تخطى إلى المحتوى

يا ايها الذين امنوا اذا جاءكم فاسق بنبا – الشريعة الاسلامية 2024.

يا ايها الذين امنوا ..اذا جاءكم فاسق بنبا

من الأمور التي رسخها الإسلام في نفوس أتباعه الأوائل مبدأ التثبت والتبين، لحماية ألسنة الأفراد من الخوض في الأعراض، وإبعادهم عن افات اللسان والعمل على تجنب الكذب والبعد عن الغيبة، وهجران النميمة، وتدريب اللسان على عدم الخوض فيما لا يفيد. وأيضا لحماية أعراض الناس والحفاظ على سمعتهم، واحترام كرامتهم، وكذلك لحماية المجتمع من التفكك والتصدع
وقد وقعت حوادث كادت أن تعصف بالدولة الاسلامية الناشئة بالمدينة المنورة ولكن حماها الله تعالى من الانهيار بفضله، وبسبب التربية الإيمانية، والتعويد على اتباع هذه المثل، والتمسك بالقيم، و العمل بالمبادئ.
وهذا يدل ليس فقط على اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم من أول يوم على تربية الأفراد الذين ستقوم الدولة على أكتافهم، فهم أول مقومات نجاح واستمرار واستقرار الدولة الإسلامية الجديدة، ولكن يدل أيضا على عدم التعجل في قيام الدولة قبل تهيئة المناخ والمقومات اللازمة لقيامها وحمايتها؛ لأن المحن والفتن التي قد تتعرض لها الدولة بعد التمكين قد تكون أشد من المحن قبل التمكين. فتعرضت المدينة النبوية أو الدولة الجديدة الناشئة لمحن وفتن وابتلاءات كثيرة، ونجح المسلمون في تجاوزها، وهذا دليل على النجاح في تربية الأفراد، الذي يشكلون دعامة أساسية في حماية الدولة من المرجفين والمنافقين فضلا عن الأعداء المجاهرين بإعلان الحرب والمتعهدين باستمرار الحروب للقضاء عليها واستئصال شأفة المسلمين.

على الرغم من أن الإسلام قد أكد على هذا المنهج في الكتاب و السنة وعمل به الخلفاء الراشدون، وعلماء الأمة، ورسخ علماء الجرح والتعديل هذا المنهج، ووضعوا القواعد المحكمة، والضوابط الصارمة لقبول الخبر، والتي مدحها العلماء الغربيون، وصار منهج النقد الإسلامي فخرا للمسلمين، وتحتذي به بقية الأمم.
فقد أكد القرآن الكريم على عدم النشر قبل العلم والتثبت يقول الله عز وجل: "وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً " فـلا تقل ما ليس لك به علم.
وتم التأكيد في حالة الحرب أن يكون الجهاد في سبيل الله، وإذا نطق الكافر بالتوحيد أو بالسلام، وجب الكف عن قتله، كما في قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا، وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (سورة النساء:94). وقال الرازي في التفسير الكبير: "وأجمع المفسرون على أن هذه الآيات إنما نزلت في حق جماعة من المسلمين لقوا قوما فأسلموا فقتلوهم وزعموا أنهم إنما أسلموا من الخوف، وعلى هذا التقدير: فهذه الآية وردت في نهي المؤمنين عن قتل الذين يظهرون الإيمان.
عن أُسَامَةَ بن زَيْدٍ رضي الله عنهما، يقول: بَعَثَنَا رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى الْحُرَقَةِ فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ، وَلَحِقْتُ أنا وَرَجُلٌ من الْأَنْصَارِ رَجُلًا منهم فلما غَشِينَاهُ قال: لَا إِلَهَ إلا الله فَكَفَّ الْأَنْصَارِيُّ عنه، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حتى قَتَلْتُهُ، فلما قَدِمْنَا بَلَغَ النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ ما قال لَا إِلَهَ إلا الله؟ قلت: كان مُتَعَوِّذًا. فما زَالَ يُكَرِّرُهَا، حتى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لم أَكُنْ أَسْلَمْتُ قبل ذلك الْيَوْمِ، قال البغوي في شرح السنة عند ذكر هذا الحديث: وفيه دليل على أن الكافر إذا تكلم بالتوحيد، وجب الكف عن قتله. ويأمرنا الله تعالى بالتثبت، ويؤكد على هذا في قول الله عز وجل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" سورة الحجرات:6، وفي قراءة (فتثبتوا) والتثبت والتبين هما بمعنى واحد، وهذا أمر من الله عز وجل للإنسان أن يتبين، أي يطلب البيان ويتثبت، أي لا يتكلم إلا بأمر ثابت واضح لا إشكال فيه، وخاصة إن كان الذي جاء بالخبر فاسقاً، (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا) [الحجرات:6] ثم علل ذلك بقوله: (أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً) أي لئلا تصيبوا قوماً بجهالة، (فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) فربما إنسان بلغه عن أخ مسلم خبر فقال به، وأصبح يتكلم في المجالس يقول: فلان فعل كذا، وفعل كذا، وفعل كذا. بعد فترة تبين لهذا المتحدث أن ما كان يقوله عن فلان غير صحيح فهنا هو نفسه أصبح من النادمين، لأنه عرف أنه وقع في عرض أخيه المسلم، واستطال في عرضه بغير حق، وهو أمر لا يمكن تداركه.
وجاء الأمر بالتثبت قبل القول على الله بلا علم، ولهذا قال الله تعالى: "قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ" سورة الأعراف:33.

– وجاء أيضا التحذير الشديد من الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم وعدم القول عليه بغير علم ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال"من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار"، ف لا تنشر حديثا قبل التاكد من صحته مع النهي عن كثرة الكلام و الحديث بكل ما نسمع، جاء في السنة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كفئ بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع) رواه مسلم، وفي رواية "كفى بالمرء إثما أن يحدِّث بكل ما سمع"رواه أبو داود وصححه الألباني.
وقد أكد على منهج التثبت الخلفاء الراشدون، كما في قصة الجدة التي جاءت لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، تسأل عن ميراثها، فلم يعطيها السدس إلا بعد سؤال الصحابة، وشهد المغيرة رضي الله عنه، فلم يقبل منه حتى شهد معه ابن مسلمة رضي الله عنه. (والحديث رواه أبو داود وغيره وصححه العلماء).
وكذلك ما رواه الشيخان أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه استأذن على عمر ثلاثاً، ولم يأذن له، فانصرف، ولما سأله قال لأني سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم: قال: "إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فإن أذن له وإلا فليرجع" فلم يقبل منه عمر رضي الله عنه حتى شهد معه غيره، للتأكيد على منهج التثبت القويم، وبين عمر رضي الله عنه أنه لا يتهم الصحابي، بل لترسيخ هذا المفهوم.
فهذا منهج إسلامي فريد، وضعه الإسلام ليؤكد على سلامة القلوب، وليحافظ على تماسك المجتمع، ولحماية الجبهة الداخلية التي يمكن أن تنهار بسبب نشر الشائعات، وعدم التأكد من صحة الأخبار قبل إذاعتها ونشرها.

جزاك الله خيرا حبيبتي
قدوتنا رسولنا وحبيبنا سيدنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام
احسنت الاختيار

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©
جزاكِ الله خيراً
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©
طـــــرح رااـأئع وجمـــيل
يعــطيكـ العـآآآفيهـ .
استمـــرــے عــلــے
هــــــذا النحــــــو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.