تخطى إلى المحتوى

تفسير سورة النحل – الشريعة الاسلامية 2024.

  • بواسطة
تفسير سورة النحل

تفسير سورة النحل

بسم الله الرحمن الرحيــــم

الآيات 1 ـ 2

( أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ *يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ )
يخبر الله عن اقتراب يوم القيامة
وصيغة الماضى تؤكد أنها واقعة لا محالة
فلا تستعجلوا القيامة وتستعجلوا العذاب فهو آتيكم
فتنزه الله وعظم عن ما تشركون به فى عبادته

الله ينزل الملائكة وينزل الوحى على من يختص ويختار من عباده الأنبياء لينذروا قومهم بأنه لا إله إلا الله فاخشوه واتقوا عذابه

الآيات 3 ، 4

(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ *خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ )

خلق الله السموات والأرض وما تحوى كلا منهما من مخلوقات بالحق وليس عبثا
فتنزه الله وتعالى عما يشركون معه فى عبادته فهو وحده يستحق حسن العبادة .
لقد خلق الله آدم من تراب ثم خلق ذريته من نطفة من ماء مهين ومع ذلك أصبح يتطاول على خالقه ويكون له خصم واضح الخصومة يكذب به ويكذبه ويحارب رسله .

الآيات 5 ـ 7
(وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ *وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ *وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) والله يمن على الإنسان بأن خلق له الأنعام يصنع منها الملابس لتدفئه وله منها منافع كطعام وشراب ومنافع أخرى بأوبارها وأشعارها وأصوافها وألبانها وزينة

ولها جمال حين عودتها من المرعى وحين تبعث إلى المرعى

وتحملون عليها أمتعتكم أثناء أسفاركم وتركبوها لتذهبوا بها إلى بلاد بعيدة ما لكم أن تستطيعوا الذهاب إليها إلا بالمشقة والتعب للتجارة والغزو والحج
فالله بذلك رؤف بكم رحيم .

الآية 8
( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )

ويمن الله على الإنسان بخلق آخر وهى الخيل والبغال والحمير التى يركبوها والتزين بها ، وما غير ذلك مما لا يعلم الإنسان .

الآية 9

( وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ )

وعلى الله قصد السبيل : وإذا كانت الخيل والبغال والحمير تركبوها لتصل بكم إلى الطرق التى ترغبونها ، فإن أفضل طريق هو ما يوصل إلى طريق الله وطريق الحق
ومنها جائر : ومن الطرق ما هو جائر بعيد عن الحق مائل عنه وهى طرق الأهواء والآراء المختلفة
ولو أراد الله هدايتكم لهداكم جميعا ولكنه أوضح الطريق لمن له عقل يتدبر .

الآيات 10 ـ 11

( هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ *يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )
أنعم الله عليكم بالأنعام ثم أنزل للناس وللأنعام الماء من السماء لتشربوا وتشرب أنعامكم وتنبت الزروع والأشجار الذى ترعون فيها أنعامكم ( تسيمون )
وينبت بالماء الواحد ومن نفس الأرض زروع مختلفة وزيتون ونخيل وأعناب مختلفة الطعوم والألوان والأشكال والروائح
وهذا كله حجج ودلائل على وحدانية الله تعالى لمن كان له عقل يتفكر ويتدبر .

الآيات 12 ، 13

( وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ *وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ )

والله هو الذى سخر الليل والنهار يتعاقبان والشمس والقمر يدوران فى فلك ثابت لإضاءة الأرض وإمدادها بالطاقة والدفء والغذاء وإنبات الزرع والليل لتسكنوا فيه والنهار لتسعوا لطلب الرزق وهذا لمن كان له عقل يتفكر به

وهو الله الذى خلق كل ما فى الأرض من معادن وحيوانات ونباتات وجمادات بأشكال مختلفة وألوان مختلفة لتذكروا نعم الله وتشكروه عليها .

