النتائج من الله لا من الأسباب . من الشريعة 2024.

النتائج من الله لا من الأسباب…….

الأســـــباب والنتائـج

الأسباب المادية والمعنوية:

خلق الله عز وجل الأرض، وجعل القانون الذي يحكمها وينظم الحياة عليها هو قانون السببية، فلكي نحصل على نتيجة ما، لابد من اتخاذ أسباب بعينها تؤدي إليها، والأسباب التي من شأنها أن تؤدي إلى حدوث النتائج تنقسم إلى قسمين: قسم مادي، وقسم معنوي.
القسم المادي هو القسم الذي يتعامل مع المادة المتعلقة بحدوث النتيجة المطلوبة، فالعطشان الذي يريد أن يرتوي عليه أن يشرب الماء، والجائع عليه أن يأكل ليشبع، والذي يريد الوصول إلى مكان ما عليه أن يسير إليه أو يتخذ وسيلة مواصلات مناسبة تقوم بتوصيله للمكان الذي يريد… وهكذا.
وكما نرى فالقوانين المادية نتائجها في الغالب معروفة ومحددة.
أما القسم المعنوي للقوانين فهو يتعلق بتنفيذ أمور غير مادية تؤدي إلى تحقيق نتائج مادية ملموسة، أو تنفيذ أمور مادية ليس لها علاقة ظاهرية بالنتائج التي تُحدثها… أمثلة لهذا القسم:

الاستغفار شيء معنوي، لكن الله عز وجل أخبرنا في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم بأن للاستغفار نتائج مادية كقوله تعالى:فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا  يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا [نوح: 12].

وفي الحديث: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل هم فرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب»( )

• الدعاء أمر معنوي لكنه من شأنه أن يؤدي إلى نتائج مادية محسوسة مثل ما حدث للثلاثة نفر الذين دخلوا إلى مغارة، وجاءت صخرة عظيمة فسدت عليهم باب الخروج، وحاولوا زحزحتها فلم يستطيعوا، فما كان منهم إلا أن دعوا الله بإخلاص أن يفرج عنهم كربهم, فاستجاب الله لهم وأزيحت الصخرة، وخرجوا جميعًا ( ).

• المرض له أسباب، وعندما يتناول المريض الدواء المعالج لسبب المرض فغالبًا ما يُشفى – بإذن الله- ولكن هناك أمور أخرى ليس لها علاقة بأسباب المرض من شأنها أن تؤدي إلى الشفاء؛ كماء زمزم، والصدقة…
قال صلى الله عليه وسلم:«داووا مرضاكم بالصدقة»( ).

• ومن أمثلة الأسباب المعنوية كذلك صلاة الاستسقاء، فالجو قد يكون صحوا، والسماء صافية ويحتاج المسلمون إلى الماء فيخرجون للصلاة متذللين متخشعين منكسرين لله عز وجل، فترى السماء الصافية وقد تلبدت بالغيوم وتجمعت فيها السحب، ونزل المطر، كما حدث في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكما تكرر كثيرًا عبر تاريخنا الإسلامي.
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©
النتائج من الله لا من الأسباب:

