الإسلام دين الرحمة
قال الله تعالى مخاطباً عبده ونبيه محمداً صلى الله عليه وسلم " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" فالنبي صلى الله عليه وسلم رحمة للمؤمنين رحمة للإنسان رحمة للحيوان رحمة للنبات .
فإن قيل إذا كان الأمر كذلك فلماذا شرع الله تعالى الجهاد ولماذا قاتل النبي صلى الله عليه وسلم المشركين ؟
الجواب : أنَّ الجهاد سواء كان جهاد الطلب أم جهاد الدفع لم يشرع إلا للدفاع .
يوضحه: نعلم أنَّ الله تعالى بعث نبيه محمداً رحمة للعالمين وهادياً وبشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً , وقد بدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته ولقي في سبيل ذلك أشد الإيذاء والإستهزاء فصبر على ذلك إحتساباً للأجر من ربه تبارك وتعالى وطمعاً في إيمان المشركين أو إيمان من هم في أصلابهم .
وبعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم لطيبة الطيبة نواة دولة الإسلام قويت شوكة المؤمنين وبدأت شمس الإسلام تسطع وسراجه يتوهج ونوره يهدي الناس إلى سراط مستقيم وطريق قويم.
خاف المشركون من ذلك فأعدوا العدة وجهزوا الجيوش لعلهم يستأصلون شجرة الإسلام ويجتثونها من جذورها ويطفئون هداية الله ونوره " ويأبى الله إلا أن يتم نوره " كان لزاماً على النبي صلى الله عليهم وسلم وأصحابه بعد أن أذن الله لهم في القتال أن يقاتلوا ويدافعوا عن دينهم وعن أنفسهم وعن أموالهم فحصل قتال بين الفريقين وكان سجالاً وكانت العاقبة والتمكين للنبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه .
فإن قيل لا يشك عاقل فضلاً أن يكون مؤمناً أنَّ جهاد الدفع واجب بل قد يكون فرض عين على أهل بلد إذا داهمهم العدو بل قد يكون هذا الحكم على كل من جاور ذلك البلد إذا عجز أهله عن الدفاع عنه والذود عن حياضه وقد تتسع الدائرة حتى تشمل كل بلاد المسلمين , وهذا ظاهر لكن كيف يكون جهاد الطلب شُرع للدفاع ؟!.
الجواب : قد علمنا أنَّ الله تعالى بعث عبده ونبيه محمداً خاتم الأنبياء والمرسلين إلى الناس كافة ليبلغهم كلمة الله ودينه القويم , فإذا وجد من كان سداً منيعاً في طريق بلاغ الإسلام فهنا شرع الله تعالى جهاد وقتال من يريد منع البلاغ وقبل القتال يُخير إما أن يُسلم أو يدفع الجزية فإن أبى وجب قتاله إن كان للمسلمين عدد وعدة .
إذن فجهاد الطلب دفاع عن تبليغ الإسلام لمن لا يعرفه وليس لدنيا كما يتوهم ذلك الكثيرون ممن لم يتأملوا في النص وروحه , فإن أصاب المسلمون بعد ذلك شيئا من الدنيا فهذا زيادة فضل من الله تعالى لعباده المؤمنين .
يزيده وضوحاً : هذا الحوار الذي جرى بين ربعي بن عامر رضي الله عنه و رستم .
قال رستم : ما جاء بكم ؟
قال ربعي : إبتعثنا الله لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله , ومن ضيق الدنيا إلى سعتها , ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ,فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه ,فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه , ومن أبى قاتلناه أبداً حتى نفضي إلى موعود الله .
قال رستم : وما موعود الله ؟
قال ربعي : الجنة لمن مات على قتال من أبى , والظفر لمن بقي .
وبعد أن رأينا صفاء هذا المورد العذب الزلال للإسلام وارتوينا من معينه , وجدنا أنَّ هناك من كدّر صفو هذا المورد العذب وشوّه صورة الإسلام .
وأكثر من كدر هذا المنهل فرقتان تزعمان الإنتساب للإسلام وهما الخوارج والرافضة وهم طرفا نقيض وليس الكلام هنا عن معتقد الفرقتين ولكنه إشارة إلى إستباحتهم للدماء مما شوه صورة الإسلام عند من لم يعرف حقيقة هذا الدين الحنيف وحقيقة الفرقتين المنحرفتين .
الفرقة الأولى : الخوارج وهذه الفرقة تكفر المؤمنين بالكبيرة وبعد أن كفرتهم إستباحت دماءهم وأموالهم . وقد تكاثرت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في التحذير من هذه الفرقة المارقة حتى لا يغتر بهم قليلو العلم وذلك لأن الخوارج يتميزون بكثرة العبادة من صلاة وصيام وقراءة القرآن لكنها أفعال ظاهرة لم يخالط الإيمان قلوبهم .
والخوارج هم الذين قتلوا الخليفتين الراشدين أمير المؤمنين عثمان بن عفان وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنهما وعن جميع الصحابة الكرام .
وبالجملة هم من أجهل الخلق وأحمقهم ,
فكم من دمٍ سفكوه بغير حق , وكم من طفل يتموه , وكم من إمرأة ترملت , وكم من تفجير فعلوه , وكم من مال نهبوه , وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا , فبئس ما صنعوا وياشؤمهم على الإسلام والمسلمين .
الفرقة الثانية : الرافضة وهم مذاهب متنوعة وفرق متعددة أتباع المجوس يجمعهم تكفيرهم للغالبية العظمى من الصحابة الكرام وتكفير من يتولى الصحابة ويدافع عنهم , ولا يقف الأمر عند التكفير بل إنهم يستبيحون دماء وأموال أهل السنة والجماعة لا لشيء إلا لأنهم يتولون الصحابة ولا سيما الصديق والفاروق وأم المؤمنين عائشة ومعاوية رضي الله عنهم أجمعين .
وكتب الرافضة على تعدد المذاهب وتنوع الطرائق تدعو لذلك وتحض عليه .
وإن كنت في شكٍ من ذلك فاسأل التاريخ عن جرائمهم وسفكهم للدماء وانتهاكهم للأعراض واستباحتهم للأموال كفعل القرامطة والعبيديين وابن العلقمي وغيرهم في أهل السنة حين تمكنوا وقويت شوكتهم .
وإن لم تقنع بشهادة التاريخ فدونك أرض الرافدين وأرض الشآم وانظر إلى صنيع الرافضة في أهل السنة والجماعة يقتلونهم على الهوية بغير ذنب إلا أنهم سنة ويبتكرون ألوان الطرق في تعذيب وقتل أهل السنة وانتهاك أعراضهم ونهب أموالهم وتخريب مساجدهم وتهديم بيوتهم , وهم بفعلهم هذا يتقربون إلى معبودهم ولا حول ولا قوة إلا بالله .
رقم : سعيد بن صالح بن علي الحمدان