نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
اخبرنا عبد الله بن عمر عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنهم بينما هم جلوس أو قعود عند النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل يمشي حسن الوجه حسن الشعر عليه ثياب بياض فنظر القوم بعضهم إلى بعض : ما نعرف هذا وما هذا بصاحب سفر ، ثم قال : يا رسول الله آتيك ؟ قال : نعم ، فجاء فوضع ركبتيه عند ركبتيه ويديه على فخذيه فقال : ما الإسلام ؟ قال : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ، قال : فما الإيمان ؟ قال : أن تؤمن بالله وملائكته والجنة والنار والبعث بعد الموت والقدر كله ، قال : فما الإحسان ؟ قال : أن تعمل لله كأنك تراه فإنك إن لم تكن تراه فإنه يراك . قال : فمتى الساعة ؟ قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل . قال : فما أشراطها ؟ قال : إذا الحفاة العراة رعاء الشاء تطاولوا في البنيان وولدت الإماء رباتهن . قال : ثم قال : علي الرجل فطلبوه فلم يروا شيئا ، فمكث يومين أو ثلاثة ثم قال : يا ابن الخطاب أتدري من السائل عن كذا وكذا ؟ قال : الله ورسوله أعلم . قال : ذاك جبريل جاءكم يعلمكم دينكم . قال : وسأله رجل من جهينة أو مزينة فقال : يا رسول الله فيما نعمل ؟ أفي شيء قد خلا أو مضى ؟ أو في شيء يستأنف الآن ؟ قال : في شيء قد خلا أو مضى ، فقال رجل أو بعض القوم : يا رسول الله فيم نعمل ؟ قال : أهل الجنة ييسرون لعمل أهل الجنة وأهل النار ييسرون لعمل أهل النار
الراوي: عمر بن الخطاب -المحدث: علي بن المديني – المصدر: مسند الفاروق – الصفحة أو الرقم: 2/629-خلاصة حكم المحدث: صحيح
يتضح لنا من الحديث السابق ذكره حكم شهر رمضان فهو ركن من اركان الاسلام التى ان اجحفها مسلم خرج على الاسلام برمته وكان عقابه كبيرا
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
وشهر رمضان ذكر فى القرآن الكريم حيث قال الله عز وجل فى محكم اياته
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
سورة البقرة – آية 185
وهذه الأيام هى شهر رمضان الجليل القدر عند الله، لقد أنزل فيه القرآن يهدى جميع الناس إلى الرشد ببياناته الواضحة الموصلة إلى الخير، والفاصلة بين الحق والباطل على مر العصور والأجيال، فمن أدرك هذا الشهر سليما غير مريض، مقيما غير مسافر فعليه صومه، ومن كان مريضا مرضا يضر معه الصوم أو كان فى سفر فله أن يفطر وعليه قضاء صيام ما أفطره من أيام الصوم، فإن الله لا يريد أن يشق عليكم فى التكاليف وإنما يريد لكم اليسر، وقد بين لكم شهر الصوم وهداكم إليه لتكملوا عدة الأيام التى تصومونها وتكبروا الله على هدايته إياكم وحسن توفيقه.
وفى حديث النبى صلى الله عليه وسلم الذى رواه أبى هريرة رضى الله عنه قال:"إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين".
رقم الحديث 2349 – الصيام – مسلم
(صفدت) الصفد هو الغل.
أى أوثقت بالإغلال.
يــتــبـــــــــع
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
معنى الصيام فى اللغة وفى الاصطلاح
(الصيام) هو فى اللغة الإمساك.
وفى الشرع إمساك مخصوص فى زمن مخصوص من شخص مخصوص يشرطه
ما هو الصيام وما هي أنواعه
فإن الصيام شرعاً: هو الإمساك عن شهوتي البطن والفرج، أي المفطرات، من طلوع الفجر الصادق، إلى غروب الشمس مع النية، وينقسم إلى واجب ومستحب:
أما الواجب فهو صوم رمضان، وما يلزم الشخص من كفارات أو نذور.
أما الصوم المستحب فهو كثير؛ ومنه على سبيل المثال: ستة في شوال لمن صام رمضان، وصوم يوم عرفة لغير الحاج، وعاشوراء، وغير ذلك.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
فضل الصيام
الصيام له مكانة عظيمة في الإسلام، فهو الركن الرابع منه بعد الشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وله فوائد كثيرة ومن فوائد الصيام حصول المحبة والتماسك بين أفراد المجتمع، فأغنياء المسلمين عندما يجدون مس الجوع في صيامهم يجعلهم ذلك يتذكرون حال الفقراء الذين يتأثرون بالجوع في غالب أوقاتهم وليس في رمضان، فيترتب على ذلك أن يقوموا بالتصدق على هؤلاء الفقراء فيثمر ذلك محبة وألفة في المجتمع، وقد ثبت الترغيب في إفطار الصائم .
