبيب بحبيبه وهذا مقامي بين يديك"، وكانت تقول "اللهم اغفر لي سوء أدبي في صلاتي"
فهل تستحين من الله حق الحيــــاء؟ .. عندما يطلِّع على ما في قلبك، هل يجده مشغولاً بالله وحده أم مشغولاً بالدنيا وحطامها الفاني؟ .. اللهم اغفر لنا ســـوء أدبنا فى صلاتنا،،
6) تعاهد القرآن .. فالقرآن يزرع في قلبك حب الرحمن، قال رسول الله "من سره أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف" [حسنه الألباني، صحيح الجامع (6289)]
فلِما لا تُسارعين لتنالي الخيرية؟ .. عن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" [رواه البخاري] .
ومن الأعمال اليسيرة التي نغفل عنها مع عِظم أجرها ..
1) قراءة سورة الإخلاص عشر مرات .. قال رسول الله "من قرأ { قل هو الله أحد } حتى يختمها عشر مرات بنى الله له قصرا في الجنة" [حسنه الألباني، السلسلة الصحيحة (589)]
2) قراءة آية الكرسي دبر كل صلاة .. قال رسول الله "من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت"
3) قراءة سورة تبارك كل ليلة .. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال "من قرأ تبارك الذي بيده الملك كل ليلة منعه الله عز وجل بها من عذاب القبر"
4) حفظ القرآن .. فهو من أسباب العتق من النار، قال رسول الله " لو كان القرآن في إهاب ما أكلته النار" [رواه الطبراني وحسنه الألباني]
تابعي بقية أبواب التنافس في المقالة القادمة إن شاء الله تعالى،،
للشيخ هاني حلمي.
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
مشكورة أختي في الله
جزاك الله كل خير
اللهم أرزقني العفو والعافيه في الدنيا والاّخره