الآيات 14 ـ 18

( وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ *وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ *وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ *أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ *وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ )
الله خلق البحر وخلق به أنواع مختلفة من الأسماك والحيوانات ليأكل الناس ، ويستخرجوا اللؤلؤ والمرجان ليصنعوا منها أدوات الزينة ، وسخره لتسيير السفن للتنقل بين أرجاء الأرض وتطلبوا رزق الله وتشكروه على ما رزقكم .

وخلق الجبال الراسيات أوتادا لتثبت الأرض عند دورانها وخلق بها الأنهار بالماء العذب للشرب والإغتسال والرى والتبقل على الأرض من بلد لآخر

وجعل النجوم والكواكب لتهتدوا فى الليل للطرق على الأرض ودلائل يستدل بها المسافرون على الأرض
فتفكروا أيها المشركون مع الله آلهة أخرى ، هل من يخلق مثل من لايستطيع أن يخلق
فلو حاولتم أن تعدوا نعم الله فلن تقدروا على إحصاءها
وهو سبحانه يتجاوز عن سيئاتكم ويغفر لكم لأنه رحيم بكم .

الآيات 19 ـ 21

(وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ *
أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ )

الله يرى ويسمع وعلى علم بأحوالكم فى السر والعلانية ويجازى كلٌ بعمله .

وهذه الأصنام التى عبدوها من دون الله لا تستطيع خلق شئ مما خلقه الله ولكن أكثر من ذلك هم أنفسهم خلقهم الله

هى جمادات لا حياة فيهم مثل الأموات وليست بأحياء ولا تعلم ولا يشعرون ولا تسمع ولا ترى ولا تدرى متى الساعة .

الآيات 22 ـ 23

( إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ * لاَ جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ )

فإلهكم هو إله واحد لا إله إلا هو الصمد الذى تلجأ إليه الخلائق
أما الكافرون فينكرون ذلك وقلوبهم تتكبر على أن يكون لها خالق واحد تعبده .

وحقا الله يرى ويسمع وعلى علم بأحوالكم فى السر والعلانية ويجازى كلٌ بعمله لأنه لا يحب الذين يتكبرون

الآيات 24 ـ 25

( وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ * لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ )
هؤلاء المكذبين إذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم يقولون لا شئ إنما هى قصص من كتب الأولين .
فقدر لهم الله هذا القول ليحملوا ذنوبهم وذنوب من يتبعونهم الذين يضلونهم معهم بقولهم وإغوائهم لهم
بئس الغواية وبئس دعوة الضلال .

الآيات 26 ـ 27

( قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ * ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالْسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ )

كان من قبل كفار قريش آخرين أشركوا وكان لهم بنيان وسطوة وملك وأضلوا الناس بالحيل والقوة ولكن دمر الله بنيانهم وملكهم وسقط سقفهم ودمرهم من القواعد وجاءهم الله بعذاب من حيث لا يشعرون
ويوم القيامة يسخر منهم ويؤنبهم ويقول أين ما أشركتم بالله الذين كنتم تعادون الله ورسله من أجلهم لينجوكم من عذاب الله
ويقول المؤمنون العلماء بدين الله الحق فى الدنيا والآخرة ، اليوم الخزى والعذاب والفضيحة لمن كفر بالله وأشرك معه آلهة أخرى .

الآيات 28 ـ 29

( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * فَادْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ )

هؤلاء المشركين الذين ظلموا أنفسهم عندما يأتيهم الموت وتجئ الملائكة لتتوفاهم تقبض أرواحهم الخبيثة فإنهم يلقون السلام على الملائكة يتظاهرون بالسمع والطاعة من خوفهم ويقولون نحن ما عملنا من سوء

لا فإن الله يعلم ما كانوا يعملون
ويقال لهم ادخلوا جهنم خالدين فيها وهذا مصيركم السيئ لما تكبرتم واستكبرتم عن الطاعة .

