يقول تعالى
{ وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } البقرة (آية:221)
من نال الجنة نال المغفرة حتماً. فلماذا جل وعلا ذكرالجنة مع المغفرة ؟ ألا تكفي الجنة فهي تشير الى المغفرة؟
جاء في تفسير نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/ البقاعي (ت 885 هـ) :
"{ والله } أي بعز جلاله وعظمة كماله { يدعوا } أي بما يأمر به { إلى الجنة } أي الأفعال المؤدية إليها.
ولما كان ربما لا يوصل إلى الجنة إلا بعد القصاص قال: { والمغفرة } أي إلى أن يفعلوا ما يؤدي إلى أن يغفر لهم ويهذب نفوسهم بحيث يصيرون إلى حالة سنية يغفرون فيها للناس ما أتوا إليهم.
ولما كان الدعاء قد يكون بالحمل على الشيء وقد يكون بالبيان بحيث يصير المدعو إليه متهيئاً للوصول إليه قال: { بإذنه } أي بتمكينه من ذلك لمن يريد سعادته".
وقال أبو السعود ( ت 951 ) في تفسيره إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم:
" وتقديمُ الجنة على المغفرة مع أن حق التخلية أن تُقدَّم على التحلية لرعاية مقابلة النار ابتداءً ".
وقال اطفيش (ت 1332 هـ) في تفسيره تيسير التفسير:
" وقدم الجنة لمقابلة النار قبلها ابتداء، ولأنها نفس المراد الذي يتنافس فيه، ولو كان تحلية، والمغفرة تخلية مقدمة بالزمان، وقدمت على الجنة في قوله، سارعوا… الخ مراعاة لحق تقديم التخلية على التحلية، ولحق تقدم زمانها".
قلت: قوله ( وقدمت على الجنة في قوله، سارعوا… الخ ) إشارة إلى قوله تعالى: ( وَسَارِعُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) سورة آل عمران: 133.