أضف إلى ذلك ما يحصل بالصيام من التزام المجتمع بالإمساك في وقت واحد والإفطار كذلك مما يقوى معاني الترابط والاتحاد في المجتمع.</span>
فينبغي للمسلم أن يفرح بقدوم شهر رمضان ويستقبله بتوبة نصوح، وبالاستعداد التام، والتفرغ للعبادة كالصلاة، وتلاوة القرآن، والذكر والتسبيح والاعتكاف، وترك الذنوب والمعاصي، ورد الحقوق إلى أهلها، ونحو ذلك لينال عفو الله وجائزته الكبرى وهو افراد مكان لهم فى الجنة كما روى فى الحديث (إن في الجنة بابا يقال له الريان ، يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل منه أحد غيرهم ، يقال أين الصائمون ، فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم ، فإذا دخلوا أغلق ، فلن يدخل منه أحد )
الراوي: سهل بن سعد الساعدي المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – لصفحة أو الرقم: 1896-خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
ولكن للأسف الشديد كثير من الناس يهتمون في استقبال رمضان بشراء أنواع المطاعم والمشارب، ونحو ذلك، وكان الأولى بهم أن يقللوا من ذلك ليتحقق المقصود من القيام، وهو تقوى الله سبحانه وتعالى وخشيته لأن من أعظم المعينات عليها التقليل من الطعام والشراب لأنه بتقليل الطعام والشراب تضيق مجاري الدم التي ينفذ الشيطان من خلالها لإغواء الإنسان، كما قرر ذلك أهل العلم.
وهكذا نرى أن الله تعالى جعل شهر الصوم موسماً سنوياً تكرم به على عباده ليكون لهم مناسبة يحطون فيها عنهم الأوزار والآثام، فيخرجون منها بصحائف بيض، ولكنه تعالى خص بهذه التحفة عباده الذين يصومون بجميع جوارحهم عما حرم الله فيجمعون بين صوم الظاهر والباطن، فيستحقون ما لا يستحقه غيرهم، يقول الرسول صلى الله عليه سلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – لصفحة أو الرقم: 6057-خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
متى فرض صوم رمضان
فرض صيام شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة ، وصام الرسول صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (6/250) : صام رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان تسع سنين ، لأنه فرض في شعبان في السنة الثانية من الهجرة وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
حكم التهنئة بحلول شهر رمضان وهل هناك صيغة معينة
الثابت في السنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبشر أصحابه بقدوم شهر رمضان كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح، وعدَّه بعض أهل العلم أصلاً في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بقدوم الشهر، والأمر في ذلك واسع إن شاء الله تعالى وليس هناك لفظ بعينه لهذه التهنئة.
يـــتـــبـــــــع
الصوم من العبادات التى لم ينفرد بها الإسلام. فقد أخبر القرآن الكريم أن الصوم كان مفروضا أيضا على الأمم السابقة: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ) البقرة: 183. ولا تزال هناك ديانات أخرى حتى يومنا هذا تعرف شعيرة الصوم. ولكن هناك فرقا واضحا بين الصوم فى الإسلام والصوم فى غيره من الديانات. ويتمثل هذا الفرق فى أن الصوم فى الإسلام يأتى فى شهر معين من العام طبقا للتقويم الهجرى ، ويبدأ صيام كل يوم بالامتناع التام عن الطعام والشراب وعن كل الشهوات من طلوع الفجر حتى غروب الشمس. وهذا يعنى أن المسلم يقضى نهار يومه كله ـ وهو وقت العمل المعتاد ـ وهو صائم على النحو المشار إليه. ولعل هذا هو السبب الذى من أجله يتوهم البعض أن الصوم الإسلامى بهذه الطريقة يقلل حركة الإنتاج لدى الفرد والمجتمع.
2 ـ والصوم فى حقيقة الأمر برىء من هذه التهمة. فالصوم يفترض فيه أنه يعمل على تصفية النفوس والتسامى بالأرواح. وهذا من شأنه أن يمد الفرد بطاقة روحية تجعله أقدر على الإنتاج والعمل أكثر مما لو لم يكن صائما. وهذه الطاقة الروحية قوة لا يستهان بها. وقد حارب المسلمون فى غزوة بدر أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وهم صائمون وانتصروا ، وحارب الجنود المصريون عام 1973م وهم صائمون حيث كان ذلك فى شهر رمضان وانتصروا. ولم يقلل الصوم من نشاطهم ، بل كان العكس هو الصحيح تماما.
