بسم الله الرحمن الرحيم
من مقال مسؤولية طالب العلم للشيخ بن باز رحمه الله مسئولية طالب العلم في المجتمع ، فالموضوع موضوع عظيم ، ومسئولية طالب العلم مسئولية كبيرة ، وهي متفاوتة على حسب ما عنده من العلم ، وعلى حسب حاجة الناس إليه ، وعلى حسب قدرته وطاقته.
فهناك مسئولية من جهة نفسه : من جهة إعداد هذه النفس للتعليم والدعوة ، وأداء الواجب ، ومن جهة العناية بالعلم والتفقه في الدين ، ومراجعة الأدلة الشرعية ، والعناية بها ، فإن طالب العلم بحاجة شديدة إلى أن يكون لديه رصيد عظيم من الأدلة الشرعية ، والمعرفة بكلام أهل العلم وخلافهم ، ومعرفة بالراجح في مسائل الخلاف بالدليل من كتاب الله عز وجل ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بدون تقليد لزيد وعمرو ، فالتقليد كل يستطيعه ، وليس من العلم في شيء. قال الإمام أبو عمر بن عبد البر الإمام المشهور صاحب التمهيد وغيره : (أجمع العلماء على أن المقلد لا يعد من العلماء).
فطالب العلم عليه مسئولية كبيرة ومفترضة ، وهي أن يعنى بالدليل ، وأن يجتهد في معرفة براهين المسائل ، وبراهين الأحكام من الكتاب العزيز والسنة المطهرة ، ومن القواعد المعتبرة.. وأن يكون على بينة كبيرة ، وعلى صلة وثيقة بكلام العلماء ، فإن معرفته بكلام أهل العلم تعينه على فهم الأدلة ، وتعينه على استخراج الأحكام ، وتعينه على التمييز بين الراجح والمرجوح.
ثم عليه مسئولية أخرى من جهة الإخلاص لله سبحانه ، ومراقبته وأن يكون هدفه إرضاءه عز وجل ، وأداء الواجب وبراءة الذمة ، ونفع الناس ، فلا يهدف إلى مال وعَرِض عاجل ، فذلك شأن المنافقين وأشباههم من أهل الدنيا ، ولا يهدف للرياء والسمعة ، ولكن هدفه أن ينفع عباد الله ، وأن يرضي ربه قبل ذلك ، وأن يكون على بينة فيما يقول ، وفيما يفتي به ، وفيما يعمل به ولا يجوز له التساهل ، لأن طالب العلم متَّبع متأسي بتصرفاته وأعماله. فإن كان مدرسا تأسى به الطلبة ، وإن كان مفتيا أخذ الناس فتواه ، وإن كان داعية كذلك خطره عظيم ، وإن كان قاضيا فالأمر أعظم.
فالواجب على طالب العلم أن يكون له موقف مع ربه ، موقف يرضاه مولاه ، موقف يشتمل على الإخلاص لله ، والصدق في طلب رضاه ، والحرص الذي لا حدود له ، في معرفة الأدلة الشرعية ، والتفتيش عنها حتى يقف على الدليل ، وبذلك تنفسح أمامه الدنيا ، ويفتي على بصيرة ، ويدعو إلى الله على بصيرة ، ويعلّم الناس على بصيرة ، ويأمر بالمعروف على بصيرة ، وينهى عن المنكر على بصيرة ، كما قال تعالى : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ[6] وقد فسّرت البصيرة بالعلم
جزاك الله خيرا
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم