ثمّ السبيل يسّره
قال تعالى في كتابه الكريم : بسم الله الرحمن الرحيم
– (( قُتل الإنسان ما أكفره ، من أي شيء خلقه ، من نطفة خلقه فقدّره ، ثمّ السبيل يسّره )) الإنسان
– (( ونقرُّ في الأرحام ما نشاء إلى أجلٍ مسمّى ، ثمّ نخرجكم طفلاً )) الحج (5) .
بعد رحلة بديعة في جوف الرحم دامت أربعين أسبوعاً ،
يعلن الباري عزّ وجلّ ،
بأن هذا المخلوق الجديد قد صار مؤهلاً للحياة معتمداً على نفسه
، فيوعز للرحم في اللحظة المقرّرة ، التي لا نعرف عن كنهها شيئاً ،
وتبدأ عملية المخاض ( Labor ) ،
على شكل تقلّصات محسوبة بدقة متناهية ،
فهي تقلصّات ذكية عاقلة منضبطة ،
تؤدي في النهاية إلى قصر عنق الرحم وكبر فوهته في نفس الوقت .
وهنا أيضاً نلمس العناية الإلهية المعجزة ،
فالتقلصات الرحمية تحدث بصورة محسوبة جداً
(( إنا كلّ شيء خلقناه بقدَر ))
فلو حدثت تقلصات قوية ومستمرة لاختنق الجنين ومات ،
وكذلك لو كانت التقلصات ضعيفة وغير فعّالة لحدثت عطالة رحمية واحتُبس الجنين .
وهنا لا بد لنا مع وقفة مع مخاض السيدة مريم العذراء عليها السلام :
قال تعالى في سورة مريم : بسم الله الرحمن الرحيم
(( فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة ، قالت : يا ليتني متُّ قبل هذا وكنت نسياً منسيّاً ، فناداها من تحتها ألا تحزني ، قد جعل ربّك تحتك سريّاً ، وهزّي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنيّاً ، فكلي واشربي ، وقرّي عيناً )) مريم ( 23 ) . صدق الله العظيم .
ولو أمعنا النظر في هذا النص المعجز لوجدنا في كل كلمة معنى ، وفي كل حرف مغزى ، فهي آيات معجزات تقطع بعظمة الخالق ، وتؤكّد بما لا لبس فيه بأن هذا القرآن لا يمكن أن يكون من عند بشر.!
فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة :
كل تغيير في المبنى يؤدي إلى تغيير في المعنى ، كما يقول اللغويون ، فكلمة أجاءها هي غير كلمة جاءها ، وهي تعني أن المخاض ألجأها إلى جذع النخلة من ألمه وشدّته …
إلى جذع النخلة :كل امرأة ماخض تحاول أن تبحث عن مكان تلجأ إليه ، وتستتر به …
قالت يا ليتني متُّ :وهي كلمة تقولها كل ماخض من شدّة الألم ، وخوف الفضيحة بسبب كشف العورة ، هذا بالإضافة للمدلول الخاص لهذه الكلمة عند السيدة مريم التي كان حملها وولادتها بصورة غير مألوفة .
تحتك سريّاً :كل ماخض تتمنى أن يكون تحتها فراش وثير للولادة ، وأن تكون في موضع مريح من جميع النواحي.
وهزّي إليك بجذع النخلة : هذا المبدأ ( مبدأ هزّ جذع النخلة ) صار مبدأً رائعاً يأخذ به الدعاة للوصول إلى أهدافهم ، لأن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضّة . نعم ، إن الله كان قادراً على أن يسقط رطباً على مريم بدون هز جذع النخلة ولكنّ الله يريد أن يربّي الدعاة على ضرورة المبادرة والاعتماد على جهدهم الشخصي ، ثم يأتي عون الله وتوفيقه بعد ذلك .
رُطَباً جنيّاً :
لقد أثبت الطب الحديث للرطب الجني ( الناضج ) الفوائد التالية :
أ . فيه نسبة عالية من السكريات البسيطة الضرورية لعمل العضلة الرحمية ( ولهذا نعطي للماخض اليوم سكريات على شكل مغذي وريدي ) .
ب. يحتوي على مادة مقبّضة لعضلة الرحم ، وهي ضرورية لعملية الإرقاء وقطع النزف ( ونحن نعطيها اليوم للماخض على شكل مادة دوائية تسمى Methergin .
ج. فيه مادة مخفّضة لضغط الدم ، والمخاض كما هو معروف اليوم ، يترافق مع ارتفاع في ضغط الدم ، الذي قد يكون خطراً أحياناً .
د. الرطب الناضج فيه مادة ملينة للأمعاء ، وغالباً ما نضطر لتفريغ أمعاء الماخض اليوم بواسطة رحضة شرجية ( حقنة ) .
هـ. والرطب الناضج فيه مادة مهدئة ، وكم نكون مضطرين لإعطاء مهدئ على شكل مادة دوائية للسيطرة على أعصاب الماخض المتوترة .
فكلي واشربي :أكل حلويات ( رطب ناضج ) + شرب سوائل ( واشربي ) هذا عين ما تحتاجه الماخض ، وأقصى ما فعله الطب الحديث أن قدم هذه المواد على شكل مغذي وريدي ( غلوكوز ووتر Glocose Water ).
وقرّي عيناً :الراحة النفسية للمرأة ضرورية جدّاً لإتمام عملية الولادة ، ولذلك كثيراً ما تحتاج الماخض إلى المزيد من التشجيع ، والدعم النفسي ، والتطمين ، وقد نضطر _ كما ذكرنا _ لإعطاء بعض المهدّئات ، ولقد وفّر الله تعالى لمريم عليها السلام ، كلّ هذه الشروط الولادية المعجزة .
فأية روعة هذه .!! وأي إعجاز هذا …!!!
اعجـــبــني فنــقلته .. لعيونكم
في انتظار جديدك…لك مني كل الحب والتقدير.
دمت بود.
بأنتظار جديدك المميز
لك مودتي
.
.
.