السﻼم عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،
نسأل الله العظيم أن يتوب علينا لنتوب، وأن يغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا.
إن باب التوبة مفتوح ﻻ يُغلق حتى تطلع الشمس من مغربها، وحينها ((**ﻻ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا))[اﻷنعام:158] ويُغلق هذا الباب أيضاً إذا بلغت الروح الحلقوم، قال تعالى: ((**وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ اﻵنَ…**))[النساء:18]، والله تبارك وتعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل …، بل ويفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه، فسارع إلى الدخول في رحمة الله، واحذر من تأخير التوبة، فإن اﻹنسان ﻻ يدري متى ينتهي به العمر، ولن يستطيع أحد أن يحول بينك وبين التوبة.
والمسلم إذا أراد أن يرجع إلى الله ﻻ يحتاج لواسطة كما هو حال الناس في هذه الدنيا، فإذا توضأت وكبرت فإنك تقف بين يدي الله يسمع كﻼمك ويجيب سؤالك، فاستر على نفسك وتوجه إلى التواب الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.
والتوبة النصوح ينبغي أن تتوفر فيها شروط بينها العلماء كما يلي:
أوﻻً: أن يكون صاحبها مخلصاً في توبته ﻻ يريد بها إﻻ وجه الله، فليس تائباً من يترك المعاصي خوفاً من رجال الشرطة أو خشية الفضيحة، أو يترك الخمر خوفاً على نفسه وحفاظاً لصحته، أو يبتعد عن الزنا خوفاً من طاعون العصر (اﻹيذر).**
ثانياً: أن يكون صادقاً في توبته، فﻼ يقل تبت بلسانه وقلبه متعلق بالمعصية؛ فتلك توبة الكذابين.**
ثالثاً: أن يترك المعصية في الحال.
رابعاً: أن يعزم على أن ﻻ يعود.**
خامساً: أن يندم على وقوعه في المخالفة، وإذا كانت المعصية متعلقة بحقوق اﻵدميين فإنها تحتاج لشرط إضافي، وهو:**
سادساً: رد الحقوق إلى أصحابها أو التحلل وطلب العفو منهم.
ومما يعين التائب على الثبات ما يلي:
1- اﻻبتعاد عن شركاء الجرائم وأصدقاء الغفلة.
2- اﻻجتهاد في تغيير بيئة المعصية؛ ﻷن كل ما فيها يذكر بالمعاصي.
3- اﻻجتهاد في البحث عن رفاق يذكرونه بالله ويعينوه على الطاعات.
4- اﻹكثار من الحسنات الماحية ((**إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ))[هود:114].
وابشر يا أخي، فإن الله سبحانه إذا علم منك الصدق يتوب عليك، بل ويبدل سيئاتك إلى حسنات قال تعالى: ((**إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ**))[الفرقان:70].
وكثرة اﻻستغفار مطلوبة ومفيدة جداً، وذاك هدى النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال عنه ابن عمر رضي الله عنه: (كن نعد للنبي صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد استغفر الله وأتوب إليه أكثر من مائة مرة)، وقال عليه الصﻼة والسﻼم لحذيفة (… وأين أنت من اﻻستغفار يا حذيفة؟ وإني ﻷستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة)، وقد كان السلف يستغفرون الله كثيراً، ويقصدون اﻷوقات الفاضلة مثل ثلث الليل اﻵخر، كما قال نبي الله يعقوب ﻷبنائه: (سوف أستغفر لكم ربي…)، قال ابن مسعود : ادخر استغفاره لهم إلى وقت السحر.
والمسلم يستغفر الله حتى بعد الطاعات؛ ﻷنه يعتقد أنه مقصر، ولجبر ما فيها من خلل ونقص، فبعد الصﻼة ينبغي على المسلم أن يقول أستغفر الله ثﻼثاً، وبعد الحج … وهكذا.
وقد كان سلف اﻷمة اﻷبرار إذا أرادوا السقيا استغفروا الله، وإذا طلبوا المال استغفروا الله، وإذا أردوا الولد استغفروا الله، أو طمعوا في نيل القوة في أبدأنهم وبلدانهم استغفروا الله، وهذا لدقيق فهمهم لقوله تبارك وتعالى: ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*****يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا))[نوح:10-11].
والتوبة لها شروطها كما سبق، ويجب على المسلم أن يتوب إلى الله من كل صغيرة وكبيرة، وعلى المسلم أن يعود لسانه كثرة اﻻستغفار، فﻼ صغيرة مع اﻹصرار وﻻ كبيرة مع اﻻستغفار.
أسأل الله لك التوبة والسداد، والله الموفق.
الله يتقبل توبتنا و يغفر لنا زلاتنا
دمتِ بخير مع محبتي كومي
نسأل الله العظيم أن يتوب علينا لنتوب،
وأن يغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا.
والله المستعان
تحياتي وودي لك
شوكو