بسم الله الرحمن الحيم
قال الشَّيخ فخرُ الدِّينِ بنُ عساكر (550هـ – 620 هـ):
إعلَمْ ، أَرْشَدَنا اللـهُ وإيَّاك ، أنه يجبُ على كُلِّ مُكَلَّفٍ أنْ يَعْلَمَ أنَّ الله ، عَزَّ وجَلَّ، واحدٌ في مُلْكهِ ، خَلَقَ العالمَ بأسرِه ، العُلْوِيَّ والسُّفْلِيَّ ، والعَرْشَ والكُرْسِيَّ، والسَّماواتِ والأرضَ وما فيهما وما بينَهما . جميعُ الخلائقِ مَقْهُورُونَ بقُدْرَتهِ . لا تتَحَرَّكُ ذَرَّةٌ إلا بإذْنهِ . ليسَ معه مُدَبِّرٌ في الخَلْقِ ولا شَرِيكٌ في الْمُلْكِ
حَيٌّ قَيُّومٌ لا تأخذُه سِنَةٌ ولا نَوْم
عَالِمُ الغَيْبِ والشَّهَادَة .. لا يخفَى عليه شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماء . يَعْلَمُ ما في البَرِّ والبحرِ . وما تَسْقُطُ من وَرَقَةٍ إلا يَعْلَمُهَا ولا حَبَّةٍ في ظُلُمَاتِ الأرْضِ ولا رَطْبٍ ولا يابسٍ إلا في كتابٍ مُبِين .
أحاطَ بكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا وأحصَى كُلَّ شيءٍ عَدَدًا ..
فَعَّالٌ لِمَا يُريد .. قادرٌ على ما يشاء .. له الْمُلْكُ والغِنَى .. وله العِزُّ والبقاءُ .. وله الحُكْمُ والقَضَاءُ .. وله الأسماءُ الحُسنى ..
لا دافعَ لِمَا قَضَى .. ولا مانعَ لِمَا أعطَى .. يفعلُ في مُلْكهِ ما يُريد .. ويَحْكُمُ في خَلْقهِ بما يشاء ..
لا يَرْجُو ثوابًا ولا يخافُ عِقَابًا .. ليسَ عليه حُكْمٌ وليسَ عليه حَقٌّ يَلْزَمُهُ ..
وكُلُّ نعمةٍ منه فَضْلٌ .. وكُلُّ نِقْمَةٍ منه عَدْلٌ .. لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وهم يُسْأَلون .
مَوْجُودٌ قبلَ الخَلْقِ .. ليسَ له قبلٌ ولا بعد ، ولا فَوْقٌ ولا تحت ، ولا يمينٌ ولا شِمَال ، ولا أمامٌ ولا خَلْف ، ولا كُلٌّ ولا بَعْض ..
ولا يُقَالُ متَى كانَ ولا أينَ كان ولا كيفَ كانَ ..
كانَ اللـهُ ولا مكانَ .. كَوَّنَ الأكوانَ ودَبَّرَ الزَّمانَ .. لا يَتَقَيَّدُ بالزَّمانِ ولا يَتَخَصَّصُ بالمكان .. ولا يَشْغَلُهُ شَأْنٌ عن شَأْنٍ .. ولا يَلْحَقُهُ وَهْمٌ .. ولا يَكْتَنِفُهُ عَقْلٌ .. ولا يَتَخَصَّصُ بالذِّهْنِ .. ولا يَتَمَثَّلُ في النفْسِ .. ولا يُتَصَوَّرُ في الوَهْمِ .. ولا يَتَكَيَّفُ في العقلِ .. لا تَلْحَقُهُ الأَوْهَامُ والأفكارُ .. ليسَ كَمِثْلهِ شيءٌ وهو السَّمِيعُ البصير ..