3 ـ ما نراه فى بعض البلاد الإسلامية من قلة الإنتاج فى شهر الصوم يرجع إلى أسباب أخرى غير الصوم. فمن عادة الكثيرين أن يظلوا متيقظين فى شهر الصوم معظم الليل. ولا يأخذون قسطا كافيا من النوم ، فنجدهم ـ نظرا لذلك ـ متعبين أثناء النهار. ومن هنا يقل إنتاجهم ، ويقبلون على أعمالهم ببطء وفى تثاقل. ويعتذرون عن ذلك بأنهم صائمون. وقد يكون اعتذارهم هذا فى أول النهار. فلو كان للصوم أى تأثير على النشاط ـ كما يزعمون ـ فإن ذلك لا يكون فى أول النهار ، بل يكون فى فترة متأخرة منه.
4 ـ لقد ثبت أن للصوم فوائد كثيرة صحية وروحية واجتماعية وتربوية. فالمفروض أنه فرصة سنوية للمراجعة والتأمل والتقييم والنقد الذاتى على المستويين الفردى والاجتماعى بهدف القضاء على السلبيات والتخلص من الكثير من الأمراض الاجتماعية ، وهذا من شأنه أن يدفع حركة المجتمع بخطى أسرع ، وبإخلاص أكثر ، وبوعى أفضل.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
ما مدى جواز دراسة وتعلم علم الفلك عمومًا،
والاعتماد على الحسابات الفلكية في تحديد رؤية شهر رمضان
الإسلام لا يصادم العلم ولا يقف حجر عثرة في
طريقه، بل إن الإسلام حث على التعلم، وإعمال الفكر والنظر في الكون، واستخلاص النظريات الكونية التي تفيد الإنسان، يقول الله تعالى: {قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}([1])، ويقول سبحانه:{قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الخَلْقَ}([2]).
وعلم الفلك من العلوم التي دعا القرآن إلى
معرفتها وتعلمها؛ لدراسة الظواهر الكونية، ومعرفة أسرارها، من ذلك قوله سبحانه: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا}([3])، وقوله تعالى {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ القَدِيمِ * لاَ الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ القَمرَ وَلاَ اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}([4]).
ولقد عرف المسلمون علم الفلك، وتمكنوا من جميع معادلاته، ووظفوه لخدمة دينهم، فقاموا بحساب الفجر، والشروق، والظهر، والعصر، والمغرب،
والعشاء، وأصبح المؤذن يؤذن بعد أن ينظر في ورقة مكتوب فيها مواقيت الصلاة طبقًا للحسابات الفلكية، وترك المسلمون الاسترشاد بوضع عود في الأرض والنظر إلى ظله، وقد يحتاج الإنسان وضع العود والنظر إلى ظله في حالة فقده للساعة أو لعدم علمه بمواقيت الصلاة، فالشرع جاء بالميسور والمتاح لكل الخلق؛ لأنه دين عالمي ودين رب العالمين، فليس تحديد مواقيت الصلاة والصوم بالحسابات الفلكية مخالفة للمنهج النبوي، والغريب أننا لا نجد خلافًا في
قضية الصلاة، والخلاف يشتد في قضية الصوم رغم أن الصلاة أهم من الصوم.
أما ما يخص صوم رمضان فالرؤية البصرية للهلال هي الأصل في إثبات أوائل الشهور العربية كافة، بما فيها رمضان؛ لقوله تعالى:{فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ
الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}([5])، وقوله صلى الله
عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته»([6]).
ولا شك أن الهلال ظاهرة كونية ثابتة لا خلاف
حول إمكان رؤيتها بالعين المجردة إذا تحققت شروط الرؤية البصرية، فضلًا عن إمكان تحقق الرؤية بالوسائل العلمية المؤكدة التي تم الإجماع عليها، وأصبحت الآن معلومة عند أهل الاختصاص، وقد عرفها المسلمون وغيرهم؛ لأن ميلاد الهلال حقيقة علمية يقينية بالإجماع عند علماء الفلك والحساب وليست ظنية.
