لما رواه البخاري ومسلم: أن عدي بن حاتم قال: لما نزلت {حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود} عمدت إلى عقال أسود، وإلى عقال أبيض، فجعلتهما تحت وسادتي، فجعلت أنظر في الليل، فلا يستبين لي، فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال: «إنَّما ذلك سواد الليل، وبياض النهار».
وقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الاعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى».
ومن عزم على الكف عن المفطرات، أثناء النهار، مخلصا لله، فهو ناو كذلك وإن لم يتسحر.
يتبع
«هل عندكم شئ؟ قلنا: لا قال: فإني صائم». رواه مسلم، وأبو داود.
صلاة الظهر ويعرف ذلك بوجود الظل الذي يظهر للشاخص
كعود ونحوه وميلانه إلى جهة المشرق،
العاقل البالغ، الصحيح المقيم، ويجب أن تكون المرأة طاهرة من الحيض، والنفاس.
فلا صيام على كافر، ولا مجنون، ولاصبي ولا مريض، ولا مسافر، ولا حائض، ولانفساء، ولاشيخ كبير، ولا حامل، ولا مرضع.
وبعض هؤلاء لا صيام عليهم مطلقا، كالكافر، والمجنون، وبعضهم يطلب من وليه أن يأمره بالصيام، وبعضهم يجب عليه الفطر والقضاء، وبعضهم يرخص لهم في الفطر وتجب عليه الفدية، وهذا بيان كل على حدة.
الصيام عبادة إسلامية، فلا تجب على غير المسلمين، والمجنون غير مكلف لأنَّه مسلوب العقل الذي هو مناط التكاليف، وفي حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
والصبي – وإن كان الصيام غير واجب عليه – إلا أنه ينبغي لولي أمره أن يأمره به، ليعتاده من الصغر، مادام مستطيعا له، وقادرا عليه.
فعن الربيع بنت معوذ قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم – صبيحة عاشوراء – إلى قرى الأنصار: من كان أصبح صائما فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطرا فليصم بقية يومه، فكنا نصومه بعد ذلك، ونصوم صبياننا الصغار منهم، ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم من الطعام أعطيناه إياه، حتى يكون عند الافطار رواه البخاري، ومسلم.
هذا الجزء من مجموع فتاوى العلماء وليس من فقه السنة
والأعذار المبيحة للفطر هي تسعة أعذار: هى
المرض، والسفر، والحَمل، والإرضاع، والهَرَم، والإرهاق، والجوع، والعطش، والإكراه .
فهو كل علة يخرج بها الإنسان عن حد الصحة، والمراد به هنا المرض الذي يعجز به المسلم المكلف بالصوم عن الصوم، أو الذي يلحق بالصائم ضررا، أو يَخاف الصائم معه زيادة المرض، أو تأخر الشفاء، قال الله تعالى:
(وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) 185/ البقرة . ويثبت ذلك بالتجربة، أو بإخبار طبيب مسلم عادل، أما المرض الذي لايعجز المريض عن الصوم، وكذلك المرض الذي لا يضر الصائم ولا يؤخر الصومُ شفاءه، فلا يعد عذرا يَجُوز الفطر بسببه، فإذا أفطر الصائم لعذر المرض، ثم شُفي منه في رمضان، وجب عليه الصوم فور شفائه من مرضه تتمة رمضان، ثم قضاء ما أفطره من الأيام بعد رمضان .
( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) 185 / البقرة،
إلا أن ذلك الفطر مشروط بشروط، هي:
أولا) أن يغادر حدود مدينته قبل طلوع الفجر من يوم سفره، فإذا غادرها بعد طلوع الفجر لم يحل له الفطر في هذا اليوم، ويجوز له الفطر في الأيام الأخرى إذا بقي مسافرا فيها، وهذا مذهب جمهور الفقهاء، وذهب الحنبلية إلى جواز الفطر في يوم السفر بعد مغادرة حدود البلد، ولو كانت المغادرة بعد الفجر .