الآيات 30 ـ 32

( وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْرًا لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاؤُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )

أما المؤمنين الذين اتقوا الله وعملوا عملا صالحا فيقال لهم ماذا قال ربكم فيقولون قال الحق ورحمة وبركة
فهؤلاء الذين أحسنوا عملهم فى الدنيا لهم الحسنى فى الآخرة
والآخرة بالنسبة لهم خير وأبقى من الدنيا الزائلة حيث يدخلون الجنة خالدين فى النعيم ، فيها من كل الخيرات والأنهار ولهم كل ما تشتهى أنفسهم ، وهذا جزاء الذين أحسنوا .

وعندما تات الملائكة لتقبض أرواحهم تلقى عليهم سلاما وتدعوا لهم بالرحمة والمغفرة ويدعونهم إلى جنات النعيم بما فعلوا من خير فى الدنيا وبما صدقوا وأطاعوا الله ورسله .

الآيات 33 ـ 34

(هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ * فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ )

يتمادى الكافرون فى غيهم ، ولهذا يقول لهم سبحانه وتعالى : إلى متى تتمادون وتستمرون على ظلمكم … هل تنتظرون حتى يأت الملائكة لتقبض أرواحكم ، أو يأت أمر الله بهلاككم .
أيضا فعل ذلك الذين سبقوكم فى الظلم من الأمم السابقة حتى أتاهم أمر الله بالهلاك فدمرهم ، ولم يظلمهم الله ولكن هم الذين ظلموا أنفسهم
وكان عاقبتهم أن أحاط بهم العذاب بسبب سخريتهم من الرسل .

الآيات 35 ـ 37

( وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ * وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ * إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ )

يقول المشركين من قريش : لو أراد الله أن لا نشرك فى عبادته أحد لمنعنا من ذلك ولمنع آباءنا من عبادة غيره ، ولمنعنا من تحريم ما حرمنا من الإبل والغنم

هكذا قال الذين سبقوهم من المشركين فى الأمم الهالكة ، لا بل نهاكم وأنكر عليكم ذلك على لسان الرسل فلم تنتهوا

فليس على الرسل إلا أن يبلغوا رسالات الله وليس عليهم هداية من أضل الله .

لقد أرسل الله الرسل وبعث فى كل أمة رسولا يدعو إلى عبادة الله وحده وينهى عن عبادة غيره معه ولكن كذبوا وأصروا فكان عاقبتهم أن دمرهم الله بسبب ضلالتهم
ومنهم من هدى الله وأطاع فنجاهم الله
فانظروا كيف عاقب الله المكذبين

يا محمد ، إذا كنت حريصا على هدايتهم فإن الله لا يهدى إلا من يستحق الهداية ويضل من لا يستحق إلا الضلال وليس لهم من ناصر من دون الله ومنجى من عذابه .

الآيات 38 ـ 40

( وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ * لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَاذِبِينَ * إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ )

واجتهد المشركون فى الحلف بأن الله لا يبعث الخلق بعد الموت وكذبوا الرسل
فيقول لهم الله : لا هذا وعد الله للناس أن يعيدهم بعد الموت ليحاسبهم يوم القيامة ولكن كثير من الناس يجهلون ذلك فيكفرون .

ولكن يوم القيامة سيوضح لهم كذبهم وجهلهم عندما يعيد الله الموتى إلى الحياة مرة أخرى ويفصل بين المؤمنين والكفار فيما اختلفوا فيه
وسيعلم الكفار أنهم كانوا فى قسمهم كاذبين
وأن الله لا يعجزه شئ فى الأرض ولا فى السماء وأنه قادر على أن يقول للشئ كن فيكون .

الآيات 41 ـ 42

(وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ * الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ )

وهؤلاء الذين هاجروا فى سبيل الله من مكة إلى المدينة إبتغاء مرضاة الله فسوف يعوضهم الله خيرا فى الدنيا فيمكن لهم من بلادهم مرة أخرى وصاروا أمراء وحكاما وأئمة للمسلمين وجزاء الله أكبر وأعظم فى الآخرة لو كانوا يعلمون ما ادخر لهم فيها
هؤلاء صبروا على الأذى وتوكلوا على الله ، فلهم حسن العاقبة فى الدنيا والآخرة .

