*تحريــــــــــــــــــ الظلم ـــــــــــم ^خطبة ^
*تحريــــــــــــــــــ الظلم ـــــــــــم ^خطبة ^
الحمد لله اللطيف الخبير، العليم القدير، أحمد ربي وأشكره على فضله الكثير، وأشهد أن لا إله إلا الله العلي الكبير، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله، البشير النذير. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين..
أما بعد: فاتقوا الله حق التقوى، وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقي.
أيها المسلمون .. إن الطاعات تتفاضل عند الله بتضمنها تحقيق العبودية لله والتوحيد له، وعموم نفعها للخلق مثل أركان الإسلام ونحوها.
وإن الذنوب والمعاصي تعظم عقوباتها ويتسع شرها وفسادها بحسب ضررها لصاحبها وللخلق. وإن الظلم من الذنوب العظام، والكبائر الجسام يحيط بصاحبه ويدمره، ويفسد عليه أمره، ويغير عليه أحواله، ويدركه شؤمه وعقوباته في الدنيا والآخرة؛ ولأجل كثرة مضار الظلم وعظيم خطره، وتنوع مفاسده، وكبير شره؛ لأجل ذلك حرمه الله بين عباده. فقال تعالى في الحديث القدسي: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظّالموا).فالله حرم الظلم على نفسه وهو يقدر عليه تكرماً وتفضلاً وتنـزيها لنفسه عن نقيصة الظلم، فإن الظلم لا يكون إلا من نفس ضعيفة لا تقوى على الامتناع عن الظلم.
ولا يكون الظلم إلا من حاجة إليه، ولا يكون إلا من جهل به، والله جل وعلا منـزه عن ذلك كله، فهو القوي العزيز الغني عن خلقه، فلا يحتاج إلى شيء، وهو العليم بكل شيء.
وحرم الله الظلم بين عباده ليحفظوا بذلك دينهم ويحفظوا دنياهم، وليصلحوا بترك الظلم آخرتهم وليتم بين العباد التعاون والتراحم بترك الظلم، وليؤدوا الحقوق لله وللخلق.
الظلم ينبذ الفرد ويهلكه ويوقعه في كل ما يكره، ويرى بسبب الظلم ما يسوءه في كل ما يحب. الظلم يخرب البيوت العامرة، ويجعل الديار دامرة، الظلم يبيد الأمم ويهلك الحرث والنسل.
ولقد حذرنا الله تبارك وتعالى من الظلم غاية التحذير، وأخبرنا الله تعالى بأن هلاك القرون الماضية بظلمهم لأنفسهم، لنحذر أعمالهم، فقال تعالى: ( وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا القُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي القَوْمَ المُجْرِمِينَ. ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) [يونس:13ـ14]. وقال تعالى : ( وَتِلْكَ القُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا) [الكهف:59].
وقال تعالى : (فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ. أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَتِي فِي الصُّدُورِ) [الحج:45ـ46]. وقال تعالى: (فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) [العنكبوت:40].
وقد أجار الله هذه الأمة الإسلامية من عذاب الاستئصال والهلاك التام، ولكن تبتلى بعقوبات دون الهلاك العام؛ بسبب ذنوب تقع من بعض المسلمين وتشيع حتى لا تنكر ولا ينـزجر عنها أصحابها، كما قال تعالى: ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ ) [الأنفال:25].
وعن زينب بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعاً يقول:
(لا إله إ لا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من رجم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعيه الإبهام والتي تليها فقلت يا رسول الله أنَهلِكُ وفينا الصالحون قال: قال: نعم إذا كثر الخبث) رواه البخاري ومسلم
فدل الحديث على أن بعض الأمة في نزول العذاب صالحون وبعضهم تقع منهم ذنوب تصيب عقوباتها الكثير من الأمة في بعض الأزمنة وبعض الأمكنة. وفسر الخبث: بالزنا وعمل قوم لوط لقوله تعالى: (الخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَات) [النور:26]. وقوله تعالى عن لوط عليه السلام : (وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ القَرْيَةِ الَتِي كَانَت تَّعْمَلُ الخَبَائِث) [الأنبياء:74].
وفسر الخبث: بالخمر ونحوه من المكسرات والمخدرات لقوله صلى الله عليه وسلم : (الخمر أم الخبائث). ومعنى الحديث عام في كل محرم يظلم به المسلم نفسه.
أيها المسلمون أصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه، وهو مخالفة شرع الله تعالى.
والظلم ثلاثة أنواع:
النوع الأول: ظلم للنفس لا يغفره الله تعالى إلا بالتوبة، وهو الشرك بالله تعالى. قال الله عز وجل: ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً )[النساء:116].
وقال تعالى: ( وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) [لقمان:13].
ـــــــــــــــ يتبع ـــــــــــــــــ
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المشتاقة لرؤية ربها
|
الله يعااافيك حبيبتي المشتاقة يرؤية ربها
جزااااكـ الله خيرآآآ على مروووركـ الطيبـ
ودي