تخطى إلى المحتوى

من قصص القرآن من الشريعة 2024.

من قصص القرآن ( نوح عليه السلام )

الأصنام الخمسة

مرت الأيام بطيئة كعادتها فى ذلك الزمان البعيد وظل الناس متمسكين بوصايا آدم عليه السلام يعبدون الله الواحد الأحد

ويبتعدون عن طريق الشيطان وظل الحال هكذا يزيد عن الألف عام .

وكثيرا ماكان يظهر الرجال الصالحون ليذكروا الناس بالله ويجددوا العهد .. وقبل أن يولد نوح عليه السلام عاش خمسة

رجال هم : ود ، وسواع ، يغوث ، يعوق ، نسر .. كانوا رجالا صالحين يأمرون قومهم بعمل الخير والبعد عن الشر

ولما مات هؤلاء الخمسة ومر علي موتهم زمن طويل زين الشيطان للناس أن يصنعوا لهؤلاء الخمسة تماثيلا حتي يتذكرهم

الناس ويسيروا علي طريقهم ويعملوا بنصائحهم ..

تعاقبت السنوات ونسي الناس الرجال الخمس ونسوا أعمالهم الصالحة ولكنهم تذكروا التماثيل التي يرونها كل يوم وانتشرت

القصص والخرافات حول التماثيل فقال بعضهم : أن هذه التماثيل مقدسة .

وقال آخر : إن من يسب هذه التماثيل أو يسخر منها ستغضب عليه وتنزل عليه المصائب أما من يحترمها ويقدسها

فسترضي عنه وتباركه ..

وجاء علي الناس حين من الدهر نسوا فيه ربهم فكثر الفساد وانتشر الظلم وفسدت القلوب والعقول واستسلم الناس للجهل

والخرافات وزين لهم الشيطان عبادة الأصنام .

لكن كان من بين هؤلاء رجل مختلف اسمه نوح كان نوح عليه السلام طاهر القلب ذكي العقل ويرفض عبادة الأصنام التي

لا تنفع ولا تضر كان يكره الظلم والظالمين ..

كان نوح عليه السلام كثير التأمل فى أحوال الناس وفي الكون من حوله يحاول أن يصل إلي الحقيقة ويبحث عن الطريق

الصحيح ..

اختار الله سبحانه وتعالي نوحاً عليه السلام وأرسله إلي قومه ليدعوهم إلي عبادة الله وترك عبادة الأصنام .

ذهب نوح عليه السلام إلي أقاربه وأصحابه وجيرانه سراً وأخبرهم بأنه رسول الله إليهم ليدعوهم إلي ترك عبادة الأصنام

وعبادة الله الواحد الأحد .

خرج نوح عليه السلام وذهب إلي جماعة من قومه وقال لهم : ياقوم إني لكم نذير مبين ..

ياقوم : اعبدوا الله واتقوه واطيعون يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلي أجل مسمي إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو

كنتم تعلمون ..

لكن هؤلاء الناس رفضوا الاستماع إلي صوت الحق وذهب نوح عليه السلام إلي السوق فنادي علي الناس فتجمعوا حوله فقال

لهم ياقوم : اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم من عذاب يوم عظيم .. فسخر منه هؤلاء الناس

وعادوا إلي تجارتهم وبيعهم وشرائهم وكان جماعة من قومه يتجهون إلي المعبد ليقدموا القرابين للأصنام فقال لهم : أن

لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم من عذاب يوم أليم .. فقالوا له لا شأن لك بنا يانوح وتركوه وذهبوا إلي الأصنام

وكانت دار أحد الأغنياء ملتقي لجمع كبير من الناس فذهب نوح عليه السلام إليهم وحدثهم عن الدين الجديد فقال لهم :

ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون .. فقالوا له : يانوح ما نراك إلا بشراً مثلنا .. ولو كان ربك

يريد أن يرسل إلينا رسولاً لأرسل ملكاً من السماء فبين لهم نوح عليه السلام أن الله أرسله إليهم لأنهم بشر مثله ولو كانوا

ملائكه لأرسل إليهم ملكاً من السماء ..

فعادوا يقولون لنوح : مانراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي ومانري لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين يانوح

كيف نؤمن لك وليس معك غير الضعفاء والفقراء ولو كان فى دينك خير لما اتبعك هؤلاء من ضعاف العقول .. اذا كنت

تريد منا أن نؤمن بالله فأطرد هؤلاء الفقراء الذين يسيرون معك .

فقال لهم نوح عليه السلام : ياقوم لقد أرسلني الله إليكم لأدعو إلي عبادته وحده ، ولا أستطيع أن أجبركم علي عبادة الله

والإيمان به .. ياقوم أرأيتم إن كنت علي بينه من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون

ولا أسألكم أجراً ولا مالاً علي دعوتي لكم إن أجري إلا علي الله ..

ياقوم : تريدون مني أن أطرد من آمن معي .؟ كلا إن هذا لا يكون أبدا وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم

ولكني أراكم قوماً تجهلون .. وياقوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون ..