الآيات 43 ـ 44

( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )

وما أرسلنا من قبلك يا محمد من رسل فهم رجال بشر يوحى إليهم
فاسألوا أيها المؤمنون أصحاب الكتب السابقة إن كنتم لا تعلمون من أمر الرسل
فقد جاؤا بالحجج والكتب السماوية ( بالبينات والزبر )
وأنزلنا يا محمد إليك القرآن لتوضح للناس معانى ما فيه وليتفكروا ويطيعوا الله ويتبعونك .

الآيات 45 ـ 47

( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ * أوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )

يقول الله عن هؤلاء الكفار هل أمنوا أن يخسف الله بهم الأرض ويجعلها تفقد اتزانها فتتقلب بهم ، وهل أمنوا أن يرسل الله عليهم من السماء الحصباء يبيدهم بها كما فعل مع أبرهة فى عام الفيل فقد كذب أقوام كثيرة من قبلهم وكان عاقبتهم أن دمرهم الله تدميرا

أو أن يدمرهم أثناء اشتغالهم بالمعايش ليلا أو نهارا
فهم لا يعجزون الله عن ذلك
أو أن يأخذهم فى حال خوفهم من أخذه لهم وهذا أشد وأعنف عليهم
ولكن الله رؤف بالناس رحيم بهم فلم يعجل عقوبتهم .

الآيات 48 ـ 50

( أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ * وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * يخافون رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )

يخبر سبحانه عن عظمته وجلاله فيقول : ألم ينظروا كيف أن كل شئ يخضع لجلاله وكبرياءه وتسجد له جميع الأشياء والمخلوقات أحياء وجمادات وكل ما له ظل يمينا وشمالا يسجد بظله وقت وجود الشمس حيث يكون له ظل وإذا غربت يسجد فى الليل وهم صاغرون مطيعون

يسجد جميع من فى السموات والأرض من الملائكة والإنس والجن والدواب كرها وطوعا ولا يستكبرون عن طاعته

والملائكة يسجدون خائفين مجبولين على طاعته ينفذون أوامره .

الآيات 51 ـ55
(وَقَالَ اللَّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ * وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ * وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ * ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُواْ بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ )

ويأمر الله الناس بأن لايشركوا بالله فى عبادتهم فهو لا إله إلا هو ولا تنبغى العبادة إلا له وحده وهو مالك كل شئ فى الأرض وفى السماء وله الدين الخالص دائما .

فكيف يمكن للإنسان أن يتقى ويخشى غير الله
فالله أحق بالخشية والرهبة وما دونه لا يملكون ضرا ولا نفعا
والله أحق أن تلجؤوا إليه وتتضرعوا إليه فما بالناس من نعمة فهى من الله

ومع ذلك فإن الناس يدعون الله إذا أحاط بهم الضرر ثم إذا أزاح عنهم الضر فهم يشركون بالله فى عبادتهم .

عليهم ما يفعلون ليكفروا بالله ثم ليجدوا وسوف يرون عاقبة ذلك من العذاب الأليم

الآيات 56 ـ 60

(وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ * وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ * لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )

هؤلاء الكفار جعلوا للأصنام وما يعبدون من غير الله نصيبا من الأنعام التى خلقها الله ورزقهم بها ، فوالله سوف يسألكم الله عن هذا الإفتراء عليه ويحاسبكم به.

وادعوا أن الملائكة إناث وأنهم بنات الله وهم يكرهون أن يرزقهم الله بالبنات ويشتهون الذكور وينسبون ما يكرهون لله .

إذا أنجب أحدهم أنثى يظل مكتئبا ووجهه مسودا وحزين لما أنجب ويكره أن يراه الناس ويختفى من ملاقاتهم مما يظن أنه سوء وهو يفكر كيف يتخلص منها ، هل يتحمل مشقة الإهانة والكراهة أم يدفنها حية فى التراب .

