يعد شهر رجب آخر الأشهر الحرم، وهو شهر معظم في الجاهلية وفي الإسلام، فقد كان العرب في الجاهلية يسمونه بعدة أسماء ويحرمون فيه القتال والإغارة، فسموه رجب لأنه كان "يُرجَّب" أي يُعَظَّم، وسموه "رجب الأصَّم" لأنه لم يكن يسمع فيه صوت السلاح، وسموه "رجب مُضَّر" لأن قبيلة مضر كانت تزيد في تعظيمه واحترامه فنسب إليهم لذلك.
وسموه كذلك "رجب مُنصّل الأسنّة" كما جاء عن أبي رجاء العطاردي قال : كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو أخيرُ منه ألقيناه وأخذنا الآخر ، فإذا لم نجد حجرا جمعنا جثوة "كوم من تراب" ثم جئنا بالشاة فحلبناه عليه ثم طفنا به فإذا دخل شهر رجب قلنا مُنصّل الأسنة فلا ندع رمحا فيه حديدة ولا سهما فيه حديدة إلا نزعناه وألقيناه في شهر رجب.
وله كذلك عدة أسماء بلغت الثمانية عشر منها: الحرم؛ لأن حرمته قديمة، المقيم؛ لأن حرمته ثابتة، المعلى؛ لأنه رفيع القدر عندهم، شهر العتيرة؛ لأنهم كانوا يذبحون فيه ذبيحه تسمى "العتيرة"، وسموه المبري، والمعشعش، و الفرد.
وعندما جاء الإسلام احتل شهر رجب مكانة عظيمة فهو أحد الأشهر الحرم وآخرها من حيث الترتيب، يقول الله تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ).
وشهر رجب سمي في الإسلام بعدة أسماء منها "رجب الفرد" لأنه شهر حرام فرد بين أشهر حلال، سومي كذلك بـ "رجب الأصب" لأن رحمة الله تصب على التائبين من عباده صبا، وتفيض أنوار القبول على العاملين والطائعين فيه.
وقد تحدث الكثير من العلماء عن فضائل شهر رجب وألفوا فيه المؤلفات، فقال بعض العلماء أن رجب شهر الاستغفار، وشعبان شهر الصلاة على النبي المختار صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ورمضان شهر القرآن.
وذكر الإمام السيوطي رحمه الله في كتاب الدر المنثور في التفسير بالمأثور قال: "أخرج ابن جرير عن قيس بن عباد – رضي الله عنه – قال: العاشر من رجب، هو يوم يمحو الله فيه ما يشاء"، وكذلك ذكر الإمام الطبري في كتابه "جامع البيان عن تأويل آي القرآن" قال: حدثنا محمد بن عبد الأعلى بسنده عن قيس بن عباد، أنه قال: "العاشر من رجب هو يوم يمحو الله فيه ما يشاء".
فاجتهدوا رحمكم الله تعالى في رجب فانه موسم من مواسم الخيرات، وشهر من الأشهر الحرم التي تعظم في الطاعات، واحرصوا على الاستغفار فيه لعل الله يغفر لنا ذنوبنا، وراعوا حرمته فقد قال تعالى عن الأشهر الحرم: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، فينبغي مراعاة حرمة هذه الأشهر لما خصها الله به من المنزلة والحذر من الوقوع في المعاصي والآثام تقديرا لما لها من حرمة، ولأن المعاصي تعظم بسبب شرف الزمان الذي حرّمه الله سبحانه وتعالى.
يخص بعض الناس شهر رجب ببعض العبادات كصلاة الرغائب وإحياء ليلة (27) منه فهل ذلك أصل في الشرع؟ جزاكم الله خيراً.
تخصيص رجب بصلاة الرغائب أو الاحتفال بليلة (27) منه يزعمون أنها ليلة الإسراء والمعراج كل ذلك بدعة لا يجوز، وليس له أصل في الشرع، وقد نبه على ذلك المحققون من أهل العلم، وقد كتبنا في ذلك غير مرة وأوضحنا للناس أن صلاة الرغائب بدعة، وهي ما يفعله بعض الناس في أول ليلة جمعة من رجب، وهكذا الاحتفال بليلة (27) اعتقادا أنها ليلة الإسراء والمعراج، كل ذلك بدعة لا أصل له في الشرع، وليلة الإسراء والمعراج لم تعلم عينها، ولو علمت لم يجز الاحتفال بها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بها، وهكذا خلفاؤه الراشدون وبقية أصحابه رضي الله عنهم، ولو كان ذلك سنة لسبقونا إليها. والخير كله في اتباعهم والسير على منهاجهم كما قال الله عز وجل: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ[1] وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) متفق على
صحته، وقال عليه الصلاة والسلام: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) أخرجه مسلم في صحيحه ومعنى فهو رد أي مردود على صاحبه، وكان صلى الله عليه وسلم يقول في خطبه: ((أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة))[2] أخرجه مسلم أيضا. فالواجب على جميع المسلمين اتباع السنة والاستقامة عليها والتواصي بها والحذر من البدع كلها عملا بقول الله عز وجل: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى[3]، وقوله سبحانه: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرَ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[4]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة))، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم))[5] أخرجه مسلم في
صحيحه. أما العمرة فلا بأس بها في رجب لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب وكان السلف يعتمرون في رجب، كما ذكر ذلك الحافظ ابن رجب رحمه الله في كتابه: (اللطائف) عن عمر وابنه وعائشة رضي الله عنهم ونقل عن ابن سيرين أن السلف كانوا يفعلون ذلك. والله ولي التوفيق.
ايضااااا في الوقت المناسب ‘‘كم غفلنا عن هذه الاحكام‘‘‘
وكم من مبتدع ‘ يقوم بطقوس لم يأتي بها الشرع‘‘‘‘
جزاكي الله خيراا
نونو وسوسو
وجعله في ميزان حسناااتك.
تقييم.
مشكورة حياتي