ثانيا) أن ينوي سفرا طويلا لا تقل مسافة بعده عن بلده عن تسعين كيلو مترا تقريبا، فإذا كان قاصدا سفرا لمسافة أقل من ذلك لم يحل له الفطر في رمضان لهذا السفر .
ثالثا) أن لا يصل إلى بلد ينوي فيها إقامة مدة خمسة عشر يوما فأكثر، فإذا وصل إلى بلد ونوى فيها الإقامة أقل من خمسة عشر يوما، أو لم يعرف مدة إقامته فيها، بقي على سفره ورخصته، مهما طالت إقامته فيها، وإن نوى الإقامة مدة خمسة عشر يوما فأكثر، انقطع سفره، وتوقفت رخصته في الفطر فيه بمجرد هذه النية، وهذا مذهب الحنفية، وذهب الجمهور، إلى أنه إذا أقام فعلا أربعة أيام فأكثر انقطع سفره، وتوقفت رخصته في الفطر، مهما كانت نيته .
رابعا) أن يغادر فناء بلده، أي آخر حدودها، فلا يحل له الفطر ما دام في بلده، مهما كانت نيته، وهذا مذهب جمهور الفقهاء، وخالف بعض الفقهاء في ذلك، وأجاز للمسافر الفطر بمجرد نيته السفر .
خامسا) أن لا يكون سفره في معصية من معاصي الله سبحانه وتعالى، فإذا كان في معصية، كالسفر لقتل إنسان بغير حق، أو الزنا، أو السرقة، أو غير ذلك من المعاصي، لم يحل له الترخص بالفطر في رمضان لدى جمهور الفقهاء، ولم يشترط الحنفية ذلك .
للحامل والمرضع
وأما الفطر في رمضان للحامل والمرضع، فقد اتفق الفقهاء على الترخيص لهما بالفطر في رمضان، إذا كان الصوم يضر بهما، أو بالحمل أو الرضيع، ويثبت ذلك بشهادة طبيب مسلم عادل متخصص، أو بالتجربة.
وذلك إلحاقا لهما بالمريض،
ولقوله صلى الله عليه وسلم إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلاةِ وَعَنِ الْحَامِلِ أَوِ الْمُرْضِعِ الصَّوْمَ أَوِ الصِّيَام)
رواه الترمذي وقال الالبانى حسن صحيح .
**فإذا لم يثبت إضرار الحمل والإرضاع بهما، ولا بالحمل والطفل، لم يرخص لهما بالفطر . وكفارتها مثل المريض فهى تقضى فقط وان أخرت القضاءتقضى وعليها فدية
وأما الهَرَم، فهو الشيخوخة وكبر السن، إلى درجة تجعل الرجل أو المرأة لا يستطيعان الصوم، أو أن الصوم يُضِرُّ بهما ضررا كبيرا، ويعرف ذلك بإخبار طبيب مسلم عادل، أو بالتجربة، فإن ثبت ذلك رُخِّص للهَرِم أن يُفطر في رمضان، لقوله تعالى وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) 184/البقرة .
فإذا لم يصل الإنسان الهرِم إلى ذلك العجز، لم يرخص له بالفطر، لأن الرخصة مربوطة بالضرر وليس بالسن .
و أما الفطر للإرهاق، فهو الفطر للتعب الشديد الذي قد يصيب الصائم في صومه، من الجوع، أو العطش، أو العمل الشاق الذي قد يتعرض له، أو شدة الحر، أو غير ذلك، فإذا أُرهق الصائم بسبب شيء من ذلك وأمثاله، إلى درجة خاف على نفسه الهلاك أو الضرر الشديد، ويُعرف ذلك بالتجربة والممارسة، فقد رَخَّص له الشارع بالفطر، لقوله تعالى (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) 195/ البقرة .