بئس ما يحكمون وبئس ما قالوا
فهؤلاء الكفار لهم هذا السوء والنقص معيبون فى الآخرة ولهم العذاب الشديد
ولكن الله له المثل الأعلى والكمال المطلق وهو عزيز الجانب حكيم فى أقواله وأفعاله .

الآيات 61 ، 62

( وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ * وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُم مُّفْرَطُونَ )

ولو كان الله يحاسب الناس بظلمهم فى الدنيا لأهلك الناس والخلق جميعا وما ترك على ظهر الأرض من دابة
ولكن يؤخر حسابهم إلى يوم القيامة
حيث إذا جاء موعد هذا اليوم لا يتقدم ولا يتأخر أجلهم ولا محاسبتهم .
لقد جعلوا ونسبوا لله ما تكره نفوسهم من البنات وظنوا أن لهم الحسنى فى الدنيا
فحقا لا جرم إن لهم هم النار وهم ينسون مفرطون فيها .

الآيات 63 ـ 65
( تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * وَاللَّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ )
يقول الله أنه أرسل إلى الأمم من قبل محمد صلى الله عليه وسلم ولكن الناس كذبوا وزين لهم الشيطان ما فعلوه
وحين أتتهم العقوبة تنكر لهم فهو لا ينصرهم ولا يرفع عنهم العذاب المؤلم .
يا محمد لقد أنزلنا عليك القرآن لتوضح للناس ما يتنازعون فيه وهدى ورحمة لقلوب من يتمسكون به .
وكما جعلنا فى الماء الذى أنزلناه من السماء إحياء للأرض بعد موتها كذلك جعلنا فى القرآن إحياء للقلوب الميتة بالكفر
وهذا لمن كان عنده عقل يتدبر وأذن تسمع .

الآيات 66 ، 67

( وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ * وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ )
يا أيها الناس :
إن لكم فى الأنعام ( الإبل والبقر والغنم ) لدلائل على حكمة الله وقدرته ورحمته

جعلنا لكم مما فى بطون هذه الأنعام شرابا يتخلص من الدم وما فى كروشها لبن حلو الطعم مغذى أبيض طعمه مستساغا لمن شربه

كذلك جعلنا من النخيل والأعناب المختلفة الأنواع شرابا لذيذ الطعم منه ماهو رزق حسن ومنه ماهو يسكر العقول ( وحرم ماهو مسكر )

وفى هذا دلائل على لطف الله ورحمته وقدرته

الآيات 68 ـ 69

( وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )

وكذلك أوحى الله إلى النحل وهداه وأرشده أن يتخذ من الجبال بيوتا تأوى إليها
ومن الشجر
ثم أذن لها أن تمتص رحيق الثمرات وتتبع طرقا علمها لها الله سهلة عالية فى الجو والأودية والجبال العالية ثم تعود إلى بيوتها تعرفها لتضع عسلا من بطونها وهو ذو أنواع مختلفة الطعوم والفوائد فيه شفاء للناس من الأمراض

ولمن يتفكر ويتدبر سيجد فى ذلك عبرة ودلائل أخرى .

الآية 70 ـ 71

( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ * وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ )

وهذا تصرف الله فى عباده :
يخلق الناس من عدم ثم يتوفاهم
ومنهم من يتركه حتى يبلغ الهرم والضعف والشيبة حتى يصبح ضعيف العقل من بعد أن كان عالما فلا يدرى شئ من الخرف
والله عليم بعباده قدير على كل شئ

والله يرزق العباد منهم من يوسع رزقه ومنهم من يقتر عليه فلا يتساوى الناس فتنة واختبارا
والله فضل بعضكم على بعض فى الرزق ، فما الذين فضلوا برادى رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء : فالذين فضلهم الله فى الرزق لا يساوون عبيدهم فيما رزقهم الله
كذلك الله تعالى لا يساوى عبيده فى الرزق

أفبنعمة الله يجحدون : فإذا رضى المشركون بالله أن لا يشاركه مملوكه فى زوجته وماله فكيف يسمح لنفسه بأن يجعل لله شركاء فى ملكه … كذلك هم يجحدون نعمة الله وأشركوا معه غيره .

