الإعجاز الكوني في القرآن الكريم …
إن كلمة "معجزة" تعني الشيء الذي لا يمكن لأحدٍ أن يأتي بمثله مهما حاول. والقرآن الكريم هو رسالة الله إلى البشر ومعجزته الخالدة إلى يوم القيامة. ومن ميزات معجزة القرآن أنها تناسب كل زمان ومكان. والعصر الذي نعيشه اليوم هو عصر الكشوفات العلمية، لذلك جاءت معجزة القرآن مناسبة لهذا العصر.
والآيات الكونية التي تناولناها في هذا البحث تمثل حقائق علمية ثابتة ثم اكتشافها على مدى السنوات الماضية. فسبق القرآن هذه الاكتشافات بألف وأربع مائة سنة فتحدث عنها بشكل مفصل.
لذلك هذه الآيات هي دليل على صدق كتاب الله عز وجل وصدق رسالة الإسلام، فقبل (1400) سنة لم يكن البحث العلمي موجوداً، لم تكن هنالك أجهزة رصد وتحليل أطياف النجوم، ولم يكن هنالك آلات حاسبة وأجهزة كمبيوتر. فلا يمكن أبداً أن تكون المكتشفات التي أفنى علماء القرن العشرين حياتهم في سبيل اكتشافها، لا يمكن أن تكون موجودة منذ أربعة عشر قرناً.
لذلك التفسير المنطقي والوحيد لوجود هذه الحقائق العلمية في كتاب واحد هو القرآن هو أن هذا الكتاب من عند الله تعالى الذي قال: (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) [الفرقان:6].
إنه كون واسع وممتدّ، لا يمكن لعقل بشري أن يتخيل حجمه أو اتساعه. ممتلئ بالنجوم وهذه النجوم المتوهجة تتجمع في أماكن محددة لتشكل المجرات، والمجرات تتجمع أيضاً لتشكل الجزر الكونية وهكذا نظام لا يحيط به إلا خالق هذا الكون عز وجل.
تأملي عزيزتي هذه المجرة الضخمة المؤلفة من مئات الآلاف من ملايين النجوم! ألا تشهد بعظمة خالق السموات والأرض؟ مَن الذي صنع هذه النجوم ووضعها في مداراتها فلا نجد أي خلل أو خطأ في نظام عملها؟ مَن الذي جمعها في مجرة واحدة وسخر لها أسباب البقاء، أليس هو الله؟
فالنجم هو عبارة عن جسم ضخم بحجم الشمس أو أصغر أو أكبر تتم في داخله تفاعلات نووية فتندمج الذرات مع بعضها وتحرر طاقة هائلة على شكل أشعة ضوئية مرئية وغير مرئية وحرارة لاهبة. وما الشمس التي نراها إلا نجم من نجوم هذا الكون.
تصوروا معي هذه الشمس! إنها مجرد نجم يسبح في هذا الكون، الذي يحوي أكثر من عشرة آلاف مليون مليون مليون نجم، وكل نجم هو عبارة عن شمس كشمسنا وربما أكبر منها!! هذه الشمس التي يبلغ قطرها مليون كيلو متر، لو أننا خرجنا خارج مجرتنا لا نعود نراها بل نراها بحجم ذرة غبار صغيرة! فما قيمتك أيها الإنسان الملحد أمام عظمة الخالق تبارك وتعالى حتى تنكر وجوده وتكفر به وهو خالقك ورازقك؟
كل شيء في هذا الكون يسير بنظام، ويسبح في فلك محدد. هذا ما تقرره الأبحاث العلمية الحديثة، ولكن القرآن دائماً يسبق هذه الأبحاث ليتحدث عن هذا النظام البديع المحسوب. يقول الله تعالى: (وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) [يس: 37-40].
وانظر معي إلى كلمة (فَلَكٍ) في الآية حيث تعبر هذه الكلمة عن المسار المحدد الذي تسير فيه الأجسام الكونية كالشمس والقمر والأرض والنجوم وغيرها. والعلم يخبرنا بأن كل جزء من أجزاء هذا الكون يسير في مدار محدد لا يشذّ عنه، ولو انحرف نجم عن مساره قليلاً لأدى ذلك إلى انهيار الكون بكامله !
فسبحان الله الذي نظَّم كل شيء في هذا الوجود وحتى لو تركنا المجرة ودخلنا إلى أعماق الذرة فسوف نشاهد نظاماً بديعاً وفائق الدقة. ونحن نعلم اليوم كم هو ضخم عدد الأبحاث والكتب العلمية التي أُلفت عن الذرة وعالمها.
في الذرة نواة موجبة ثم من حولها فراغ كبير يشغل أكثر من 99% من حجمها !! ثم يأتي ما يسمى بالإلكترونات التي تدور حول هذه النواة بنظام شديد الدقة، وبسرعة كبيرة يعجز المرء عن تصورها. إن هذا النظام العجيب موجود في كل ذرة من ذرات الكون، فمن أين جاء هذا النظام؟ ومن الذي أحكم بناء هذه الذرات، أليس هو الله؟
إن كل ما في الكون مؤلف من جسيمات أولية (إلكترونات، بروتونات، نترونات…) ومن أشعة، وهنالك توازن ما بين الجسيمات المادية هذه وما بين الأشعة أو الطاقة. وكل ما نراه من حولنا في هذا الكون من مجرات وكواكب وغيرها يتألف من ذرات أو أجزاء الذرات (إلكترون، بروتون،…) أو من إشعاعات.
وهذه الوحدة في البناء الكوني لتشهد على وحدانية خالقها سبحانه وتعالى القائل: (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ) [الرعد: 8-9].
الموضوع منقول للاستفادة
بارك الله فيكم …
جعله الله في ميزان حسناتك
سبحانك ربي مآأعظمك..
وجعله في ميزأن حسناتك