{{ وَجَعَلنْاَ نوَمْكُمْ سُبَاتاً }} ، النوم مخلوق عجيب شقيق للموت ، ساكن الحركات ، خافت الهمس
يداعب الجفون ، ويخامر العقل ، ويطرح الجسم ، خفيف الظل على المسرور ، جهم المحيا على
المحزون ، فيه ملاذ من متاعب الحياة ، وفيه استجمام من مصاعب العيش ، إذا كثرت الغموم
وتصارعت الهموم شردت بنوم عميق لا يبقي لها أثراً ولا عيناً .
إن النوم محطة للجسم بجوارحه ، تنسلخ فيه من أو صابها وأتعابها ثم تستيقظ قوية عارمة
نشيطة ، إذا تبلبل الفؤاد بلواعج المشاغل ، واختلطت الأمور على الذهن المكدود فنم ،
فإذا طرقك الفزع وفاجأك القلق فنم ، وإذا وقعت في اضطراب
وصرت في حيرة فنم {{ إذْ يغشيكُمُ النُّعَاسَ أمنة ًمَّنْهُ }} ثم لأنك مخلوق ضعيف هزيل والخالق لا ينام فهو
{{ لا تأْخُذُهُ سنة ٌولا نومُُ }} ثم لأن طاقتك محددة وأيامك معدودة إن النوم دليل
على موتك ، وبرهان على فنائك
وفي الحديث : (أن الله لا ينام ولا ينبغي لهأن ينام , يرفع القـــسط ويخفضه )
لا ينام سبحانه لأنه حي قيوم , أبدي سرمدي , ونحن ننام لأننا جئنا من العدم
وسنصير إلى الفناء ، وخرجنا من التراب إلى التراب ، ننام لنذكر الموت وما بعده ، والقبر القبروما فيه ، ننام لننسى الأحقاد والضغائن ، والآلالم والمتاعب ، ننام لنستأنف يوماً جديداً وعمراً تليدا {{ وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار }} .
ومن آياته منامكم بالليل ، فيمسك الأرواح ويعطل الحركة ويذهب الشعور ، ويغيب الذهن ، لتعلم أنك
مخلوق فان ، وهو واحد خالق باق ، مهيمن ، قدير جل في علاه . {{ اللهُ يتوفى الأنفسُ حِينَ موْتها والتَّي لمْ تمُتْ في منامها فيُمسك ُ التَّي قضى عليْها الْموْت ويُرسْل الأُخْرى إلى أجَل ٍمُُُُّسْمىًّ إنَ في ذلك لآيات ٍلقوم ٍيتفكّرُون }} .
نفع الله بك