تخطى إلى المحتوى

إقرأ معي ، قصة ( العَرْبانه ) من تأليفي ، انتظرك .! -قصة قصيرة 2024.

إقرأ معي ، قصة ( العَرْبانه ) من تأليفي ، انتظرك .!

خليجية

قصة ( العَرْبانه )

دفعت بعربتي، وأخذتُ أجرّها، وأجرجرها، كأني أُجرجر وراءها خيبة عُمر امتدّت إليه أُمنيات ضحلة ، أُمنيات لا تَتحسّن بل تزداد سُوءً بعد سُوء.. أتردد على سُوق المدينة ، أحمل أكياس وأشياء أخرى ، أرميها في القمامة .. أحملها من دكاكين ومحلات الخضار مُقابل ثمن بخس ، مائة بيسة ، عن كل حِمْلٍ ثقيل ، يكسر ظهري ويُقوّس عموده الفقري .. كانت القمامة أو حاوية المزابل القذرة ، تبعد عن السوق ، بمقدار 50 متر أو يزيد .. في كل صباح باكرٍ، أنظر إلى الحاوية الكبيرة، حاوية جمع القاذورات والأوساخ والقمامة العفنة، أنها مصدر رزقي الوحيد، وأنا أسعى جاهداً لأكون صديقاً قذراً مِثْلها، بعد أن صكّت كُل الأعمال في وجهي .. وحين أتساءل ، لماذا .؟ لا إجابة شافية، غير هذه.. رُبما قدركَ المنحوس أودَى بكَ أن تكون هذه الأمكنة التي لجأتَ إليها ، كنايةً تُذكّرك بأن الحياة لحظات مدّ وجزْر وصُعود ونُزول ، لا تتوقف عند حدّ مُعيّن ، ورُبما انكَ أول من استقبلتَ الحياة بوجهك ورُبّما تذكرك بأول رضْعةٍ من صدْر أمكَ،تُذكّرك بأول جُرعةٍ من ثدْيها فانفطرتَ عليها ، لا اعرف مُجمل هذه الكنايات ، لكنّي أكاد أُجزم لا يقينَ فيه ، بأنّ أمّك قد ولّتْ بوجهكَ ناحية القمامة لحظة الولادة العَسيرة ، أو تكون قد نستْ أو تناستْ لحظتها بأن تُغيّر وجهتكَ شطراً آخر غير شطر القمامة..! رُبما ذاك سبب رئيس جعلك تُعظّم المزابل وتتعلّق بحاويات القمامة .. ترددتُ كثيراً كيف أردّ على محاور خفيّ ، لا أعرف كنهه .. ثم قلت بعد إلحاح داخلي : أمي ، لا اعتقد ذلك .. أعقبتُها بسكتة ، ثمّ أردفتُ ، إنني مُتيقنٌ أن أمي تُيمّم وجهها شطر القُبلة وتُصلي بصوت خافت وتفيض عينها بالدموع، كنت أرى ذلك وأنا في حُضنها، ارضع من صدْرها وأمتصّ حَلمتها بقوة مجنونة.. قد يكون الأمر مُثار علاقة خاصة غير تلك ، إذ كان بيتنا قُبالة مزبلة المدينة .. فرد الصوت قبل أن أُكَمّل .. رُبما أنت مُحقاً في هذه ..! وضعتُ يدي على وجهي احكّه بسبابتي كمن ينبش في شيء ..! لا زلتُ أتذكّر ذاكَ اليومَ ، يومَ أنْ رفض المَيْسورين وكِبَار رجال المدينة الاقتراب من هذا المكان ، ظنّا منهم ويقيناً من أعوانهم انه لا يصلح إلا لأمثالنا مكاناً نختبئ فيه ويضمّنا في أُسرةٍ محسوبة في تعداد وطنيتنا الكبيرة وهذه الأمكنة الجديدة هيَ أقرب إلى واقعنا المُعاش ، فالنّجَابةَ في فلسفة كِبَار الرّجال هيَ فضلٌ أُوتوا بها دون سِوَاهم .. قال الصوت وكأنه يوقضني من غفوة تفكيرٍ مُزرٍ : كُنْ انجدَ الناس ركّابٌ لِصَعابها ، بفكرٍ يرتقي إلى أَنْجدها ، سَامٍ لمعاليها ، إني أعلم يقيناً انكَ من مناجيبَ الرجال ذي نباهةٍ ونجابةٍ ، فاضلٌ على أترابكَ ، ونباتُك حسناً ، لكن اعلم حقاً أن الشّعر لا يأتي إلا من جودة شاعرية خلاّقة ..!
للقصة بقية ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.