لا يجوز لهم أن يمارسوا هذه المهن في نهار رمضان وعلى أصحاب العمل ان يتقوا الله فيمن يعمل عندهم فيسهلون لهم العمل كأن يغيروا له الواردى (أى أوقات العمل تكون بالليل مثلاُ)
وعلى العامل ان يجتهد فى أن يأخذ مثلاً اجازة من هذا العمل او البحث عن عمل أخر) وهنا يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
_الذي أرى في هذه المسألة أن إفطارك من أجل العمل محرم ولا يجوز وإذا كان لا يمكنك الجمع بين العمل والصوم فخذ إجازة في شهر رمضان حتى يتسنى لك أن تصوم رمضان لأن صيام شهر رمضان ركن من أركان الإسلام لا يجوز الإخلال به ندعو الله أن يوفقنا جميعاً
وهكذا فى فتاوى اللجنة الدائمة
_جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: من المعلوم من دين الإسلام بالضرورة أن صيام شهر رمضان فرض على كل مكلف وركن من أركان الإسلام ، فعلى كل مكلف أن يحرص على صيامه تحقيقا لما فرض الله عليه ، رجاء ثوابه وخوفا من عقابه دون أن ينسى نصيبه من الدنيا ، ودون أن يؤثر دنياه على أخراه ، وإذا تعارض أداء ما فرضه الله عليه من العبادات مع عمله لدنياه وجب عليه أن ينسق بينهما حتى يتمكن من القيام بهما جميعا ، ففي المثال المذكور في السؤال يجعل الليل وقت عمله لدنياه، فإن لم يتيسر ذلك أخذ إجازة من عمله شهر رمضان ولو بدون مرتب ، فإن لم يتيسر ذلك بحث عن عمل آخر يمكنه فيه الجمع بين أداء الواجبين ولا يؤثر جانب دنياه على جانب آخرته ، فالعمل كثير ، وطرق كسب المال ليست قاصرة على مثل ذلك النوع من الأعمال الشاقة ، ولن يعدم المسلم وجها من وجوه الكسب المباح الذي يمكنه معه القيام بما فرضه الله عليه من العبادة بإذن الله، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا . {الطلاق:2، 3}.
فإذا لم يتيسر له شيء من ذلك كله واضطر إلى مثل ما ذكر في السؤال من العمل الشاق صام حتى يحس بمبادئ الحرج فيتناول من الطعام والشراب ما يحول دون وقوعه في الحرج، ثم يمسك، وعليه القضاء في أيام يسهل عليه فيها الصيام. انتهى.
وفي فتوى للشيخين عبد الله بن حميد وعبد العزيز بن باز رحمهما الله ما نصه: ونفيدكم أن الأصل وجوب صوم رمضان، وتبييت النية له من جميع المكلفين من المسلمين، وأن يصبحوا صائمين إلا من رخص لهم الشارع بأن يصبحوا مفطرين, وهم المرضى والمسافرون ومن في معناهم، وأصحاب الأعمال الشاقة داخلون في عموم المكلفين, وليسوا في معنى المرضى والمسافرين، فيجب عليهم تبييت نية صوم رمضان, وأن يصبحوا صائمين، ومن اضطر منهم للفطر أثناء النهار فيجوز له أن يفطر بما يدفع اضطراره، ثم يمسك بقية يومه ويقضيه في الوقت المناسب، ومن لم تحصل له ضرورة وجب عليه الاستمرار في الصيام، هذا ما تقتضيه الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة, وما دل عليه كلام المحققين من أهل العلم من جميع المذاهب. انتهى.
وبهذا البيان الواضح تعلم ما يجب على من يعمل في العمل المذكور، وأنه ليس من المعنيين بقوله تعالى: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين.
فقد قال ابن عباس في تفسيرها: كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا أَفْطَرَتَا وَأَطْعَمَتَا. ذكره أبو داود.