وقد سئل الشيخ السبكي رحمه الله فيمن شهد برؤية الهلال منفردًا بشهادته واقتضى الحساب تكذيبه، فأجاب بكلام طويل الشاهد منه قوله: «ههنا صورة أخرى، وهو أن يدل الحساب على عدم إمكان رؤيته، ويدرك ذلك بمقدمات قطعية، ويكون في غاية القرب من الشمس، ففي هذه الحالة لا يمكن فرض رؤيتنا له حسًّا؛ لأنه يستحيل، فلو أخبرنا به مخبر واحد أو أكثر ممن يحتمل خبره الكذب أو الغلط، فالذي يتجه عدم قبول هذا الخبر وحمله على الكذب أو الغلط، ولو شهد به شاهدان لم تقبل شهادتهما؛ لأن الحساب قطعي والشهادة والخبر ظنيان، والظن لا يعارض القطع فضلاً عن أن يقدم عليه، والبينة شرطها أن يكون ما شهدت به ممكنًا حسًّا وعقلاً وشرعًا، فإذا فرض دلالة الحساب قطعًا على عدم الإمكان، استحال القبول شرعًا لاستحالة المشهود به، والشرع لا يأتي بالمستحيلات»([7]).
لذا نرى أن الأولى الأخذ بالحسابات الفلكية؛
حيث إنها أصبحت خاضعة لعلوم تجريبية قطعية مما يجعل الأخذ بها يفيد القطع -كما مر- أما رؤية الشهود البصرية بالعين المجردة فهي مظنونة؛
لاحتمال وجود عوائق تحول دون رؤية الهلال بالرؤية البصرية مما يقدم الأخذ بالحسابات الفلكية عند
التعارض، والله تعالى أعلى وأعلم.
————————————–
([1]) يونس: 101.
([2]) العنكبوت: 20.
([3]) الإسراء: 12.
([4]) يس: 38: 40.
([5]) البقرة: 185.
([6]) أخرجه أحمد في مسنده ج1 ص221، والبخاري في
صحيحه ج2 ص674، ومسلم في صحيحه ج2 ص762.
([7]) فتاوى السبكي، لتقي الدين السبكي ج1 ص209.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
يـــتـــبـــــــع
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
ششبهات وردود
هنا نعرض لبعض شبهات المنكرين لفريضة الصوم
الموضوع
صوم رمضان وتكفير الخطايا
الشبهة
جاء في حديث عن ابن عباس: "إذا كانت ليلة القدر أمر الله جبريل أن ينزل إلى الأرض وينزل معه سبعون ألف ملك سكان سدرة المنتهى ومعهم ألوية من النور فيركزون ألويتهم في المسجد الحرام ومسجد نبي الإسلام وبيت المقدس ويركز جبريل لواء أخضر على ظهر الكعبة ثم تتفرق الملائكة في أقطار الأرضين
فيدخلون على كل مؤمن يجدونه في صلاة أو ذكر يسلمون عليه ويصافحونه ويؤمنون على دعائه ويستغفرون لجميع أمة محمد حتى مطلع الفجر" وفي حديث آخر "إن الله يعتق في كل يوم من رمضان ستمائة ألف عتيق من النار فإذا كان آخر يوم منه أعتق بقدر ما مضى". ونحن نسأل: هل مجرد صوم رمضان يؤدي إلى الخلاص ويغفر الخطايا؟ ألا ينافي هذا عدل الله وقداسته؟ لقد وفق الله بحكمته بين عدله وحكمته وجعل المسيح بتجسده يموت عن الخطاة ليخلصهم من الخطية ويمنحهم القوة للعيشة بالبر والقداسة. إن الاتكال على رحمة الله فقط دون النظر للفداء يطعن في عدل الله فيكون الله كملك يصدر قانونا ويتهاون في تنفيذه فلا يعاقب كاسريه!
الرد عليها
قسم الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء المصرية
أحاديث في ميزان النقد:
هذا الحديث من الأحاديث الواهية الموضوعة على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا بد لمن ينقل الأخبار أن يتحرى الخبر الذي يوثق به دون الخبر الواهي الذي لا يعرف له زمام و لا خطام."فقد أورد ابن الجوزي في الواهيات بعض هذا الحديث من طريق أصرم ثم قال: قال ابن حبان: هذا متن باطل ثم أورده من طريق عباد بن عبد الصمد وأعله به، ثم قال: وقد روي هذا الحديث من حديث ابن عباس بألفاظ أخر من طريق لا يصح أيضا فذكره ثم قال: فيه الضَّحَّاكُ ضعيف وعنه القاسم بن الحكم العربي مجهول والعلاء بن عمرو الخراساني قال ابن حبان: "لا يجوز
الاحتجاج به".(1)
لماذا يكون الصوم كفارة؟
ليست العبرة في أعمال المكلفين بالمشقة التي تحصل من الأعمال، وإنما العبرة بما يتركه العمل الذي يقدمه المتعبد من أثر إيماني في القلب، ومن تربية سلوكية تصله بالرب عز وجل، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]
وقال –بعد أن أوصى المسلمين إذا قاموا إلى الصلاة بالوضوء أو التيمم-: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ
لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة:
6].وإنما يحصل تكفير الخطايا والذنوب بمقدار ما يكون في القلب من هذا الأثر، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الإيمان القلبي قيدًا رئيسًا في تكفير الذنب بالصوم إذ يقول صلى الله عليه وآله سلم: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"(2)، فليست العبرة -الأولى- بما يقع
على المرء من مشقة وإنما العبرة بما يقع في القلب من إيمان وصلة بالله والصوم ليس شكلًا وإنما وراءه ما وراءه.