الآية 72 ـ 74

( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ * وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئًا وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ * فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ )

وتلك نعمة الله على عبيده
جعل لهم الزوجات من جنسهم وليس من نوع آخر لتحصل المودة والرحمة بينهم
ورزقهم من زوجاتهم البنين والحفدة وهم أبناء الأبناء
ورزقهم من المطاعم والمشارب الطيبة
ثم إنهم يؤمنون بالأصنام الباطلة ويكفرون بالله الحق ويكفرون بنعمه عليهم

ويعبدون من غير الله أصناما وطواغيت لا تستطيع أن ترزقهم مطرا من السماء ولا زرعا من الأرض كما رزقهم الله

ولا يستطيعون : ولا يملكون لأنفسهم شيئا

فلا تجعلوا لله أندادا وشبه تشركون به العبادة
فالعبادة لله وحده

الآية 75

( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ )

يضرب الله المثل للرجل الكافر والرجل المؤمن
فالكافر مثل المملوك الذى لا يقدر على شئ
والمؤمن كمثل الرجل الذى رزق رزقا حسنا فهو ينفق منه على مصارف الخيرسرا وعلانية
فهما لا يستويان .

وقالوا أن المثل يضرب لله وله الحق المثل الأعلى بمن ينفق سرا وعلانية فى مصارف الخير والصنم الذى لا يقدر على شئ فهما لا يستويان فى المثل .

الآية 76
( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )

ويضرب المثل أيضا بالوثن الذى لا يتكلم ولا ينطق بخير ولا يقدر على شئ لا فعل ولا قول وهو علة على سيده مهما كلفه بشئ فهو لا ينجح فى سعيه

لا يتساوى بمن يأمر بالمعروف ويأمر بالعدل وهو على حق وطريق مستقيم .

الآيات 77 ـ 79

( وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )

فالله يعلم كل غيب فى الأرض أو فى السماء ، وأمر القيامة يكون كطرفة عين أو أسرع ، لأن الله يقدر على كل شئ .

فالله له القدرة التى لا منتهى لها فهو الذى يخرج الإنسان من بطن أمه لا يعلم شئ ولا قدرة له على شئ ثم يجعل له السمع والبصر والقلب والعقول بالقلوب ليميز بين الأشياء ويعلمه كل شئ .

وكذلك سبحانه الذى يجعل الطيور ترتفع بجناحيها فى الهواء ويحمله الهواء فيسير فيه
كل هذه آيات وعلامات على قدرة الله تعالى وعظمته .

الآيات 80 ـ 83

( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ * وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ * فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ * يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ )
ومن نعم الله على الإنسان أن جعل لهم بيوتا ليسكنوا فيها ويستترون وينتفعون فيها

وجعل لهم من جلود الأنعام بيوتا ( الخيام ) يستترون فيها فى أثناء أسفارهم يضربونها فى السفر أو فى الإقامة

وجعل من أصواف وأشعار وأوبار الأنعام أثاثات ومتاع وثياب وبسط وغيرها من المتاع إلى أجل معلوم

جعل لكم مما خلق ظلالا : وجعل ظلا للشجر

وجعل لكم من الجبال أكنانا : وجعل من الجبال حصونا

وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر : وجعل الثياب من القطن والكتان والصوف تحمى الجسم من الحر
وسرابيل تقيكم بأسكم : وجعل من الحديد دروع للوقاية من الأذى فى الحرب

وكل ذلك من تمام فضل الله على الناس فليتفكروا ويفهموا ويسلموا لله ويؤمنوا به .

يا محمد إن أعرض الناس بعد هذا الإيضاح فما عليك إلا أن تبلغهم فقط .

فهم يعلمون جيدا فضل الله ولكنهم ينكرون نعمته ويكفرونها ويخفونها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.