قد يقول قائل: إذن نركز على الأسباب المعنوية باعتبار أن نتائجها كبيرة ولا تكلفنا شيئًا، ونترك الأسباب المادية.. نترك التداوي.. نترك الطعام.. نترك …. ونتجه إلى الدعاء والصدقة والاستغفار …
لو فعلنا ذلك ما تحققت نتائج، فالله عز وجل هو الذي خلق الأسباب المادية والمعنوية، وهو الذي طالبنا باتخاذ كليهما، على أن يكون التعامل معها باعتبار أنها لا تملك قوة، ولا فاعلية ذاتية تمكنها من تحقيق النتيجة، فالأمر كله مع الله، والأسباب هي الستار الذي يتنزل من خلاله قَدَرُه سبحانه…
فالله عز وجل هو الذي يروي ويشعرنا بالإرواء، لكنه جعل هذا الأمر يتحقق من خلال سبب مادي وهو شرب الماء، وهو سبحانه الذي يشفي، وجعل ذلك من خلال بث الفاعلية في الدواء أو في الصدقة، وهكذا …
ولعل عدم ملازمة النتائج للأسباب في بعض الأحيان دليل يؤكد للناس هذه العقيدة، فالنوم سبب للراحة وفي بعض الأحيان ينام الإنسان طويلاً ويستيقظ وهو يشعر بالتعب ، بل لقد نصَّ الحديث النبوي على أن من ينام عن صلاة الفجر, ولو كان نومه طويلاً, إلا أنه يُصبح «خبيث النفس كسلان»( )، وكذلك الدواء قد لا يكون سببًا للشفاء، ويظل المريض ينتقل من دواء لدواء دون نتيجة.
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©
خطورة التعلق بالأسباب:
عندما يتعامل المرء مع الأسباب على أنها هي التي تستجلب له النتائج فإنه بذلك يقع في منزلق خطير يؤدي به إلى الوقوع في دائرة الشرك بالله، وتتحول الأسباب إلى جدار يحجبه عن الله، مع أنها ما خُلقت إلا لتكون ستارًا يرى العبد من ورائه حكمة الله، ولطفه، ورحمته، وقهره, و…
ومن مخاطر التعلق بالأسباب كذلك أن الفزع سيتملك القلب كلما نقصت الأسباب، والفرح سيملؤه عندما تزداد، ويتحول الاعتماد عليها في تحقيق النتائج لا على الله، وقد نص القرآن على حال المشركين الذين إذا ذكر من هم دون الله من شركائهم يفرحون ويستبشرون وَإِذَا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [الزمر:45].
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©
سِتار الأسباب:
إذن فالأسباب ستار لابد من إقامته ليتنزل عليه القدر… هذا الستار يبدأ بالأسباب المادية المتاحة أولاً، ثم بالمعنوية ثانيًا, كما قال صلى الله عليه وسلم للرجل الذي ترك دابته دون عقال: «اعقلها وتوكل». ( )
فإن اقتصر الستار على الأسباب المادية كان حجمه محدودًا ونتائجه محدودة.
وإن حاول الإنسان إقامته من الأسباب المعنوية فقط دون استخدام الأسباب المادية المتاحة أمامه فهذا سوء أدب مع الله، ولن يتحقق له ما يريد لأنه خالف بذلك القوانين التي وضعها الله عز وجل لإقامة الحياة والوصول إلى النتائج.
وإن جمع بين الاثنين فهو بذلك يزيد من حجم الستار فيتنزل القدر بنتائج لا حدود لها…تأمل قوله صلى الله عليه وسلم: «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا».( )
مع ملاحظة أن تغدو وتروح هي الأسباب المطلوب من الطير أن تفعلها وتأخذ بها فقط.
ومن الأمثلة التي تؤكد هذا المعنى: شكوى الصحابة من قلة الماء واحتياجهم للشرب والوضوء، فماذا فعل صلى الله عليه وسلم؟ أقام الستار بالأسباب المادية أولاً:طلب الماء القليل الموجود، ثم وضع يده الشريفة فيه ودعا الله بعد ذلك، فنبع الماء من بين أصابعه، وشرب الجميع وتوضأوا…( )
وكذلك ما حدث لمريم الصدِّيقة حين جاءها المخاض وهي تستند بظهرها على جذع نخلة لا ثمر فيها، فطلب الله منها أن تهز الجذع بيدها كستار مادي، مع توكلها المطلق على الله عز وجل كستار معنوي ليتنزل القدر ويسقط الرطب وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا [مريم:25].
وعندما أمر الله عز وجل إبراهيم عليه السلام أن ينادي على الناس،داعيًا إياهم إلى الحج وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً[الحج:27]. قال عليه السلام: يارب كيف أبلغ الناس وصوتي لا ينفذهم؟ فقال تعالى: ناد وعلينا البلاغ، فقام على مقامه، وقيل على الحجر، وقيل على الصفا، وقيل على أبي قبيس، وقال: يا أيها الناس إن ربكم قد اتخذ بيتًا فحجوه، فيقال إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض، وأسمع من في الأرحام والأصلاب..( )

يتبع>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

فإن قلت ولماذا يُبدأ بالأسباب المادية لتكوين الستار؟
لأن الأسباب المادية جعلها الله متاحة للجميع.. المؤمن والكافر، وبالتالي يمكن لأي إنسان أن يحصل على النتائج من خلالها، ولو كانت البداية بالأسباب المعنوية لحُرم الكافر من النتائج التي تكفل له العيش وتوفر له الاحتياجات الأساسية، ومن ثمَّ فإنه لن يأخذ فرصته الكاملة في التعرف على الله وتوحيده وعبادته.