الكفارة في الكتاب المقدس:
قد جاء في الكتاب المقدس ما يدل على أن من الأعمال ما يكون تكفيرًا للخطايا [انظر ما جاء في سفر اللاويين16] حيث تحدث عن يوم الكفارة وما كان يحدث للشعب فيه من الصيام والذبح ليتم التكفير وفيه {وحينَ يُقَرِّبُ هارونُ عِجلَ الخطيئةِ الذي لَه ويُكفِّرُ عَنْ نفْسهِ وعَنْ أهلِ بَيتهِ} [لاويين6: 11] وفيه {وبَعدَ ذلِكَ يذبحُ تَيسَ الخطيئةِ الذي للشَّعبِ، ويدخلُ بِدَمِهِ إلى داخلِ الحِجابِ ويَرُشُّ مِنهُ على وجهِ الغِطاءِ وأمامَه، كما فعَلَ بدَمِ عِجلِ الخطيئةِ،
ويُكفِّرُ عنِ القُدْسِ مِنْ نَجاسةِ بَني إِسرائيلَ ومعاصيهِم وجميعِ خطاياهُم، وكذلِكَ يفعلُ بخيمةِ الاجتِماعِ القائمةِ وسَطَ نجاساتِهِم} [لاويين16: 15، 16].
بين كفارة الصوم وكفارة المسيح:
أما مدى توافق هذا الأمر مع عدل الله تعالى
فنحن -معاشر المسلمين- نعتقد -بما أملاه علينا ديننا- أن الله تعالى هو المتفضل على عباده على كل حال، وأنه مهما بلغت أعمالنا فإن الغفران يقع برحمة الله عز وجل وحده لا بعمل أحدنا.ونعتقد أنه ليس من بين ما كتب الله على نفسه من العدل و الرحمة أبدًا أن يحمل الله ذنوب بني آدم واحدا منهم مهما بلغت نقاء سريرته، ولا أن يُحَمِّل بني آدم ذنبًا يتوارثونه ولم يقترفوه فيقتضي ذلك التكفير عن البشرية أجمع، بل مقتضى العدل و الرحمة أن يحاسب كل واحد بما عمل، فإذا
جعل الله المغفرة مقترنة بشيءٍ من العمل صومًا كان أو صلاة أو غير ذلك فهو المتفضل أولًا وآخرًا، وقد جاء هذا المعنى في أكثر من آية في القرآن الكريم:{قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَباًّ
وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [الأنعام: 164] وقال تعالى: {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: 15]، وقال: {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الزمر :7] وقال:{أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى، وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى،وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى} [النجم: 38-40].
—————————————-
(1) تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة
الموضوعة 2/144، وانظر العلل المتناهية 3/534.
(2) رواه البخاري في صحيحه 1/22 حديث 38، و مسلم
في صحيحه 1/523 حديث 760 كلاهما من حديث أبي هريرة.
يـتـبـــع
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الصائم فقيرًا؟
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من فَطَّرَ
فيه صائمًا كان له مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من
النار، وكان له مثل أجره، من غير أن ينتقص من أجره شيء» .قالوا: ليس كلنا نجد ما يُفَطِّرر به
الصائم. فقال صلى الله عليه وسلم: «يعطي الله هذا الثواب من فطر صائمًا على تمرة، أو شربة ماء، أو مذقة لبن»([1]).
فهذا الحديث يدل على ثواب من فطر صائمًا، ومدى فضل فاعل ذلك عند الله، وليس في الحديث اشتراط كون الصائم فقيرًا، فالحديث عام في كل صائم، فالله ذو فضل عظيم، ولو كان عملًا قليلًا، فثواب الإفطار يحصل لمن فطَّر الصائم ولو على أقل القليل كما ورد في الحديث
والله تعالى أعلى وأعلم.
———————————–
([1]) أخرجه أحمد في مسنده ج4 ص114، والترمذي في
سننه ج3 ص171، والدارمي في سننه ج2 ص14، وابن حبان
في صحيحه ج8 ص216، وابن خزيمة في صحيحه ج3 ص191.
واللفظ لابن خزيمة من حديث طويل.