السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَـــلُ الَّذِيـــنَ
خَلَوْاْ مِــــن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْـــزِلُواْ
حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ
أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ ) سورة البقرة214
يخبر تبارك وتعالى أنه لا بد أن يمتحن عباده بالسراء
والضراء والمشقة كما فعل بمـــن قبلهم ، فهـي سنته
الجارية ، التي لا تتغير ولا تتبدل ، أن مــن قام بدينه
وشرعه لا بـد أن يبتليه ، فإن صبر على أمر الله ولم
يبال بالمكاره الواقفة في سبيله ، فـهو الصادق الذي
قد نال من السعادة كمالها، ومن السيادة آلتها .
ومن جعـل فتنة الناس كعذاب الله ، بأن صدته المكاره
عمــا هـــو بصدده ، وثنته المحن عن مقصده ، فهــو
الكاذب في دعوى الإيمان، فإنه ليس الإيمان بالتحلي
والتمني ، ومجرد الدعاوى ، حتى تصدقه الأعمال
أو تكذبه .
فقد جرى على الأمم الأقدمين ما ذكر الله عنهم(مَّسَّتْهُمُ
الْبَأْسَاء ) أي : الفقر ( وَالضَّرَّاءُ ) أي : الأمراض فـي
أبدانهم ( وَزُلْــزِلُواْ ) بأنـــواع المخاوف مـــن التهديد
بالقتل ،والنفي ، وأخذ الأموال ، وقتل الأحبة، وأنواع
المضار حتى وصلت بهم الحال وآل بهـم الزلزال ،
إلى أن استبطأوا نصر الله مع يقينهم به .
ولكن لشدة الأمر وضيقه قال ( الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ
مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ ) .
فلما كان الفرج عند الشدة ، وكلما ضاق الأمر اتسع ،
قال تعالى ( أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ ) فهكذا كل من قام
بالحق فإنه يمتحن .
فكلما اشتدت عــليــه وصعبت ، إذا صابر وثابر عـلى
ما هو عليه انقلبت المحنة في حقه منحة، والمشقات
راحات ، وأعقبه ذلك الانتصار على الأعداء ، وشفاء
ما في قلبه من الداء ، وهــذه الآية نظير قـوله تعالى
( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَــنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِيـــنَ
جَاهَدُواْ مِنكُــمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ) آل عمران142
وقــولــه تعـــالى ( الم ، أَحَسِـبَ النَّاسُ أَن يُتْـرَكُوا أَن
يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ،وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ
فَلَيَعْلَمَــنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ )
فعند الامتحان ، يكرم المرء أو يهان .
الكتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان
( ص 96 ) للشيـــخ : عبد الرحمن السعـدي
الله ينور دربك
طرح راااائع
تقبلي وردي