هل الأسباب متاحة للجميع؟!

الله عز وجل خلق الأرض وقدَّر فيها الأقوات والأرزاق والأسباب التي تيسر للناس معاشهم فيها، وجعل التعامل مع أسبابها متاحًا للجميع… سواء للسائلين، فعلى قدر اجتهاد الإنسان وسعيه في الوصول إلى مكنوناتها واستخدام أسبابها ، يصل إلى مبتغاه ويحصل على نتيجة جهده وسعيه.. يستوي في ذلك المؤمن والكافروَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ [فصلت:10], كُلاً نُّمِدُّ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا [الإسراء:20].

هذا بالنسبة للأسباب المادية، أما الأسباب المعنوية التي تجلب الزيادة المضاعفة في النتائج فاستخدامها مشروط بالإيمان بالله، وعدم الشرك به، وإخلاص التوجه إليه… وعلى قدر ذلك يكون الستار، ومن ثمَّ المدد الإلهي..

فالمشركون إذا ما عادوا إلى الله في أي وقت وطلبوا منه بصدق وإخلاص أن ينجيهم من كرب أصابهم فإنه سبحانه سينجيهم وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ [لقمان: 32].
إذن فحصول النتائج من خلال اتخاذ الأسباب المعنوية مرتبط بحال صاحبها وقت استخدامه لها، فعلى قدر إيمانه بالله، وتعلقه به، وإخلاص التوجه والاستعانة به –سبحانه- يكون المدد، فالأسباب المعنوية بمثابة القوس في يد الضارب، وعلى قدر قوته في استخدامه تكون سرعة السهم ومكان وصوله… تأمل معي مدى استغاثة المسلمين بربهم في بدر, ثم انظر إلى حجم المدد الإلهي بعد ذلك إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ [الأنفال:9].

فالإمداد ليس مرتبطًا بأشخاص بعينهم مهما كانت سابقتهم أو نَسَبهم، بل مرتبط بالحالة الإيمانية التي هم عليها وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا [الجن:16]، فعهد الله ووعده بإمداد عباده بما يكفيهم وينصرهم ويحفظهم لن يتحقق إلا إذا أوفوا هم بعهدهم معه وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ [البقرة:40], فإن لم يفعلوا فالنتيجة معروفة …لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [البقرة:124].

وخلاصة القول أن الأسباب ضرورية لحصول النتائج، وأنها بذاتها لا تُحدث القدَر، بل تهيئ لنزوله.
والأسباب نوعان مادي ومعنوي… المادي متاح للجميع، والمعنوي قاصر على المؤمنين بالله، وعلى قدر الإيمان والإخلاص تكون النتائج المتحققة.
منقووووووووووووووووول

بارك الله فيك ع الطرح القيم
وجزاك الله خير ياعسل
ونفع بك
عووووافي …

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة روح اطراقة خليجية
بارك الله فيك ع الطرح القيم
وجزاك الله خير ياعسل
ونفع بك
عووووافي …

تشرفت بردك غاليتي وبارك الله فيكي

جميل الله لا يحرمنا منك يا بستان الاحبه
ومن مواضيعك الحلوه وإلك أحلى تقيم

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غدير ريان خليجية
جميل الله لا يحرمنا منك يا بستان الاحبه
ومن مواضيعك الحلوه وإلك أحلى تقيم

شكرا غاليتي تشرفت بمرورك العطر بارك الله فيك ومرورك هو احلى تقييم

رائعه بستان الاحبه
دائما مبدعه ومميزه بمواضيعك عزيزتي
ان شاءالله تكون لكي لا عليكي

يقيم بالنجوم
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميسون المغربي خليجية
رائعه بستان الاحبه
دائما مبدعه ومميزه بمواضيعك عزيزتي
ان شاءالله تكون لكي لا عليكي

يقيم بالنجوم
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

شكرا مشرفتي الغالية بارك الله فيك وتشرفت بمرورك
ودي واحترامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.