ياقوم : إنني لا أملك خزائن السموات والأرض ولست ملكاً من السماء ولا أعلم الغير ما أنا إلا بشر مثلكم أخاف عليكم

عذاب يوم عظيم .

دعا نوح قومه فى السر والعلن بالليل والنهار فما آمن له إلا عدد قليل جداً من الضعفاء والمساكين ..

قال : رب إني دعوت قومي ليلاً نهاراً فلم يزدهم دعائي إلا فراراً .. وذات يوم بينما كان نوح عليه السلام يدعو قومه

قال له أحدهم : يانوح إن الآلهه تعطينا كل شئ فهي التي تنزل المطر من السماء وهي التي تمنحنا الخصب والنماء

وترزقنا بالبنين والبنات والأموال فهل إلهك يانوح يستطيع أن يعطينا كل ذلك ؟

فقال نوح عليه السلام بابتسامه هادئة ياقوم : استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال

وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً ما لكم لا ترجون لله وقاراً ..

ياقوم إن الله هو الذي خلقكم فى بطون أمهاتكم وخلق فوقكم سبع سماوات وجعل القمر لينير الليل والشمس سراحا منيراً

خلقكم الله من طين الأرض وإلي الأرض ستعودون ثم يبعثكم يوم القيامة ليحاسبكم علي أعمالكم ..

ياقوم انظروا إلي هذه الأرض التي مهدها الله لكم لتتخذوا فيها طرقا تنقلكم إلي أي مكان تريدون .

ياقوم : ألا يستحق من فعل كل ذلك أن نعبده فلا نشرك به شيئاً . ياقوم آمنوا بالله قبل أن ينزل عليكم العذاب فما كان

من المشركين إلا أن وضعوا أصابعهم فى آذانهم حتي لا يسمعوا كلام نوح .

وكلما استمر نوح فى دعوة قومه ازدادوا بعداً عنه حتي إنهم كانوا يضعون ثيابهم هلي رؤوسهم إذا رأوا نوحا عليه السلام

حتي لا يسمعوا كلام الحق .

وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم فى آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكباراً .

سنوات طويلة جدا تلك التي مكثها نوح يدعو قومه حتي سأم القوم من نوح وكرهوا أحاديثه وقالوا : يانوح جادلتنا فأكثرت

جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين .. أن كنت تدعي أن العذاب سينزل علينا فأتنا به ونحن مستعدون وقال نوح

إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين واتهم قوم نوح نبيهم بالجنون ونفروا منه واستكبروا علي الهدي والحق ..

ظل عدد الكافرين يتزايد يوما ً بعد يوم وأما عدد المؤمنين فظل كما هو وأوحي إلي نوح لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن

فلا تبتئس بما كانوا يفعلون حتي زوجة نوح لم تؤمن وظلت علي كفرها .

وبلغت بهم الجهالة والظلم أن قالوا لنبيهم لئن لم تنته يانوح لتكونن من المرجومين ذهب نوح عليه السلام إلي مصلاة ووقف

خاشعاً لله سبحانه وتعالي وأخذ يصلي ويبكي حتي ابتلت لحيته وأخذ يشكو قومه إلي ربه قائلاً : رب إن قومي كذبون

فافتح بيني وبينهم فتحاً ونجني ومني معي من المؤمنين ..

ورفع نوح يديه إلي السماء وقال: رب لا تذر علي الأرض من الكافرين دياراً إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً

كفاراً

أوحي الله عز وجل أن يصنع سفينة كبيرة لينجو فيها هو والذين آمنوا معه أما المشركين فلا يهتم لأمرهم لأنهم مغرقون .

غرس نوح أشجاراً كثيرة وانتظر حتي كبرت ثم قطعها وتركها حتي تجف وعلمه الله طريقة صنع السفينة

شق نوح عليه السلام الأشجار إلي ألواح طويلة وعريضة وأحضر المسامير وبدأ يصنع السفينه .

وكلما مر عليه جماعة من قومه سخروا منه وقالوا له : يانوح هل تركت النبوة واشتغلت نجاراً .

وقال آخر : يبدو أن النبوة لا تربح هذه الأيام فوجد نوح عملاً أخر .

وتساءل ثالث وهو يكتم ضحكة : إن هذه هي المرة الأولي التي أري فيها سفينة ستبحر فى الرمال

فما زاد نوح علي أن قال : إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل

عليه عذاب مقيم ..

صنع نوح عليه السلام سفينة كبيرة جداً وأمره الله أن يأخذ معه أهله من المؤمنين وأن يأخذ زوجين من كل أنواع الطيور

والحيوانات ليعمروا الأرض بعد الطوفان وأن ينتظر الإشارة ثم يركب هو ومن آمن معه .

كانت الإشارة أن الماء سيخرج من كل مكان حتي الأفران المصنوعه فى البيوت سوف تفور كلها بالماء

وحدث أمر غريب جعل المشركين يتعجبون ويتساءلون لا حظ الناس أن القرية تمتلئ بحيوانات غريبة وطيور عجيبة لم يروا

مثلها من قبل طيور وحيوانات وزواحف من كل شكل ولون ، فقال أحدهم : ماهذا الحيوان الغريب ذو الرقبة الطويلة ..؟

أنني لم أر مثله من قبل وقال آخر : وهذا الجمل ذو السنامين هذه أول مرة أشاهد جملاً بسنامين وقال ثالث :

والأغرب من كل ذلك هذا الحيوان ذوا الخلفيتين الكبيرتين الذي لا يكف عن القفز .. وأقترب أحد المشركين من طائر

الببغاء الملون الذي كان يقف علي فرع شجرة وقال له : من أين أتيت أيها الطائر فكرر الطائر الكلام وقال : من أين

أتيت أيها الطائر ..؟ فنظر إليه الرجل في فزع وخاف وجري وهو يصيح الطائر يتكلم الطائر يتكلم ولم يدرك أحد سر

وجودها ..

نبعت المياه من كل مكان ونظر نوح عليه السلام إلي الفرق فرأي الماء يخرج منه فعرف أن الوقت قد حان ..فركب فى

السفينة وركب معه المؤمنين والحيوانات والطيور وقال : الحمدلله الذي نجانا من القوم الظالمين .. وقال : رب أنزلني

منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين أما زوجة نوح عليه السلام فلم تركب السفينه لأنها كانت من القوم الكافرين ..

قال تعالي : ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا

عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين ..

تدفق الماء أكثر وأكثر وبدأت السفينه ترتفع عن الأرض وانهمر المطر الغزير من السماء وبدأت الأمواج تتحرك فى الشوارع

كأنها جداول صغيرة .

وظهرت أمتعة الناس وملابسهم علي سطح الماء وقد جرفها التيار فى الطرقات وحمل الرجال الأطفال الصغاؤ وجرت النسوة

فى كل مكان يحاولن الاختباء فى أى مكان ولكن أين ؟؟ أن الماء يرتفع ويرتفع ونظر نوح من شباك صغير فى السفينه

فرأي أحد أبناؤه يحاول الهرب من الغرق فتساءل نوح لماذا لم يركب هذا الولد السفينة مع المؤمنين نادي عليه نوح :يابني

اركب معنا ولا تكن مع الكافرين .. فرد عليه قائلاً : سآوي إلي جبل يعصمني من الماء .. قال له نوح : لا

عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين ..

ازداد هطول الأمطار وانفجار العيون وقال تعالي : ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقي الماء علي

أمر قدر قدر ..

سارت السفينة بمن فيها تتأرجح تارة وتهدأ تارة أخري وظال الحال علي ذلك أيام وليالي حتي غمر الطوفان كل شئ وغطي

الأشجار وقمم الجبال وغرق جميع الكافرين والمشركين . أما المؤمنين فقد نجاهم الله تعالي : حملناه علي ذات ألواح ودسر

تجري بأعيننا جزاء لمن كان كافر ..

وقال تعالي : فأنجيناه ومن معه فى الفلك المشحون ثم أغرقنا بعد السباقين إن فى ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن

ربك لهو العزيز الرحيم ..

وصدر الأمر من الله عز وجل إلي الأرض بأن تبتلع الماء وإلي السماء أن تكف عن إنزال المطر ..

وتذكر نوح ابنه الذي غرق فى الطوفان فنادي ربه قائلاً : رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين

كان نوح عليه السلام يظن أنه مؤمنا ولكن الابن كان منافقا يظهر الايمان ويخفي الكفر لذلك سأل نوح ربه كيف يهلك رجلاً

مؤمنا ..؟ فبين الله له خطأهه وقال تعالي : يانوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به

علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين .. إن أهلك هم المؤمنون فقط أما الكافرين والمنافقين فليس لهم إلا النار ..

أدرك نوح عليه السلام خطاأه فاستغفر ربه وقال: رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني

وترحمني أكن من الخاسرين ..

رست السفينة علي جبل يسمي الجدوي وناداه ربه : يانوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلي أمم ممن معك وأمم

سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم …

نزل نوح عليه السلام ومن آمن معه من السفينة وأطلق سراح الوحوش والطيور وانتشروا فى الأرض ليعمروها من جديد

واستمر نوح عليه السلام فى دعوة قومه وهدايتهم وقد عاش نوح زمن طويل جدا قال تعالي : فلبث فيهم ألف سنة إلا

خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون .. وبعد الطوفان عاش أيضاً زمناً لا يعلمه إلا الله ..

وكان نوح يكثر من الصيام حتي كان لا يفطر إلا في العيدين ولما ولما حضرته الوفاة قال لإبنه :

إني قاص عليك وصية آمرك باثنين وأنهاك عن اثنتين : آمرك بلا إله إلا الله فإن السموات السبع والأرضين السبع لو

وضعت فى كفه ووضعت لا إله إلا الله فى كفة رجحت بهن لا إله إلا الله ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن

حلقة مبهمة ضمتهن لا إله إلا الله . وسبحان الله وبحمده ، فإن بها صلات كل شئ وبها يرزق الخلق

وأنهاك عن الشرك والكبر وقد مدحه الله عز وجل فى القرآن الكريم فقال عنه : إنه كان عبداً شكوراً

جزاك الله الف خير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.